|
لماذا الأماكن التي انتشرت بها المسيحية لم تبقى أديان أخرى كانت قبلها
خلدون فيلبس نصير
الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 12:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
رغم أن هذا غير صحيح ربما فقط في أوروبا لكن في الهلال الخصيب ومصر وشمال أفريقيا بقيت و استمرت الكثير من الأديان إلا في مراحل متشددة في بداية انهيار روما وضعف بيزنطة ، في حين أن المسيحة الشرقية غير الهيلينية التي انتشرت في آسيا و كان أتباعها يفوق عدد أتباع المسيحية الهيلينية بفرعيها الارثوذوكسية و الكاثوليكية كانت تعيش مع تنوع ديني عظيم مع شعوب الرافدين و فارس و الهند ووسط آسيا و الصين وكوريا وجنوب شرق آسيا ..........
تهمة توجه للمسيحية بأنها في الأماكن التي انتشرت بها لم تبقى أديان أخرى مما يدل على أنها غير متسامحة دينيا وقهرت الأديان الأخرى وأزالتها بالحسنى أو بالقسوة بالتبشير أو التهديد أو التنكيل ن أن أديان أخرى مثل البوذية والهندوسية بل حتى الإسلام واليهودية رغم عنصريتهما سمحوا بوجود غيرهم وحتى الأديان التي توصف بالوثنية أو المتوحشة للفايكنغ و الجرمان والسلت ........ حسنا لنفحص هذا وخصوصا أن هذا الادعاء هو ماتبقى تقريبا بعد تفنيد العقيدة والتاريخ للمسيحية عبر مسيرة تاريخية من النقد القاسي جدا جدا جدا و المركز جدا جدا جدا منذ انطلاق عصر النهضة إلى اليوم أي حوالي أكثر من 500 سنة هذا لم يخضع له أي دين في العالم ولا يقترب منه بنسبة واحد بالألف حتى علما أن الديانة اليهودية نقدت بنفس الدرجة بحكم التصاقها بالمسيحية من خلال أسفار التناخ التي فرضها قسطنطين لتكون ضمن الكتاب المقدس المسيحي باسم العهد القديم بجانب الأناجيل القانونية الأربعة ومجموعة من أعمال الرسل الحواريين للمسيح التي سميت معا العهد الجديد مستغلا (قسطنطين) ثغرة مؤولة من عبارة للمسيح في عظة الجبل التي هي العمود الفقري و النقطة المرجعية الأساس الجامعة المركزة لعقيدة وتعاليم المسيح وهي (ما أتيت لأنقض الناموس بل لأتمه ......) رغم أنه وفي نفس عظة الجبل كان واضحا سمعتم أن قيل للأولين ..... أما أنا فأقول لكم فقد ألغى المسيح الشريعة اليهودية القاسية العنصرية الكارهة و المنجسة لكل ماهو خارج الشعب اليهودي المختار من يهوه وبشهادة و احتجاج عظماء كهنة وفلاسفة اليهود بما فيهم موسى بن ميمون واتهم بأن تعاليمه هرطقات يونانية نجسة وأن المسيح أشأم من أضر باليهودية و أكثرهم شرا عليها (طبعا فقد نزعت عنهم صفة شعب يهوه المختار وساوتهم مع بقية البشر فخسروا هذه الميزة العنصرية على يد تعاليم المسيح) وهناك تأكيد على هذه النقطة من فيورباخ أحد عمالقة عظماء فلسفة اليسار الهيغلي المناهضة للدين إلى جانب ماركس و أنجلز وذلك في كتابه أصل الدين الذي توصل لقناعة تامة أن المسيح شخصية خيالية محضة وإسقاط من بولس الرسول لشخصية وتعاليم سينيكا الرواقي على شخصيا المسيا المنتظر و المشار لصفاته في سفر أشعيا في التناخ اليهودي وطبعا ثبت خطؤه تاريخيا بأن المسيح شخص تاريخي حقيقي حاكمه بيلاطس بضغط من مجمع أحبار اليهود لاتهامه بالتجديف رغم أنه لم يكن مذنبا حسب القانون الروماني لكن المجمع هدده بالشكوى للمبراطور فكان بحركة دبلوماسية ذكية غسل أيديه من دمه وأمر بصلبه بناء على طلب المجمع لمخالفة المسيح لشرائع اليهودية فالرومان كانوا قساة ولكن غير فاسدين وكان يخشى من محاسبة مجلس الشيوخ و الامبراطور إن أصدر حكما غير قانوني أو أنه نفذ أمرا لم يدينه القانون فالقانون ركن خطير لا يجوز المساس به في روما فالواضح و الجلي أن قسطنطين الذي لم يكن مسيحيا ولم يعتنقها إلا في الساعات الأخيرة قبل موته فقد كان قبلها مانويا لكن كماهي شخصية مؤسسي الامبراطوريات وبناتها كانوا لادينيين لا أدريين و الدين بالنسبة لهم أداة ضبط اجتماعي فالمانوية والمسيحية بقيمهما الأخلاقية الرافضة للعنف تماما و التي توصل الغالبية العظمى من الاختصاصيين في العلوم الانسانية في الفلسفة والتاريخ والقانون والأخلاق و السياسة والدين ......