|
الاتجاهات الفكرية الريديكالية والحرية في عصر المنفلوطي وفكتور هجو لفقاي أدوال
فقاي أدوال
الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 09:13
المحور:
الادب والفن
المقدمة الحرية بمستوى المختلفة وتمظهرا المتنوعة مطلب إنسانيّ في كلّ مجتمعات، بحيث يمثّل حضورها في الحياة وضعف وجودها فيها معيارا للفرق بين المجتمعات من حيث التزامها لعيش تبعا لمقتضى فالحرية قوام كرامة الإنسان، كرامة وميزة إنسانية شاملة، تتأتى من خلال ممارسة احترام حقوق الإنسان لاختياره النير، ومع أن البشر قد يمتلكوا على درجات متفاوتة ليست امتيازا خاصا لأي فرد، أو جنس، أو طبقة وتنمية الحرية لا تفضل الإنسان عن رفاقه، ولكنها توحي لق رابة العالمية لذلك فإن ممارستها هي دعوة إنسانية شاملة. المحور الأول:قصة الأديب المنفلوطي في الحرية: استيقظت في فجر هذا اليوم على صوت هرة تموء بجانب فراشي وتتمسح بي، وتلح في ذلك إلحاحا غريبا، فرابني أمرها وأهمني همها، وقلت: لعلها جائعة فنهضت وأحضرت لها طعاما فعافته وانصرفت عنه، فقلت: لعلها ظمآنة فأرشدتها إلى الماء فلم تحفل به، وأنشأت تنظر إلي نظرات تنطق بما تشتمل عليه نفسها من الآلام والأحزان، فأثر في نفسي منظرها تأثيرا شديدا حتى تمنيت أن لو كنت سليمان، أفهم لغة الحيوان؛ لأعرف حاجتها وأفرج كربتها، وكان باب الغرفة مقفلا فرأيت أنها تطيل النظر إليه وتتلصق بي كلما رأتني أتجه إليه، فأدركت غرضها وعرفت أنها تريد أن أفتح لها الباب، فأسرعت بفتحه فما وقع نظرها على الفضاء، ورأت وجه السماء، حتى استحالت حالتها من حزن وهم إلى غبطة وسرور وانطلقت تعدو في سبيلها، فعدت إلى فراشي، وأسلمت رأسي إلى يدي وأنشأت أفكر في أمر هذه الهرة وأعجبت لشأنها وأقول: ليت شعري هل تفهم الهرة معنى الحرية، فهي تحزن لفقدانها وتفرح بلقياها، أجل؛ إنها تفهم معنى الحرية حق الفهم، وما كان حزنها وبكاؤها وإمساكها عن الطعام والشراب إلا من أجلها، وما كان تضرعها ورجاؤها وتمسحها وإلحاحها إلا سعيا وراء بلوغها. (المَنْفَلُوطي، 1982م ، ص: 145). وهنا ذكرت أن كثيرا من أسرى الاستبداد من بني الإنسان لا يشعرون بما تشعر به الهرة المحبوسة في الغرفة، والوحش المعتقل في القفص والطير المقصص الجناح من ألم الأسر وشقائه، بل ربما كان بينهم من لا يفكر في وجه الخلاص، أو يلتمس السبيل إلى النجاة مما هو فيه، بل ربما كان بينهم من يتمنى البقاء في هذا السجن ويأنس به ويتلذذ بالآمه وأسقامه. من أصعب المسائل التي يحار العقل البشري في حلها أن يكون الحيوان الأعجم أوسع ميدانا في الحرية من الحيوان الناطق، فهل كان نطقه شؤما عليه وعلى سعادته، وهل يجمل به أن يتمنى الخرس والبله ليكون سعيدا بحريته كما كان سعيدا بها قبل أن يصبح ذكيا ناطقا يحلق الطير في الجو، ويسبح السمك في البحر، ويهيم الوحشفي الأودية والجبال، ويعيش الإنسان رهين المحبسين: محبس نفسه ومحبس حكومته من المهد إلى اللحد. (المَرجع نفسه، ص :145). صنع الإنسان القوي للإنسان الضعيف سلاسل وأغلالا وسماها تارة ناموسا وأخرى قانونا؛ ليظلمه باسم العدل ويسلب منه جوهرة حريته باسم الناموس والنظام. صنع له هذه الآلة المخيفة، وتركه قلقا حذرا مروع القلب مرتعد الفرائض، يقيم من نفسه على نفسه حراسا تراقب حركات يديه وخطوات رجيله وفلتات لسانه وخطرات وهمه وخياله؛ لينجو من عقاب المستبد ويتخلص من تعذيبه، فويل له ما أكثر جهله، وويح له ما أشد حمقه، وهل يوجد في الدنيا عذاب أكبر من العذاب الذي يعالجه، أو