أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - العفيف الآل عبدالله - الشيطان وأبو هريرة















المزيد.....

الشيطان وأبو هريرة


العفيف الآل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 11:33
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



هل ذلك الشيطان المعشعس في أذهان الناس وكما يتخيلونه في عقولهم موجود فعلياً؟ أثار هذا السؤال الفضول في نفسي للبحث عن ما جاء في الإسلام من قرآن وأحاديث وآراء. وخلال قراءاتي لهذه المصادر وجدت الكثير من ما يثير الفضول والتساؤلات منها على سبيل المثال حديث أبي هريرة والشيطان عندما جاء هذا الأخير إلى بيت مال المسلمين فأخذ يحثو من الطعام والحديث بنصه كما ورد عن أبى هريرة رضى الله عنه- أنه قال: وكلني رسول الله ( بحفظ زكاة رمضان، فأتانى آت، فجعل يحثو (يسرق) من الطعام، فأخذته، وقلت والله لأرفعنك إلى رسول الله (. قال: إنى محتاج، وعليَّ عيال، ولي حاجة شديدة. قال: فخليت عنه.
فأصبحت، فقال النبي (: (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟) قال: فقلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته، وخليت سبيله. فقال (: (أما إنه قد كذبك وسيعود). فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله ( إنه سيعود، فرصدته، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله (. فقال: دعنى، فإنى محتاج، وعليَّ عيال، لا أعود. فرحمته، فخليت سبيله.
فأصبحت، فقال لي رسول الله (: (يا أباهريرة ما فعل أسيرك؟) قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته، فخليت سبيله. قال: (أما إنه قد كذبك وسيعود). فرصدته الثالثة، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله ( وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم لا تعود ثم تعود. قال: دعني، أعلمك كلمات ينفعك الله بها. قلت: وما هى؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى: الله لا إله إلا هو الحى القيوم.. حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فخليت سبيله.
فأصبحت، فقال لي رسول الله (: (ما فعل أسيرك البارحة؟) قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، فقال (: (ما هي؟) قلت: قال لى: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى من أولها حتى تختم الآية، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فقال رسول الله (: (أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب مذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟). قلت: لا. فقال: (ذاك شيطان) [البخارى(