أن هاتين العقيدتين جمعت ولخصت ثقافة منطقة العالم القديم كلها التي سيطرت عليها الثقافة الهيلنستية في الامبراطوريتين الرومانية والفارسية في الرافدين وسورية التاريخية ومصر وفارس وآسية الصغرى و اليونان فقد وجدها قسطنطين أداة إصلاح اجتماعي و أخلاقي و إداري وقانوني ........ مثالية لإعادة بناء داخلي جامع في الامبراطورية الرومانية المقسمة لأربعة أجزاء يحكم كل منها امبراطور لتصبح بيد قسطنطين أداة يوحد فيها مجتمعات الامبراطورية من جديد تحت حكمه فقط كامبراطور واحد لكن المعضلة التي أرقته ولا تتيحه الديانتين له هو تشريع العنف كجيش وحكم هذا مستحيل مع المسيحية و المانوية ويعلم نتائجه لاحقا على قوة وعدوانية الامبراطورية عسكريا كماحصل لأعظم امبراطور هندي أشوكا الجبار الذي كان قائدا عسكريا جبارا لكنه أدرك أن حملاته العسكرية وانتصاراته خلفت آلاما فظيعة داخل امبراطوريته فعالجها بإقرار البوذية دينا مصلحا للمجتمع فبنى نهضة انسانية وعلمية وحضارية لا مثيل لها بالهند لكنه أضعف روحها العسكرية مما مكن الغزاة منها بعد وفاته بمدة زمنية فماكان حل قسطنطين كان الحل هذه الثغرة التي وجدها مستشاروه المحنكون القابلة لتدويرها تأويلها مع بعض المهارة بإقحام التناخ وتشريعاته العنيفة لتقدم شرعية للعنف كان يحتاجها فحسم الأمر للمسيحية شرط أن يحرص على هذا التعديل في المجامع المقدسة التي أقامها رغم أنه لم يكن مسيحي لقد كانت اليهودية في قلب المسيحية حالها من حال الملكية في قلب دولة بريطانيا العظمى ملك رمز فقط لا يحكم ولا يملك يفخمونه وينحنون له ويلبسونه تاج ويحملوه صولجان ويستعرضون أمامه بعدها يذهب ويجلس في قصره لا يقرر شيئا ولا يحق له التصرف بأملاكهو لا سلطة له على شيء و القرار بيد البرلمان و الحكومة ومؤسسات الدولة و المجتمع نصل ومن خلال هذا أن المسيحية وكما وصفها خبراء العلوم الانسانية هي و المانوية أنهما العقيدتين اللتين جمعت ولخصت ثقافة منطقة العالم القديم كلها التي سيطرت عليها الثقافة الهيلنستية في الامبراطوريتين الرومانية والفارسية في الرافدين وسورية التاريخية ومصر وفارس وآسية الصغرى و اليونان 1. فستجد ضمنا فيها الرواقية و الأفلاطونية وفلسفة اليونان ...........وستجد هرقل الجبار في شمشون والآب في زيوس ....... 2. ستجد فيها ضمنا الفرعونية وقيمها عن البعث و الثالوث وقيامة أوزوريس إله الحياة و انتصاره على إله الشر ست ودور إيزيس و المحاسبة بعد الموت .......... 3. ستجد فيها ضمنا آلهة الرافدين وتموز وعشتار و البعث و الحساب وطوفان نوح وقصص كثيرة أخذها التناخ من بلاد الرافدين ........ 4. ستجد فيها حضارة سوريا القديمة في أودونيس الذي قتل وقام بعد ثلاثة أيام ......... بل إسقاط لقديسن مسيحيين على آلهات مثل إسقاط شخصية القديس جورجيوس على شخصية الإله قدموس الذي قتل التنين الذي كان سبب عطش القرى ويلقب بالقديس سريع الندهة لينقذ من يستنجد به مثل الإله قدموس ................. 5. وستجد إسقاط لشخصيات أساطير الأديان المختلفة من خلالها فستجد أودين في الآب وثور في مركب بين المسيح وشمشون 6. وستجد آلهة الأرض و الخصب للمايا و الإنكا في السيدة العذراء بل في صلب المسيح كفارة دائمة مدفوعة لم يعد بعدها المايا بحاجة لأضاحي بشرية دموية للآلهة ........ 7. وستجد ضمنا فيها المسيح كبوذا وكريشنا فالبوذيون سموه بوذا المحبة كما سموا ماني بوذا النور ........ 