|
ما الذي تعنيه قمة ألاسكا
آلان وودز
(Alan Woods)
الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 09:24
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لقد أحدثت الأنباء القادمة من ألاسكا صدمة في جميع العواصم الأوروبية. ولا أقصد هنا المواطنين العاديين، بل تلك النخبة الخاصة من الحكماء الذين يُطلقون على أنفسهم لقب “قادتنا”.
مستوى الدعاية التي تبثها وسائل الإعلام يتجاوز أي شيء سبق لي أن شهدته، أو آمل أن أشهده.
وصل سيل الإدانة إلى مستويات صادمة. ومستوى الهستيريا التي أثارها هذا الحدث يعكس بوضوحٍ مدى الإحباط غير العادي لدى من نصبوا أنفسهم “قادة العالم الحر”، الذين يغرقون في نوبة غضب عنيفة مثل طفل مدلل تم حرمانه من لعبته المفضلة.
قبل أسبوعٍ واحد فقط، كان هؤلاء القادة أنفسهم يهنئون أنفسهم معتقدين أنهم أقنعوا رئيس الولايات المتحدة بشن موجة جديدة مدمرة من العقوبات التي تهدف إلى تدمير الاقتصاد الروسي تدميرا كاملا وتقويض حرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا بشكل نهائي.
أفادت صحيفة نيويورك تايمز بنبرة غاضبة:
“كان وقف إطلاق النار الذي تخلى عنه السيد ترامب في ألاسكا بالغ الأهمية بالنسبة له الشهر الماضي لدرجة أنه هدد بفرض عقوبات اقتصادية صارمة جديدة إذا لم توقف روسيا الحرب في غضون 50 يوما. ثم قدم الموعد النهائي إلى الجمعة الماضية. والآن لا يوجد وقف لإطلاق النار، ولا موعد نهائي، ولا خطة عقوبات”.
فجأة، تحطمت جميع أحلامهم كما لو بفعل قدر قاس وغير متوقع. وفي غضون 24 ساعة، تحول كل شيء إلى نقيضه.
سيكون هذا درسا قيما للغاية في تفوق المنهج المادي الديالكتيكي، لولا أن جماجم قادتنا السياسيين الأغبياء لا تتأثر بأي نوع من الدروس.
وبدلا من الحجج، يلجأون إلى مستويات جديدة من الخداع والتهويل، والثرثرة والهذيان ضد مكائد رجل الكرملين الشريرة، و”السذاجة” (أي: الغباء) المذهلة لرجل البيت الأبيض.
ما هو الخطأ الذي لا يغتفر الذي يفترض أن رئيس الولايات المتحدة قد ارتكبه؟ الخطأ هو أنه وافق بالفعل على الجلوس والتحدث مع زعيم الاتحاد الروسي -الرجل الذي، كما قيل لنا مرارا وتكرارا، “شن حربا عدوانية وحشية وغير مبررة على أوكرانيا” في عام 2022، والمتهم بجميع الجرائم التي عرفتها البشرية، ربما باستثناء التهام الأطفال الرضع على الإفطار (وهي الجريمة التي امتنعوا عن اللجوء إليها حتى الآن، لكن من يعش سيرى…).
سنقدم هنا مثالين فقط من الأمثلة المختارة. نشرت صحيفة نيويورك تايمز على الفور مقالا بعنوان: “ترامب يخضع لنهج بوتين بشأن أوكرانيا”. وفي ذلك المقال نقرأ ما يلي:
“أثناء رحلته إلى ألاسكا، أعلن الرئيس ترامب أنه إذا لم يُحقق وقف إطلاق النار في أوكرانيا خلال محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، “لن أكون سعيدا”، وستكون هناك “عواقب وخيمة”.
“بعد ساعات قليلة، عاد على متن الطائرة الرئاسية وغادر ألاسكا دون التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي اعتبره بالغ الأهمية. ومع ذلك، لم يفرض أية عواقب، بل أعرب عن سعادته البالغة بسير الأمور مع السيد بوتين لدرجة أنه قال: “كان الاجتماع مثاليا”.
“حتى في سجلات رئاسة السيد ترامب المتقلبة، يبرز اجتماع أنكوريج مع السيد بوتين الآن كتحول ذي أبعاد تاريخية. فقد تخلى السيد ترامب عن الهدف الرئيسي الذي جاء من أجله إلى قمة القطب الشمالي، وكما كشف يوم السبت، فإنه لن يسعى حتى إلى وقف فوري لإطلاق النار. وبدلا من ذلك، رضخ لنهج السيد بوتين المفضل، المتمثل في التفاوض على اتفاقية سلام أوسع تلزم أوكرانيا بتقديم تنازلات ترابية.
“كانت النتيجة النهائية هي منح السيد بوتين تصريحا مجانيا لمواصلة حربه ضد جاره إلى أجل غير مسمى دون أي عقوبات إضافية، في انتظار مفاوضات تستغرق وقتا طويلا للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولية يبدو بعيد المنال في أحسن الأحوال”.
وقد شهدت الساعات الموالية، تتابع المقالات الصحفية والمقابلات التلفزيونية، لخلق ضجة احتجاجية واسعة ضد خيانة ترامب المزعومة لأوكرانيا. ونبرة العنف في تلك الهجمات تجاوزت كل المستويات المعروفة سابقا.
سارع رئيس الوزراء البريطاني السابق، بوريس جونسون، إلى المشاركة في الجوقة بعبارات أنيقة ونابضة بالحياة، تليق بدبلوماسي ذي مكانة دولية واحترام.
وصف اجتماع قمة ألاسكا بأنه “أكثر الأحداث إثارة للغثيان في تاريخ الدبلوماسية الدولية المبتذل”.
سوف نتجاهل باحترام الآثار المحتملة على جهازنا الهضمي، والتي قد تنجم حتى عن أكثر الروايات سطحية لتاريخ السيد جونسون الطويل من الأكاذيب والخداع والمناورات القذرة، ونقتصر على المعلقين الأكثر جدية.
قال إيفو دالدر، الذي كان سفيرا لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في عهد الرئيس باراك أوباما: “لقد تعرض للخداع مرة أخرى. فبالرغم من كل وعود وقف إطلاق النار، والعواقب الاقتصادية الوخيمة، وخيبة الأمل، لم يستغرق الأمر سوى دقيقتين على السجادة الحمراء وعشر دقائق في مسرح الوحش حتى يتمكن بوتين من خداع ترامب. يا له من مشهد محزن”.
ذهبت صحيفة نيويورك تايمز إلى حد مقارنة اجتماع ترامب مع بوتين باسترضاء أدولف هتلر على يد نيفيل تشامبرلين سنة 1938:
“على غرار ذلك، أثار الاجتماع الودي في ألاسكا يوم الجمعة للرئيس مع السيد بوتين الخاضع الآن لعقوبات أمريكية ويواجه مذكرة توقيف دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ردود فعل عنيفة. وقد قارن بعض المعلقين ذلك بمؤتمر ميونيخ سنة 1938، عندما سلم رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين جزءا من تشيكوسلوفاكيا لأدولف هتلر الألماني كجزء من سياسة الاسترضاء”.
