أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي مهنا - دور الاسلام المتطرف في تبييض صورة اسرائيل السوداء















المزيد.....

دور الاسلام المتطرف في تبييض صورة اسرائيل السوداء


فوزي مهنا

الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 00:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دور الإسلام المتطرف في تبييض صورة إسرائيل السوداء
كلما أخذت صورة إسرائيل بالانحدار، على المستويين الشعبي والرسمي عالمياً، نتيجة لما تقوم به من جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني، كلما جاءت الفصائل الجهادية الإسلامية المتطرفة، لتقوم بتبييض صفحتها السوداء، وكلما حاول العرب والإسلام التخلص من تهمة الإرهاب، وتلمس طريق النهوض، كلما عملت تلك التنظيمات على إجهاضها.
بحيث يمكن القول أنه على الرغم من وجود تناقض وعداء ظاهري، بين تلك التنظيمات الجهادية، وتيارات اليمين الديني المتطرف في إسرائيل، إلا أنه ثمة تداخلات مصلحية بين الطرفين، يمكن اعتبارها من قبيل "التواطؤ الموضوعي" والذي يسهم بقصد أو دون قصد، كما يقول الدكتور "محمد الجبريني" في تعزيز أسس الصراع في المنطقة، خصوصاً حينما يتم استخدام هذا النوع من الخطاب الإسلامي، كذريعة لتبرير السياسات الإسرائيلية المتصلِّبة، عدا عن أن أعمال القتل التي تتم في ضوء هذا الخطاب، والتي من شأنها شرعنة المرويات التوراتية، التي تستند إليها إسرائيل في حربها التوسعية في عموم المنطقة.
حتى بات هذا الإسلام المتشدد، واليمين اليهودي المتطرف، يتغذى كل منهما على الآخر، فالمتطرفون الإسلاميون يذبحون تحت شعار "الله وأكبر"، بينما تقوم إسرائيل بذبح الشعوب العربية، تحت مسميات دينية مختلفة، مستمدة من كتب الديانة اليهودية، مرة باسم "السيوف الحديدية"، و"عربات جدعون" في حربها على غزة، ومرة باسم "سهم الشمال" بمواجهة حزب الله، وأخرى تحت مسمى "سهم باشان" في سورية (سكاي نيوز عربية، 5 سبتمبر 2025). وهكذا ليبقى الصراع مفتوحاً.
بالقطع لم تكن هذه التنظيمات المتطرفة يوما في خدمة القضايا العربية والاسلامية، وإنما كانت دوماً ولا تزال في خدمة المشاريع الغربية ـ قصدَت ذلك أم لم تقصُد ـ وعليه كلما حاول العرب والإسلام بتحسين الصورة النمطية التي تحتفظ بها المجتمعات الغربية حيالهم، من خلال ربطهم بالإرهاب، وعدم توافقهم مع الديمقراطية والحداثة، وأن الاسلام مجرد دين استبدادي غير متسامح وعنيف وخصم وعدوّ"(مسألة الهويَّة: العروبة والإسلام والغرب، محمد عابد الجابري، ص 178). كلما جاءت الضربة القاضية من هذه التنظيمات الجهادية، لتعيدنا لنقطة الصفر، بل إلى ما دون الصفر.
من تفجيرات وأبراج الخبر بالسعودية (1996) إلى تفجير السفارة الأمريكية في نيروبي (1998) من ثم الهجوم على برج التجارة العالمية الشهير في نيويورك (2000) وما تلى ذلك من تفجيرات جرت في عدد من المدن الأوروبية على مدار السنوات التي أعقبت ذلك التاريخ، وهو ما ألحق الضرر البالغ بصورة العرب والمسلمين عموماً، فضلاً عما ارتكبته كل من الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة (جبهة تحرير الشام) وبقية الفصائل الإسلامية المتشددة، من مجازر في كل من العراق وفي سورية حتى اليوم.
قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ما أن قامت حماس بهجومها الشهير على إسرائيل، حتى سارع قادة الدول الغربية للتوافد إليها، حصل ذلك رغم أجواء الحرب المستعرة آنذاك، والمخاطر التي يمكن أن تنجم عنها، وهو ما عبّرت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، بأن مرافقو الرئيس الأميركي "جو بايدن" كانوا يقدِّمون للصحفيين المسافرين معهم على طائرة الرئاسة، تعليمات عن "كيفية تجنب الموت"، عند وصولهم إلى تل أبيب، أما المستشار الألماني "شرويدر" فما أن وصل إلى أرض المطار، حتى دوت صفارات الإنذار لينبطح أرضاً، هو والوفد المرافق له.
