أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد أحمد الزبيدي - الخوارج هم فئة إسلامية نشأت في عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب















المزيد.....

الخوارج هم فئة إسلامية نشأت في عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب


محمد أحمد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1835 - 2007 / 2 / 23 - 10:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


. وقد خرجوا عنه، بحجة أنه لم يكن حازماً في صراعه مع معاوية، وأنه قَبِلَ نتائج التحكيم الذي جرى باقتراح من عمرو بن العاص أثناء وقعة صفين. لقد أعلن الخوارج رفضهم للتحكيم، رغم أنهم في البداية هم من ضغط على علي باتجاه قبوله. وعندما لم تكن نتائج التحكيم لصالح علي، فقد حدث انقسام كبير في صفوفه، وخرج جزء من أنصاره عليه. لذلك سموا بالخوارج. وقد بلغ عددهم حسب المصادر التاريخية نحو 12000 شخص. وبعد خروجهم، أعلنوا موقفهم السياسي الذي يتلخص في النضال ضد علي من جهة، وضد الدولة الأموية من جهة ثانية. وقد جرى الصدام الكبير بينهم وبين علي، في موقعة ثانية، اسمها موقعة النهروان. وقد تغلب عليهم علي بالضربة القاضية. وكانت نتيجة ذلك، أن وضعوا خطة لاغتيال علي ومعاوية وعمرو بن العاص. إلا أن محاولتهم هذه فشلت مع معاوية وعمرو بينما نجحت مع علي، فقد استطاع الخارجي عبد الرحمن بن ملجم اغتياله وهو في الجامع. وبالتالي فقد استتبت الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان بعد اتفاقه مع الحسن بن علي على ذلك.
بعد هزيمة الخوارج على يد علي، بدؤوا ينشطون بإطار سري خوفاً من الاضطهاد. واستطاعوا وضع برنامج لهم يمكن تلخيصه بما يلي:
1ـ الخلافة لا تورَّث. وهم بذلك وقفوا على طرفي نقيض مع الدولة الأموية التي هي أول من سار في طريق التوريث. ومع الاتجاه الذي يقول بحصر الخلافة بآل رسول الله فقط.
2ـ أن أي مسلم يمكن أن يكون خليفة بصرف النظر عن جنسيته وعن منبته الاجتماعي، حتى ولو كان عبداً محرراً، أو أسيراً محرراً، إذا توفرت لديه السمات التي هي: الصدق والأمانة، والالتزام بالدين الحنيف التزاماً صارم، وأن يكون محترماً وعادلاً....إلخ.
3ـ الشورى. أي أن يتم انتخاب الخليفة. وبذلك كرسوا مبدأً ديمقراطياً في شؤونهم الداخلية.
هذه هي المبادئ العامة التي تجمعوا حولها. وكان أول خليفة لهم هو ابن وهب الذي قتل في معركة النهروان التي ذكرناها أعلاه عام 658 ميلادية. وهكذا انتهت المرحلة الأولى من تاريخ حركة الخوارج.
بعد معركة النهروان ومقتل خليفتهم ابن وهب، استطاع الخوارج أن يقوموا بعدد من الانتفاضات في مختلف أنحاء الدولة الأموية. وقد استطاعوا أيضاً إحراز العديد من الانتصارات على الجيوش الأموية. ونتيجة هذه الانتصارات، بدأت أعدادهم تكبر وتزيد. إلا أن الدولة الأموية، استطاعت فيما بعد أن تقمع هذه الانتفاضات بقسوة بالغة، وألحقت بهم هزائم مريرة. وقد كان لفشل الخوارج في هذه الانتفاضات، الأثر السلبي الكبير على تطور حركتهم، إذ أدى ذلك إلى حدوث انقسامات في صفوفهم، وبدأ يتطور اتجاه معتدل لديهم، إذ توجهوا لاحقاً باتجاه القيام بتسوية سياسية مع السلطات القائمة آنذاك. وقد سمي أنصار هذا الاتجاه بالإباضية، أو فرقة الإباضيين. وفي منتصف القرن الثامن ميلادي، قام الإباضيون بانتفاضة في قلب شبه الجزيرة العربية، وتقهقروا تحت ضغط جيوش عبد الملك بن مروان باتجاه الجنوب، وخصوصاً إلى منطقة عُمان. فأقاموا دولتهم هناك (سكان سلطنة عُمان حالياً هم من الخوارج الإباضيين). وخلال فترة طويلة من الزمن، كان الأباضيون ينتخبون خليفتهم انتخاباً، وقد فشلت جميع المحاولات التي كانت تجري من أجل إحداث تغيير في هذا النهج، بهدف تثبيت التوريث. أما التوريث الحالي في سلطنة عُمان، فهو حديث العهد وليس قديما جداً.
