الحجام ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 17:47
المحور:
المجتمع المدني
من يقف وراء إقصاء الجمعية الوطنية لأسر شهداء و مفقودي و أسرى الصحراء المغربية من حضور الاحتفالات الرسمية( عيد العرش نموذجا.)
وأنا أتابع مراسيم الاحتفال الرسمي بعيد العرش و مراسيم تربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة على عرش أسلافه الميامين،أثارني بصفتي ابن شهيد الصحراء المغربية إقصاء هيئة مدنية أنتمي إليها تعنى بملف ذو أهمية قصوى ألا و هي الجمعية الوطنية لأسر شهداء و مفقودي و أسرى الصحراء المغربية،من هذه الاحتفالات الرسمية التي من المفروض و العادي أن تكون ضمن المدعوين لها،لكن مع هذا الإقصاء أو الإبعاد؟ و بعد تفكير طويل و تحليل عميق لهذه النازلة إن لم نقل هذا الخطأ الفادح سواء أكان عن قصد أو غير قصد.
سأعيد ترتيب المعطيات و تحليلها لأتقاسمها مع الرأي العام الوطني في أفق معرفة مكامن الخطأ أو من له المصلحة في هذا الإقصاء لإطار مهم يلعب دوره الدستوري منذ تأسيسه بتاريخ 13-11-1999،و هي الجمعية الوطنية الاجتماعية لأبناء شهداء و مفقودي الصحراء المغربية، ليتغير الاسم في المؤتمر الأول للجمعية سنة 2004 ليصبح الاسم: الجمعية الوطنية لأسر شهداء و مفقودي و أسرى الصحراء المغربية،الكل يعلم علم اليقين أنه بعد المسيرة الخضراء دخل المغرب في حرب مع انفصالي جبهة البوليساريو المدعومة من طرف الجزائر و دول أخرى آنذاك و خلفت هذه الحرب ألاف الشهداء من كل ربوع المملكة جنوبا و شمالا و شرقا و غربا،طبعا هؤلاء الشهداء خلفوا وراءهم أسر. و نعلم جميعا الظروف السياسية و الاقتصادية للمغرب آنذاك و كان الهم الوحيد هو استرجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة، و استكمال الوحدة الترابية للبلد و بأي طريقة المهم هو استرجاع الأرض.لكن دون الحديث عن أسر الشهداء و معاناتهم و آهاتهم لاعتبارات عديدة و سوف لن أخوض في هذا الجانب بقدرما سأبين أسباب نشأة هذا الإطار الذي لعب و يلعب دورا مهما من حيث لا تدري بعض الجهات التي تحاربه بكل الطرق و أخبثها،كل المغاربة يعرفون ما عاشه المغرب بعد المسيرة الخضراء في سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي، سواء تعلق الأمر بالوضع السياسي للبلاد أو الحرب التي كانت مشتعلة بالأقاليم الجنوبية للملكة.و أمام انشغال الإطارات السياسية آنذاك في معركتها الوجودية، و انشغال النظام المغربي كذلك بأمور أخرى كان يعتبرها من الأولويات، و حتى الجهات العسكرية لا يمكنها أن تهتم بهذه الفئة حيث كانت لها أولويات شأنها في ذلك شأن الأحزاب السياسية و الإطارات المدنية الأخرى. و مرت السنيس إلى حدود ترعرع أبناء الشهداء و بدأت بوادر التغيير تلوح بربوع المملكة و ظهور انفراجات سياسية تشجع أبناء هؤلاء الأبطال المنسيين ، للحديث عن معاناتهم و تطلعاتهم و طرحها للعلن كباقي مكونات الشعب المغربي.و كان لأبناء الشهداء الذين استطاعوا أن يتمدرسوا و أن يصلوا إلى مستويات تعليمية محترمة، من مناقشة ملفهم الحقوقي مع مجموعة من الإطارات السياسية و المدنية آنذاك، و اتضح جليا أن كل هذه الإطارات ليست مستعدة لتبني ملفنا الحقوقي. وهنا نضجت الفكرة و اختمرت و انطلقت بوادرها من مدينة سيدي سليمان، في تأسيس هذا الإطار الوطني المختص في هذا الملف، لتصبح هذه التجربة المتواضعة و المهمة لها عمر 26 سنة، مقرونة باعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، و بداية مسيرة الحداثة و البناء الجديد على كل المستويات.