أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله مكي محمد - السودان الحرب وحافه الانهيار














المزيد.....

السودان الحرب وحافه الانهيار


عبدالله مكي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 00:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عبدالله مكي
يعيش السودان مأساة إنسانية وسياسية عصيبة، تُعدّ من أعمق الأزمات في تاريخه الحديث. منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تحولت البلاد إلى مسرح للدمار والفوضى، حيث يعاني الملايين من انهيار الخدمات الأساسية، سرقة الموارد، والنزوح الجماعي. هذا الواقع المؤلم لم يعد مجرد صراع داخلي، بل كارثة إقليمية تكشف عن فشل عميق في الحكم، وتضع السودان على حافة الهاوية.
تصور الحياة في السودان اليوم: مدن بلا كهرباء أو ماء لأيام، أحياء تُدمّر بالقصف، وأسواق خاوية من السلع الأساسية. في الفاشر بشمال دارفور، يفرض الحصار مجاعة حقيقية، حيث يواجه المدنيون الموت جوعاً أو تحت وابل القذائف. وباء الكوليرا ينتشر كالنار في الهشيم، حاصداً أرواح العشرات ومصيباً عشرات الآلاف منذ أغسطس 2024، وسط انهيار النظام الصحي. أكثر من اثني عشر مليون سوداني، أي ما يقارب ربع السكان، شردتهم الحرب، إما داخل البلاد أو إلى دول الجوار مثل تشاد ومصر وجنوب السودان. هؤلاء اللاجئون يواجهون مصيراً قاسياً، يعيشون في مخيمات مكتظة، بلا أمان أو كرامة، ودون مسؤول يحمي حقوقهم أو يضمن عودتهم.
الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي نشأت من رحم الجيش نفسه، ليس مجرد نزاع عسكري، بل انعكاس لفساد مستشرٍ وانهيار في بنية الدولة. الموارد الطبيعية، مثل الذهب والنفط، تُسرق لصالح النخب الحاكمة، بينما يُنفق على صفقات أسلحة بمليارات الدولارات بدلاً من التنمية. اتهامات التدخل الأجنبي، سواء بدعم الإمارات لقوات الدعم السريع أو تورط دول أخرى في تجارة السلاح، تضيف طبقة أخرى من التعقيد. محاولات قوات الدعم السريع إعلان حكومة موازية رفضها مجلس الأمن الدولي، لكن هذا لم يوقف دوامة العنف. صوت التخوين يعلو على أصوات الحوار، والمليشيات تسيطر على الأرض، تتاجر بقضايا المواطنين وتستغل معاناتهم لتعزيز نفوذها.
اقتصادياً، السودان مدمر. المؤسسات متوقفة، والإنتاج مشلول، والتضخم يلتهم ما تبقى من قدرة المواطن على العيش. التعليم، الذي كان يوماً أملاً للأجيال، توقف في كل مراحله، تاركاً ملايين الأطفال والشباب بلا مستقبل. هذا الفراغ يُغذي الجهل والتطرف، ويمهد الطريق لدورات عنف جديدة. المجتمع نفسه يتفكك، حيث يحل صوت السلاح محل القانون، وتصبح المليشيات بديلاً للمؤسسات.
على المستوى الدولي، تبدو الجهود لاحتواء الأزمة بطيئة وغير كافية. مجلس الأمن الدولي، الاتحاد الأفريقي، والدول الغربية مثل الولايات المتحدة وكندا، أعربت عن قلقها ودعت لوقف إطلاق النار، لكن العوائق الأمنية تحول دون وصول المساعدات. النساء، اللواتي يعيلن ثلاثة أرباع الأسر النازحة، يواجهن انعدام الأمن الغذائي وعنفاً موجهاً، مما دفع الأمم المتحدة لوصف الوضع بـ"الطوارئ الجنسية".
السودان اليوم ليس مجرد بلد في حرب، بل مثال صارخ لفشل الدولة ، حيث تتحول قضايا الشعب إلى أداة لصراعات السلطة. لكن هذا لا يعني أن الأمل قد ضاع. السودان بحاجة إلى ثورة حقيقية في الحكم: وقف فوري لإطلاق النار، حوار وطني يشمل المجتمع المدني، تفكيك المليشيات أو دمجها في إطار قانوني، ودعم دولي لإعادة بناء المؤسسات والتعليم. الشعب السوداني، بتاريخه العريق وصموده، يستحق فرصة للنهوض من جديد. الأمل يبقى، رغم كل شيء، أن يعود السودان يوماً إلى مكانته كبلد مزدهر، ينعم أهله بالسلام والكرامة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كحبيبين سابقين ودودين.. جينيفر لوبيز وبن أفليك معًا مجددًا ع ...
- ماذا قال نتنياهو في الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر؟
- المدن الداعمة للديمقراطيين في مرمى ترامب.. الحرس الوطني ينتش ...
- غرق قارب مهاجرين قبالة جزيرة ليسبوس ومصرع أربعة أشخاص
- بعد عامين على هجوم 7 أكتوبر... ترامب يرى -فرصة حقيقية- لإنها ...
- ما الجديد الذي يحمله المبعوث الأميركي في زيارته إلى سوريا؟
- -ما وراء الخبر- يناقش اتفاق حكومة دمشق و-قسد-
- الجنرال بريك: إذا لم يُوقَّع الاتفاق ستكون العواقب وخيمة على ...
- مسيّرات تضرب العمق الروسي وبوتين يستخف ويباهي بمكاسبه في أوك ...
- 12 شهيدا في غزة والاحتلال يواصل غاراته على القطاع


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله مكي محمد - السودان الحرب وحافه الانهيار