إلى هذه المستويات السخيفة من الهستيريا وصل هؤلاء الناس.
سنتطرق لاحقا للاتهام المتكرر بأن دونالد ترامب قد “تعرض للتلاعب” به من طرف رجل الكرملين، والذي قيل لنا إنه تعلم من ماضيه في المخابرات السوفياتية (KGB) فنون التلاعب بالناس وإخضاعهم لإرادته.
سوف نعود إلى جوقة الغضب هذه لاحقا، لنحلل محتواها ونكشف الدوافع الخفية وراءها. أما الآن، فلنعد إلى قمة ألاسكا.
أهداف ترامب كان الهدف المعلن لدونالد ترامب من دعوته لهذا الكونفرانس هو محاولة إيجاد حل سلمي للحرب في أوكرانيا.
يبدو جليا لأي شخص عاقل أنه لتحقيق سلام تفاوضي، لا بد من الجلوس والتحدث مع طرفي النزاع. الهدف الأولي من تلك المفاوضات هو توضيح مواقف الطرفين، ثم العمل تدريجيا، من خلال نقاش صبور، على محاولة إيجاد أرضية مشتركة قد تسمح بتسوية تفاوضية.
قد يبدو هذا الاستنتاج بديهيا حتى لطفل قليل الذكاء في السادسة من عمره. ومع ذلك، فهو أمر يرفضه جميع قادة البلدان الأوروبية الرئيسية رفضا قاطعا.
إن مجرد تجرأ دونالد ترامب على الجلوس على طاولة واحدة مع فلاديمير بوتين قد ملأ قلوبهم بغضب عارم يجعل المرء يخشى عليهم من ارتفاع ضغط دمهم.
وبدلا من مدح الرئيس على مبادرته في السعي للتفاوض على السلام، يقضون جل وقتهم في التذمر منه. لقد بلغ الذعر في الدوائر الحاكمة، من لندن إلى برلين، حدا كاد معه الأمر أن يتحول إلى هستيريا جماعية.
إلا أنه ولسوء حظهم، فإن دونالد ترامب لا يُظهر أي تأثر.
لكن دعونا نحاول للحظة أن نتجاوز الهستيريا السطحية، وأن نفهم منطقها.
إذا حللنا محتواها، فسنصل إلى الاستنتاجات التالية:
1. لقد تعرض ترامب للخداع من طرف بوتين بموافقته على طلب الروس الملح عقد اجتماع ثنائي.
هذا غير صحيح. جميع المعلومات المتاحة تشير بوضوح إلى أن الأمريكيين هم من طلبوا ذلك الاجتماع، وليس الروس. من الواضح أن ترامب قد أرسل ويتكوف إلى موسكو لأجل هذا الغرض.
2. كان الغرض من ذلك الاجتماع هو التوصل إلى اتفاق لضمان السلام في أوكرانيا. كان من المفترض أن تكون الخطوة الأولى هي وقف إطلاق النار. لكن ذلك لم يتحقق. لم يكن هناك اتفاق، ولا وقف لإطلاق نار. لذلك فقد كان الاجتماع فاشلا تماما.
هذا أيضا غير صحيح. فقد أوضح ترامب، قبل الاجتماع، أنه لا يتوقع التوصل إلى أي اتفاق في ألاسكا. كان الهدف الأساسي من الاجتماع هو إعادة بناء الاتصالات التي انقطعت منذ فترة طويلة، وتبادل وجهات النظر حول مجموعة من المواضيع، بما في ذلك أوكرانيا، على أمل التوصل إلى اتفاق لمواصلة المناقشات المستقبلية.
لقد تحققت جميع هذه الأهداف بنجاح. وهذا تحديدا ما يثير غضب الأوروبيين ويخيفهم، إذ يخشون، أكثر من أي شيء آخر، أن تقيم أمريكا وروسيا علاقات وثيقة، وأن يتم استبعادهم منها.
قد يكون لهذه المخاوف ما يبررها.
3. كان هذا الاجتماع انتصارا دعائيا هائلا لفلاديمير بوتين، الذي كان في السابق معزولا عن العالم، وهو الآن يحتل مركز الصدارة، إلى جانب الرئيس الأمريكي.
في 06 غشت، نشرت BBC News مقالا بعنوان: “بوتين يُرحب به عالميا بسجادة حمراء”. جاء فيه:
“عندما عاد الرئيس فلاديمير بوتين إلى الساحة العالمية يوم الجمعة، كانت سماء ألاسكا غائمة. وكان في انتظاره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على سجادة حمراء مفروشة على مدرج قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون المشتركة.
“وعندما اقترب بوتين، صفق ترامب. وتصافح الزعيمان بحرارة وابتسما.
“كانت لحظةً مميزة لبوتين، الزعيم الذي نبذته معظم الأمم الغربية منذ أن شنت موسكو غزوها الشامل لأوكرانيا سنة 2022. ومنذ ذلك الحين، اقتصرت رحلاته الدولية إلى حد كبير على البلدان الصديقة للاتحاد الروسي، مثل كوريا الشمالية وبيلاروسيا.
“إن مجرد انعقاد قمة ألاسكا هو بمثابة انتصار لبوتين. لكن هذا الترحيب تجاوز أكثر أحلام الكرملين جموحا. ففي غضون ستة أشهر قصيرة، تحول بوتين من منبوذ في نظر الغرب إلى موضع ترحيب على الأراضي الأمريكية كشريك وصديق.
“ولتتويج كل ذلك قرر بوتين، في خطوة غير مخطط لها على ما يبدو، قبول التوصيلة إلى القاعدة الجوية على متن سيارة ليموزين ترامب المدرعة بدلا من الذهاب في سيارته الرئاسية الخاصة التي تحمل لوحات تسجيل مرقمة في موسكو.
“ومع ابتعاد السيارة، ركزت الكاميرات على بوتين جالسا في المقعد الخلفي وهو يضحك”.
يا إلهي! لقد التقى الرجلان وتصافحا! يا لها من كارثة! والأسوأ من ذلك، هو أنهما انطلقا بسيارة الرئيس، بل وشوهدا وهما يضحكان!
لقد حانت نهاية العالم بالنسبة لقادة العالم الغربي، فقد التقى زعيما أقوى بلدين في العالم بالفعل، ويبدو أن علاقاتهما ممتازة.
لم يكن هذا مُخططا له إطلاقا! لقد أثبت ما كان الأوروبيون يرددونه طوال الوقت. فقد كان هذا الاجتماع فكرة سيئة للغاية، وما كان ينبغي أن يعقد أبدا! في الواقع، يجب ألا يكون لأي زعيم غربي أي اتصال بالروس.
صحيح تماما أن فلاديمير بوتين قد حقق نصرا دعائيا كبيرا. لكن من غير الصحيح اطلاقا الادعاء بأنه كان بشكل ما “معزولا دوليا”. في الواقع، لدى روسيا الآن حلفاء في العالم أكثر بكثير مما كان لديها قبل حرب أوكرانيا. أما كونها تعرضت لمقاطعة من قبل حفنة من الدول الإمبريالية في أوروبا وأمريكا الشمالية فهو أمر مختلف تماما. لكن يتعين علينا أن ننتظر لكي نرى إلى متى سيستمر هذا الوضع المجنون.
