عبد الرحيم العمراني
الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 19:55
المحور:
الادب والفن
لم أكن أعلم أن شهراً واحدًا كفيلٌ بأن يقلب كل موازين حياتي. ديسمبر... لم يكن يشبه أي شهر مضى. لم يكن بارداً كما توقعت، بل كان حارقًا من الداخل. في ذلك الشهر تحديدًا، بدأ كل شيء. فكرة صغيرة، عابرة، تسللت إلى رأسي كهمسة، ثم تحوّلت إلى وسواس لا يفارقني. لم أكن مريضًا، لكنني شعرت كأن شيئًا في داخلي انكسر دون صوت. ومن هناك، بدأت الحكاية..."
كان ذلك في ليالي ديسمبر الباردة، حين كنتُ في التاسعة عشرة من عمري. كنت أرى نفسي شابًا ذكيًا، مجتهدًا، طموحًا، يملؤني الأمل ويغمرني اليقين. كانت أحلامي تلمع في سماء روحي كالنجوم، تضيء طريقي وتدفعني إلى المضي قدمًا بثبات. سرتُ في الحياة بعزيمة لا تلين، وأخلاق غرستها في نفسي تربية طيبة من الله. كنت محبوبًا بين أفراد قريتي، قدوةً لمن حولي، مثالًا يحتذى به بين الأطفال والكبار، بفضل تواضعي وقلبي الذي لم يعرف الحقد يومًا.
لطالما حلمت بأن أصبح أستاذًا ناجحًا، معروفًا بجهدي وإخلاصي، كنت أؤمن بأن لا شيء مستحيل أمام الإرادة. لذلك أردد دائمًا: " سأكون يومًا ما أريد."
أبدأ يومي باكرًا، بروحٍ عالية، أدرس بجدّ، وأسعى نحو القمة دون أن أرضى بأقل من المراكز الأولى.
إلى أن جاء ذلك الصباح... استيقظت كعادتي، البسمة تملأ وجهي، تناولت فطوري، وحملتُ كتابي متجهًا إلى مكاني المفضل، دون أن أعلم أن ذلك اليوم سيقلب عالمي رأسًا على عقب.
وفي طريقي، التقيت بامرأة عجوز، ألقت عليّ تحية السلام، قبلتُ يدها باحترام، وتبادلنا أطراف الحديث.
لكنني لم أكن أعلم أن جملةً بسيطة من فمها، ستزرع في داخلي خوفًا عميقًا... وتفتح بابًا لم أكن مستعدًا لعبوره.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