في هذا السياق، لا بد من القول إن جزءاً من الإباضيين قد هاجر إلى شمال إفريقيا(المغرب العربي) حيث أنشأ هذا الجزء، إماميةً هناك، في أواخر القرن الثامن. وقد سقطت هذه الإمامية في عام 900 ميلادي، على يد الجيوش الفاطمية التي كانت تتجه لإنشاء دولتها الخاصة في سياق زحفها إلى مصر. ولا يزال أنصار الإباضيين الخوارج إلى الآن، يشكلون أقلية دينية مؤثرة في عدد من بلدان المغرب العربي. أما القسم الآخر من الخوارج، فقد أطلق عليهم اسم الأزارقة. ومن حيث الجوهر، فإن هذا التيار، كان معادياً لنهج الاعتدال الذي مثله الإباضيون، وهو اتجاه متطرف، كان يدعو إلى نضال لا هوادة فيه ضد الدولة الأموية. وفي سياق هذا النضال، استطاعوا أن يحققوا العديد من الانتصارات. إلا أنهم في خاتمة المطاف، مُنُوا بهزيمة ماحقة، ما أدى إلى اندثارهم لاحقاً. ويمكن القول، إن أحد الأسباب العميقة لهذه الهزيمة، يعود إلى الاتجاه الانعزالي الذي اتخذته قيادتهم، وخصوصاً فيما يتعلق باعتبار أن كل من يخالفهم الرأي، هو عدو لهم. وهذا أدى إلى تقلص قاعدتهم الاجتماعية، ورفْض الكثير من المسلمين مشاركتهم في تلك الانتفاضات، مما سهل على السلطة الحاكمة آنذاك، توجيه ضربة قاصمة لهم، وبالتالي انتهاء هذا التيار واختفائه عن الساحة.
وفي القرن السابع الميلادي أيضاً، تشكلت فرقة أخرى من الخوارج، سميت بالأصافرة. وهذه كانت أكثر اعتدالاً من الأزارقة، فهي أجازت المناورة إذا تطلب الأمر ذلك. وقد تراجعوا مؤقتاً عن تكتيك الجهاد من أجل إسقاط السلطة، ورأوا أن الجهاد، يجب أن تتوفر له المقومات كي يسيروا بخطا ناجحة. كما أنهم لم يكونوا ضد إخفاء الاعتقاد إذا اقتضت الضرورة ذلك، متبعين في هذا ما أطلق عليه اسم التقيّة. إن هذا النهج المعتدل لهذه الفرقة، قد أدى بها إلى التقارب أكثر فأكثر مع فرقة الإباضيين. وقد هاجر القسم الأكبر من هذه الفرقة، إلى شمال إفريقيا، وعملوا بنشاط مع شركائهم الإباضيين، لبناء مجتمعهم الخاص بهم هناك.
إن أبرز ما قدمه إيديولوجيو الخوارج، يتلخص بما يلي:
1ـ ضرورة اقتران الإيمان بالعمل. وحسب رأيهم، فلا أهمية للإيمان أبداً إذا لم يكن عمل الإنسان منسجماً تمام الانسجام مع هذا الإيمان. وقد بلغ بهم الأمر حد الانسجام الحرفي، لدرجة أن أي مخالفة مهما كانت بسيطة، تضع هذا الإنسان أو ذاك، خارج الإطار الإسلامي ككل.
2ـ لقد وقف الخوارج بصرامة ضد ظاهرات البذخ والفساد واللهو، التي كانت سائدة في ذلك الوقت لدى الأوساط الحاكمة. ويعكس هذا الموقف الصارم من هذه الأشياء، عملية احتجاجية ضد النظام القائم. إلا أن اكتساب هذا الموقف طابعاً حرفياً، قد أدى بهم إلى ارتكاب أخطاء كبيرة، لعبت دوراً سلبياً في تطور الثقافة عموماً، كالوقوف مثلاً، ضد الموسيقا والرسم والتصوير والنحت وغيرها، إذ جعلتها على مستوى واحد مع الكبائر الأخرى، كالربا والميسر وشرب الخمر.
3ـ لقد كان موقف الخوارج في حياتهم الداخلية، ذا طابع ديمقراطي. فالخليفة لديهم هو منتخب، يحوز على ثقة المنتخبين، لايعيَّن ولا يورَّث، ولا يورِّث. وهذا تقليد ديمقراطي إيجابي هام في تاريخ الفكر الديمقراطي العربي الإسلامي. بيد أن اقتصاره على حياة الخوارج الداخلية فقط، وعدم إسقاطه مجتمعياً، قد أفقد هذه التجربة الهامة انتشاراً واسعاً في أوساط المجتمع. وبالتالي، بقي هذا التقليد محصوراً في إطار ضيق لم يتعداه.