بل سارع كل منهم للانحياز الأعمى إلى جانب إسرائيل، فرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا دير لاين، وصفت حماس بأنها شر يستهدف الإسرائيليين لكونهم يهودًا فقط، بينما قال وزير الدفاع الفرنسي، إن بلاده تقدم دعما استخباراتيا لها، في حين تعهد وزير الدفاع الألماني، بدعمها بكل ما تحتاجه، أما رئيس الوزراء البريطاني، فقد كشف عن إرسال سفينتين حربيتين وطائرات هليكوبتر وطائرات مراقبة، من أجل ضمان حمايتها.
يقودنا ذلك إلى أن صورة إسرائيل في العالم الغربي، قبل ذلك التاريخ كانت في أوجها، لذلك سارعت معظم الزعامات الأوروبية والأمريكية للهرولة، لتقديم ولاء الطاعة.
اليوم باتت صورة إسرائيل في أدنى مستوياتها، جرّاء الاستمرار في حربها المدمرة على غزة، وما أسفرت عنه من مقتل نحو 100 ألف فلسطيني، وفقاً لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، مما يجعل هذه الحرب الأكثر دموية في القرن الـ21، وهو ما جعل الكيان الإسرائيلي في حالة عداء، مع جميع شعوب العالم، لدرجة أن أقرب حلفائها، المتمثلة بدول الاتحاد الأوروبي، باتت تهدد اليوم بمقاطعتها اقتصادياً، وعلمياً، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، بدورها رئيسة المفوضية الأوروبية نفسها دير لاين، باتت تدافع اليوم عن العقوبات المقترحة ضدها.
وهو ما عبّر عنه صراحةً المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، بوصف ما تمر به إسرائيل اليوم بأنه "تسونامى دبلوماسى" غير مسبوق، تمثّل ذلك في موجات الإدانات والمقاطعات والرفض الشعبي والسياسي لها في الخارج، مما نتج عنه زيادة عدد الاعتداءات على إسرائيليين، بما في ذلك حوادث طرد من مطاعم في أوروبا، وتعرض أفراد يحملون رموزًا دينية يهودية لاعتداءات جسدية ولفظية. (اليوم السابع، 31 يوليو 2025)
مما يشير بشكلٍ قاطع، إلى أن هناك تحولًا جذريًا في المواقف الأوروبية والعالمية، تجاه إسرائيل، حيث أصبح مجرد ارتداء الكيباه اليهودية سببًا للاعتداء، ومثل ذلك أيضاً الشارع الأمريكي، بما فيه اليهودي، لدرجة قيام أكثر من (26) ألف يهودي أميركي وحاخام ورجل دين، بالتوقيع على عريضة، تطالب إسرائيل بدخول المساعدات الإنسانية لسكان غزة، وإنهاء هذا الحصار الظالم.. (العربي الجديد، 2/8/2025).
لكن للأسف هذا الانحدار في الصورة الإسرائيلية، ما أن يبدأ قطف ثماره على صعيد القضية الفلسطينية والمصلحة العربية والإسلامية، حتى تقوم التنظيمات الإسلامية المتطرفة، بهدم كل ما تحقق، لتعيدنا إلى الخلف من جديد، وهو بالواقع ما قام به تنظيم القاعدة من قبل، وكذلك كل من تنظيمي "داعش وجبهة النصرة" تماماً مثلما تقوم به الفصائل الجهادية في سورية اليوم، من جرائم ومجازر بشعة، في كل من الساحل السوري وريف دمشق والسويداء، من ثم تصوير هذه الجرائم بالصوت والصورة، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي في نفس الوقت؟.
وكأن إسرائيل هي التي تقوم بتصوير هذه المشاهد الوحشية، بنفسها، لتقول للعالم أجمع بالدليل القاطع أن هؤلاء الجهاديون هم من تدافعون عنهم أيها العالم الحر، هؤلاء هم الأعداء الحقيقيون، الذين نقاتلهم نيابة عنكم، في عموم دول هذه المنطقة.
وإلا ماذا يعني قيام عناصر هذه الفصائل، بتصوير أنفسهم وهم يقصّون، شوارب الشيوخ قبل ذبحهم؟ ماذا يعني قيامهم بتصوير رجل عجوز بعد ربطه بكرسي ثم حرقه، ليغدوا مجرد هيكلاً من الفحم؟ أو تصوير ثلاثة شبان، طبيبان ومهندس، بعد إجبارهم على القفز من الطابق الرابع، ثم أطلاق النار عليهم، تحت شعار الله وأكبر؟ أو تصوير عائلة بأكملها، تم اقتياد رجالها السبعة إلى ساحة بوسط المدينة والقيام بإعدامهم جميعاً؟