كما أنه ليس من الصحيح القول بأن ترامب لم يكسب شيئا من عقد تلك القمة. بل على العكس تماما. في الواقع، إنه يكسب أكثر بكثير مما يكسبه بوتين.
بدعوته لهذا الاجتماع (ونصر على أن ترامب، وليس بوتين، هو من دعا إليه)، نجح في انتشال نفسه من المأزق المروع الذي وقع فيه، نتيجة اتباعه النصائح الكارثية التي قدمها له الأوروبيون وليندسي غراهام وحلفاؤه دعاة الحرب في واشنطن.
بإصرارهم المستمر على المطالبة بفرض المزيد من العقوبات على روسيا، دفعوا ترامب إلى إطلاق تهديد، لو نفذه، لكان كارثة على محاولاته للتوصل إلى تسوية تفاوضية مع روسيا.
وقد كانت هذه، في الواقع، هي النية الحقيقية للأوروبيين منذ البداية. لكن عندما أدرك ترامب أن فرض العقوبات سيفشل حتما في إجبار روسيا على قبول المطالب الغربية، وستكون له آثار كارثية سواء على الولايات المتحدة أو على موقفه هو شخصيا، قرر اتخاذ خطوة حاسمة لوقفها.
كانت هذه، في الواقع، خطوة بارعة للغاية، سمحت لترامب، بضربة واحدة، بتعليق العقوبات إلى المستقبل المنظور، ونزع سلاح منتقديه دعاة الحرب في مجلس الشيوخ، ووضع الأوروبيين والأوكرانيين في موقف حرج. وقد نجح في تحقيق كل ذلك. لذا، لم يكن فشلا على الإطلاق، بل نجاحا باهرا.
4. دونالد ترامب “ساذج” (اقرأ: غبي) ويسهل التلاعب به من قبل بوتين، الذي، بصفته عميلا سابقًا في المخابرات السوفيتية (كي جي بي)، ماهر في فنون التلاعب، ويبدو أنه يتمتع بنوع من السيطرة الغامضة على الرئيس الأمريكي.
لم يتم توضيح الطبيعة الدقيقة لتلك “السيطرة الغامضة” المزعومة، على الرغم من التلميح إليها باستمرار في عدد لا يحصى من المقالات والبرامج التلفزيونية.
يكفي القول إن هذا النوع من التفسير لا يفسر شيئا على الإطلاق. لم يُخبرنا أحد قط بكيفية نشوء هذه القوة الغامضة، أو حتى ماهيتها تحديدا.
أليس من المحتمل أن يكون دونالد ترامب قد اقتنع بالحجج التي طرحها عليه الزعيم الروسي؟ الافتراض هو أنه لا توجد مثل تلك الحجج المقنعة، وبالتالي لا بد من إيجاد تفسير آخر غريب.
في الواقع، وكما سنبين لاحقا، كانت لدى بوتين حجج مقنعة للغاية، وتلك الحجج، القائمة على حقائق مثبتة تجريبيا، من شأنها أن تقنع أي شخص غير متحيز بشكل مفرط، ولديه قرار مسبق.
وهذا بالضبط هو معنى المفاوضات. لكن ويا للأسف، هذا النوع من المفاوضات غير مقبول بالنسبة لقادة “العالم الحر”.
لقد وضعوا مسبقا سلسلة من المطالب، التي كانوا يعلمون أنها لن تكون مقبولة أبدا من طرف الروس، وتوقعوا تماما أن يحضر ترامب الاجتماع ليدفع بتلك المطالب في شكل إنذار نهائي، مما سيضمن فشل المفاوضات واستمرار الحرب.
كيف يمكن إنهاء حرب أوكرانيا -التي هي في الواقع حرب بالوكالة بين روسيا وأمريكا- دون إجراء مناقشات بين طرفي الحرب، هو لغز. في الواقع، هذا غير ممكن على الإطلاق.
والسياسة الحقيقية للأوروبيين -وكذلك لفولوديمير زيلينسكي- هي منع أي اتصال بين الأمريكيين والروس وتخريب أي محاولة للتفاوض على اتفاق سلام بينهما.
بمجرد أن نفهم هذا، نكون قد فهمنا كل ما نحتاج إلى فهمه حول حالة الحرب والمناورات الدبلوماسية الكلبية التي، بينما تدعي أنها تدعم “سلاما عادلا ودائما”، تهدف في الواقع إلى إطالة أمد الحرب إلى أجل غير مسمى.
مرة أخرى: “روسيا غيت” يعود شبح “روسيا غيت” من بين الأموات. في سنة 2016، اتهمت وكالات الاستخبارات الأمريكية روسيا بالتدخل في العملية الانتخابية الأمريكية. وكان هذا هو أصل قضية “روسيا غيت”.
آنذاك تم شن حملة إعلامية صاخبة، في محاولة واضحة لحرمان ترامب من الرئاسة. وقد ثبت منذ زمن بعيد زيف تلك الادعاءات.
لقد نفى ترامب مرارا وتكرارا أي شكوك حول أي اتصالات غير مشروعة مع مسؤولين روس. كما وصفت موسكو الادعاءات المتعلقة بمحاولاتها للتأثير على مسار الانتخابات الأمريكية بأنها لا أساس لها.
وكان المدعي العام، روبرت مولر، قد أجرى تحقيقا في المساعي المشتبه بها للتأثير على الانتخابات. وأصدرت وزارة العدل تقريرها الختامي عام 2019، مشيرة إلى أن التحقيق لم يكشف عن أدلة على تواطؤ بين روسيا ودونالد ترامب.
ومع ذلك فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز ما يلي:
“لطالما أعرب السيد ترامب عن إعجابه بالسيد بوتين وتعاطفه مع مواقفه. وفي لقائهما الأكثر شهرة، الذي عقد في هلسنكي عام 2018، تقبل السيد ترامب نفي السيد بوتين لتدخل روسيا في انتخابات عام 2016، مفضلا كلام الضابط السابق للمخابرات السوفياتية على استنتاجات وكالات الاستخبارات الأمريكية”.
لكن هذا المقال يفشل في الإجابة على السؤال البديهي: من كان يقول الحقيقة، هل فلاديمير بوتين أم وكالات الاستخبارات الأمريكية؟
قبل أشهر من الانتخابات، كانت دوائر الاستخبارات الأمريكية قد أجمعت على أن روسيا ليس لديها النية ولا القدرة على التدخل في عملية التصويت.
لكن في دجنبر 2016، بعد فوز ترامب بفترة وجيزة، أمرت إدارة أوباما بإعداد تقرير آخر يلغي التقييم السابق.
وتم حجب المعلومات الاستخباراتية الرئيسية التي تفيد بأن روسيا لم تؤثر على نتائج الانتخابات.