4ـ إن الفكر الخارجي كان فكراً محدوداً. بمعنى أنه في علاقته مع المجتمع، رفض رفضاً باتاً التنوع. وعدَّ من يخالفه، أو لا يشاركه الرأي، عدواً له. وهذا ما أدى إلى تقليص القاعدة الاجتماعية لهذه الحركة، وتقليص إمكانيتها فيما يتعلق بإقامة تحالفات، أو بوجود حلفاء لها. وهذا أدى بنتيجة المطاف، إلى تسهيل توجيه ضربة قاصمة لها، وإلحاق الهزيمة بها.
5ـ نتيجة بنيتهم الفكرية تلك، التي تكلمنا عنها، لم يكن أيضاً لدى الخوارج إمكانية تحديد من يجب توجيه الجهود ضده في مرحلة محدودة، والتعاون معه في مرحلة أخرى. كان الجميع ممن يخالفهم الرأي أعداء. وهذا أدى إلى أن قوى المعارضة الإسلامية السياسية المتعددة، القائمة آنذاك، لم تكن موحدة، فاستطاعت السلطة استدراج كل قوة على حدة، وتصفيتها.
6ـ كان الخوارج مشبعين بحلم بناء دولة العدالة التي لم تكن هناك إمكانية لنجاحها مطلقاً. بيد أن هذا الحلم، كان يعبر عن رغبة عميقة لدى الجماهير الفقيرة بالعدالة الاجتماعية، وخصوصاً الجماهير الشعبية المهمشة الأكثر فقراً وعمادها الفلاحون الفقراء، الذين كانوا يخضعون لعملية استغلال لا حدود لها. إلا أن موقف الخوارج من مسألة الملكية، لم يكن حاسمًا كما كان الأمر مثلاً، بالنسبة للقرامطة. أي أنهم لم يتخذوا موقفاً معادياً للملكية الخاصة. وهذا أيضًا كان يعكس طموح الفلاح المعدم إلى تملك الأرض، لأنه كان يرى في تملكه للأرض، خلاصاً من استثمار المالك، وحريةً يمكن أن يمتلكها أيضاً.
لكننا، لا نستطيع أن نلوم حركة الخوارج على ما قدمته من أفكار، لأن من يدرس خصائص التطور المجتمعي في ذلك العصر الذي نشؤوا فيه، فلا بد أن يصل إلى قناعة عميقة بأن الصراع الاجتماعي الذي كان قائماً آنذاك، كان من الحدة بشكل، أنه لم يكن ليسمح إلا بأفكار حادة على هذا الشكل. وهذا يعطي الخوارج التبريرات التاريخية لهم. ومع ذلك، يبقى للخوارج مأثرة تاريخية أيضاً. فهم من الأوائل الذين طرحوا فكرة الانتخاب للحاكم. وبالتالي وضعوا لبنة جنينية لتطور الفكر الديمقراطي للحركة الإسلامية، ورفضوا توريث الحاكم. مكرسين بذلك التقاليد الشعبية للحركة الإسلامية التي كان عمادها في الأساس، ليس أثرياء المسلمين إطلاقاً، وإنما فقراؤهم، مثل بلال الحبشي وأبو ذر الغفاري.... وغيرهما. وتبقى صفحة الخوارج جزءاً من الكثير من صفحات التاريخ الإسلامي التي يجب إضاءتها بكثير من الموضوعية، في سياق الفهم التاريخي لها. وليس من خلال إعطاء أحكام جاهزة عليها، كما أراد بذلك أعداؤها اللاحقون.



#محمد_أحمد_الزبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- منهم آل الشيخ والفوزان.. بيان موقّع حول حكم أداء الحج لمن لم ...
- عربيا.. من أي الدول تقدّم أكثر طالبي الهجرة إلى أمريكا بـ202 ...
- كيف قلبت الحراكات الطلابية موازين سياسات الدول عبر التاريخ؟ ...
- رفح ... لماذا ينزعج الجميع من تقارير اجتياح المدينة الحدودية ...
- تضرر ناقلة نفط إثر هجوم شنّه الحوثيون عليها في البحر الأحمر ...
- -حزب الله- اللبناني يعلن مقتل أحد عناصره
- معمر أمريكي يبوح بأسرار العمر الطويل
- مقتل مدني بقصف إسرائيلي على بلدة جنوبي لبنان (فيديو+صور)
- صحيفة ألمانية تكشف سبب فشل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكراني ...
- ما عجز عنه البشر فعله الذكاء الاصطناعي.. العثور على قبر أفلا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد أحمد الزبيدي - الخوارج هم فئة إسلامية نشأت في عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب