مجدي الشوملي
الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 14:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
انقلاب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل وخاصة في أوروبا وأمريكا؛ ليس هو أخطر ما تواجهه إسرائيل، فهذا قابل للإصلاح مع الوقت ومع استخدام المال وشركات العلاقات العامة، أما ما لا يمكن إصلاحه فهو انقلاب اليهود على الحركة الصهيونية والطعن بتمثيل دولة إسرائيل لليهود.
إذا كان انقلاب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل يعتبر عاملاً خارجياً فإن انقلاب اليهود ضد الصهيونية يعتبر عاملاً داخلياً يمكن أن يتسع وينخر في أساسات الحركة الصهيونية والتي ترتكز في نظرياتها على أنها تمثل اليهود وتسعى لنيل اعتراف العالم بيهودية الدولة واستكمال القصص التوراتية الأسطورية.
وقد عُقد في فيينا قبل نحو شهرين مؤتمر ضم قيادات اليهود في كافة أنحاء العالم تحت شعار "يهود ضد الصهيونية". وتَشكّل في باريس يوم الأربعاء 6 آب 2025 تجمّع يهودي ضد الصهيونية؛ ليس كتجمعٍ علماني ضد المتدينين؛ بل كتجمع يهودي متمسك بالأخلاق اليهودية؛ يقف ضد الصهيونية وأخلاقها. وهنا نتذكر منظمة ناطوري كارتا وموقفها الديني الرافض للصهيونية باعتبارها خيانة للتعاليم اليهودية. وقد تعاظم دور هذه المنظمة في تظاهرات أمريكا وبريطانيا والقدس. وهذه المنظمة لا تعترف أصلاً بحق اليهود ببناء دولة وترفض الصهيونية ودولة إسرائيل.
في التظاهرات التي تحدُث في الجامعات الأمريكية برزت منظمات يهودية تناضل ضد الصهيونية وتطالب بوقف حرب الإبادة على غزة والحرية لفلسطين. ومن هذه المنظمات منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام (JVP) والتي تُعدّ واحدة من المنظمات الفاعلة؛ التي تؤكد في رؤيتها على أهمية العدالة والمساواة، كما أنها تدعم النشاط المؤيد لفلسطين بأشكال مختلفة. وهناك تجمّع طلابي آخر وهو الصوت اليهودي المستقل Independent Jewish Voices (IJV) وتجمّع آخر باسم شبكة أعضاء هيئة التدريس اليهود Jewish Faculty Network JFN. ولا يتوقف مشاركة الطلاب اليهود على هذه المنظمات بل انهم يشاركون (وخاصة العلمانيون) في كافة المنظمات والنشاطات الجامعية الطلابية المؤيدة لفلسطين.
وقد لاحظنا تظاهرات كبيرة في أمريكا وكندا وفرنسا وبريطانيا تحمل أعلامًا فلسطينية ويرتدي منظموها الكوفية الفلسطينية وترفع شعار: "ليس باسمنا" و"يهود ضد الصهيونية" و"الحرية لفلسطين، من النهر إلى البحر".
كما شارك أكاديميون يهود مشهورون بتوقيع مذكرات وإصدار بيانات وتصريحات مؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته. وتتفاوت مواقف هذه الشخصيات من انكار حق إسرائيل بالوجود إلى الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني ببناء دولته. وآخر هذه المذكرات تلك التي تم توقيعها من قبل 52 أكاديمي في بريطانيا مطالبين بإلغاء الحظر على جمعية "العمل من أجل فلسطين" ومن هؤلاء عدد من اليهود مثل: آفي شلايم وإيلان بابيه ونعومي كلاين.
وكان لمواقف المفكرين والسياسيين والمؤرخين والآثاريين اليهود أثر كبير، ومن هؤلاء نورمان فنكلشتاين وإيلان بابيه وجدعون ليفي وميكو بيليد ومائير بار وآفي شلايم وشلومو ساند والكاتبة نعومي كلاين وجوديث باتلر وبيرني ساندرز. وهذه المواقف أظهرت للعالم بأن هناك فرقاً بين الحركة الصهيونية واليهود، وأن إسرائيل لا تمثل اليهود، وهذا رفع من جرأة المتظاهرين في الجامعات والشوارع فباتوا لا يهتموا بجديّة تهمة معاداة اليهود والسامية.
ومن المهم الاعتراف بدور الإعلاميين والصحافيين اليهود مثل: ماكس بلومنتال، ميكي بيليد وأخته ميريت، جدعون ليفي، والكوميدي جون ستيوارت والناشطة ميديا بنجامين وغيرهم الكثيرين.
وفي مقابل هؤلاء المفكرين والشخصيات الأكاديمية والثقافية يتصاعد دور المستوطنين والمتطرفين بممارساتهم غير الحضارية، وهذا يزيد من هوّة الفجوة بين الطرفين. ويبدو ذلك بوضوح خارج حدود إسرائيل.
ويمكن تلخيص نتائج وجود مواقف أخلاقية لعدد كبير من اليهود والتجمعات اليهودية المعادين للصهيونية بما يلي:
1. إسرائيل لا تمثل يهود العالم والصهيونية لا تمثل اليهودية بل هي خطر على اليهود واليهودية.
2. الصهيونية مشروع عسكري بغطاء ديني.
3. مواقف المؤرخين الجدد والآثاريين اليهود (والآخرين غير اليهود) هزّت نظرية "أرض الميعاد" و"شعب الله المختار.
4. لم يعد من السهل تصديق الروايات الصهيونية بشكل عام، ولم يعد الحديث عن معاداة السامية أمراً غير قابل للنقاش.
5. اليهود الأصليين كانوا جزءا من الشعب الفلسطيني والعيش المشترك بين مكوّنات هذا الشعب يمكن أن يستمر بعيداً عن الصهيونية.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