أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريهام أحمد رشاد - الخلل العقلي يتوج أحد عروض مهرجان المسرح التجريبي 2025














المزيد.....

الخلل العقلي يتوج أحد عروض مهرجان المسرح التجريبي 2025


ريهام أحمد رشاد

الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 19:58
المحور: الادب والفن
    


بقلم دكتورة ريهام أحمد رشاد المدرس بقسم علوم المسرح بكلية الآداب بجامعة حلوان.

عندما يمزج مخرج من رومانيا تيمة "الخلل العقلي" بالرقص، فإن ذلك يدفع المتلقي إلى العودة لجذور الرقص في الحضارة الرومانية، التي كان الرقص فيها عنصرًا أساسيًا في حياة الشعب. فقد ارتبط بالمناسبات الاجتماعية مثل حفلات الزفاف حيث عُرف بـ "رقص الفرح"، كما ارتبط بالطقوس الدينية والرقص العسكري أثناء تدريب الجنود قبل الحروب.
"Moments of Awareness" Florian Oros" هي مخرجة عرض رومانيا على مسرح الجمهورية في مهرجان المسرح التجريبي لعام 2025، بدا واضحًا – بعد نقاش مثمر معها – أن الفرقة في الأصل فرقة راقصة تُدعى "ميكروبيس"، تهتم بإحياء الثقافة والرقص الروماني، لذا كان المزج بين الدراما والرقص وسيلة مثالية لتقديم التيمة عبر أجساد الممثلين الراقصين.
دارت أحداث العرض حول 12 شخصية تعاني من خلل عقلي وصدمات نفسية عنيفة، عبّروا عنها بحركات جسدية راقصة دون أي حوار درامي، ليصبح الجسد هو الأداة الوحيدة للكشف عن مكنونات النفس البشرية. وتمكّن العرض من تجسيد معاناة المصاب بالخلل العقلي عبر حركات دائرية متكررة للراقصين، في إشارة إلى لانهائية العبء النفسي وعجز الشخصيات عن الهروب من مشكلاتهم. وقدمت المخرجة مشهدًا مؤثرًا لولادة إحدى الشخصيات لطفل جديد ينضم إلى هذا العالم البائس، ثم راحت الراقصة تتمايل بجسدها يمينًا ويسارًا بحركات غاضبة وسريعة لتعبر عن رفضها لإنجاب طفل إلى حياة تعيسة أبدية، وهو ما أكدته تعبيرات الوجه البائسة والصراخ منذ بداية العرض.

كما عززت عناصر العرض المسرحي هذه التيمة بوضوح؛ فقد عكست حالة الرفض والصدمة من خلال المكياج الموحد لوجوه الشخصيات، حيث الهالات السوداء أسفل الأعين والبشرة الشاحبة والعيون الخالية من الشغف، إضافة إلى الشعر المستعار الطويل والفوضوي الذي بدا كأنه يروي معاناة أصحابه. وكان للقناع دور محوري في العرض؛ إذ ارتدت الشخصيات أقنعة بيضاء خلف الرأس، بدت حزينة ورافضة، وكأنها ثائرة على وظيفتها الأصلية المتمثلة في إخفاء الوجه. وجاءت الأزياء لتعكس بوضوح أن هذه الشخصيات ما هي إلا مرضى بمستشفى للأمراض العقلية، بأكمام طويلة وموحدة للشخصيات كافة، رجالًا ونساءً، بحيث بدا الأمر وكأننا أمام شخصية واحدة تتكرر في مواقف مختلفة. وتكامل هذا مع الإضاءة المتنوعة بين الأحمر والأبيض والأصفر والأخضر، لتعكس تضارب المشاعر وخللها.
أما خشبة المسرح فجاءت فارغة تمامًا، بخلفية سوداء توحي بفراغ دامس، تحت رحمة شخصيات هائمة بلا أمل ولا روح، تعاني فقط من آلام الجنون. وفي الخلفية صدحت أغنية للمغنية ماريا تناسي بعنوان "من يحب ويرحل"، متكررة اللازمة "من يحب ويرحل عاقبه الله"، لتختصر مزيجًا من آلام الحب والفقد والرحيل، وصراع الإنسان مع ضميره وخوفه من العقاب الإلهي، وهو ما انسجم مع مشاعر العرض المتخبطة.
ليخرج المتلقي وكأنه يشاهد مزيجًا من مشاهد متقطعة وتكوينات جسدية متتابعة، أشبه بصور من العقل الباطن أو حلم تعبيري يرهق صاحبه بتناقضات المشاعر. هكذا توّج العرض جسد الممثل على حساب الحوار الدرامي، ليضعنا في مواجهة مباشرة مع روح مسرح الصورة الأوروبي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث الثورة على النص وتلاشي الكلمة أمام الجسد والصورة المسرحية.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- خدعوك فقالوا: الهوس بالعمل طريقك الوحيد للنجاح
- بـ24 دقيقة من التصفيق الحار.. -صوت هند رجب- لمخرجة تونسية يه ...
- تصفيق حار استمر لـ 14 دقيقة بعد انتهاء عرض فيلم -صوت هند رجب ...
- -ينعاد عليكم- فيلم عن الكذب في مجتمع تبدو فيه الحقيقة وجهة ن ...
- رشحته تونس للأوسكار.. فيلم -صوت هند رجب- يخطف القلوب في مهرج ...
- تصفيق 22 دقيقة لفيلم يجسد مأساة غزة.. -صوت هند رجب- يهزّ فين ...
- -اليوم صرتُ أبي- للأردني محمد العزام.. حين تتحوّل الأبوة إلى ...
- للصلاة.. الفنان المعتزل أدهم نابلسي في معرض دمشق الدولي
- تمثال الأسد المجنح في البندقية.. -صُنع في الصين-؟
- توسلات طفلة حوصرت تحت القصف الإسرائيلي بغزة في فيلم -صوت هند ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريهام أحمد رشاد - الخلل العقلي يتوج أحد عروض مهرجان المسرح التجريبي 2025