هيثم ضمره
الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 12:07
المحور:
الصناعة والزراعة
سبع سنوات قضيتها بين القرى الأرمنية في جبال القوقاز، حيث الأرض والحصاد جزء من نبض الحياة. لو رأيتني حينها منحنياً، وكيس بلاستيك في يدي، لعَبرت عينيك فورًا: “حصاد”. كنت أجمع الفطر البري، الأعشاب الموسمية من الجبال، الخضار التي زرعتها بيدي، وحتى بيض الدجاج من القن. كان الحصاد جزءاً من روتيني اليومي، وجزءاً من طريقة المجتمع على العيش والعمل مع الطبيعة.
اليوم، أمشي مع كلبي في شوارع مدينتين لامعتين، تورنتو وفانكوفر. خطواته الخفيفة بجانبي، وحبل قصير يصلني به، وكيس بلاستيك يتأرجح في يدي الأخرى. المشهد يتكرر كما كان في الجبال: أنا منحنٍ، وكيس في يدي. لكن ما يحمله الكيس تغير… لم يعد فطرًا ولا بندورة ولا بيضًا، بل فضلات.
أحيانًا أربط الكيس وأحمله كمن يحتفظ بسر صغير، وأحيانًا أتركه يتأرجح في يدي وكأنه يزن أكثر من حجمه. وفي كل مرة، يمر بخاطري سؤال مبهم: كيف يتحول فعل يومي بسيط إلى مرآة تعكس معنى الحياة كلها؟
في الشرق كنت أحصد الطبيعة، وفي قلب المدن أحصد الفضلات. ليست مجرد سخرية، بل واقع قاسٍ يعيد رسم البوصلة: هناك، الأرض والعمل والحياة قلب المعادلة؛ هنا، أحيانًا يبدو أن الحقوق تُوزن بميزان مختلف.
وأنا، بين الجبال وخطوات كلبي على الأرصفة، أعيش هذه المفارقة يوميًا… وأتساءل: هل نحصد الحياة فعلًا، أم مجرد بقاياها؟
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