أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محبوب - أحْزَمُ مِنْ حِرْبَاء














المزيد.....

أحْزَمُ مِنْ حِرْبَاء


محمد محبوب

الحوار المتمدن-العدد: 1829 - 2007 / 2 / 17 - 05:43
المحور: الادب والفن
    


الحرباء حيوان بيوض من الزواحف تعيش في كل مكان ولديها قدرة هائلة على التكيف مع مختلف الظروف وتتميز بقدرتها على التخفي من أعدائها في الطبيعة من خلال تغيير لونها ، ففي الحقول والبساتين والغابات يميل لونها الى الخضرة ، وفي الأرضي الجرداء يكون لونها قريباً من اللون البني، وأما في الصحراء فلونها يميل إلى الصفرة مثل لون الرمال, ويعلل علماء الحيوان هذه القدرة العجيبة الى أنتشار غدد خاصة على جسم الحرباء تتأثر بلون الوسط المحيط بها ، فلذلك يتغير لون جلد الحرباء تبعاً لذلك الوسط ، وتتميز الحرباء بلسان طويل حاد تتوفر فيه مادة سكرية لزجة حيث تصطاد غذائها عن طريق أخراجه بسرعة بأتجاه الضحية فتلتصق به ثم تسحبها وتقرضها ثم تبتلعها.

تختلف ألوان الحرباء في موسم التزاوج حيث يتغير لون الذكر إلى الأبيض وينتفخ كيس الذكر البلعومي ويظهر باللون الأزرق ويمتد كذلك اللون الأزرق إلى الأطراف والأجناب ويصبح لون الذيل برتقالياً إلى بني فاتح، ويرى أيضاً وهو يهز رأسه إلى الأعلى ثم إلى الأسفل.

والحرباء حيوان غير سام ولايخلو منه بلد في العالم ، تأثر به الأنسان كثيرا وأكتسب منه بعض صفاته وصار جزءا من موروثه الشعبي ، كتب عنه الشعراء والكتاب وأستوحى منه الفنانون في مختلف أنحاء العالم ، كما صار لصيقا بعوالم السياسة والتجارة والمال.

ورد ذكره في الأدب العربي بمراحله الزمكانية المختلفة ومن الأمثال التي وردت بها الحرباء في مجمع الأمثال للميداني "أحْزَمُ مِنْ حِرْبَاء" لأنه لايخلي غصن شجرة حتى يمسك بآخر ويضرب لمن لايدع له حاجة حتى سأل أخرى.

: قال في ذلك الشاعر قيس بن الحدادية

أنَّى أُنيح لها حرباء تَنْضُبةٍ
لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقا

ومن مداعبة بعض الشعراء للحرباء أنه شبه دورانه مع الشمس في وقت الزوال حينما تكون الشمس في حذاء القبلة فكأنه مسلم يصلي المغرب ، وفي الضحى عندما تكون في وجه المشرق شبه الحرباء بالنصراني الذي يستقبل الشمس بصلاته حيث قال :

يظل بها الحرباء للشمس مائلاً
على الجذل إلا أنه لا يكبر
إذا حول الظلُّ العشيَّ رأيته
حنيفاً وفي قرن الضحى يتنصر

وكذلك يشبه من يتقلب كثيراً في آرائه ومواقفه بالحرباء الذي يتبدل لونه بآخر حيث قال أحد الشعراء :

وقد جعل الحرباء يصفّر لونه
ويخضّر من لفح الهجير غَباغُبه

ولاتختلف الحرباوات الأدمية كثيرا في صفاتها وطباعها ، لديها قدرة على التلون حسب مقتضى الحال ولاتترك فرصة ألا بعد أن تقبض بيدها على فرصة أخرى ، وتمتلك لسانا طويلا معسولا تلتقط به ضحاياها على أغصان الأشجار التي تجيد تسلقها ببراعة لايضاهيها أحد ولا تتردد في العبور على أكتاف الأخرين.