مؤخرا، أعلنت تولسي غابارد، المديرة الجديدة للمخابرات الوطنية (DNI)، عن رفع السرية عن رسائل البريد الإلكتروني “السرية للغاية” التي تعود لعام 2016، والتي قالت إنها تُظهر أن الرئيس السابق للمخابرات الوطنية، جيمس كلابر، يحاول إخفاء المخاوف التي أثيرت فيما يتعلق بمحاولات ربط الرئيس دونالد ترامب زورا بروسيا وبالتدخل الروسي في نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
تكشف أوراق رؤساء دوائر الاستخبارات السابقين أن قصة تدخل روسيا في انتخابات عام 2016 في الولايات المتحدة كانت كلها كذبة.
ومع ذلك، يصر الصحفيون، الذين يفترض أنهم جادون، حتى اليوم، على تكرار تلك الكذبة، مقدمين إياها على أنها الحقيقة القاطعة. ويفعلون ذلك دون خجل.
إذ وكما يقال: لماذا ندع الحقائق تفسد قصة جيدة؟
انكشاف خدعة أمريكا كيف نفسر إذا سلوك دونالد ترامب في ذلك الاجتماع؟ هذا سؤال ليس من الصعب الإجابة عليه.
دخل دونالد ترامب مناقشات ألاسكا، ليس بموقف قوي، بل على العكس، بموقف ضعيف للغاية. حاول خداع الروس بإطلاق تهديدات شرسة بفرض عقوبات قاسية، أقنع القادة الغربيون أنفسهم بأنها ستجبر روسيا على الركوع. لكن دون جدوى.
قبل الاجتماع، تلقى ترامب معلومات تشير إلى أن العقوبات التي هدد بها لن تجدي نفعا. فقد أعلنت الصين والهند -البلدان الرئيسيان اللذان يشتريان النفط والغاز من روسيا- صراحة أنهما لن تقبلا أي محاولة للتدخل في حقهما في التجارة مع روسيا، أو أي بلد آخر.
لذلك فقد سقط التهديد بالعقوبات هباء منثورا، حتى قبل طرحه. وهو الشيء الذي لم يخف على رجل البيت الأبيض، الذي يتمتع بفطنة تجارية، كما أنه ملم بالقواعد الأساسية للعبة البوكر.
في لعبة البوكر، إذا رأيت خصما يراهن بقوة، لكنك تشك في ضعف أوراقه، فقد تقرر كشف خدعته. إذا كان تخمينك صحيحا ولم يتمكن من إظهار أوراق قوية، فستربح الرهان.
في عالم السياسة والدبلوماسية، لا ينصح أبدا بالخداع إلا إذا كنت مستعدا لدعم خدعتك بعمل حاسم فعلي. إن تخيل امتلاكك أوراقا أقوى من الأوراق التي تمتلكها في الواقع، هو دعوة لهزيمة مذلة بمجرد كشف خدعتك.
وفي لعبة البوكر المعقدة التي جرت على الساحة الدولية خلال الأشهر القليلة الماضية، تم أخيرا كشف خدعة الأمريكيين والأوروبيين.
يكشف هذا عن ميزان القوى الحقيقي. وقد كان ذلك واضحا لترامب بقدر ما كان واضحا لبوتين. لهذا السبب لم يقدم بوتين أي تنازلات جوهرية، ولهذا السبب أيضا قبل ترامب الوضع كأمر واقع.
وباستخدام تشبيه من لعبة البوكر، فقد كان بوتين ممسكا بجميع الأوراق في يديه، بينما لم يتبق لترامب أي أوراق مهمة ليلعب بها. لا حاجة لتفسيرات إضافية لقوى إقناع غامضة لتفسير هذه الحقيقة الجلية.
خدعة وقف إطلاق النار كان السبب الرئيسي لصيحات الاحتجاج هو عدم وجود اتفاق في ألاسكا لوقف إطلاق النار. وقد كرر زيلينسكي وحلفاؤه الأوروبيون هذا المطلب بانتظام ممل خلال الأشهر الأخيرة.
قبل القمة، قالت كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن المفاوضات الجادة لإنهاء الحرب في أوكرانيا لا يمكن أن تتم إلا “في سياق وقف إطلاق النار أو خفض الأعمال العدائية”.
الآن، يبدو أن كل ذلك قد تغير.
بعد لقائه مع بوتين، قال الرئيس ترامب إن عملية سلام شاملة -طويلة بلا شك- هي “أفضل سبيل” لإنهاء الحرب، مع استمرار القتال على الأرض في هذه الأثناء. وقال إن ذلك يعود إلى أن وقف إطلاق النار المؤقت “لا يصمد في كثير من الأحيان”.
ما الذي يعنيه هذا؟
ظاهريا، قد يبدو وقف إطلاق النار مطلبا معقولا وخطوة نحو السلام. لكنه ليس كذلك. إنه مناورة كلبية، تهدف إلى إطالة أمد الحرب، والأهم من ذلك، جر الأمريكيين إليها ومنعهم من الانسحاب.
وهذا المطلب يرتبط دائما بمطلب آخر، وهو طلب “ضمانات أمنية” أمريكية لأوكرانيا في حال وقف إطلاق النار. ما الذي يعنيه هذا؟
إن الأثر المباشر لوقف إطلاق النار، في ظل تفوق روسيا الواضح في الحرب، ووجود الأوكرانيين في وضعٍ يائس، هو منحهم فسحة للتنفس، يمكن أن يستغلها الناتو لإعادة تسليح القوات الأوكرانية المشتتة وإعادة بنائها، استعدادا لهجوم جديد على الروس.
سيكون في إمكان الأوكرانيين كسر وقف إطلاق النار هذا في أي وقت يرون مناسبا لهم، وسيحملون الروس مسؤولية انهياره.
وفي تلك الأثناء، سيقف ما يسمى بـ”تحالف الراغبين” متفرجا، في انتظار الضوء الأخضر لإرسال قوات الناتو إلى أوكرانيا، بزعم “الدفاع عن وقف إطلاق النار”، ولكن عمليا للتحضير لصراعٍ مباشر مع روسيا.
يصر زيلينسكي على هذه القضية قائلا: “يجب ضمان الأمن بشكل موثوق وعلى المدى الطويل، بمشاركة كل من أوروبا والولايات المتحدة“.
لكن هناك مشكلة في هذه الاستراتيجية. فبدون دعم أمريكي فعال، لن يكون لها أي فرصة للنجاح. إذا كان الأمريكيون أغبياء بما يكفي لمنح نظام كييف وأتباعه الأوروبيين ما يطلبونه -ضمانة أمنية أمريكية- فسيطلب الأوكرانيون من الأمريكيين مساعدتهم. وبهذه الطريقة، ستُجر الولايات المتحدة إلى “حرب أبدية” أخرى مكلفة ودموية ولا يمكن كسبها.
هذا أمر يرغب ترامب في تجنبه بأي ثمن، كما يتضح من منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي الذي دعا فيه إلى مفاوضات سلام بدلا من وقف إطلاق نار مؤقت.
تشير كلماته إلى أنه أدرك أن الأوروبيين وزيلينسكي ينصبون له فخا. لهذا السبب تجنب أي ذكر لوقف إطلاق النار، ورغم الادعاءات بعكس ذلك، لا يبدو من المرجح أن يتراجع عن رفضه السابق لتقديم أي ضمانات لأوكرانيا.