سجن أضيق من السجن الذي هو فيه. ليست جناية المستبد على أسيره أنه سلبه حريته بل جنايته الكبرى عليه أنه أفسد عليه وجدانه فأصبح لا يحزن لفقد تلك الحرية ولا يذرف دمعة واحدة عليها. لو عرف الإنسان قيمة حريته المسلوبة منه وأدرك حقيقة ما يحيط بجسمه وعقله من السلاسل والقيود لانتحر كما ينتحر البلبل إذا حبسه الصياد في القفص، وكان ذلك خيرا له من حياة لا يرى فيها شعاعا من أشعة الحرية ولا تخلص إليه نسمة من نسماتها. (المَرجع السابق ذكره، ص :147). كان في مبدأ خلقه يمشي عريانا أو يلبس لباسا واسعا يشبه أن يكون ظلة تقيه لفحة الرمضاء، أو هبة النكباء، فوضعوه في القماط كما يضعون الطفل، وكفنوه كما يكفنون الموتى، وقالوا له هكذا نظام الأزياء، كان يأكل ويشرب كل ما تشتهيه نفسه، وما يلتئم مع طبيعته، فحالوا بينه وبين ذلك، وملئوا قلبه خوفا من المرض أو الموت وأبوا أن يأكل أو يشرب إلا كما يريد الطبيب، وأن يتكلم أو يكتب إلا كما يريد الرئيس الديني أو الحاكم السياسي، وأن يقوم أو يقعد أو يمشي أو يقف أو يتحرك أو يسكن إلا كما تقضي به قوانين العادات والتقاليد. لا سبيل إلى السعادة في الحياة إلا إذا عاش الإنسان فيها حرا مطلقا، لا يسيطر على جسمه وعقله ونفسه ووجدانه وفكره مسيطر إلا أدب النفس، الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، فمن عاش محروما منها عاش في ظلمة حالكة يتصل أولها بظلمة الرحم، وآخرها بظلمة القبر.الحرية هي الحياة ولولاها لكانت حياة الإنسان أشبه شيء بحياة اللعب المتحركة في أيدي الأطفال بحركة صناعية. (المَنْفَلُوطي، 1982م، ص: 148). ليست الحرية في تاريخ الإنسان حادثا جديدا، أو طارئا غريبا، وإنما هي فطرته التي فطر عليها مذ كان وحشا يتسلق الصخور، ويتعلق بأغصان الأشجار. إن الإنسان الذي يمد يده لطلب الحرية ليس بمتسول ولا مستجد، وإنما هو يطلب حقا من حقوقه التي سلبته إياها المطامع البشرية، فإن ظفر بها فلا منة لمخلوق عليه ولا يد لأحد عنده. (المَنْفَلُوطي، ص:149). المحور الثاني: قصة المنفلوطي عن الزوجتان: حدث أحد الأصدقاء قال: سأقص عليك قصة لسيت من خيالات الشعراء ولا أكاذيب القصاصين، أويت إلى مضجعي في ليلة من ليالي الشتاء حالكة الجلباب، غدافية الإهاب، فما استقبلت أول طليعة من طلائع النوم حتى قرع باب غرفتي فتسمعت فإذا الخادم تقول: إن امرأة سيئة الحال بذة الثياب في زي المتسولات تلح في طلب مقابلتك وتقول إن لها عندك شأنا، فقلت في نفسي لا شأن لي مع امرأة، وربما كانت ذات حاجة وكانت حاجتها إلي أكثر من حاجتي إلى النوم، على أن النوم لا يفوتني، فليل الشتاء أطول من يوم القضاء، فارتديت ردائي ونزلت فإذا فتاة في ملاءة بالية وبرقع خلق ينم بجمالها كما ينم السحاب المتقطع بضوء الشمس، وإذا هي ترعد وتضطرب وتقول بصوت شجي: أما في الناس أخو همة ومروءة يعين على الدهر الغادر ويطفئ هذه الجذوة التي تأجج بين أضعالي بقطرة واحدة من الرحمة، فقلت: من أنت يرحمك الله؟ قالت: أنا فلانة زوج فلان. (المَرجع، ص: 228). القلب فخدعه الخادعون عني، ومن ذا الذي لا يخدع بشاب متعلم مهذب من ذوي المناصب الكبيرة والرتب العالية، وكيفما كان الأمر فقد تم عقد الزواج بيننا فاعتبطت به واعتبط بي برهة من الزمان حسبتها دائمة لا انقطاع لها حتى يفرق بيننا الموت، وكنت امرأة أجمع في نفسي جميع ما يمت به النساء إلى الرجال فما خنته ولا ضقت ذرعا بأمره ولا قطبت في وجهه مرة ولا أتلفت له مالا ولا نقضت له عهدا، فجازاني سوءا بالإحسان، وكفر بنعمة الله بعد الإيمان، وخان ودي، ونقض عهدي، لا لذنب أتيته، أو وصمة يصمني بها، وكل ما في الأمر أنه رجل ملول، ولا تغضب يا سيدي إن قلت لك إن قلب الرجل متقلب متلون يسرع إلى البغض كما يسرع إلى الحب، وإن هذه المرأة التي تحتقرونها وتزدرونها وتضربون الأمثال بخفة عقلها وضعف قلبها أوثق منه عقدا، وأمتن ودا، وأوفى عهدا، ولو وفى الزوج لزوجته وفاءها له ما استطاع أن يفرق بين قلبيهما إلا ريب المنون، قلت: أنا لا أغضب لشي إلا للإنسانية أن ينقض عهدها، ويخفر ذمامها، ثم ماذا تم بعد ذلك، قالت: مات أبي كما تعلم وخلف لي مالا أمكنت منه زوجي فأتلفه بين الخمر والقمر، فكنت أغضي على هفواته رحمة به وشفقة عليه واستبقاء لوده. (المَنْفَلُوطي، 1982م، ص: 230). حتى إذا صفرت يدي وأقفر ربعي أحسست منه مللا كان يدعوه إلى سوء عشرتي وتعذيب جسمي ونفسي، وكان كثيرا ما يتهكم بي ويقول: إني لا أحب المرأة الجاهلة التي لا تفهمني ولا أفهمها، وآونة كان يعرض بي قائلا: إن الرجل السعيد هو الذي يرزق زوجة متعلمة تقرأ له الجرائد والمجلات، وتفاوضه في المسائل الاجتماعية والسياسية، بل يتجاوز التعريض إلى التصريح فيقول كلما دخل علي متأففا متذمرا: ليت لي زوجة كفلانة فإنها تحسن الرقص والغناء والتوقيع على البيان فكنت أشك في سلامة عقلة، وأقول في نفسي كيف يفضل الزوجة المتبذلة المستهترة على الحبيبة المحتشمة، ووالله ما تمنيت مرة أن أكون على الصفة التي يحبها ويرضها مع ما كنت أبذل في رضاه من ذات اليد وذات النفس، وبعد فما زال الملل يدب في نفسه دبيب الصهباء، في الأعضاء، حتى تحول إلى بغضاء شديدة، فما كان يلحظني إلا شزرا ولا يدخل المنزل إلا لتناول غرض أو قضاء حاجة، فكنت أحتمل كل هذا بقلب صبور، وجنان وقور، ثم عرض له بعد ذلك أن نقل إلى منصب أرقى من منصبه في بلد آخر على ما تعلم فسافر وحده وتركني في المنزل وحيدة لا مؤنس لي غير طفلتي فلبثت أترقب كتابا منه يدعوني فيه إلى اللحاق به فما أرسل كتابا ولا رسولا ولا نفقة فاستكتبت إليه الكتاب بعد الكتاب فما أسلس قياده، ولا طاوع عناده، فسافرت إليه مخاطرة بنفسي غير مبالية بغضبه لأعلم غاية شأنه وشأني معه، فما نزلت من القطار حتى قيض الله لي من وقفني على حقيقة أمره وأعلمني أنه تزوج من فتاة متعلمة تقرأ له الجرائد والروايات وتفاوضه في المسائل الاجتماعية والسياسية وتحسن الرقص والغناء والتوقيع على البيان، فداخلني من الهم ما الله به عليم، وجزعت ولكن أي ساعة مجزع، ولا أظن إلا أن العدل الإلهي سيحاسبه على كل قطرة من قطرات الدموع التي أرقتها في هذا السبيل حسابا غير يسير. (المَرجع نفسه، ص: 231). وكأنه شعر بمكاني فجاء إلي يتهددني ويتوعدني فتوسلت إليه ببكاء طفلته التي كنت أحملها بين يدي وذكرته بالعهود والمواثيق التي تعاقدنا عليها، وذهبت إلى استعطافه كل مذهب فكنت كأنني أخاطب ركودا صماء١، أو أستنزل أبودا عصماء٢، ثم طردني وأمر من حملني إلى المحطة فعدت من حيث أتيت الركود من الركود وهو الثبات والسكون، والصخرة الصماء الصلبة المصمتة، أبدت البهيمة توحشت، والعصماء من الظباء التي في ذراعيها بياض وسائرها أسود. (المَرجع السابق ذكره، ص:231). فأحزنني من أمر تلك الفتاة البائسة ما أحزنني ووعدتها بالنظر في أمرها بعد أن خفضت كثيرا من أحزانها ولواعجها، فعادت إلى منزلها وعدت إلى مضجعي أفكر في هذه الحادثة الغريبة وقد اكتنفني همان: هم تلك البائسة التي لم أر في تاريخ شقاء النساء قلبا أشقى من قلبها، ولا نجما أنحس من نجمها، وهم ذلك الصديق الذي ربحته سنين طوالا وخسرته في ساعة واحدة، فقد كنت أغبط نفسي عليه فأصبحت أعزيها عنه، وكنت أحسبه إنسانا فإذا هو ذئب عملس تسترة الصورة البشرية وتواريه البشاشة والابتسام، هذا ما قصه علي ذلك الصديق الكريم: ثم لم أعد أعلم بعد ذلك ما تم من أمره مع تلك الفتاة المسكينة ولا ما تم من أمرها مع زوجها حتى جاءني منه أمس ذلك الكتاب بعد مرور عام على تلك القصة الغريبة.(المَنْفَلُوطي، 1982م ج1 : 234). وهذا نصه: سيدي يهمني كثيرا أن أرى بين كتب التهنئة التي ترد إلي كتابا منك لأسر بمشاركتك إياي في سروري وهنائي، إنك لا بد تذكر تلك القصة التي كنت قصصتها عليك منذ عام في شأن تلك الفتاة البائسة التي خانها زوجها فلان وغدر بها وهجرها إلى أخرى غيرها بعدما جردها مما كانت تملك يدها وما كان من أمر مجيئها عندي وبث شكواها إلي، وربما كنت لا تعلم بما تم من أمرها بعد ذلك، فاعلم أنها دفعت زوجها إلى موقف القضاء فضاق بأمرها ذرعا فطلقها وكنت أفكر في ذلك التاريخ في الزواج كما تعلم من زوج صالحة أجد السعادة في العيش بجانبها وما كنت لأجد زوجة أشرف نفسا ولا أكرم جوهرا ولا أذكى قلبا منها، فتزوجتها فأمتعت نفسي بخير النساء، وأنقذت الإنسانية المعذبة من شقوتها وبلائها، وأبشرك أن الله قد انتقم لهذه الفتاة المظلومة من ذلك الرجل الظالم انتقاما شديدا، فقد حدثني من يعلم دخيلة أمره أنه يعاني اليوم من زوجه الجديدة الموت الأحمر، والشقاء الأكبر، وأنها امرأة قد أخذت التربية الحديثة من نفسها مأخذا عظيما فحولتها إلى فتاة غربية في جميع شئونها وأطوارها، والرجل شرقي بفطرته، أما غربيته فهي متكلفة متعملة يدور بها لسانه ولا أثر لها في نفسه، فهو لا يزال رجلا غيورا شريفا، ولا يزال يقاسي اليوم من تلك المرأة الخرقاء، أضعاف ما كانت تقاسيه منه أشرف النساء، والسلام. (المَرجع نفسه، ص:235). المحور الثالث:المنفلوطي وقصة الاسلام والمسيحية. ما عجبت لشيء في حياتي عجبي لهؤلاء الناس الذين يعجبون كثيرا مما كتبه اللورد كرومر عن الإسلام، كأنما كانوا يتوقعون من رجل يدين بدين غير دين الإسلام ويضن به فوق ضنه بنفسه وماله أن يعتقد الوحدانية، ويصدق الرسالة المحمدية، ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويحج البيت ما استطاع إليه سبيلا، إن اللورد كرومر يعتقد كما يعتقد كل مسيحي متمسك بيسوعيته أن الإسلام دين موضوع ابتدعه رجل عربي بدوي أمي ما قرأ في حياته صحيفة، ولا دخل مدرسة، ولا سمع حكمة اليونان، ولا رأى مدنية الرومان، ولا تلقى شيئا من علوم الشرائع والعمران، هذا مبلغ معتقده فيه فكيف يرى نفسه بين يديه أصغر من أن يناقشه ويناظره ويخطئه فيما وضعه للناس من الشرائع والأحكام، وكيف يسمح لنفسه أن ينظر إليه بالعين التي ينظر بها المسلم إليه من حيث كونه نبيا مرسلا موحى إليه من عند الله. (المَرجع السابق ذكره، ص: 213). تعالى بكتاب كريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أما ما نقرؤه أحيانا لبعض علماء الغرب المسيحيين من وصف الدين الإسلامي بصفات جميلة أو مدح آرائه وأحكامه فهي مكتبوة بأقلام أقوام مؤرخين أدوا للتاريخ حق الأمانة والصدق فلم يعبث التعصب الديني بكتاباتهم، ولا تمشت الروح المسيحية في أقلامهم، ولا ريب في أن اللورد كرومر ليس واحد منهم، فإن من قرأ كتابه مصر الحديثة تخيل أنه يسمع صوت راهب في صومعته قد لبس قلنسوته ومسوحه وعلق صليبه في زناره، فهل يحق بعد ذلك لأحد من المسلمين أن يندهش أو يذهب به العجب كل مذهب إذا رأى في كتاب اللورد كرومر ما يراه كل يوم في كتب المبشرين الإنجيليين وجرائدهم ومجلاتهم من الطعن على الإسلام وعقائده وشرائعه، بلغ التعصب الديني بجماعة المبشرين أن حكموا بوجود اللحن في القرآن بعد اعترافهم بأنه كتاب عربي، نطق به على حسب معتقدهم رجل هو في نظرهم أفصح العرب، وليست مسألة الإعراب واللحن مسألة عقلية يكون للبحث العقلي فيه مجال، وإنما الإعراب ما نطق به العرب واللحن ما لم ينطقوا به، فلو أنهم اصطلحوا على نصب الفاعل ورفع المفعول مثلا لكان رفع الأول.(المَنْفَلُوطي، 1982م ج1 : 214). ونصب الثاني لحنا، ولكن جهلة المبشرين لم يدركوا شيئا من هذه المسلمات، واستدلوا على وجود اللحن في القرآن بقواعد النحو التي ما دونها علماؤه إلا بعد أن نظروا في كلام العرب وتتبعوا تراكيبه وأساليبه، وأكبر ما اعتمدوا عليه في ذلك هو القرآن المجيد، فالقرآن حجة على النحاة وليست النحاة حجة على القرآن، فإذا وجد في بعض تراكيب القرآن أو غيره من الكلام العربي ما يخالف قواعد النحاة حكمنا بأنهم مقصرون في التتبع والاستقراء، على أنهم ما قصروا في شيء من ذلك، وما تركوا كثيرا ولا قليلا ولا نادرا ولا شاذا إلا دونوه في كتبهم، فما في القرآن لحن، ولا النحاة مقصرون، ولكن المبشرين جاهلون، فإذا كان التعصب الديني الأعمى أنطق ألسنتهم بمثل هذه الخرافة المضحكة فليس بغريب أن نسمع من هذا الرجل المتشبه بهم هذا الطعن على الإسلام في نظاماته وأحكامه، إنا لا ننازع اللورد كرومر ولا أمثاله من الطاعنين على الإسلام في معتقدهم، ولكن نحب منهم ألا ينازعوننا في معتقدنا وأن يعطونا من الحرية في ذلك ما أعطوه لأنفسهم، يقول اللورد كرومر: إن الدين الإسلامي دين جامد لا يتسع صدره للمدنية الإنسانية، ولا يصلح للنظام الاجتماعي. ويقول: إن ما لا يصلح له الدين الإسلامي يصلح له الدين المسيحي ويستدل على الإسلام بالمسلمين، وعلى المسيحية بالمسيحيين. (المَرجع نفسه، ص: 215). في أي عصر أيها الفيلسوف التاريخي كانت الديانة المسيحية مبعث العلم والعرفان، ومطلع أشعة المدنية والعمران، أفي العصر الذي كانت تدور فيه رحى الحروب الدموية بين الأرثوذكس والكاثوليك تارة وبين الكاثوليك والبروتستانت تارة أخرى بصورة وحشية فظيعة اسود لها لباس الإنسانية، وبكت الأرض منها والسماء، أم في العصر الذي كانت إرادة المسيحي فيه صورة من إرادة الكاهن الجاهل فلا يعلم إلا ما يعلمه إياه، ولا يفهم إلا ما يلقيه إليه، فما كان يترك له الحرية حتى في الحكم على نفسه بكفر أو إيمان، وبهيمية أو إنسانية، فيكاد يتخيل في نفسه أن له ذنبا متحركا وخيشوما طويلا وأنه يمشي على أربع إذا قال له الكاهن: أنت كلب أو قال له: إنك لست بإنسان، أم في العصر الذي كان يعتقد فيه المسيحي أن دخول الجمل في سم الخياط أقرب من دخول الغني في ملكوت السموات، أم في العصر الذي كان يحرم فيه الكاهن الأعظم على المسيحي أن ينظر في كتاب غير الكتاب المقدس وأن يتلقى علما في مدرسة غير مدرسة الكنيسة، أم في العصر الذي ظهرت فيه النجمة ذات.(المَرجع السابق ذكره، ص: 216). هذا الذي نعلمه أيها الفيلسوف التاريخي من تاريخ العلم والعرفان والمدنية والعمران في العصور المسيحية، ولا نعلم أكانت تلك المسيحية التي كان هذا شأنها وهذا مبلغ سعة صدرها صحيحة في نظرك أم باطلة، وإنما نريد أن نستدل بالمسيحيين على المسيحية وإن لم نقف على حقيقتها، كما فعلت أنت في استدلالك بالمسلمين على الإسلام وإن لم تعرف حقيقته وجوهره، على أن استدلالنا صحيح واستدلالك باطل، فإن المدنية الحديثة ما دخلت أوربا إلا بعد أن زحزحت المسيحية منها لتحل محلها كالماء الذي لا يدخل الكأس إلا بعد أن يطرد منه الهواء؛ لأنه لا يتسع لهما، ولا يجمع.(المَنْفَلُوطي، 1982م، ص: 217). فإن كان قد بقي أثر من آثار المسيحية اليوم في أكواخ بعض العامة في أوروبا فما بقي إلا بعد أن عفت عنه المدنية ورضيت بالإبقاء عليه، لا باعتبار أنه دين مقدس يجب إجلاله وإعظامه، بل باعتبار أنه زاجر من الزواجر النفسية التي تستعين الحكومات بها وبقوتها على كسر شرة النفوس الجاهلة، فلا علاقة بين المسيحية والتمدين الغربي من حيث يستدل به عليها أو باعتبار أنه أثر من آثارها، ونتيجة من نتائجها، ولو كان بينه وبينها علاقة ما افترقت عنه نحو تسعة عشر قرنا كانت فيها أوربا وراء ما يتصوره العقل من الهمجية والوحشية والجهل، فما نفعتها مسيحيتها، ولا أغنى عنه كهنوتها ولا إكليروسها، أما المدنية الإسلامية فإنها طلعت مع الإسلام في سماء واحدة من مطلع واحد في وقت واحد، ثم سارت إلى جانبه كتفا لكتف ما ينكر من أمرها ولا تنكر من أمره شيئا، فالمتعبد في مسجده، والفقيه في درسه، والمعرب في مكتبته، والرياضي في مدرسته، والكيمائي في معمله، والقاضي في محكمته، والخطيب في محفله، والفلكي أمام إسطرلابه، والكاتب بين محابره وأوراقه، إخوة متصافون؛ وأصدقاء متحابون، لا يختصمون ولا يقتتلون، ولا يكفر بعضهم بعضا، ولا يبغي أحد منهم على أحد.(المَرجع السابق ذكره، ص: 218). يصور الشيخ محمد عبده أهداف تفكيره وارتفع صوتي بالدعوة إلى أمرين عظيمين: - الأول: تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف، والرجوع في كسب معارفها إلى ينابيعها الأولى، واعتباره -الدين- ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله لترد من شططه وتقلل من خلطه وخبطه. وقد خالفت في الدعوة إليه رأي الفئتين العظيمتين اللتين يتركب منها جسم الأمة: طلال علوم الدين ومن على شاكلتهم، وطلاب فنون هذا العصر ومن هو في ناحيتهم. - وهناك أمر آخر: كنت من دعاته، والناس جميعا في عمى عنه، وبعد عن تعقله، ولكنه هو الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، وما أصابهم الوهن والضعف والذل إلا بخلو مجتمعهم منه. (البهي، بدون ت :97). الشيخ محمد عبده واحد من أولئكم الزعماء الذين وصفوا بالزعماء الوطنيين (وهم في واقع الأمر زعماء مقاومة الاستعمار الغربي، ومعارضة النفوذ الأجنبي في دائرة العالم الإسلامي العربي!! وهو لا يقل في التأثير على التوجيه القومي عن مواطن معاصر له مثل مصطفى كامل، صاحب تلك الحركة التي اتجهت إلى مقاومة الاستعمار الإنجليزي مباشرة في مصر، ورئيس الحزب الوطني السياسي في السنوات العشرة الأخيرة، من حياة الشيخ محمد عبده.(المرجع نفسه، ص: 99). وكان من رأي مصطفى كامل (أن التعليم العالي، والتعليم الجامعي على الأخص، هو وسيلة إيجاد الوعي الوطني، أما إيقاظ الشعور الإسلامي، وربط مصر بالعالم الإسلامي الخارجي على أساس من التذكير بتعاليم الإسلام، فقد وكل أمره إلى الصحافة، على أن تسهم أيضا في تقوية الوعي الوطني المصري. (المرجع السابق ذكره، ص:99). الشيخ محمد عبده بتوفره على ما عرف منسوبا إليه باسم (الإصلاح الديني قد خلق مدرسة، مدرسة فكرية، ودينية، وعلمية، وتربوية تتجه لمقاومة الاستعمار الغربي نفسه اتجاها غير مباشر، ولا تقل وزنا في تحقيق هذا الهدف عن ذلك النشاط القومي السياسي.