ماذا يعني القيام بقتل أكثر من ألفي شخص، معظمهم من النساء والشيوخ والأطفال، والذين لا علاقة لهم بالسياسة ولا بفلان أو علان؟ فقط لأنهم دروز، يسأل القاتل ضحيته من تكون فيجيب "أنا سوري يا أخي" لكنه وبعد إصرار، يجيب "أنا درزي" ليطلق النار عليه وعلى سوريته معاً.
ماذا يعني القيام بتصوير نهب وحرق بيوت (34) قرية، فضلاً عن إحراق مدينة السويداء نفسها؟ أو تصوير مشاهد التهديد والوعيد، من قبل العشائر التي استعانت بها السلطة، والتي قامت بشكرها على ما اقترفته من جرائم ومجازر؟ ماذا يعني تصوير حالات اغتصاب، من بينهم طفلة بعمر خمس سنوات فقط، قبل قتلها؟ أو ردم آبار مياه الشرب، وتخريب أفران الخبز ونهب الصيدليات، فضلاً عن حصار السويداء وتجويعها؟ كما هو الحاصل حتى يومنا هذا، سوى إعطاء ذرائع لإسرائيل، من شأنها تبرير ما تقوم به من أعمال إجرامية وحصار وتجويع بحق الشعب الفلسطيني؟ من ثم تبرير ما تقوم به من عربدة في مختلف دول المنطقة، من سورية إلى لبنان إلى اليمن إلى إيران واليوم في قطر، وهكذا.
يبقى السؤال الملح هنا: كيف لنا التخلص من هذه الدوامة الجدلية المُدمَِرة؟ كلما أجرمت إسرائيل بحق الشعوب العربية، وباتت سمعتها في الحضيض، كلما جاءت هذه التنظيمات الجهادية لإنقاذها من ورطتها؟.
يجيبنا على ذلك، صاحب كتاب صراع الحضارات "صموئيل هنتنغتون" بقوله أثناء ندوة عقدها بدبي، عام 2001 أن على العرب الاختيار بين نموذج تنظيم “القاعدة” أو إمارة دبي، التي تثبت أنه يمكن التقدم من دون فقدان القيم التقليدية، وأن على الدول الاسلامية، المساهمة في تبنّي التحديث بدلاً من التشدّد الاسلامي، وإدراك أن الحكومات القمعية غير الديموقراطية، غالبا ما تنتج معارضة متطرفة، ثم يضيف: "إذا تمكن أسامة بن لادن من جذب الناس إلى قضيته، فان هذه الحرب ستصبح حقاً صدام حضارات".(جريدة السفير، 13/1/20019).
أما "إيد حسين" مستشار رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير: فيضع بكتابه، "بيت الإسلام.. تاريخ عالمي" الصادر في لندن عام 2018 الحل المناسب، بقوله: أنه من أجل إنقاذ الشرق الأوسط، في ظل وجود مظاهر التطرف والإرهاب، فإنه يجب على جميع حكومات الدول الإسلامية، طرد أصحاب هذا الفكر المتطرف من "بيت الإسلام" من خلال إصدار إعلان عالمي، يتضمّن البراءة من قطاع الطرق الدينيين هؤلاء، باعتبارهم كفرة"، ليختم "حسين" رؤيته بالسؤال: متى سيكون لدى الحكومات العربية والإسلامية الشجاعة الكافية، للقول أن هؤلاء الجهاديين السلفيين، هم كفار وخارج حظيرة الإسلام؟."(بي بي سي، 4 فبراير/شباط 2019).



#فوزي_مهنا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الاسلام المتطرف في تبييض صورة اسرائيل السوداء


المزيد.....




- مشهد مخيف.. لحظة انهيار جسر جراء فيضانات عارمة في تايوان
- شاهد.. إعصار راغاسا يضرب هونغ كونغ برياح سرعتها 160 كليومترً ...
- بين التحذيرات والمباحثات: غروسي يتحدث عن برنامج إيران النووي ...
- إطلاق علاء عبد الفتاح وآخرين.. بداية صفحة جديدة مع المعارضين ...
- لماذا لا يدعم العلم ربط ترامب بين الباراسيتامول والتوحّد؟
- عون يطالب إسرائيل بوقف عدوانها والانسحاب من لبنان
- هل أصبحنا أقرب إلى بناء كلية اصطناعية؟
- ترامب ينتقد عودة جيمي كيميل إلى الشاشة ويهدد بمقاضاة إيه بي ...
- براك يؤكد اقتراب سوريا وإسرائيل من اتفاق أمني والشرع يحذر من ...
- نازحو غزة يستأجرون المنازل المقصوفة والمدمرة رغم خطورتها


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي مهنا - دور الاسلام المتطرف في تبييض صورة اسرائيل السوداء