خطة دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة : المضامين وفرص التحقق

فاطمة حازم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8491 - 2025 / 10 / 10 - 20:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أصدر البيت الأبيض خطة مطوّلة عرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وتضع تصورًا شاملاً لإدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب. وتمثل هذه الخطة بحسب منظور ترامب محاولة لإعادة صياغة التوازن بين (الأمن الإسرائيلي) والحقوق الفلسطينية، عن طريق رؤية تقوم على (مبدأ السلام مقابل الازدهار) . وتبدأ الخطة بدعوة الطرفين إلى وقف العمليات العسكرية فورًا، مع انسحاب تدريجي للقوات (الإسرائيلية) إلى خطوط متفق عليها، مقابل إطلاق جميع الاسرى خلال 72 ساعة من قبول الاتفاق. في المقابل، تلتزم (إسرائيل) بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم النساء والأطفال والمعتقلون بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، في خطوة تهدف إلى بناء الثقة بين الجانبين وتهيئة الأجواء السياسية لمرحلة انتقالية جديدة.
وبحسب رؤية ترامب فإن خطته تعمل على أن تكون غزة منطقة خالية من (الإرهاب والتطرف)، أذ لا تشكل تهديدًا لجيرانها. ولتحقيق ذلك، تقترح واشنطن نزع سلاح الفصائل المسلحة وتدمير الأنفاق ومنشآت إنتاج الأسلحة تحت إشراف مراقبين دوليين مستقلين. كما تَعِدُ الخطة بمنح عفوٍ مشروط لأعضاء حماس الذين يلتزمون بالتخلي عن العنف والانخراط في الحياة المدنية أو مغادرة القطاع عبر ممرات آمنة.
وفي الجانب الإنساني، تدعو الخطة إلى تدفق فوري للمساعدات الإنسانية بإشراف الأمم المتحدة والهلال الأحمر، دون أي تدخل من الأطراف المتنازعة. وتشمل المساعدات إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية كالمياه والكهرباء والمستشفيات، إضافة إلى إزالة الأنقاض وفتح الطرق، بما يضمن تحسين الظروف المعيشية لسكان غزة الذين عانوا من الحرب والحصار ، إذ ستكون كميات المساعدات، كحد أدنى، متوافقة مع ما ورد في اتفاقية 19 يناير/كانون الثاني 2025 بشأن المساعدات الإنسانية .
وتقترح الخطة إنشاء إدارة انتقالية تكنوقراطية تدير شؤون غزة مؤقتًا، مكوّنة من خبراء فلسطينيين ودوليين، تحت إشراف هيئة دولية جديدة تُسمّى (مجلس السلام) برئاسة ترامب وعضوية شخصيات دولية مثل توني بلير. وتهدف هذه الهيئة إلى الإشراف على إعادة الإعمار، وتنسيق المساعدات، ووضع الأسس لإعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع بعد تنفيذ إصلاحاتها المؤسسية.
كما تطرح الخطة برنامجًا اقتصاديًا لإعادة إعمار غزة، عن طريق إنشاء منطقة اقتصادية خاصة بتعرفة جمركية ورسوم دخول تفضيلية، وسيتم التفاوض عليها مع الدول المشاركة وذلك لجذب الاستثمارات الإقليمية والدولية. ويأمل ترامب أن يؤدي هذا المشروع إلى خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة، بما يحوّل غزة إلى نموذج للتنمية والاستقرار في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من وقف الحرب العدوانية على غزة الا ان فرص نجاح الخطة بشكل كامل ، يواجه تحديات سياسية وأمنية كبيرة فإسرائيل قد لا تقبل بسهولة بإشراف دولي على انسحابها أو بإطلاق أعداد كبيرة من الأسرى او انها قد تنقض موافقتها بعد استعادة اسراها لدى حماس ، في حين ترى حماس والفصائل الفلسطينية أن نزع السلاح بالكامل يُعد مساسًا بحق المقاومة. وان الطريق إلى التهدئة لا يزال مليئا بالعقبات، إذ لم يُحدَّد بعد جدول زمني واضح لتنفيذ خطة ترامب، كما تواجه العملية صعوبات لوجستية كبيرة بسبب الدمار الواسع في غزة، فضلا عن بقاء قضايا أساسية، مثل نزع سلاح حماس وانسحاب إسرائيل دون حسم. كما أن إشراف ترامب المباشر على الخطة يثير تحفّظات عربية ودولية، خاصة في ظل ارتباطها بخطة (صفقة القرن) السابقة التي وُجهت لها انتقادات واسعة.
مع ذلك، يرى البعض أن الخطة تحمل عناصر إيجابية إذا جرى تطويرها في إطار تفاهمات إقليمية أوسع تشمل مصر وقطر والسعودية، وتضمن للفلسطينيين إدارة شؤونهم بحرية. ويبقى نجاح الخطة مرهونًا بقدرة واشنطن على تحقيق توازن بين السيطرة على سياسات (اسرائيل) التوسعية والعدالة للفلسطينيين، وهو ما يبدو صعبًا في ظل تعقيدات المشهد الحالي، لكنه ليس مستحيلًا إذا توافرت الإرادة السياسية من جميع الأطراف.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل