أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي مهنا - سورية.. قتلتها السلطة!















المزيد.....

سورية.. قتلتها السلطة!


فوزي مهنا

الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 23:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية من السوريين اليوم؟ بعد أن تركتهم على مدار 14 عام، ضحية النظام الأسدي في العراء، يُقتلون ويُهجرون ويُجوعون، ومن لم يُقتل بالبراميل المتفجرة التهمته أسماك البحار، لقد سبق لهم أن جلبوا لنا حافظ أسد، منذ أكثر من ستين عاماً، تم خلالها سقوط الجولان وتسليم القنيطرة، مقابل كرسي السلطة، بعد ذلك عملوا على نفخه وتكبيره في عموم المنطقة، من ثم استثماره في مشاريعهم المختلفة، إلى أن وقعت الكارثة.
يقول الكاتب سعد فنصة، أن الانقلابات العسكرية في سورية، كانت دائما شأنا متعلقا بوزارة المستعمرات البريطانية، منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، وأنه بعد زيارة حافظ أسد، إلى لندن بالعام 1965 بحجة العلاج، ولقائه بوزير المستعمرات البريطاني، ثار بشأنها تكهنات رفاقه البعثيين، لذلك قاموا بالتحقيق معه، في قاعدة الضمير الجوية، بواسطة رئيس الاستخبارات العسكرية، المقدم بدر جمعة، وأنه عندما هاج الأسد، قام جمعة بصفعه على وجهه، مما جعله يهدد باستخدام سلاح الجو لقصف مقر قيادة الحزب بدمشق، فما كان من جمعة، سوى الصراخ بوجهه قائلاً: "جاسوس.. وتتوعدنا" (بلا رتوش ·11/06/2021)
لم تتعلّم الشعوب العربية، أنه كلما أغدق الغرب، بالثناء على حاكم، وتم منحه المزيد من الصلاحيات، كلما كانت التنازلات التي يُقدمها أكثر، وبالتالي كلما كان حجم الخراب أكثر فأكثر، لذلك ليس من المستغرب أن أكثر من تم إعطائه صلاحيات التخريب في هذه المنطقة، هو كل من حافظ أسد وإيران، وذلك خلافاً لنهج العداء المعلن للغرب والممانعة الذي كان يدعيه كل منهما، فالأسد أُعطي كامل الصلاحيات في لبنان، مما مهّد لقيام حزب الله، كرأس حربة في المشروع الإيراني التوسعي، مما أدى لمصادرة الدولة اللبنانية والمساهمة مع إيران، في تخريب الدولة السورية، فضلاً عن النفوذ الإيراني في كل من العراق وغزة واليمن.
لكن بعد كل هذه الهالة الكبيرة وهذا النفوذ الذي وصل إليه، كل من الأسد وحزب الله وإيران في المنطقة، على مدار العقود السابقة، لننظر أين بات كل من هؤلاء، وحجم الخراب الذي خلّفه من حوله، يتحدث "باتريك سيل" عن العلاقة الحميمية التي أخذت تربط الأسد بوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، إلى حدّ أنّهما أمضيا معاً في ربيع عام ١٩٧٤ حوالي (١٣٠) ساعة، سجّل خلالها كيسنجر (٢٦) حالة وصول ومغادرة إلى مطار دمشق.، لكن ماذا كانت النتيجة؟.
يروي كيسنجر، بمذكراته في طبعتها الإنكليزية (الجزء الثاني: سنوات القلاقل، الصفحات: 1094 – 1106) "أنه بعد ثلاثة أشهر من المفاوضات المضنية غير المباشرة، بين سوريا وإسرائيل، وشهر كامل من الرحلات المكوكية اليومية بين القدس ودمشق.. كان «الأسد» يقاتل بأظافره وأسنانه، ليس من أجل الانسحاب الإسرائيلي من الجولان المحتل، إنما من أجل بضعة أمتار داخل مدينة القنيطرة، وليس خارجها، كي يرفع عليها العلم السوري، لُيقنع شعبه بأنه لم يخض حرباً دموية ويُقدّم ستة آلاف شهيد، و23 ألف جريح ومشوه حرب، من أجل لا شيء، كما قال لي مراراً وتكراراً خلال لقاءاتي به».
كان الأسد وفقا لكيسنجر يحرص على لقائه بمفرده، وحتى المترجم بينهما كان من الطرف الأمريكي، ليضمن بذلك، عدم تسرُّب أي شيء مما سيتم تداوله، وأنه بعد اللقاء الأساسي معه، وفقاً لأحمد موفق زيدان، مستشار رئيس المرحلة الانتقالية (أحمد الشرع) اليوم، يقوم الأسد بدعوة بعض العسكريين من جماعته مفلتراً اللقاء ليُطلعهم بحضوره على بعض جوانب اللقاء الذي يريدهم أن يعرفوها فقط، ثم يقوم بفلترة ثانية حين كان يدعو بعض السياسيين، ليُطلعهم على ما يريد أن يطّلعوا عليه، بعيداً كل البعد عن جوهر اللقاءات وعمقها.(عربي21، كيسنجر سورية، 23/1/2022).
اليوم يتكرر في حياة السوريين ذات السيناريو (نفس الطبّاخ الغربي، ونفس سياسة النفخ) من المطلوب رقم واحد على لوائح الإرهاب العالمية، ومكافأة ملايين الدولارات للقبض عليه، إلى اللقاء التاريخي المفاجئ الذي جمعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المملكة العربية السعودية، والذي أخذ يتغزّل به بأنه رجل عظيم جداً، وشاب جذاب وقوي البنية.. وأنه مقاتل ذو ماضٍ قوي للغاية.
أما مبعوثه الخاص لسورية السفير توم بارّاك، فقد شبه الشرع بالرئيس الأمريكي جورج واشنطن، الذي قاد أمريكا نحو الاستقلال، بدوره الوفد الدبلوماسي الأمريكي الذي التقاه في دمشق، أبلغه بأنه تم إلغاء المكافأة المالية المخصصة لاعتقاله، في حين خاطبه الرئيس الأسبق لوكالة الاستخبارات الأمريكية، الجنرال "ديفيد بترايوس"، بالقول: "لديك الكثير من المعجبين وأنا واحد منهم ونحن نقلق عليك!"، المفارقة هنا أن بترايوس، كان قائداً للقوات الأميركية في العراق حينما كان الشرع (الجولاني) معتقلاً لديها هناك، إلى المشاركة بالدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وإلقاء كلمة سورية على منبرها"، فضلاً عن لقاءاته مع العديد من رؤساء الدول.
ومثل هذا النفخ الأمريكي في شخصية الشرع، جرى مجراه على الصعيد العربي، فقناة الجزيرة القطرية مثلاً، قالت إن سقوط الأسد، جلب للسلطة شخصية استثنائية، غيّرت سوريا وتغيرت معها، مستشهدةً بذلك، قيام مجلة "تايم" الأميركية باختيار الشرع، كعربي وحيد، ضمن قائمة أكثر مئة شخصية سياسية عالمية تأثيراً لعام 2025، أما وزير الإعلام الكويتي الأسبق، فقد قال أنه "الرئيس المنظر والمفكر والواقعي الكبير"، مؤكداً أن القيادة السورية تقدم نموذجاً مبهراً في التعاطي مع المتغيرات والتحديات.
تقول فرح الأتاسي لا يغرُّكم العسل الأمريكي، لقد سبق للأمريكيين كما أشرنا أن نفخوا كثيراً بحافظ أسد، بدءاً من وقوفه إلى جانب إيران في حربها الثمان سنوات بمواجهة العراق، إلى السماح له بدخول الجيش السوري إلى لبنان، وما تلى ذلك من القضاء على الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط، إلى حرب المخيمات والقضاء على التواجد الفلسطيني المسلح في لبنان، من ثم مساهمته في قيام حزب الله وتسليحه، عدا عن تحكم الأسد بخناق الشعب اللبناني على مدار أكثر من 29 عاماً.
خلاصة القول: لقد كبُر حجم سورية في ظل هذا العسل الأمريكي، على الصعيد الخارجي، بينما كانت البلاد تتلاشى شيئاً فشيئاً على الصعيد الداخلي، تماماً كما يفعلون بأحمد الشرع، وبسورية اليوم، كان الأمريكيون يثنون على الأسد، لكنهم بالقطع لم يتغزلوا به ويحتضنوه، كما هو حال الشرع اليوم، فالرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون يصف الأسد بمذكراته، بأنه "ذكي جداً، حاولتُ إقناعه بزيارة إسرائيل، لكنه لم يقتنعَ، كان همّه الوحيد؛ إعادة الجولان، كان يقول: أريدُ أن أجلس على طرف طبريا وألمس ماءها بقدميّ".
