مقالة تأملية بعنوان تأثير مواقع التواصل على المجتمعات الحديثة

نرجس سالم

الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 00:11
المحور: قضايا ثقافية
    

ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺗﺄﻣﻠﯾﺔ

ﺑﻌﻧوان : ﺗﺄﺛﯾر ﻣواﻗﻊ اﻟﺗواﺻل
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ .


. ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﺧﻔﻰ ﻋﻠﻰ أﺣدٍ ھو ﻣﻘدار اﻟﺗطور اﻟﺗﻛﻧﻠوﺟﻲ اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي وﺻل إﻟﯾﮫ اﻟﺑﺷر ، ﺑﺎﻷﺧص ﻓﻲ ھذه اﻟﻌﻘود ،اﻷﺧﯾرة وﻣﻊ ﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟواﺣد وﻋﺷرﯾن، أﺻﺑﺢ ﻛل ﺷﻲءٍ ﺳرﯾﻊ اﻟﺗﻐﯾّر أو اﻟﺗﺣدﯾث ، ﻓدﺧل اﻟﺗطور ﻟﻛل اﻟﻌﻠوم وﺷﺗﻰ ﻣﻧﺎح اﻟﻣﺟﺎﻻت ، وﺣﺗﻰ اﻟﺣﯾﺎة .اﻟﯾوﻣﯾﺔ وﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ _ إذا ﺻﺢ _اﻟﺗﻌﺑﯾر ھذا اﻟﺗﻘدم اﻟذي ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﺳﯾﻛون ﻟﮫ ﺳﻠﺑﯾﺎت ﻣﻊ إﯾﺟﺎﺑﯾﺎﺗﮫ اﻟﻛﺛﯾرة ھﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻌوب واﻷﻓراد واﻧﻔﺗﺎح اﻟﺗﻌﺎرف واﻟﺗواﺻل ﺑﯾن ﻛل ﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﻌﺎﻟم ، وھذا ﺷﻲء ﺑﻘدر ﻣﺎھو إﯾﺟﺎﺑﻲ ﯾﻌزز ﻣن اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﻣﻌرﻓﻲ ، إﻻ أن ﻣواﻗﻊ اﻟﺗواﺻل ﻻﺑد أن ﺗﻛون أﯾﺿﺎً وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻧﺷر اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﻐﻠوطﺔ او ﻧﺷر ﺑﻌض اﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت أو اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻐﯾر ﻣﺣﺑﺑﺔ .
واﻻن أﻋطﻲ ﻣﺛﺎﻻً ﻟﻠﺗوﺿﯾﺢ ھو ﻣﺻطﻠﺢ ﺷﺎع ﻓﻲ آﺧر ﻣدة (اﻟﻣﯾم أو اﻟﻣﯾﻣز) وأﺻل ھذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻣﺳﺗﺣدث ،ﺻﺎﻏﮫ ﻋﺎﻟم اﻷﺣﯾﺎء اﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ رﯾﺗﺷﺎرد دوﻛﯾﻧز ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﺟﯾن اﻻﻧﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم 1976 ﺣﯾث ﻛﺎن دوﻛﻧز ﯾُﺣﺎول ﻓﮭم ﺑﻌض اﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت اﻟﺗﻲ تشيع ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت واﻟﺗﻲ ﺗﺑدو ﻏﯾر ﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻣن ﻣﻧظور ﺗطوري ﻓﯾﻘول أن