أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - نورس حسين علوان - طفلات أمهات… و”عبقرية” التشريع














المزيد.....

طفلات أمهات… و”عبقرية” التشريع


نورس حسين علوان

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 22:06
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


نراها تسحب طفلتها الصغيرة بيدها، بينما لا تزال هي نفسها طفلة. سجى، ذات الستة عشر عامًا، مطلقة وأم لطفلة. تروي لنا حكايتها كيف أُخبرت في الثانية عشرة أنها “عروس”، وكيف أغروها بالملابس الجديدة والمكياج، دون أن تدرك أن وراء تلك الزينة دفنًا لطفولتها. سرعان ما وجدت نفسها زوجة لرجل يكبرها بخمسة عشر عامًا، ثم أمًا، ثم مطلقة، والدموع ما تزال تسكن وجنتيها..
وفي زاوية أخرى، نسمع قصة سرى ذات الأربعة عشر عامًا، اليتيمة التي أجبرها أعمامها على الزواج من رجل متزوج بثلاث نساء، لأنها بالنسبة لهم “عبء”. بعد وفاة زوجها، طُردت من بيته، ولم تستطع حتى إثبات زواجها أو المطالبة بحقها في الإرث لان عقد زواجها غير مسجل بشكل قانوني بل هو عقد شرعي للتحايل وتزويج الصغيرات ، لتتحول إلى بائعة خضار تعيل نفسها وتدافع عن طفولتها المهدورة ولكي لا يزوجها اعمامها مرة اخرى .
هاتان الحكايتان ليستا استثناءً، بل جزء من مشهد واسع لظاهرة زواج القاصرات في العراق. الأطباء يؤكدون أن أجساد الفتيات القاصرات لا تحتمل الحمل والولادة، والمحامون يشيرون إلى ارتفاع نسب دعاوى إثبات الزواج بنسبة 25٪ خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى تزايد حالات طلاق القاصرات، ما ينتج عنه “طفلات مسؤولات عن أطفال”.
قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم (188) لسنة 1959 في مادته السابعة يشترط الأهلية والعقل لإتمام الزواج، لكنه يفتح ثغرة خطيرة بالسماح بزواج من أكمل الخامسة عشرة بموافقة المحكمة وولي الأمر. أما من هن دون الخامسة عشرة فيُمنعن من التسجيل رسميًا، لكن الواقع يختلف: تزويج خارج المحاكم، عقود شرعية ، ثم محاولات لاحقة لإثبات الزواج أو الطلاق أو نسب الأطفال.الأخطر من ذلك أنه لا توجد عقوبة رادعة بحق من يزوّج طفلة، وكأن القانون يغضّ الطرف عن انتهاك الطفولة.
الظاهرة ليست فقط نتاج فراغ قانوني، بل أيضًا نتيجة ثقافة اجتماعية تعتبر الفتاة عبئًا اقتصاديًا وعار يجب التخلص منه بالزواج المبكر. فمع غياب فرص العمل، وإجبار الفتيات على ترك التعليم، تصبح الطفلة ضحية مرتين: مرة حين تُنتزع من مقاعد الدراسة، ومرة حين تُزجّ في علاقة زواج غير متكافئة، لتخرج بعدها مطلقة بلا تعليم ولا مهارات، عرضة للاستغلال والتحرش، وفي بلد لا يوفر سوى إعانات هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع.
المفارقة الموجعة أن بعض النواب يرون الحل في تعديل قانون الأحوال الشخصية بحيث اصبح تزويج القاصرات قانونيًا وفق المذاهب. بعبارة أخرى: بدل معالجة الانتهاك، شرعنوه ! والأسوأ أن هذا التعديل مرّ بأصوات نواب بينهم نساء، وبمباركة لجنة “حقوق الإنسان” النيابية نفسها !
لسنا أمام مجرد قصص فردية؛ نحن أمام منظومة قانونية واجتماعية تنتج “أمهات طفلات” في دائرة مغلقة من الفقر والحرمان والوصاية. المشكلة ليست في سجى ولا في سرى، بل في من يعتبر أن الطفولة يمكن أن تُختصر في عقد زواج، وفي دولة تسنّ قوانين تحمي الأعراف بدل أن تحمي الإنسان.
فأي حقوق إنسان نتحدث عنها، وأي طفولة تبقى في وطن يصفّق مشرّعوه لـ”عبقرية” شرعنة زواج القاصرات



#نورس_حسين_علوان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية بان… قمة جبل الجليد في جرائم قتل النساء


المزيد.....




- سوريا.. فيديو امتناع أحمد الشرع عن مصافحة امرأة بوفد الكونغر ...
- لأول مرة ... فلسطينية تشارك في مسابقة ملكة جمال الكون
- -بيرزيت- تعلن جائزتها للتميّز.. شيرين أبو عاقلة تلهم الصحفيا ...
- -بيرزيت- تعلن جائزتها للتميّز.. شيرين أبو عاقلة تلهم الصحفيا ...
- بعدسة نسائية.. كيف وثّقت المرأة القضية الفلسطينية؟
- إصابة الناشطة مروة عرفة بجلطة في السجن.. ومطالب بالإفراج الف ...
- كيف تواجه نساء الجنوب تحديات النزوح؟
- التطرف في سوريا.. كلية الفنون الجميلة تمنع استخدام “الموديل ...
- تصاعد الانتهاكات بحق الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال: ...
- صوت فلسطين في ملكة جمال الكون.. مشاركة تاريخية لأول مرة


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - نورس حسين علوان - طفلات أمهات… و”عبقرية” التشريع