أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بولا ماجد منير - هل نحن نعرف حقًا من هو الله؟!














المزيد.....

هل نحن نعرف حقًا من هو الله؟!


بولا ماجد منير

الحوار المتمدن-العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 22:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الله الذي تصنعه أيدينا وعقولنا

الله ليس هو الذي تعرفه أنت، ولا الذي أعرفه أنا. ليس هو الذي تصفه الرهبان في معابدهم، ولا الشيوخ في منابرهم، ولا العلماء في كتبهم، ولا حتى الفلاسفة في مدوناتهم. الله، كما نصنعه نحن، هو نتاج ضعفنا، صورة من صور عجزنا، لوحة نرسمها بأيدٍ مرتجفة ونلونها بأوهامنا. الضعيف يحتاج إلى جبار، فيسميه جبارًا. الجاهل يحتاج إلى حكيم، فيخلع عليه صفة الحكيم. الحزين يحتاج إلى سعادة، فيصفه بالسعيد. نحن، منذ أن ولدنا في الطبيعة القاسية، نبحث عن منقذ كما يبحث الطفل عن حضنٍ دافئ.

منذ فجر التاريخ ونحن في حرب مع الطبيعة: نقتل كي لا نُقتل، نضحي كي لا نُضحى بنا. ومع كل خطوة في هذا الصراع تطورت أدواتنا، لكن بقيت رغبتنا واحدة: أن نجد منقذًا أعلى يرفع عنا عبء العيش. أنانيتنا — التي منحت لنا بشكل مبالغ فيه — دفعتنا لصناعة آلهة على مقاس ضعفنا حتى لا نشعر بالعجز، كما صنعنا الأساطير والقصص.

عقلك، مهما توهمت، لا يعمل من أجل الحقيقة. إنه جهاز للبقاء، مبرمج ليُبقيك حيًّا حتى لو خدعك، حتى لو بنى لك أوهامًا. عاطفتك تصدر الأوامر، وعقلك لا يفعل سوى أن يلبسها ثوب المنطق. فلا تظنن يومًا أنك بعقل واعٍ حر وإرادة كاملة اخترت إلهك. إلهك، في الحقيقة، هو نتاج خوفك، وكاسر مخاوفك. لو كنت قويًّا بحق، لما احتجت إليه أصلًا. لكنك ضعيف، لذلك تزينت بقوة إلهك ونسيت أنك تكشف بضعفك ما تحاول ستره.

هذا هو الإله الذي نصفه دائمًا على حسب ضعفنا. أهو الإله الحق، أم هو إله مخاوفنا الذي بدأ من الطبيعة ثم اتخذ شكل الكواكب والفلك، ثم الحكومات والضرائب والإقطاعيين، ثم المرض والجهل، ثم الحاجة إلى فكر جديد ومنقذ وفادٍ؟ الله، كما نصوره نحن، ليس إلا نتاج رغباتنا المكبوتة، كما قال فرويد عن الأحلام: تفسيرٌ لأمنياتنا أكثر منه كشفٌ للواقع.

لماذا لا نترك لله أن يصف نفسه؟ لماذا لا نصغي لصوته بدل أن نملأ الكون بأصداء خيباتنا؟ لماذا نصر دائمًا على أن يكون انعكاسًا لرغباتنا، شهواتنا، قذاراتنا؟ يا أيها البشر، أنتم مصنع الأوهام، ضعفاء الطبيعة، حثالة الأرض، تصفون كل شيء بحسب أهوائكم ثم تتوهمون أنكم اكتشفتم الحقيقة.

الحقيقة المُرّة هي أنكم لا تعرفون ربكم، وهو لا يعرفكم. أنتم تبحثون عن المنقذ لأنكم لا تريدون أن تكونوا أهلاً للنجاة. أنتم مثل سندريلا تنتظرون الأمير، والأمير لن يأتي. يا أيها البشر، أنتم آلهة أنفسكم. فابحثوا عن أنفسكم أولاً، قبل أن تبحثوا عن منقذ. لأنكم لا تعرفونه ولا هو يعرفكم.

🖋️ بولا ماجد منير






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 300 ألف سنة من البشرية: أربعة آلهة في سمفونية الوجود البشري


المزيد.....




- أول يهودي يترشح لانتخابات البرلمان السوري منذ عقود
- لأول مرة منذ عقود...مرشح يهودي ينضم للسباق الانتخابي في سوري ...
- للمرة الأولى منذ 1967.. حاخام يهودي يترشح للبرلمان السوري
- الآلاف يفرون من نيجيريا إلى الكاميرون بسبب -بوكو حرام-
- قلق بين يهود السويد بعد هجوم مانشستر
- أول يهودي سوري يترشح للبرلمان منذ 1967: هنري حمرة يعود بمشرو ...
- الانتخابات السورية.. يهودي أمريكي من أصل سوري يترشح لمجلس ال ...
- بريطانيا: ما الذي نعرفه عن منفذ هجوم مانشستر على كنيس يهودي؟ ...
- الحاخام هنري حمرة.. أول مرشح يهودي سوري منذ 1967 يعلن الترشح ...
- الهجوم على على كنيس يهودي اختبار لتسامح بريطانيا - الإندبندن ...


المزيد.....

- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بولا ماجد منير - هل نحن نعرف حقًا من هو الله؟!