ﻟدﯾﻧﺎ ﻧوﻋﯾن ﻣن ﻣﻌﺎﻟﺟﺎت اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ، اﻷول ھو اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﯾﻧﻲ ، وھﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻘل ﺑﮭﺎ ﺻﻔﺎت اﻟﻔرد ﺟﯾﻧﯾﺎ ﺑﺎﻟﺗوارث ، واﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ھو اﻟﻣﺦ واﻟﺟﮭﺎز اﻟﻌﺻﺑﻲ اﻟﻠذان ﯾﺳﻣﺣﺎن ﺑﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻘﯾﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌﻠم أو اﻟﺗﻘﻠﯾد أو اﻻﺳﺗﯾﻌﺎب ووﻓﻘﺎ ﻟدوﻛﻧز تُستنسخ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ أﯾﺿﺎ (اﻟﻣﯾﻣﺎت )وھﻛذا ﺳﯾﻛون اﻟﻣﯾم ھو اﻟﻣﻌﺎدل اﻟﺳﻠوﻛﻲ ﻟﻠﺟﯾن ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗوارث اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻷﻓﻛﺎر ، وﺑﻌض ھذه اﻷﻓﻛﺎر ﻗوﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﻻﯾﺻدق ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ، اﻟﻣﯾم ھو اﻟدﯾن اﻟداﺋم ﺑﺈﻋﺗﻘﺎد دوﻛﯾﻧز ﻓﮭو ﯾﻧﺗﻘل ﺑﺳﮭوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ وھذا ﺗﻌرﯾف أﺻل .اﻟﻣﺻطﻠﺢ .
ﻓﮭو ﯾﺧﺗﻠف ﻋﻣﺎ ھو ﻣﻔﮭوم وﺷﺎﺋﻊ ﻟدى اﻟﻧﺎس اﻵن أﺻﺑﺢ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﻧﺷورات ﻣﺣددة ﻣﺿﺣﻛﺔ أو ﻓﯾدﯾوھﺎت أعتباطية او صور وضعت ﻋﻠﯾﮭﺎ أﻏﺎنٍ أو ﻛﻼم ﻣﺎ أيّّ ﻛﺎن وﺗﺻﺑﺢ راﺋﺟﺔ ﯾﺗداوﻟﮭﺎ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎﻧت ﻏﯾر اﺧﻼﻗﯾﺔ أو ،ﺧﺎطﺋﺔ أو ﺗﺣض على ﻛراھﯾﺔ ﻓﺋﺔٍ ﻣﺎ أو اﻗﻠﯾﺔ ﻻ ﻓرق ﻣﺎداﻣت ﺿﻣن ﻣﺎ ﯾُﺳﻣّﺎ "ﻣﯾﻣﺎً" ﻓﮭﻲ ﻣﻘﺑوﻟﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾاً ﻣن ﻗِﺑل ،اﻷﻏﻠﺑﯾﺔ إذ ﺗﻛون ﻣﺗداوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ واﻟﻣواﻗﻊ . وﺧﺎﺻﺔ ﺑﯾن ﻓﺋﺔ اﻟﻣراھﻘﯾن واﻟﺷﺑﺎب ،ﻟﻘد ﻏزا _اﻟﻣﯾم ﻛﻣﺎ ﻏزاه اﻟﺗرﯾﻧد _ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺣدﯾث وﺻﺎر ﻟﮫ اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻷﻛﺑر ﻋﻠﻰ اﻟوﺳط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻻﻣﺛﻠﺔ ً ﻛﺛﯾرا واﺿرب ﻟﻛم واﺣداً ﻣﻣﺎ ﻻﺣظﺗﮫ ﺑﻧﻔﺳﻲ .
