أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله النملي - حرية أم تطاول؟














المزيد.....

حرية أم تطاول؟


عبد الله النملي

الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عمّت مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، يومه الأحد الماضي، موجة غضب عارمة، على خلفية تدوينة بنبرة إلحادية واضحة، وضعتها سيدة، هي رئيسة ما يسمى “الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية”، المعروفة باسم “حركة مالي”، حيث ظهرت في صورة ترتدي قميصًا على وسائل التواصل الاجتماعي يحمل عبارات مستفزة ومسيئة لله عز وجل، كتبت عليها كلمة "الله" بالعربية، متبوعة بعبارة مسيئة باللغة الإنجليزية.
وطالب العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بتدخل عاجل من طرف السلطات لاعتقال المعنية بالفعل الجرمي وجعلها عبرة لكل من سولت له نفسه التطاول على المقدسات والتوابث والنيل من الله عز وجل، في بلد يدين أهله بالإسلام منذ 14 قرنا من الزمان.
ونظرا لخطورة الفعل الجرمي، صدر بلاغ لوكيل الملك، يعلن عن ايقاف ووضع المعنية بالأمر تحت تدابير الحراسة النظرية طبقا للقانون على خلفية المحتوى الرقمي المسيء. خاصة أن المعنية بالفعل الشنيع سبق أن اعتقلت في غشت 2018، وأوقِفت بتهم “السكر العلني وإحداث الفوضى وإزعاج راحة المواطنين”.
وبصنيعها هذا تكون المتطرفة اقترفت جرما كبيرا لكونها خرقت الدستور المغربي الذي ينص في تصديره على أن "المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة"، وكذلك مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل الأول من الباب المتعلق بالأحكام العامة أن الأمة المغربية "تستند في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي، والوحدة الوطنية، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي"، والفصل الثالث الذي ينص أن "الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية"، والفصل 175 المتعلق بالأحكام الدستورية التي لا تقبل أي مراجعة، حيث جاء فيه "لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي، وبالنظام الملكي للدولة، وبالاختيار الديمقراطي، المنصوص عليها في هذا الدستور ".
وإذا كان الدستور المغربي قد ضمن لنواب الأمة الحصانة القانونية وحق إبداء الرأي في جميع القضايا المتعلقة بالشأن العام، فإنه قيّد ذلك الحق بما ليس فيه مساس بالثوابت الجامعة للأمة المغربية ومن بينها النظام الملكي والدين الإسلامي. فإذا كان الاستثناء المنصوص عليه في هذا النص متعلقا بنواب الأمة فكيف الحال بغيرهم من المواطنين؟، هل ما جرى يحترم الدستور والقانون أم ينتهكه ؟، هل يندرج ضمن حرية الرأي والتعبير أم يندرج ضمن الاستخفاف بثوابت الأمة المغربية ؟، وهل يعد تنويرا أم نشرا للفوضى وبثا لخطاب الحقد والتطرف والكراهية؟.
إن الحادث الخطير، كان كافيا ليجعل من المتطرفة حديث الخاص والعام، في مواقع التواصل الاجتماعي، ويفتح نقاشا ساخنا حول المقدسات ووجوب احترام الله سبحانه وتعالى والإسلام ومقام الأنبياء. وكما تجرأ الخلق على الخالق وآذوه ونسبوا إليه النقائص والعيوب، تجرؤوا على الإسلام والعبادات وأنبياء الله حتى أصبحت الإساءة لله والإسلام والنيل من رموزه في هذا الزمان سمة سيئة ما تلبث أن تتكرر بين حين وآخر، إما تعبيرا عن حقد دفين وبغض عميق لهذا الدين العظيم، وإما كسبيل للشهرة والمجد الزائف للفاشلين أو المتعثرين أو ممن يعانون أزمات نفسية. فلا يمكن لمسلم، ولا لغير مسلم، صحيح النفس، أن يقبل إساءة لله ولدينه ولا إهانة لنبيه. والمسلمون بالذات لهم موقف شرعي متسق، أصل إيمانهم هو الاعتقاد بالله وبرسالة النبي الخاتم، وبكل أنبياء السماء، لا نفرق بين أحد منهم. ولا يصح لأي أحد أن يطعن في الله والعبادات والأنبياء بدعوى حرية التعبير، ولا يصح الاحتجاج بحرية التعبير كأساس لتبرير هذه الأفعال المنافية للدين والقانون. فليس هناك حرية تعبير مطلقة، أو بغير سقف في الدنيا كلها. وثمة قوانين تعاقب على جرائم النشر والتصريح في أكثر الديمقراطيات تقدما.
ولا يحتاج الأمر لكثير من العناء لإظهار فظاعة الجريمة المُقترفة، ذلك أن الإهانات الوقحة المتكررة الموجهة لله سبحانه وللإسلام والنبي الكريم، تمثل محاولة لاستفزاز المشاعر الراسخة للمسلمين. فالاعتداء على المقدسات الدينية لا يندرج تحت مسمى الحرية، بل هو وجه من وجوه الاعتداء على حقوق الإنسان بالاعتداء على مقدساته.
ومنذ قرن من الزمان شاعت عند الغربيين عبارة للكاتب روبرت هابنلاين (Robert Heinlein) الذي قال "حقك في أرجحة قبضتك ينتهي حيث تبدأ أنفي ". ويصوغها بعضهم في شكل طرفة يصور فيها رجلا يتثاءب ويتمطى على مقعده بحديقة عامة، فيفرد يده بكل قوة لتستقر في أنف جاره الغافل، والذي ما أن رقأ دمعه، وذهب احمرار وجهه، واختفت أصداء صرخته، حتى قال لجاره: يا عزيزي لقد هشمت أنفي !. وحتى لا يحدث مثل ذلك، وضع الحقوقيون قوانينهم الوضعية لتكفل عدم المساس ببعض تلك الحريات البدهية، وإن أدى الأمر إلى منع الحرية عن طريق الحبس لأولئك العابثين بالحريات. فاحترام الله والإسلام والأنبياء قضية محل اتفاق، لذلك يمكن تفعيل الاستفادة من القوانين لتقريرها وعقاب من يخالفها.
إن ظاهرة سب الله عز وجل، الخالق العظيم، أقل ما يقال عنها أنها شرك عظيم، وهي من أكبر أسباب ردة الفرد عن الدين، ودون أدنى شك من أشنع وأقبح أنواع الذنوب، وجريمة من الجرائم التي لا يوافق عليها عقل ولا دِين. فما نشاهده اليوم من تهاونِ بعض الناس بسب الله ودينه، أصبح في قاموس هؤلاء الجهال من الأمور المستهان بها، المأمون عقابها. ألا يعلم هؤلاء أن سب الله ودينه، أكبر الكبائر، وأشنع الجرائم؟! .
كيف تجرأ هؤلاء على الله ربهم وخالقهم وولي نعمتهم؟!، هل نسي هؤلاء أنهم كانوا نطفة من مني تمنى؟!، فخلقهم الله فأحسن خلقهم، وصورهم فأحسن صورهم. ما الذي جرأك على مخالفة أوامر خالقك، أتهاونا بحقوقه، أم احتقارا لعذابه، أم إنكارا لجزائه؟! . أما علم أولئك الجهال قدر الله وعظمته؟!، أما يخشى هؤلاء أن يخرس الله ألسنتهم، أو يعمي أبصارهم، أو يقبض أرواحهم على هذه الكبيرة العظيمة؟! .
التطاول على الله سبحانه وتعالى فعل لم يجرؤ حتى إبليس على أن يفعله. فهل الشيطان كان أعقل منك أيها الإنسان الضعيف كي تتعدى الحدود وتسب الله؟! .