ولذلك فقد أثار تخليه العلني عن مطلب وقف إطلاق النار صدمة ورعبا في صفوف دعاة الحرب الأوروبيين والأوكرانيين.
ومع ذلك فإن هذا لا يعني إطلاقا أنهم سيتوقفون عن حملتهم الصاخبة الرامية إلى إطالة أمد الحرب إلى أجل غير مسمى. بل على العكس تماما. يمكننا أن نتوقع أن تتضاعف هذه الحملة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
هل هو مطلب “متطرف”؟ أوضح بوتين في مناسبات عديدة أن أي اتفاق سلام شامل سيتطلب من الناتو سحب قواته إلى حدود ما قبل التوسع عام 1997، ومنع أوكرانيا من الانضمام إلى الحلف، وسيتطلب من كييف ليس فقط التخلي عن أراض في الشرق، بل أيضا تقليص حجم قواتها المسلحة بشكل كبير.
هذه المطالب، التي يرفضها المعلقون الغربيون باستمرار (وبشكل سخيف) باعتبارها “متطرفة”، هي في الواقع الحد الأدنى من المتطلبات لضمان أمن روسيا المستقبلي ضد أي محاولة من الناتو لتحويل أوكرانيا إلى دولة نووية قوية على حدودها.
دعونا نطرح المسألة بطريقة مختلفة: لو أن روسيا أصرت على نشر أسلحة نووية في قواعد عسكرية على الحدود المكسيكية مع الولايات المتحدة، فمن المؤكد أن الأمريكيين سيتخذون إجراءات فورية ومباشرة لمنع حدوث ذلك.
هل سيعتقد أحد أن ذلك سيعتبر “متطرفا”؟ أم سيتم الاعتراف به فورا بكونه دفاعٍا فعالا مشروعا من جانب الولايات المتحدة؟ السؤال يجيب على نفسه.
ساحة المعركة ستحسم الأمر لقد تركز الاهتمام، في الفترة الأخيرة، على التعرجات والانتكاسات التي لا تنتهي في مجال الدبلوماسية والمفاوضات. وقد ساهم ذلك في صرف الانتباه عن الوضع الفعلي في ساحة المعركة في أوكرانيا.
إن الحجة التي يتم ترديدها باستمرار بأن هذا الصراع قد وصل الآن إلى نقطة جمود، حيث أصبحت القوى المتصارعة متوازنة، وأن خط المواجهة بالكاد يتحرك، هي حجة خاطئة تماما.
خط المعركة يتحرك باستمرار من الشرق إلى الغرب. والجيش الروسي يواصل تقدمه بلا هوادة، محتلا النقاط الحصينة الواحدة تلو الأخرى، دافعا الأوكرانيين إلى الوراء على طول الخط.
سيكون الهدف التالي هو مدينة بوكروفسك الاستراتيجية المهمة، التي يحاول الأوكرانيون الدفاع عنها بأي ثمن. لقد أرسلوا العديد من التعزيزات، والتي، بسبب النقص الحاد في القوى البشرية، اضطروا إلى سحبها من قطاعات أخرى، مما أدى إلى إضعافها بشدة وجعلها عرضة للهجوم.
كل هذا لن ينقذ بوكروفسك، التي صارت محاصرة عمليا الآن. لقد أصبح عدد كبير من القوات الأوكرانية معزولا ومهددا بهزيمة مؤكدة في المستقبل القريب.
الحل المنطقي هو أن يدعو قادتهم إلى انسحاب استراتيجي ما دام الوقت متاحا. لكن يبدو أن زيلينسكي والقائد العام الأوكراني، سيرسكي، لا يفهمان أمر الانسحاب، ومن المرجح أن يأمرا هؤلاء الرجال التعساء بالصمود والقتال حتى الموت.
لذا فإن سقوط بوكروفسك أمر لا مفر منه في المستقبل القريب. سيمثل كارثة من الدرجة الأولى، تُمهد الطريق لانهيار كامل للدفاع الأوكراني في دونباس.
الآن، ولأول مرة، بدأت الصحافة الغربية -حتى تلك المؤيدة بشدة لأوكرانيا مثل صحيفة ديلي تلغراف- تنشر تقارير تُقر بأن أوكرانيا تخسر الحرب.
وتنشر مقابلات مع ضباط وجنود تعكس انهيارا كارثيا في الروح المعنوية، مما أدى إلى فرار جماعي وإحجام عام للشباب عن الانضمام إلى الجيش والقتال من أجل قضية خاسرة بكل وضوح.
كل هذا معروف، سواء للقادة الأوكرانيين أنفسهم أو لحلفائهم في لندن وباريس وواشنطن.
وبما أن الحرب تسير على نحو سيء للغاية بالنسبة لأوكرانيا، يبدو أن رجال كييف، وخصوصا حلفائهم الأوروبيين، قد أوهموا أنفسهم بأنهم قادرون على تعويض هزائمهم في ساحة المعركة بتحقيق نصر في مجال الدبلوماسية.
مع ذلك، يجب أن نضع في اعتبارنا أن الدبلوماسية في الحرب تحتل دائما مكانة ثانوية. إن قوة السلاح، لا قوة الحجة، هي التي تحدد دائما نتيجة الحرب.
ليست الدبلوماسية هي التي تُملي الأوامر على المجال العسكري، بل على العكس المجال العسكري هو الذي يحدد في نهاية المطاف المضمون الحقيقي للدبلوماسية ونتيجتها.
لقد حان الوقت بوضوح للدخول في مفاوضات جادة مع الروس، الذين، بما أنهم ينتصرون بوضوح في الحرب، لن يروا أي حاجة للتنازل عن أي من مطالبهم الرئيسية.
والحقيقة هي أنه بغض النظر عن نتائج (أو انعدام النتائج) اجتماع ألاسكا -أو أي اجتماع آخر من هذا القبيل- فإن ساحة المعركة هي التي تحدد النتيجة في النهاية، وليست الدبلوماسية.
ومع ذلك فإنه يمكن للدبلوماسية أن تلعب دورا، وهو دور سيزداد أهمية مع وصول الحرب إلى نقطة تحول رئيسية. ورفض القيادة الأوكرانية الدخول في مفاوضات جادة في الوقت الحالي يعني أن الحرب ستحدد نتيجتها بنفسها.
“كل شيء أو لا شيء”؟ سبق لأحدهم قال ذات مرة إنه لا يوجد سلام سيء أو حرب جيدة. وهذا بلا شك تبسيط مفرط. ومع ذلك فإن ترامب مُحق، في السياق الحالي، عندما يقول إنه من الأفضل للأوكرانيين التضحية بالأرض مقابل السلام، بدلا من خسارة كل شيء بمواصلة حرب خاسرة.
يعلم الجميع أن الأمة التي تعاني من الهزيمة في ساحة المعركة يجب أن تقبل شروطا يمليها عليها المنتصرون. هذا بديهي، ولطالما كان كذلك.