وھوﻣﯾم ٌﻣﺷﺗﮭر ﻛﺛﯾراً ﻓﻲ ھذه اﻟﺳﻧوات اﻟﻘﻠﯾﻠﺔ التي ﻣﺿت ، إذا ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻔروق ﺑﯾن اﻟﻔرﻋﯾن ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻷدﺑﻲ ، ﻓﯾﻌطﻲ ً ﻧﻛﺎﺗﺎ أو ً ﻓروﻗﺎ ﺑﯾن ﺗﻼﻣﯾذ اﻟﻔرع اﻷدﺑﻲ وﻧظﯾره العلمي وﯾُﺻور وﯾﺑﺎﻟﻎ ﻓﻲ اﻟﺗﺻوﯾر واﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن طﻼب اﻟﻔرع اﻟﻌﻠﻣﻲ أذﻛﻰ ﻣن اﻷدﺑﻲ ﺑﻣراﺣل ، وﻻ ﯾﺧﺗﺎر اﻟﻔرع اﻷدﺑﻲ إﻻ ﻣَن يقرّ ب"ﻏﺑﺎﺋﮫ" ﻛﻣﺎ ﯾُﻘﺎل وﯾﻧﺷر ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﯾﻣزات ، وﻣﻊ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺎت واﻟﺗﺣطﯾم واﻟﺣط ﻣن ﻗدر اﻟﻔرع اﻷدﺑﻲ أﺻﺑﺢ اﻟطﻼب ﯾﺗﺟﻧﺑون أﺧﺗﯾﺎره ، ﻓﮭؤﻻء اﻟطﻼب ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﻣر اﻟﻣﺑﻛر ﻻ ﯾؤﺛر ﻋﻠﯾﮭم ﺷﻲء ﺑﻘدر ﻣواﻗﻊ اﻟﺗواﺻل ، ﻓﺎﻷﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟﻛﺑﯾرة ﻣﻧﮭم ﻣن ﺿﻣن اﻟﻣﺗﺄﺛرﯾن ً طﺑﻌﺎ ﺑﻣﺎ ﯾُﺗداول ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻣواﻗﻊ .
ﻧﺣن ﻻﻧﻧﻛر أن ھذا اﻟﻔرع ﻟم ﯾﻠق أھﺗﻣﺎﻣاًﻛﺑﯾراً ﻣن ﻗﺑل اﻟﺣﻛوﻣﺔ ووزارة اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟﺗﻌﻠﯾم ، ﻣن ﺣﯾث اﻷﻗﺳﺎم اﻟﺗﻲ ُﺗﻘﺑل ﺧرﯾﺟﯾﮫ ، اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻗﻠﯾﻠﺔ وﻣﺣدودة ً ﺟدا ، ﺷﺄﻧﮭﺎ ﺷﺄن اﻟﺑﺎﻗﻲ ، ﻟﻛن ھذا أﺣد اﻷﺳﺑﺎب وﻟﯾس اﻟﺳﺑب اﻟرﺋﯾس ﺑﺎﻟطﺑﻊ ، ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻘﯾس اﻷﻣر ﻋﻧد اﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻋدد اﻟطﻼب اﻟﻣﺗﻘدﻣﯾن إﻟﻰ اﻟﻔرع اﻷدﺑﻲ ﻗﺑل ﺛﻣﺎن ﺳﻧوات ً ﻣﺛﻼ ، ﺑﺎﻟﻣﺗﻘدﻣﯾن ،اﻵن ﻟﻘد أﺻﺑﺣت ﺑﻌض اﻟﻣدارس ﺗﺧﻠو ً ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣن اﻟﻔرع اﻷدﺑﻲ .
ً ﺣﺳﻧﺎ اﻷﻣر ﻻ ﯾﺗوﻗف ھﻧﺎ ﻓﻘط ، ھذا ﻣﺛﺎل ﻣﮭم ﻣن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﺗﻲ أﺻﺣﺑت ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﺷﻌوب ، إذ أﺻﺑﺢ اﻟﻧﺎس ﯾﺗﺑﻌون "اﻟﺗرﯾﻧد " ﻣن ﻟﺑﺎسٍ وﻣﺄﻛلٍ وﻣﺷرب وﻏﯾرھﺎ ﺑﺷﻛلٍ أﻋﻣﻰ . وﻟﺳت ھﻧﺎ ﺑﺻدد اﻟﻘول واﻟﺣﻛم ﺑﺈﯾﺟﺎﺑﯾﺔ أو ﺳﻠﺑﯾﺔ ھذا اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻘﺎﺋم ﺑﺷﻛل ﻋﺎم وﻓﻲ ﻛل ﻧواﺣﯾﮫ ، ھﻧﺎﻟك اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ﻻ رﯾب ، وﻟﻛن أوﺿﺢ ﺣﺟم اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﮭﺎﺋل ﻟﮭذه اﻟﻣواﻗﻊ وﻣﺎ ﯾﺗداوﻟﮫ اﻟﻧﺎس ﻋﻠﯾﮭﺎ ، وﻣﺎﯾﻌطوﻧﮫ ﻣن وﻗت وﺟﮭد وأﻣوال ﻓﻘط ﻟﻠﺗﻘﻠﯾد ﻻ ﻏﯾر .!



ﺑﻘﻠم اﻟﻛﺎﺗﺑﺔ
ﻧرﺟس ﺳﺎﻟم

#نرجس_سالم (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل