أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عودة - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


عامر عودة

الحوار المتمدن-العدد: 8487 - 2025 / 10 / 6 - 09:56
المحور: الادب والفن
    


حقدٌ دفين- قصّة قصيرة

قاعةُ الأفراح مليئة بالمدعوّين للاحتفال بزفافِ قريبهم وصديقهم سليم. وسطَ القاعة تجمّع بعضُ الصّبايا والشّباب مُشكّلين حلقة دائريّة يقفُ العريس في وسطها، يُصفّقون ويَرقصون احتفالًا بهذهِ المناسبةِ السّعيدة. أمّا المطرب فقد كان في قِمَّةِ إبداعه في هذهِ اللّيلة، فيبدو أنَّه قد تأثَّر بالجوِّ العامِ السّائد، فأبدع في أدائه ليزيدَ المحتفلين نشوةً وسرورًا...

وراءَ إحدى الطّاولات، جلستِ امرأة خمسينيّة تنظر بعيون حاقدة إلى كلِّ هذهِ البهجة مِن حولها، مُتَعَجِّبة كيف يفرحون ويرقصون بسجيّة لعريس فقير من عائلة فقيرة. كانت تنظر بتفاهة إلى أطباقِ المأكولات على الطّاولةِ الّتي أمامها، وتقول في ذاتها: "في عرس ابني قبلَ شهريْن، كانتِ المأكولات أفضل وأكثر تكلفة وتنوّعًا، والمشروبات أكثر جودة. لكنَّ المدعوّين لم يفرحوا بِسَجِيَّة كما هم فرحون الآن. والبعض كانت ضحكاته مبتذلة وابتسامته مصطنعة وفرحُه شكلي. أنا أعرفُ النّاس جيّدًا وأستطيع أن أقرأ ما بداخلهم." وأكملت شابكة أصابعها بعصبيّة: "أمّا المطرب فقد كان يغنّي دون إحساس، لا كما يغني اللّيلة بفرح عارم وكأنّه هو صاحب العرس". وبعد أن نَقَّلَت عينيْها بينَ الرّاقصين وأطباقِ الطّعام والفرقةِ الموسيقيّة، لمحت جاكيت بدلةِ العريس مُعَلَّقة على الكرسي، فَغَرَزَت عينيّها فيها قائلة في سِرّها: "حتّى بدلته تلك اشتراها له زوجي"


إنّها زوجة عمِّ العريسِ، الّذي يمتلك زوجها متجرًا كبيرًا، ويعملُ العريس عنده سائقًا على إحدى الشّاحنات. وقد أصابتْها الدّهشة، كيف أنَّ النّاس تُعطي قيمة لعامل بسيط، بينما ابنها الّذي يعمل محاسِبًا للشّركة وعدَّة شركات كبيرة أخرى، لم تبتهج النّاس بعرسه كما يليق بمكانته. وتنظر مرّة أخرى إلى الجاكيتِ المعلَّقة على الكرسي وتقول في نفسها: "إنّها لا تليق به!"

لم تصحُ من أجيج حِقدها إلّا على صوتِ أمِّ العريس وهي تدعوها لترقص معها. فتقوم من مقعدها مجبرة، وكأنّها جسد بلا روح، وتبدأ بتحريك يديْها بحركات تمثيليّة راقصة، مبتسمة ابتسامة صفراء، ناظرة نظرة فوقيّة إلى الفستانِ الّذي ترتديه أمُّ العريس، فهو ذو قيمة ماديّة أدنى من فستانها الّذي ارتدته يوم فرحِ ابنها. وقبل أن تعود إلى مكانها، لم تستطع إلّا أن تغرز عينيّها مرّة أخرى على الجاكيتِ المعلّقة على الكرسي، قائلة في ذاتها، وقد بدأَ السُّمُّ يغلي تحتَ أنيابِ حِقدها وغيرتها: "لولا زوجي لَما لَبِسَ العريس مثل هذهِ البدلةِ الثّمينة، ولما استطاع أن يتزوج أصلًا."
وعندما يبدأ سمّ هذهِ المرأة بالغليان فلا بدَّ لها من أن تحقنه في أحد ما...

...قبل انقضاءِ الحفل، تقدمت نحوَ العريس عاضّة على شفتها السّفلى. في طريقها التقطتِ الجاكيت ورَمتْه على كتفيْه قائلة بصوت فحيح يقطر سمًّا:
- لا تنس جاكيت بدلتك الّتي اشتراها لك زوجي فثمنها غال يا... يا عريس.

فوجِئَ العريس بتصرف زوجةِ عمّه وسبح في ذهوله... امتقع وجهه واحتار في كيفيّةِ التّصرّف. فعلى الرّغم من أنّه كان يعلم أنَّ زوجة عمّه لا تُحِبّه، والكلُّ يعرف أنّها حقودة لكنّه، رغم ذلك لم يتوقع منها هذا التّصرّف في ليلة فرحه. وأراد أن يمسكَ بالبدّلة ويرميها في وجهها، إلّا أنَّ احترامه لعمِّه من جهة، واحترامه للمدعوّين من جهة أخرى، منعه من ذلك. وبعد لحظة صمت وذهول، قام أحد أقربائه بأخذها من على كتفيْه، معلقًا إيّاها على أحدِ المقاعد، ناظرًا بغضب إلى قريبته قائلًا:
- عريسنا أجمل بدون بدلات.
وأردف آخر رافعًا العريس على كتفيْه:
- وأغلى من كلِّ البدلات.
وانطلقتِ الأصوات بالغناء من جديد، وكأنَّ السّهرة قد بدأت للتوِّ.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- موسم الدرعية يطلق برنامج -هَل القصور- في حيّ الطريف
- المدينة والضوء الداخلي: تأملات في شعر مروان ياسين الدليمي
- مكان لا يشبهنا كثيراً
- لقطات تكشف عن مشاهد القتال في فيلم -خالد بن الوليد- المرتقب ...
- طهران تشهد عرضاً موسيقياً فخماً من مسرحية أوليفر تويست + فيد ...
- يحيى الفخراني يفتتح -أيام قرطاج المسرحية- بعرض -الملك لير-
- ألمانيا تعيد كنوزا إثيوبية بعد قرن
- محمد إقبال: الشاعر والمفكر الهندي الذي غنت له أم كلثوم
- فلسطين تتصدر المشهد في مهرجان الدوحة السينمائي 2025.. 97 فيل ...
- رسائل وأمنيات مخبّأة في قلب بروكسل تركها بناة المدينة


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عودة - قصة قصيرة