إن هذه التجربة بكل بساطة هي وليدة معاناة بعيدة كل البعد عن الأديلوجيات التي كانت سائدة في تلك الفترة، لم تكن أبدا منظمة أو تابعة لأي حزب أو جماعة أو تنظيم. بل كل الإطارات كانت تبتعد من هذا الملف. و لحدود الساعة فالأمور جد عادية، إطار مدني حقوقي مستقل يعنى بملف حقوقي صرف تم تغييبه من طرف الجميع عن قصد أو بدون قصد، فكانت النتيجة كارثية على جميع الأصعدة. بل تم استغلال هذا الملف من أطراف عديدة أساء للقضية.إن هذه التجربة أغنت الحقل المدني المغربي و كسرت الأعراف التقليدية له و النتيجة هو تأسيس إطار وطني في مدينة هامشية عكس ما كان معمول به في تأسيس الجمعيات الوطنية التي كانت تتواجد فقط بالمدن الكبرى بالمملكة،أخذت على عاتقها ملفات كبيرة من قبيل الملف الحقوقي لهذه الأسر، ملف الأسرى المغاربة الذين كانوا معتقلين لدى جبهة البوليساريو و الدولة الجزائرية ، و الترافع و الدفاع عن ملف القضية الوطنية بإمكانيات ذاتية،علما أن الجمعية تتوفر على خزانة مهمة و متنوعة من الندوات المتعلقة بملف الصحراء المغربية،وتم اختراق الإطارات الدولية و الصحافة الدولية التي كانت تساند الجبهة بدون الاستناد على معطيات صحيحة، من قبيل منظمة فرنسا للحريات سنة 2003و2004 والصحافة الاسبانية بالخصوص التي كانت داعمة لأطروحة الانفصاليين أنذك و حققت الجمعية نتائج جد مهمة لم تحققها جهات رسمية وإطارات مدنية مسنودة رسميا في تلك الفترة، إذن المتتبع و المسؤول في هذه الحالة المفروض عليه هو تشجيع هذه التجربة و احتضانها لا محاربتها و شيطنتها، وحتى إن تم تسجيل و ارتكاب أخطاء من طرف هذا الإطار في فترات متفرقة فلم يكن ذلك هو الأساس بقدرما كان استثناء، و ناتج عن قصور في التجربة و غياب التأطير لا غير. فدور هذا الإطار مهم و تواجده في الساحة الوطنية و الدولية أهم.
إذن من له المصلحة في إبعاد هذا الإطار الذي يؤدي دوره بدون دعم و باستقلالية تامة،وبنتائج مهمة هل تواجد إطارنا يزعج جهات ما؟ فإذا كان صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وحفظه يترحم على أبائنا الشهداء في خطبه و يعطي تعليماته السامية من أجل العناية بهذه الفئة و حل مشاكلها،و لا يتم استدعاؤها لمثل هذه المناسبات أظن أن الاحتفال يبقى منقوصا من عنصر مهم ألا وهو عنصر الممثل لأسر شهداء حرب الصحراء المغربية، و الكل يعلم الآن أن هذه الفئة هي التي سيتم الاحتفال بها مستقبلا بعد الطي النهائي لملف الصحراء المغربية،فلا أعتقد أن الاحتفال سيكوم مكتمل الأطراف إذا تم إقصاء هذا المكون من الشعب المغربي،كما أن هذه النجاحات الكبيرة التي تحققها الدبلوماسية المغربية تحت القيادة الرزينة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله،ستبقى غير مكتملة إن لم يتم استدعاء هذا العنصر المهم في كل المناسبات الوطنية التي لها علاقة بالقضية الوطنية لأن الحديث عن القضية الوطنية يحيل مباشرة الحديث عن الشهيد، فلا يمكن إقصاء هذا العنصر.فرجاء أيها المسؤولون المعنيون بهذا الإقصاء سواء كنتم مدنيون أو عسكريون أعيدوا حساباتكم، وصححوا ما يمكن تصحيحه في المستقبل القريب، باستدعاء هذا الإطار للمشاركة في كل الأعياد الوطنية. و أن يكون من الأوائل و المكرمين قبل فوات الأوان فالجمعية نبهتكم لخطأ قاتل و لكي لا يتم استغلاله من طرف أعداء الوطن الذين يتربصون الفرص، فالجمعية هي غصن من تلك الشجرة، شجرة شهداء الصحراء المغربية الذين سقوا بدمائهم الزكية رمال الصحراء المغربية، و الذين دافعوا عن الثوابت الوطنية فلا تجازى الوطنية بهذه الطريقة طريقة الإبعاد و الإقصاء؟.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