والحرباوات أذا ما أشتد الخطر حولها فأنها تلجأ الى لعبة خلط الأوراق وتحاول غسل ذنوبها بالكلمات المعسولة كما تغسل الأموال القذرة ، ترتدي وجه تمساح لتسكب الدموع من أجل التسامح ونسيان الماضي وقد تنتحل دور الشاعر العظيم دعبل الخزاعي ظلما ، ذلك الشاعر الذي عاش حياته يحمل صليبه على ظهره باحثا عمن يصلبه ، الخزاعي الذي لم ينج الطغاة كل طغاة بني العباس وبني أميه من هجاءه ، لم يرائي أو يتزلف بل نذر نفسه لطريق الحق على قلة سالكية وتحمل في سبيل ذلك الأهوال ، قال يهجو المعتصم :

ملوك بني العباسِ في الكتبِ سبعةٌ
ولم تأتِنـا عن ثامـن لـهمُ كُتـبُ
كذلك أهل الكهفِ في الكهفٍِ سبعةٌ
خيـارٌ إذا عُـدُّوا وثامنـهم كلـبُ

تخيلوا لو أن عبد الرزاق عبد الواحد عاد من جديد متنكرا بشخصية الحر الرياحي الذي كتب فيه أجمل نص مسرحي شعري في يوم مضى وصار الشاعر المفضل لأحزاب الأسلام السياسي أو جاء مرتديا عباءة الشاعر العظيم دعبل الخزاعي ينشد فينا تائيته الجديدة مناشدا أيانا أن نتحلى بروح التسامح والمحبة ..

أنجبت سنوات الحرب والحصار في الثمانينات والتسعينات جيلا عظيما من الأدباء والكتاب والفنانين الذي سطروا لنا أسفارا أبداعية سيكون لها شأن كبير في الذاكرة العراقية ، ومن الغباء أن يحاول الحربائيون وهم ثلة قليلة أن يخلطوا الأوراق ويصورون لنا أن الجميع كانوا في سلة واحدة بينما يواصلون هم ذات اللعبة الحربائية في العراق الجديد وينتظرون منا أن نصفق لنجاحاتهم.

ليس صحيحا أن الجميع في سلة واحدة ، نعم كان ليل الظلم طويلا وكان على المثقفين أن يواصلوا العيش والأبداع ويتقلدوا الوظائف الحكومية ويشاركوا في الفعاليات الثقافية وقد يتطلب ذلك دفع الضرر من خلال تسجيل أسمائهم في سجلات حزب البعث دون أن يقترن ذلك بالأندفاع للعمل الحزبي وأظهار الحماسة والولاء لكن كيف يمكن تبرير تلك الطبيعة الحرباوية لدى البعض الذين مضوا بعيدا في تسلق شجرة البعث الخبيثة وصاروا قياديين في حضيرة البعث ونالوا الجاه والسلطة والأمتيازات وأعطية السلطان وليتهم تابوا وتوقف الأمر عند هذا الحد لهان الأمر ولكنهم عادوا مجددا يتسلقون أشجارا أخرى في بستان العراق الجديد.

لانملك ألا أن نقول "أحْزَمُ مِنْ حِرْبَاء"



#محمد_محبوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غياب دولة المؤسسة الثقافية
- عراقيون وألمان يبحثون ثقافة التسامح بين الأديان والطوائف في ...
- الحرب القذرة
- التاسع من نيسان .. يوم للتحرير والإحتلال
- مستقبل شيعة العراق
- عصابة الإنتخابات في ألمانيا تتوعد العراقيين بالملاحقة القضائ ...
- رسالة محبة الى الدكتور كاظم حبيب
- ومن .. يساند الإحتلال
- متى يستوعب الإسلاميون الشيعة الدرس
- ليس بالإمكان أحسن مما كان
- ويحدثونك عن إجتثاث البعث
- بعد فاجعة جسر الأئمه .. مراحعات لابد منها
- الأقوياء الثلاث المدججين بالسلاح
- الشيعه والدوله هل يرتكب شيعة العراق الخطأ القاتل الثالث
- جمهورية شيعستان الإسلاميه


المزيد.....




- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محبوب - أحْزَمُ مِنْ حِرْبَاء