لو سُئل معظم الأوكرانيين العاديين، لأجابوا الآن بأنهم يريدون السلام، حتى لو كان الثمن باهظا. أي شيء سيكون أفضل من الكابوس الحالي.
ومع ذلك، وبمنطق غريب للغاية (إن صح التعبير)، يرفض فولوديمير زيلينسكي قبول الحقائق ويطالب الأوكرانيين بمواصلة القتال حتى النهاية.
لا بد أنه يدرك، أكثر من أي شخص آخر، أن هذا المنطق سيؤدي حتما إلى هزيمة بلاده هزيمة نكراء، وربما إلى الزوال الكلي لأوكرانيا باعتبارها دولة قومية مستقلة.
حله بسيط للغاية: لا مساومة! لا تفاوض! قاتل حتى النهاية. النصر أو الموت! المنطق وراء كل هذا بسيط للغاية: كل شيء أو لا شيء!
وكما هو الحال في كثير من الأحيان، ستكون النتيجة لا شيء. هذا ينطبق على الشعب الأوكراني، لكن ليس بالضرورة على زيلينسكي نفسه. فاهتمامه الرئيسي حاليا ليس الدفاع عن أوكرانيا، بل الحفاظ على سيطرته عليها بأي ثمن. إنه يعلم جيدا أنه بمجرد انتهاء الحرب، سيسقط من السلطة. لا بد من إجراء انتخابات، والنتيجة حتمية.
وبغض النظر عمن سيفوز في تلك الانتخابات، فإنه لن يكون زيلينسكي. إنه، في الواقع، لا يحظى بشعبية كبيرة، وشعبيته تتراجع أكثر فأكثر مع كل يوم يمر ومع كل هزيمة تحدث.
أحد أسباب تراجع شعبيته هو تزايد الشكوك في أن نظامه غارق في الفساد. فقد اختفت مبالغ طائلة من الأموال القادمة من الخارج دون أثر.
كثير منها لا يصل أبدا إلى القوات في الجبهة التي كان من المفترض أن تصل إليها. بل تدخل إلى الحسابات المصرفية للأوليغارشيين الأثرياء وممثليهم السياسيين، وينتهي بها المطاف في حسابات سرية في بلد أجنبي، بعيدا عن ساحات القتال.
وستبقى هناك، إلى أن يجمعها يوما ما بعض القادة السياسيين والعسكريين الذين سيفرون من البلاد في مواجهة الزحف الروسي الذي لا يمكن إيقافه، ليجدوا ترحيبا حارا من أصدقائهم في الغرب، وإقامة مريحة في إحدى جزر الكاريبي، حيث يمكنهم كتابة مذكراتهم ونسج أساطير بطولية جديدة وخيالية عن أنفسهم. بينما في تلك الأثناء، سيكافح بقية السكان من أجل البقاء على قيد الحياة بين أنقاض بلدهم المشتعلة.
ما الذي يطلبه زيلينسكي في هذه الأثناء، يواصلون في كييف إصرارهم على أنه لا يمكن إبرام أي اتفاق بدون أوكرانيا. لا مزيد من المحادثات بين ترامب وبوتين! يجب أن يكون زيلينسكي حاضرا!
لكن زيلينسكي لم يكن حاضرا. كان غائبا لأنه لم يستدع. لماذا لم يُستدع؟ لأن فريق ترامب أدرك أن سبب وجوده الوحيد هو وضع عقبات كأداء في طريق السلام.
وهو الآن في واشنطن، برفقة جميع حلفائه الأوروبيين. وسيقدمون مطالبهم إلى ترامب. لكن ما هي تلك المطالب تحديدا؟
الروس ينتصرون. لا يهم! يجب عليهم الاستسلام والانسحاب فورا من جميع الأراضي المحتلة، ليس فقط دونباس، بل أيضا من شبه جزيرة القرم. هذه هي شروط زيلينسكي “للسلام”! لو لم تكن الأمور بهذه الجدية، لكان هذا الأمر مضحكا.
يعلم الجميع أن هذا منطق مختل عقليا. لا علاقة له بالواقع إطلاقا. إنه وهم. ومع ذلك، من الغريب أن جميع القادة الرئيسيين في أوروبا ما يزالون يدعمون هذا الجنون بنسبة 101%.
يتم تصوير سياسة مواصلة الحرب حتى النصر، بينما النصر مستحيل تماما، على أنها دفاع عن مصالح الشعب الأوكراني. لكن هذا ليس صحيحا. إنه خيانة كلبية لأوكرانيا.
قادة أوروبا على استعداد للقتال حتى آخر أوكراني. إنهم ، بالطبع، لن يتورطوا بأنفسهم. ومن موقعهم على الهامش يشجعون الأوكرانيين على مواصلة القتال ضد عدو متفوق بشكل كبير، وهو ما يعلمون جيدا أنه سينتهي حتما بكارثة على أوكرانيا.
رجل مبادئ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خبير في فن السير في اتجاهين في آنٍ واحد، حتى أن المرء يتساءل كيف لا يصاب بالدوار من تلك الحركات البهلوانية المرهقة.
اتهمه بعض الناس غير اللطفاء بانعدام المبادئ. وهذا ظلم فادح. الواقع هو أنه يؤمن بالمرونة في كل شيء، وخاصة في الحقيقة. وشعاره هو: حسنا، إذا لم تعجبكم مبادئي، أنا مستعد لتغييرها.
وعلاوة على ذلك، هناك بعض الأمور التي يؤمن بها إيمانا راسخا. فهو، على سبيل المثال، وطني مخلص، ملتزم التزاما عميقا بالوطن الذي يحبه، وقد أقسم على ولائه الأبدي والثابت له.
لكن ذلك الوطن، للأسف، ليس مملكة بريطانيا العظمى، بل أوكرانيا.
لقد أظهر التزاما مذهلا بقضية فولوديمير زيلينسكي، ويقضي ساعات طويلة في التحدث معه عبر الهاتف، مما لا يمنحه وقتا كافيا للتعامل مع المشاكل الملحة التي يواجهها بلده، الذي يغرق بسرعة في بحر من الديون والإهمال والفقر.
لطالما اعتقدنا أن السير كير لا يمتلك أي مشاعر إنسانية طبيعية، ولا يبدو أن لديه الكثير من الأصدقاء، إن وجدوا أصلا. لكننا كنا مخطئين، فكلما شرفنا صديقه الحميم من كييف بحضوره، يهرع ويعانقه علنا أمام كاميرات التلفزيون أمام بوابة مبنى داونينج ستريت رقم 10.
لذلك فقد واجه مشكلة عندما لم يقم الزعيم الأبيض العظيم عبر المحيط الأطلسي بدعوة السيد زيلينسكي إلى اجتماع القمة في ألاسكا.
وهنا توجد معضلة. فرغم انزعاجه الواضح من ذلك السهو المؤسف، إلا أنه مع ذلك كان يخشى إهانة رجل البيت الأبيض، لأن ذلك قد يضر بما يسميه العلاقة الخاصة بين بريطانيا والولايات المتحدة.
لذلك فقد بذل في بيانه جهدا كبيرا للإشادة بجهود الرئيس ترامب، “التي قربتنا أكثر من أي وقت مضى” من إنهاء الحرب في أوكرانيا.