بحثت في العديد من كتب التراث عن تأويل ذلك ولكنها تمضي كلها في اتجاه واحد في تناول هذا الحديث لذلك سمحت لنفسي سرد هذه التساؤلات عل القارئ يشاركني الفضول وأسردها كما وردت إلى مخيلتي عن هذه الحادثة الغريبة واحتاط لهذا مبدئياً عدم إنكاري لما حدث لكن تأويل الحدث شئ آخر. ما هو الهدف الذي كان يرمي إليه الشيطان من خلال حثوه الطعام.. وتعذره بالحاجة والعيال؟ هل كان الشيطان جائعاً عندما جاء ليبحث عن الطعام؟ لماذا لم يجد إلا بيت مال المسلمين الفقراء أصلاً في تلك الفترة؟ لماذا ترك خزائن كسرى وقيصر المملوؤة ذهباً وجواهر واختار بدلا عن ذلك أن يذهب إلى مدينة في الصحراء؟ وإذا كان لا يريد الأكل وكان له هدف آخر (لمكره الشديد ودهائه الخبيث (عليه اللعنة)... فلماذا كان يسرق الطعام فقط ويحاول الإفلات به دون أن يتخلى عن كسرة منه ... فإذا أمسكه أبو هريرة إشتكى الحاجة والعيال؟ هل كان يخطط لشئ ما لم نعرفه.. هل كان يريد أن تقطع يد أبو هريرة مثلاً لنقص زكاة رمضان.. ولكن لم يتضح لنا أي نية سوء هذه المرة سوى أنه كان يملؤ جواله ويذهب بسلام... حتى أنه لم يفتح أي حديث جانبي مع أبي هريرة من أي نوع ديني أو دنيوي ولم يراوده عن دينه ... ولم يعده بشئ كما لم يشككه بنبيه مع أنه كان يمكن له عمل ذلك من دون أخذه طعاماً!! بل أن قد أسدى له (نصيحة) لا تقدر بمال وهي قراءة آية الكرسي عند النوم وهي التي ستطرده (الشيطان نفسه) وتعطي أبا هريرة حصانةً من كيده ... مع أن هذا الكيد هو رسالة إبليس في الحياة... ثم لماذا لم يختفي من أمام ناظر أبي هريرة عندما رآه ... أو لماذا لم يجاريه ثم (يخنس) في الطريق عندما يأخذه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويختفي نهائياً إذا أدرك أنه قد فشل؟ ولماذا منذ البداية يبحث عن الطعام وهو لا يأكل إلا العظم والروث؟ لماذا لم يبحث عن شئ آخر كدنانير أو دراهم؟ هل لأن هذا الطعام من زكاة رمضان وهو لا يريد أن يأكل من أكلٍ غير حلال كتلك الأطعمة والمسكرات التي تكثر بين أتباعه الضالين... ألم يكن من الأولى له أن يبحث عن مكيدة أخرى يضل بها أبا هريرة... كأن يأتي بصورة رجل تقي مثلاً ويتصدق على بيت مال المسلمين فيثق به أبوهريرة ليبدأ بدوره في نسج حباله الشيطانية على المسكين... أو يأتي بصورة رجل فقير عاجز لا يسأل إلا الحاجة التي تكفيه ... ولا داعي لإثارة المشاكل مع أبي هريرة ... ثم يجلس معه لأنه لا يملك مكاناً يأوي إليه لينام وبذلك ينتهز فرصة مثالية لفتح الحديث مع أبي هريرة وحياكة ألاعيبه الخبيثة...لا أن يأتي ليأخذ ما يكفي لشخص وعائلته ثم يذهب ويكرر ذلك ثلاث مرات بدون تحقيق هدف يذكر... حتى أنه قد تورط في الإفصاح عن الأسلوب الذي من خلاله يتحصن الإنسان منه... وهل كان في مخططه أن يستمر على ذلك المنوال كل ليلة حتى يفتضح شأنه... أم أنه كان يريد أن يلحق المجاعة بفقراء المسلمين إذا هو أخذ كل زكاة رمضان؟ لماذا كان يتساهل أبو هريرة ويترك من هب ودب أن يحثو كما يشاء دون معايير أو توجيهات للعطاء بحسب الحاجة أو لتحقيق العدالة بين الفقراء؟