(محمد البهي، بدون ت :100). نشأ الشيخ عبده في هذا الجو( واتصل في تربيته بـكتاب القرية ثم بالأزهر، وكتاب القرية والأزهر، كلاهما يعني بالإسلام الأول يعنى بتحفيظ القرآن وهو المصدر الأول للإسلام، والثاني يعنى بتدريس شروح القرآن وبمدارس المسلمين الفقهية والكلامية والأصولية، كما يعنى باللغة العربية في قواعد إعرابها وفي وصف أسلوبها...(المرجع نفسه، ص:100). اتجاه الفكر الإسلامي: ففكرة الجامعة المصرية (وجدت أولا لخدمة القضية المصرية، وهي قضية التحرر من الاستعمار الغربي، وتفكير الجامعة، هو نوع من التفكير يتجه إلى مقاومة الاستعمار الغربي عن طريق تخريج أحرار في التوجيه غير خاضعين لنظام التعليم الرسمي إذ ذاك، وهو نظام وضعه الاحتلال البريطاني، ولم تزل رواسب هذا النظام باقية في اتجاه المدرسة المصرية إلى وقت قريب، ورؤي إذ ذاك -لتحقيق هدف الجامعة أن يبعد بها عن الطابع الرسمي والإشراف الحكومي، وأنشئت بهذا الطابع سنة 1908م، واستمرت بعيدة عن الإشراف الحكومي فترة طويلة من الزمن، إلى أن ضمها علي ماهر في سنة 1925م إلى التعليم الحكومي، على أن يحتفظ باستقلالها وفي جو الجامعة وفي داخل الاتجاه السياسي القومي الذي يعد متوازيا مع اتجاه الإصلاح الديني، إذ كلاهما يهدف إلى مقاومة الاستعمار الغربي. (المرجع السابق، ص:101). يقول المستشرق الإنجليزي جب في تحديد هذين الاتجاهين: إن النتائج التي أعقبت نشاط الشيخ عبده اتجهت بعده إلى اتجاهين متقابلين: مهما كانت نظرات المشجعين للعلمانية في البلاد الإسلامية إلى القانون والسياسة، فموقفهم التوجيهي يمكن أن يخلص: - في الرفض العام لتعاليم القرون الوسطى في الإسلام! كسلطة لا تعقيب عليها. - وفي الاحتفاظ بالحرية الإنسانية في تقدير الأشياء، وفي كون العقل وحده هو الفيصل في ذلك وليس الإسلام!! - ومن جانب آخر تكون حزب ديني، يسمي نفسه بـالسلفية، وهو يتفق مع الاتجاه العلماني في رفض سلطة تعاليم القرون الوسطى، ولكن مع قبول القرآن والسنة، كأساس للفصل في الحقائق الدينية، وهؤلاء السلفيون في مقابل المجموعة العظمى من علماء الأزهر يعتبرون مصلحين، وفي مقابل المجددين أو العلمانيين: يرفضون مذهب الحرية العقلية الذي هو وليد الغرب، وكان زعيم هذا الاتجاه الإصلاحي السلفي تلميذ الشيخ عبده محمد رشيد رضا السوري الذي توفي سنة 1935م فالتجديد إذن -في رقعة الشرق الأدنى- منذ بداية القرن العشرين: هو محاولة أخذ الطابع الغربي، والأسلوب الغربي في تفكير الغربيين، سواء في تعبيرهم عن الدين، أو في تحديدهم لمفاهيمه ومفاهيم الحياة التي يعيشونها، أو في تقديرهم للثقافات الشرقية الدينية والإنسانية. (البهي، بدون ص: 156). العقل المصري (معنى ذلك أن العقل المصري قد اتصل من جهة بأقطار الشرق القريب الشام وفلسطين والعراق اتصالا منظما مؤثرا في حياته ومتأثرا، واتصل من جهة أخرى بالعقل اليوناني منذ عصوره الأولى اتصال تعاون وتوافق، فالمسلمون إذن فطنوا منذ عهد بعيد إلى أصل من أصول الحياة الحديثة وهو: أن السياسة شيء والدين شيء آخر، وأن نظام الحكم وتكوين الدول فإنما يقومان على المنافع العملية، قبل أن يقوما على شيء آخر. (المرجع نفسه، ص:157). إن كان لا بد من الاستدلال بالأثر على المؤثر فالمدنية الغربية اليوم أثر من آثار الإسلام بالأمس، والانحطاط الإسلامي اليوم ضربة من ضربات المسيحية الأولى، وإليك البيان: جاء الإسلام يحمل للنوع البشري جميع ما يحتاج إليه في معاده ومعاشه، ودنياه وآخرته، وما يفيده منفردا، وما