ومع ذلك فقد أضاف أن “الخطوات الموالية يجب أن تشمل زيلينسكي، وأن السلام لا يمكن أن يحسم بدونه”.
مجرد فكرة جلوس رئيس أمريكي لمناقشة شروط السلام مع الروس تثير ذعرا كبيرا لدى كل هؤلاء الناس. لكن ما هو البديل؟ ليس لديهم أي بديل على الإطلاق.
جميع مقترحاتهم تتلخص في فكرة واحدة، يكررونها بإصرار مفرط وهي: الاستمرار في نفس الأساليب. فرض عقوبات جديدة على روسيا وإرسال المزيد والمزيد من مليارات الدولارات إلى الأوكرانيين (يقصدون فولوديمير زيلينسكي). وإرسال المزيد من الأسلحة إلى كييف، لخوض الحرب ضد روسيا حتى النهاية.
وتستمر هذه الجوقة المملة في تكرار نفس الصيغ الفارغة، كما لو أن التكرار المستمر سيجعلها مقبولة في النهاية.
يقول ستارمر إنه يرحب “بانفتاح الولايات المتحدة، إلى جانب أوروبا، على تقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا كجزء من أي اتفاق. هذا تقدم مهم وسيكون حاسما في ردع بوتين عن العودة للمطالبة بالمزيد”.
ولكنه أضاف: “في غضون ذلك، وإلى أن يوقف هجومه الهمجي، سنواصل تشديد الخناق على آلته الحربية بمزيد من العقوبات، التي كان لها بالفعل تأثير مؤلم على الاقتصاد الروسي وشعبه”.
وقال أخيرا:
“سيستمر دعمنا الثابت لأوكرانيا مهما طال الزمن”.
قول هذا أسهل من فعله. لكن الأشخاص مثل ستارمر لا يتوقفون أبدا للتفكير في معناه الحقيقي. إنهم يبالغون في تقدير الضربة التي تعرضت لها روسيا من فرض العقوبات لما يقرب من عقد من الزمان.
لقد نسوا أن تلك العقوبات كان من المفترض أن تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الروسي وإجبار موسكو على قبول إملاءات الناتو.
لكن تلك التوقعات المبالغ فيها سرعان ما تبددت. لم ينج الاقتصاد الروسي من الدمار من جميع العقوبات التي فرضت عليه فقط، بل لقد ازدهر، محققا مستويات نمو اقتصادي تفوق بكثير المعدلات البائسة التي حققها الغرب.
بل في الواقع، كان للعقوبات أثر أشد ضررا على اقتصاديات أوروبا وأمريكا منه على روسيا. فقد أدى فقدان الإمدادات المضمونة من النفط والغاز الرخيصين من روسيا إلى ارتفاع حاد في معدلات التضخم (مع أن هذه الحقيقة المزعجة لا تذكر الآن).
لكن، مهلا! عليكم أن تنسوا كل هذا. ركزوا فقط على تكرار نفس الاستراتيجية الفاشلة التي لم تُفض إلا إلى الكوارث والدمار والخسائر في الأرواح في أوكرانيا، وإلى الخراب الاقتصادي في أوروبا.
فقط استمر كما كنت من قبل، دون هدف حقيقي في الأفق، على أمل أن يكون كل شيء على ما يرام في النهاية.
مهما سميتم هذا، فهو بالتأكيد ليس استراتيجية جديرة بهذا الاسم. إنه يذكرنا بفلسفة شخصية تشارلز ديكنز الشهيرة، السيد ميكاوبر: “أنا أتوقع بثقة أن شيئا ما سيحدث”.
إن تكرار نفس السلوك أو النشاط مرارا وتكرارا وتوقع نتائج مختلفة، هو علامة على الجنون. لكن هذا تحديدا ما يحث الأوروبيون دونالد ترامب عليه.
دقت أجراس الإنذار لذا فقد شعروا بالرعب من الخبر المقلق باستدعاء زيلينسكي للقاء الرئيس الأمريكي في واشنطن. فبدأت جميع أجراس الإنذار تدق بأعلى صوتها.
لقد بقيت ذكرى اللقاء الشهير بين بطلهم وبين دونالد ترامب في المكتب البيضاوي تُطاردهم ككابوس منذ ذلك الحين.
خشوا الأسوأ على الفور، فإلمام زيلينسكي بأدق تفاصيل الدبلوماسية يقارب تقريبا جهود مصارع سومو ياباني في أداء عرض باليه “بحيرة البجع” لتشايكوفسكي.
ورقصت أمام أعينهم صور مرعبة لترامب الغاضب وهو يهاجم الأوكراني التعيس مرة أخرى، الذي سيفقد القدرة على الكلام مرة أخرى.
يجب منع هذه الكارثة بأي ثمن!
لذلك فقد حزموا حقائبهم على الفور وصعدوا على متن أول طائرة متاحة إلى واشنطن، يتدافعون جميعا للحصول على أي مقاعد شاغرة على متن الطائرة!
المستشار الألماني فريدريش ميرز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والأمين العام لحلف الناتو مارك روته، جميعهم كانوا مستعدين لهذه العملية الحاسمة!
كان من الواضح أنهم ينوون حضور المقابلة، حتى لا يبقى فولوديمير المسكين وحيدا، كدانيال في عرين الأسد. وبذلك سيكونون قادرين على مراقبته عن كثب، ومقاطعته كلما لزم الأمر لمنعه من التورط مرة أخرى.
ولا شك أن نيتهم كانت ممارسة ضغط شديد على رئيس الولايات المتحدة للاستجابة لمطالبهم، ونسيان كل ما قاله في اجتماع أنكوريج، وقطع جميع العلاقات مع فلاديمير بوتين، والعودة إلى سياسة بايدن السابقة.
أي فرض المزيد من العقوبات على روسيا، وتقديم كل المساعدات العسكرية والمالية التي تطلبها كييف، والقيام بذلك “مهما طال الزمن”.
حتى لحظة كتابة هذه السطور، لم يتم عقد الاجتماع المذكور بعد. وبناء على المعلومات المحدودة المتاحة لي، يبدو أن اجتماع ترامب وزيلينسكي لن يشمل حضور الضيوف غير المدعوين من أوروبا، وإن كان ذلك ما يزال غير واضح.
كما يبقى أن نرى ما إذا كانت تكتيكاتهم في التعاون للضغط على ترامب ستحدث التأثير المتوقع، أم العكس تماما. ترامب ليس من النوع الذي يحب أن يمارس عليه أحد الضغط.
وعلاوة على ذلك، ليس سرا أنه يحتقر زيلينسكي ولديه رأي سلبي للغاية تجاه القادة الأوروبيين. في المقابل، يبدو أنه مرتاح جدا في محادثاته مع فلاديمير بوتين. وبالنسبة لترامب، يبدو أن التوافق الشخصي بينهما مهم.
هل سينجحون في دفعه إلى تقديم تنازلات؟ بما أن ترامب معروف بشخصيته المتقلبة وغير المتوقعة، فلا يمكن استبعاد ذلك.
