فاروق كنا
الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 00:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التعريف البسيط للديمقراطية:
هي حرفياً «حكم الشعب»، وهي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة، إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين في اقتراع انتخابي لتطوير واستحداث القوانين وتشريعها، لتشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها، والتي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي والاجتماعي والاقتصادي.. إلخ، ومن أهم أسس الديمقراطية الالتزام بالمسؤولية واحترام النظام وترجيح كفة المعرفة على القوة والعنف.
وفي عام 2007 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاحتفال بيوم 15 سبتمبر باعتباره اليوم العالمي للديمقراطية، بهدف تعزيز مبادئ الديمقراطية والتمسك بها، ودعت جميع الدول الأعضاء والمنظمات للاحتفال بهذا اليوم بطريقة مناسبة تساهم في رفع الوعي العام...!
المرصد العراقي لمراقبة الديمقراطية وتزامنا مع هذا اليوم العالمي اقام احتفال خطابي حضره رئيس الوزراء وشارك فيه ممثلين من أحزاب السلطة ووجهاء السياسة والنواب الموقرين كل من له رأسمال او استثمار سياسي آو اقتصادي.
السيد رئيس الوزراء العراقي اعتلى المنصة ليلقي خطاباً تاريخياً بالمناسبة مؤكداً بأن العراق:
- يمثل نموذجاً فريداً بالديمقراطية
- الديمقراطية ترسخت بإرادة العراقيين
- حكومتنا عملت على دعم كل الحريات التي كفلها الدستور
- ولا عودة إلى الوراء
- إذا كان هناك بلد يستحق الاحتفال بيوم الديمقراطية فهو العراق
عشرة دقائق وسبعة صفحات ونصف وأكثر من ألفين كلمة.. للوهلة الأولى لم أشتكِ ولم أعبر عن سخطني ولم أعلق ببذائتي المعهودة فأنا من شعب قليل الوعي والإدراك، والديمقراطية اكبر وأعمق مصطلح
سياسي يمكنني فهمه، ولكن مزاجي تغير وتوقفت عند نقاط فحوى الخطاب وتساءلت هل نحن بهذه السذاجة لنسمع من مّن يمثلنا في اعلى سلطة منتخبة وهو يحدثني واثقاً بأن (العراق يمثل نموذجاً فريدا للديموقراطية) ...؟
بدأ السوداني خطابه بنبش الماضي والحديث عن نظام الصنم والدكتاتورية التي عشناها، واستمر 4 دقائق يعيد نفس الكلام اكثر من مرة ويشرح لنا نصف عمرنا الذي عشناه في ظلام ذلك العهد، حدثنا عن المقابر والسجون والاعتقالات والاغتيالات والسجن الكبير الذي عشنا فيه، وأنا أتساءل أين كان هو وبقية قيادات السلطة الحاكمة في ذاك الزمن القاسي.
انتقل في الحديث عن العراق الجديد فشكر الله وأبناء الشعب وقوات التحالف على احداث التغير، وبدأ يتحدث عن الإنجازات وما حققناه من طفرة في هذا الزمن القياسي، ومدح الدستور والنظام الانتخابي الديمقراطي بهجه العراقيين وعلينا ان تفتخر بكل هذه الإنجازات ….. إلخ
مفهوم الديمقراطية عند السيد السوداني وكل سياسي في الدولة وكل احزاب السلطة خاطئ، الديمقراطية لا تعني الحرية المطلقة في الكلام او النقد او حق كل مواطن للجوء إلى القضاء متى يشاء وضد من يشاء، للنظام الديمقراطي ركائز لا يمكن الاستغناء عنها أهمها نزاهة السلطة المنتخبة، تساوي جميع المواطنين المؤهلين أمام القانون، المساواة في الوصول إلى العمليات التشريعية، ويكون لكل صوت وزن متساوٍ، ولا يمكن تطبيق أي قيود غير معقولة على أي شخص يسعى إلى أن يصبح نائبًا أو مسؤولا في الدولة.
فحرية مواطنيها المؤهلين مضمونة من خلال الحقوق والحريات الشرعية التي عادة ما يحميها الدستور.
وغالبًا ما يتم تحديد المساواة القانونية والحرية السياسية وسيادة القانون على أنها خصائص أساسية للديمقراطية.
والديمقراطية وحدها لا يمكن أن توفر الحرية الشخصية والسياسية ما لم تكن هناك مؤسسات المجتمع المدني موجودة أيضًا وتعمل بحرية.
في العراق تتعرض الأقليات السياسية للاضطهاد من قبل " استبداد الأغلبية ". حكم الأغلبية هو نهج تنافسي، يعارض الديمقراطية التوافقية.
وتتعرض حرية التعبير السياسي عندنا إلى قمع وحسب انتماء الأفراد ويتم معاقبتهم وهذا مناف لحرية التعبير.
السمة الأساسية للديمقراطية هي قدرة جميع الناخبين على المشاركة بحرية كاملة في حياة مجتمعهم. بتأكيدها على مفاهيم العقد الاجتماعي والإرادة الجماعية لجميع الناخبين.
فأين كل هذا من فهم رئيس وزرائنا والأحزاب المتنفذة من لمفهوم الديمقراطية،
وإلى متى سيبقى نظام الصنم الشماعة التي نعلق عليها فشلنا كأمة متكونة من شعب ودولة.
رجاءً، حدثني عن البدائل، حدثني عن آليات التغيير عن برنامج يلائم طموح الجماهير والذي ممكن ان يأخذنا إلى مستقبل افضل، حدثني عن رجال دولة صادقين لهم انتماء حقيقي أياديهم بيضاء باستطاعتهم إنقاذ ما تبقى لنا من ماء وتراب وثروات الوطن، الخطأ التاريخيّ لا يمكن ان يبقى لمئة عام، الجرح العميق الذي تركه لابد ان تشفيه الأجيال ويصبح لا اكثر من بقعة سوداء تختفي بالأمل، والتفاؤل، والعمل، والإصرار. علينا بناء وطن جديد يحتضن الجميع، هذا كله يأتي من خلال التعليم والتثقيف والتوعية، وليس باللطم والعشائرية وحمل السلاح وطمس الحقوق المدنية وقتل الإنسان ونزع حقوق المرأة والكذب والتشهير والتلفيق، وبمجلس شعب دولة فاشل وكل مؤسسة من مؤسساته فاشلة حتى أخمص القدم … حدثني عن كيف نعيد ماضينا وتاريخنا المجيد ولكي نستطيع أن نفتخر على الأقل بحضارة عمرها 7 آلاف عام..
ختاماً الخوض في التعليق او تحليل كلمة السوداني لا يحتاج سوى إلى مواطن عراقي عادي بسيط ليحدثني عن حاله، عن العيش الكريم عن أحلام تراوده عن وضعه الصحي، عن أطفاله وعن مستوى تعليمهم لا غير من ذلك.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