بدوره هنري كيسنجر يقول "أن الأسد أعطاني محاضرةً استمرت حتى الخامسة صباحاً.. كان هذا أوَّل درسٍ تلقيتهُ منه" أما جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي الآخر، فيروي في مذكراته عام 1999، (الطبعة العربية، ص621 و622). أنه "على مدى أحد عشر اجتماعاً، لمدة (63) ساعة، جعلني أرفعُ الراية البيضاء".
لكن ماذا جرى بعد كل هذا الذكاء الأسدي؟ وكل هذه الرايات البيضاء التي رفعها الأمريكيون؟ يقول كيسنجر بمذكراته المشار إليها، أنه "فوجئ بموافقة الأسد، على كل ما كان يرفضه طوال الأشهر السابقة، بشأن حجم الانسحاب الإسرائيلي في اتفاقية فصل القوات، ومساحة المنطقة منزوعة السلاح.."!، وحين عبّر كيسنجر عن دهشته من هذه الموافقة المفاجئة، أجاب الأسد، بأن ذلك هدية في عيد ميلاد كيسنجر (27 مايو).
كان الأسد يحاور ويبيع ويقايض ويبرم الاتفاقات والمعاهدات الدولية منفرداً، دون حسيب أو رقيب، بعد ذلك يقوم بفلترة ما يريده، فيُفشي بعضها، ويبقي بعضها الآخر طي الكتمان، تماماً كما حصل باتفاقية أضنة، والتي قام بتوقيعها مع تركيا، في عام 1998 والمتعلقة بالتنازل رسمياً عن لواء اسكندرونة والنشاط الكردي، لتبقى منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، مجهولة بالنسبة لغالبية السوريين، ومثلها أيضاً الاتفاقات التي أجراها الأسد المخلوع، مع كل من روسيا وإيران.
اليوم ومنذ مجيئه للسلطة في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 يقوم أحمد الشرع بلقاءات سرية مع الإسرائيليين، بواسطة السفير الأمريكي توم باراّك، إلا انه لم يرشح عما يجري من مباحثات سرية في الغرف المظلمة، لا بشأن سفوح جبل الشيخ، ولا مصير الأراضي التي قامت إسرائيل باحتلالها مؤخراً، ولا بشأن الجنوب السوري، خصوصاً بعد المجازر التي ارتكبتها الفصائل الجهادية المنضوية تحت جناح السلطة، وقيام إسرائيل برفع علمها في وسط مدينة القنيطرة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين المستشار زيدان؟ ليكشف لنا ماذا يجري من مباحثات بشأن سورية وشعبها، أين هو ليكشف عن فحوى الاتفاق الروسي التركي الإسرائيلي الأمريكي، مع الشرع، قبل وصوله إلى دمشق، خلال 11 يوم فقط؟ ثم ما الهدية التي سيقدمها للمبعوث الأمريكي توم باراك، في عيد ميلاده؟ مقابل الاستمرار في السلطة؟ وأين هي الأمتار التي بقيت، من الأرض السورية، كي يرفع علم السلطة عليها، سوى داخل بوابات دمشق.



#فوزي_مهنا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الاسلام المتطرف في تبييض صورة اسرائيل السوداء


المزيد.....




- وسط حزن على مقتل طالب.. القضاء يلاحق 60 متظاهرا بالمغرب
- فرنسا : الإعلان عن تشكيلة حكومية تندرج في إطار-الاستمرارية- ...
- فرنسا: ماكرون يعلن عن تشكيلة حكومة لوكورنو الجديدة وسط أزمة ...
- الجيش الإسرائيلي: نفذنا عشرات العمليات جنوبي سوريا في الشهري ...
- أكثر من 60 قتيلا في النيبال والهند بسبب الفيضانات
- زامير يهدد بالعودة للحرب على غزة
- تفويض الجيش الأميركي استهداف سفن يشتبه نقلها مخدرات بالكاريب ...
- وقفات التضامن.. سبيل ذوي أسرى الضفة لمؤازرة أبنائهم
- أخطر مناطق أوروبا.. تعرف إلى ممر قد يشعل فتيل حرب روسيا والن ...
- صاحب مبادرة لسنا أرقاما: الغرب يرى الفلسطيني إرهابيا ومشروعن ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي مهنا - سورية.. قتلتها السلطة!