ولماذا كان الشيطان بكل ذلك الضعف أمام أبي هريرة بينما رفض الامتثال للسجود لله القوي العزيز مع علمه بضعف بني آدم... وتوعده ببث الشر حتى قيام الساعة... هل استنفد كل طاقاته ولم يعد بوسعه أمام أبي هريرة سوى الاستجداء والتوسل بالرحمة وتقديم النصائح الدينية للآخرين في طرق تجنب وساوسه؟ يا لها من حالة مزرية قد وصل إليها الملعون... ومن وجه آخر فالمدينة كانت صغيرة الحجم ويعرف أهلها بعضهم البعض كما أن القادم إليها سيكون مميزاً مباشرة وستعرف الدار التي ستستضيفه فكيف غاب ذلك عن أبي هريرة وتركه يجول في مدينة رسول الله دون أن يحترز لذلك ... بل أنه قد تجرأ ولم يكتف بالتجوال في المدينة وتجرأ على بيت المال... أما كان الأجدر بأبي هريرة أن يتحرى عن الدخيل الفقير في صباح اليوم التالي ولو حتى للاطمئنان إلى أن صرف الزكاة يتم على الوجه الشرعي... أو من باب الاطمئنان على أحوال المسلمين؟ أو كاحترازات أمنية ضد المتربصين بأهل المدينة... خصوصاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ابتدر أبا هريرة بالسؤال وأخبره بأنه سيعود إلا أن أبا هريرة لم يكترث ولم يبحث عن معلومات بشأن ذلك الفقير... وفيما يتعلق بسؤال النبي عنه .... فما مدلول كلمة "أسيرك" مع العلم أنها لا تدل إلا على من أسر في حرب كما نصت عليه مراجع اللغة وأنها تقترن بالقيود... ثم إذا كان لكل إنسان شيطانه أو قرينه فكيف يترك هذا الشيطان صاحبه ويذهب للبحث عن طعام عند أبي هريرة... ثم يورط بقية الشياطين أو كلهم بأن فضح كيفية التخلص منهم... هل هناك شيطان واحد يسيطر على البشر كلهم أم أنهم أكثر من الإنس ويتعاون الإثنان والثلاثة على الإنسي الواحد فيضلوه ... أم أنهم أقل فيبقى بعض الإنس بدون شيطان؟ ولكن عندما أفصح رسول الله لأبي هريرة عن أن ذلك شيطان فكيف عرف الشيطان أن أبا هريرة قد عرفه ولن يتركه بأي حال من الأحوال أن هو ظفر به هذه المرة... بمعنى أنه سمع النبي يفضح شأنه ...أي أنه كان بحضرة النبي.. فلماذا ظل يتهرب ثلاث ليال من القدوم إلى حضرة رسول الله... ولماذا أظهر ذلك الخوف عندما هدده أبا هريرة برفع شأنه للنبي... وكيف ستكون الحال لو أن أبا هريرة أخذه إلى النبي ولم يصدقه قبل أن يطلعه النبي بالسر حيث أنه قد كذب عليه ثلاث مرات... فكان الأولى أن يأخذه إلى النبي مباشرة... وعدم تصديق مواعظه لأنه يكذب عليه عدة مرات ... ثم لماذا اضطر الشيطان أن يتكلم بالصدق هذه المرة ويفصح عن آية الكرسي، مع أن لو اختار مثلاً الآية الأولى من سورة مريم لكان صدقه أبوهريرة لأنه لا علم لديه بشأن ذلك فقد أخبر النبي في اليوم التالي أن الأسير "زعم" ...ثم لماذا لم يذكر أبو هريرة وصف وشكل الشيطان الذي كان يقابله كما ورد في أحاديث أخرى عن وصف الرجال الغرباء كحديث أركان الإسلام مثلاً عندما وصف عمر ذلك الغريب بأنه "شديد إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد"
هل نستطيع أن نفهم من كل ذلك بأن هذا الشيطان لا ينتمي إلى فصيلة الجن بل إنه من الإنس ولفظ شيطان على لسان النبي صلوات الله عليه قد وردت بصيغة النكرة أي بمعنى أنه شرير فقط... أو أنه من فصيلة الجن ولكنه طرد منها مما سبب له الجوع والبهذلة والمهانة.... ولم يجد من يغيثه من أولئك المشركين في مكة ومن حولها ولا الكافرين في الروم وفارس ولا اليهود ولا النصارى ولا المجوس فمثل هؤلاء لن يسامحوه إذا أخذ من أموالهم بل سيقتلونه مباشرة؟ ما هذه الحيل التي لم تتكرر في تاريخ هذا اللعين والتي لم نعرف مقصدها حتى الآن سوى ما ظهر منا من خير عظيم وقراءة قرآن... هل كان يريد أن يتوب ولكنه لم يعرف الطريق الصحيح أم هل حدث له حادث جعل منه لا يميز هل هو جني أم إنسي؟ هل يخاف من البشر أم يخاف من الله.. هل يأكل روثاً وعظماً أم يأكل من تمر المدينة... لقد اختلطت عليه الأمور وعلينا أيضاً.. إلا أن تفسير ذلك يمكن أن يكون على النحو التالي: أنه مع بداية ظهور الدولة الإسلامية التي ستقوظ أركان المملكة الشيطانية لم يعد الشيطان يستطيع أن يفكر باتزان كيف سيتغلب على المسلمين فأصبح يتصرف بهذا الطيش والتهور إلا أنه عاد لرشده ولم يظهر مرة أخرى حتى يتجنب الوقوع في يد شخص آخر كعمر بن الخطاب أو خالد بن الوليد الذين لن يتركوه لو فلت إلى أيديهم.

العفيف آل العبدالله



#العفيف_الآل_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - العفيف الآل عبدالله - الشيطان وأبو هريرة