#عبد_الله_النملي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر.. 50 عاما على مشروع الوهم
- متحف الأستاذ عبد العزيز المودن
- أولمبيك آسفي.. تتويج مستحق
- الإجرام.. محاولة لتفسير الظاهرة
- الفنان حميد بنوح.. رحيل مسرحي كبير
- من عجائب وغرائب الإحصاء العام للسكان والسكنى
- الهروب الجماعي .. «حتى مش ما كيهرب من دار العرس»
- الصحراء المغربية والعداء الجزائري
- اطروحة الإنفصال تتهاوى
- اللغة الرسمية للبلاد تهان وتحتقر
- هل ظهر ملك الغابة بالمغرب؟
- صهاينة العرب.. -إسرائيل- دولة طبيعية ومحبة للسلام أيضا !
- أمريكا والدعم اللامحدود للكيان المحتل
- طوفان الأقصى يمرغ كبرياء الكيان في الوحل
- ما هكذا يتم الإحتفاء بالمدرسين
- بلغوا تجار الأزمات أن الكفن بلا جيوب
- زلزال المغرب .. في الإتحاد قوة
- آسفي.. بحث في معنى اسم المدينة
- عين لالة ميرا.. الماء و الخرافة
- الغرب والطعونات الرعناء في الإسلام


المزيد.....




- تحليل: عليها شعار -الاتحاد السوفيتي-.. ما الرسالة التي يبعث ...
- باكستان: مقتل أكثر من 190 شخصا جراء الأمطار الغزيرة التي تضر ...
- -هل غيّر الاعتراف بدولة فلسطينية قواعد اللعبة في غزة؟- – جول ...
- نزع سلاح حزب الله: نعيم قاسم يحذر من -حرب أهلية-
- بن غفير يهدد مروان البرغوثي داخل زنزانته والسلطة الفلسطينية ...
- نيويورك تايمز: لماذا ترفض أوكرانيا التنازل عن دونباس رغم ضغو ...
- بعد اتفاق أرمينيا وأذربيجان.. هل تخسر روسيا جنوب القوقاز؟
- جيش نيجيريا يدافع عن عملياته العسكرية بوجه الانتقادات الحقوق ...
- 24 عاما على تأسيس -العدالة والتنمية- التركي.. إنجازات وتحديا ...
- مخطط -إي 1-.. خطة استيطانية للتغيير الديمغرافي في القدس


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله النملي - حرية أم تطاول؟