لكن المؤشرات الأولية لا تشير إلى ذلك. فمن خلال التقارير الإخبارية لقد أوضح مسبقا أنه يجب عدم قبول أوكرانيا في عضوية الناتو، ويجب أن تنسى تماما مسألة شبه جزيرة القرم. هاتان النقطتان ستضعانه فورا في مسار تصادمي مع زيلينسكي.
المشكلة هي أن هذا الرجل قد حظي بمعاملة تفضيلية لفترة طويلة (وقد كرر الأوروبيون هذا الخطأ) لدرجة أنه يشعر بأنه يستحق الحصول على أي شيء يطلبه، فورا ودون أي نقاش. لذلك، فهو عاجز بطبيعته عن تقديم أي تنازلات على الإطلاق.
لذا قد ينتهي الهجوم الدبلوماسي الذي شنه القادة الأوروبيون كنهاية سفينة تايتانيك، حين غرقت بسبب جبل جليدي عملاق وأُرسلت إلى قاع المحيط.
ومع ذلك، لا يمكن لأحد التنبؤ مسبقا بالنتيجة النهائية لهذه اللعبة المميتة.
تلقى فريق دعاة الحرب في الولايات المتحدة انتكاسة خطيرة باجتماع ألاسكا.
يبدو أن خطوة ترامب المفاجئة قد أربكت حتى بعض منتقديه الأمريكيين. حتى ليندسي غراهام، السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولاينا الجنوبية، واضع خطة سيئة السمعة أسماها “عقوبات ساحقة” ضد روسيا، وأحد أبرز صقور حرب أوكرانيا، صرح على قناة فوكس نيوز مساء الجمعة، قائلا:
“دعوني أخبركم، لم أكن يوما أكثر تفاؤلا بإمكانية انتهاء هذه الحرب بنهاية مشرفة وعادلة مما أنا عليه الآن”.
في الوقت الحالي على الأقل، يبدو أن الضغط على ترامب على الصعيد الداخلي قد خفت حدته. أما إلى متى سيستمر هذا الوضع، فهذا أمر آخر تماما.
لقد انقلبت خطط دعاة الحرب رأسا على عقب. ويتجلى هذا في غضب الأوروبيين وهستيريتهم.
ماذا سيحدث بعد ذلك، علينا أن ننتظر لنرى. لكن من المؤكد أنه، وعلى الرغم مما يقولونه، لم يغير السيناتور غراهام وعصابته آراءهم، وسيستأنفون مطالباتهم الصاخبة بفرض العقوبات على روسيا حالما تتاح لهم الفرصة.
ومع ذلك، فإنه مهما حدث لن يغير شيئا يذكر على أرض المعركة نفسها، وهو السؤال الحاسم.
لم يكن للعقوبات ولا الكميات الهائلة من الأسلحة الأمريكية أي تأثير يذكر في وقف التقدم الروسي في أوكرانيا.
كان التأثير الوحيد هو إطالة أمد هذا الصراع المدمر والهمجي لبضعة أشهر أخرى، مع آثار كارثية على أوكرانيا نفسها.
نادرا ما نجد في تاريخ الدبلوماسية الدولية القذر بأكمله هذا المستوى من النفاق الكلبي.
فمن حلال إطالتهم لأمد الحرب بشكل متعمد، هم على استعداد لقبول موت آلاف الرجال والنساء والأطفال، والتدمير الشامل للمجتمع الأوكراني.
أشعر بالرغبة الشديدة في كتابة عبارة: عار عليكم! لكن هؤلاء المفلسين أخلاقيا لا يعرفون معنى كلمة عار. هؤلاء المنافقون البؤساء يستطيعون توقيع أحكام الإعدام على أمة بأكملها دون تردد، ثم ينامون بسلام في فراشهم.
وكما هي العادة دائما، الفقراء هم من سيدفعون ثمن ذلك. ستدفع الطبقة العاملة الأوروبية ثمن هذه الحروب التي لا تنتهي بموجة جديدة من التضخم، وارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة الإنفاق على الأسلحة، وارتفاع الضرائب، وانخفاض مستويات المعيشة، وتخفيضات كبيرة في الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية.
لكن الثمن الأغلى سيدفعه الفقراء والمساكين من رجال ونساء وأطفال أوكرانيا. سيدفعون ثمنه بالدم.
ومن يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الفظاعة هم أنفسهم القادة الذين يدعون زورا أنهم “حماة أوكرانيا”.
آلان وودز
لندن، 18 أغسطس/آب 2025
#آلان_وودز (هاشتاغ)
Alan_Woods#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قضية مارين لوبان: كيف يدمر “الديمقراطيون” الديمقراطية
-
ما هي الحقيقة؟
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
-
هل الفن ضروري؟
-
عجوز غاضب، أوكراني مختل، وحرب عالمية ثالثة
-
فوز ترامب: ركلة في وجه الإدارة الأمريكية
-
هل نواجه حربا عالمية ثالثة؟
-
أزمة الشرق الأوسط: السير الحثيث نحو الهاوية
-
مغامرة السيد فولوديمير زيلينسكي المذهلة في كورسك
-
مذكرة الاعتقال الدولية: هل سيمثل نتنياهو أمام المحكمة الجنائ
...
-
هجمات إيران: مقامرة نتنياهو الخطيرة
-
لماذا نحتاج إلى أممية شيوعية؟
-
معركة لينين الأخيرة
-
الشرق الأوسط على حافة الهاوية: الإمبرياليون يسكبون الزيت على
...
-
عالم بلا مشاكل: رسالة آلان وودز للعام الجديد 2024
-
الاغتراب والمجتمع
-
ثورة ماركس في الفلسفة – تأملات في أطروحات فيورباخ
-
من قتل بريغوجين؟
-
مقدمة للطبعة المكسيكية لكتاب لينين “الامبريالية أعلى مراحل ا
...
-
وفاة سييفا فولكوف، حفيد تروتسكي: نعي مناضل عظيم
المزيد.....
-
ستوكهولم.. مئات المتظاهرين ينددون بخطة إسرائيل لاحتلال كامل
...
-
م.م.ن.ص// الرفيق: المفهوم، المضمون، والوجود الثوري
-
-كان ديكتاتورا-.. عمرو موسى يشعل ضجة بانتقاده جمال عبدالناصر
...
-
اليمين المتطرف يقود موجة احتجاجات منظمة أمام فنادق اللاجئين
...
-
الإهمال الطبي في السجون جريمة.. أفرجوا عن مروة عرفة
-
محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع
...
-
الفصائل الفلسطينية: سلاحنا باقٍ ما دام الاحتلال.. هذا ما جرى
...
-
الحزب الشيوعي العراقي: نحو إجماع وطني للأنهاء الكامل لأي وجو
...
-
الفصائل الفلسطينية في لبنان تنفي بدء تسليم سلاح المخيمات
-
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 8 متظاهرين ضد الحرب على غزة في حيفا
...
المزيد.....
-
مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي
...
/ مسعد عربيد
-
أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا
...
/ بندر نوري
-
كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة
/ شادي الشماوي
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
-
البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
/ حازم كويي
المزيد.....
|