8. حتى الممارسات الطقسية التي ارتبطت بالأديان لحاجات معيشية مضمن في المسيحية ولم تخسرها المجتمعات فأعياد الربيع ومايسبقها في الديانات للهلال الخصيب ومصر مثل صيام ال50 يوم قبل عيد القيامة كانت موجودة قبل المسيحية وكانت حاجة طورتها المجتمعات لتيح حيواناتها الداجنة فترة الحمل و الاباضة وتنشئة أطفالها حيث الصوم يمنع تناول أي منتج حيواني ونفس الأمر صيام ال40 يوم قبل عيد الميلاد لزيادة قدرة المواشي و لتخزين المؤمن قبل الشتاء و الذي يبدأ تقريبا مع بداية عيد ميلاد المسيح وصيام عيد رقاد السيدة قبل نهاية الصيف لمدة 15 يوم تهيئة لبداية الخريف بل حتى صيام يومين من الاسبوع الغرض منه منح الحيوانات الداجنة استراحة وغير ذلك الكثير من الممارسات الطقسية الدينية قبل المسيحية التي تبنتها المسيحية ولم تحرم اتباعها الجدد منها 9. وقس على ذلك في كل مكان لقد قدمت المسيحية نفسها كبديل محبب و أسهل و ألطف مع حفظ تقريبي معدل لثقافات كل منطقة الذي مكن المسيحية مع مقدار التعاطف التي تمنحه خصوصا للمتألمين حل عظيم وملجأ راحة وعزاء و إحساس بأب وأم لطفاء يحنون عليهم ويقبلون بهم دائما يرجعون ليبكوا بأحضانهم كأطفال 10. فالمسيحية وبسبب دخول اليهودية فيه كان هناك فرصة لفرضها بالعنف خصوصا على يد شرلمان و أمراء آخرون في بريطانيا إضافة لبعض رجال الكنيسة العنيفون وحتى في الأمريكتين على يد الاسبان والبرتغال لكن حجم الموت الذي أصاب الهنود كان أمراض الحصبة والطاعون والانفلونزا التي لم يكن لأجسامهم مناعة ضدها وليست لهولوكوست تم تضخيم حجمه كثيرا من مفكري عصر النهضة بل انتشار المسيحية وثقافتها كانت تدريجية بهدوء فانتشارهم الواسع واختفاء بقية الأديان بغالبية عظمى كانت بسبب هذه الميزة المرنة فأصحاب الديانات الأخرى لم يخسروا ثقافتهم بل حافظوا عليها وأضافوا تعاطفا فيها وهذه الميزة نشرت المسيحية الشرقية في آسيا حتى كوريا والصين والهند ومنغوليا ووسط آسيا وكان عدد أتباعها يفوق عدد أتباع المسيحية الهيلينية الأرثوذوكسية و الكاثوليكية مجتمعتين والتي انتشرت في بعض الحالات بالعنف
فالمسيحية فلسفة أخلاقية دينية بلا طقوس وتتوجه للفرد لا للمجتمع مثل البوذية والمانوية تتطابق كثيرا مع فلسفات يونانية اهمها الرواقية التي جعلت فيورباخ يعتقد ان المسيح هو نفسه سينيكا الرواقي بإسقاط من بولس وهذا جعلها ببساطة قابلة لتقبل طقوس وإسقاطات لشخصيات ذات ترث ديني شعبي للمجتمعات التي اعتنقتها فهي لم تتخلى عن ثقافاتها القديمة بل تخلصت ماهو مزعج فيها مثل الأضاحي الدموية و التمييز بين البشر عنصريا أو ماديا أو........... فالرب بالمسيحية أب محب يقبل أولاده دائما ويسامحهم ويساعدهم ويريد صلاحهم يحبهم دون شروط ومريم أم محبة بنفس الصفات تخاف على أولادها كابنها الاله وتحضنهم وتحميهم وتتشفع لهم حين يخطؤون وتترجى وتتوسل لهم كي لا يعاقبوا ويعطوا فرصة للتوبة والصلاح كأي أم ترتاح إن مس أولادها أي شيء وهذا يغري البشر خصوصا الفقراء و المثقفين والطبقة المتوسطة بل حتى الاثرياء من جانبهم الانساني الطفولي البحت الذي يبحث عن العزاء و التعاطف و الحب غير المشروط والاحساس بالامان و الحماية لهذا الطفل الذي يقبع في داخلنا ويحكم لا وعينا .
#خلدون_فيلبس_نصير (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سبب الظلامية المزعومة عن العصور الوسطى في أوروبا هو المسي
...
-
الربط العضوي بين الديمقراطية الليبرالية بكل عظمتها مع فاشية
...
المزيد.....
-
الرئيس الإيراني: على الدول الإسلامية إدانة جرائم الكيان الصه
...
-
دعوى ضد مسؤولة أممية بعد اتهامها منظمات مسيحية بتمويل -الإبا
...
-
قائد الثورة الاسلامية يمنح عفوًا ويصادق على تخفيف عقوبات للم
...
-
خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة toyour el-janh kides tv ..
...
-
جائزة المصطفى (ص) لعام 2025 تُمنح لثلاثة علماء من نخبة العال
...
-
مصطفى العقاد.. مخرج حمل رسالة الإسلام إلى هوليود
-
قائد الثورة الاسلامية يجيز بصف جزء من اموال الخمس لأهلي غزة
...
-
-الإسلامية المسيحية- تدين قيام بلدية الاحتلال بتغيير التسمية
...
-
عراقجي: الوحدة الإسلامية اليوم واجب ديني وضرورة حتمية
-
الإسلاميون والمرأة.. لماذا كل هذا الهوس؟
المزيد.....
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
المزيد.....
|