ينفعه مجتمعا. هذب عقيدته بعدما أفسدها الشرك بالله والإسفاف إلى عبادة التماثيل والأوثان وإحناء الرءوس بين أيدي رؤساء الأديان، وأرشده إلى الإيمان بربوبية إله واحد لا يشرك به شيئا، ثم أرشده إلى تسريح عقله ونظره في ملكوت السموات والأرض ليقف على حقائق الكون وطبائعه، وليزداد إيمانا بوجود الإله وقدرته وكمال تدبيره، وليكون اقتناعه بذلك اقتناعا نفسيا قلبيا فلا يكون آلة صماء، في يد الأهواء، تفعل به ما تشاء، ثم أرشده إلى مواقف تذكره بربه، وتنبهه من غفلته، وتطرد الشرور والخواطر السيئة عن نفسه كلما ابتغت إليها سبيلا وهي مواقف العبادات، ثم أطلق له الحرية في القول والعمل ولم يمنعه إلا من الشرك بالله والإضرار بالناس، وعرفه قيمة نفسه بعد ما كان يجهلها، وعلمه أن الإنسانية لا فرق بين فقيرها وغنيها، ووضيعها ورفيعها، وضعيفها وقويها، وأن الملك والسوقة والشريف الهاشمي، والعبد الزنجي، أمام الله والحق سواء، وأن الأمر والنهي والتحليل والتحريم والنفع والضر والثواب والعقاب والرحمة والغفران بيد الله وحده لا ينازعه فيها منازع، ولا يملكها عليه أحد من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، ثم نظر في أخلاقه فأرشده إلى محاسنها، وحال بينه وبين رذائلها، حتى علمه آداب الأكل والشرب والنوم والمشي والجلوس والكلام والسلام، ثم دخل معه منزله فعلمه كيف يبر الابن أباه، ويرحم الوالد ولده، ويعطف الأخ على أخيه، ويكرم الزوج زوجته، وتطيع الزوجة زوجها، وكيف يكون التراحم والتواصل بين الأقرباء وذوي الرحم، ثم نظر في شئونه الاجتماعية ففرض عليه الزكاة التي لو جمعت ووضعت في مصارفها لما كان في الدنيا بائس ولا فقير، وندبه إلى الصدقة ومساعدة الأقوياء للضعفاء، وعطف الأغنياء على الفقراء، ثم شرع له شرائع للمعاملة الدنيوية ووضع له قوانين البيع والشراء والرهن والهبة والقرض والتجارة والإجارة والمزارعة والوقف والوصية والميراث ليعرف كل إنسان فلا يغبن أحد أحدا. (المَنْفَلُوطي، 1982م، ص: 220). وجملة القول إن الدين الإسلامي ما غادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولا ترك الانسان يمشي في ميدان هذه الحياة خطوة من مهده إلى لحده إلا مد يده إليه وأنار له مواقع أقدامه وأرشده إلى سواء السبيل، طلعت هذه الشمس المشرقة في سماء بلاد العرب فملأت الكون نورا وإشراقا واختلف الناس في شأنها ما بين معترف بها ومنكر وجودها، ولكنهم كانوا جميعا سواء في الانتفاع بنورها، والاستنارة بضيائها، على تفاوت في تلك الاستنارة، وتنوع في ذلك الانتفاع ، طلعت هذه الشمس المشرقة فتمشت أشعتها البيضاء إلى أوروبا من طريق أسبانيا وجنوب إيطاليا وفرنسا فأبصرها عدد. (المَرجع السابق ذكره، ص: 22). إيقاظ الوعي الإسلامي:( إيقاظ الوعي الإسلامي الذي صاحب الحركات التحريرية التي قامت بها الشعوب الإسلامية ضد الاستعمار الغربي، وذلك بفضل جمال الدين الأفغاني، الذي تزعم إيقاظ هذا الوعي، والذي ركز نشاطه في رحلاته إلى مصر، والهند وتركيا، وأفغانستان، وبقية البلاد الإسلامية، لإثارة المسلمين بدافع من دينهم لمقاومة المستعمر وعدم التعاون معه من جانب، وتأكيد أواصر الأخوة بينهم بطرح الفوارق المذهبية، وعلى الأخص ما بين السنة والشيعة، والاحتفاظ بوحدتهم في دفع الخطر الصليبي عنهم، من جانب آخر، وجمال الدين الأفغاني -يعتبر من غير شك- الزعيم الشرقي المسلم لجميع الحركات الثورية ضد الاستعمار الغربي في الشرق الإسلامي. ولم يكن لجمال الدين بقية من نشاط، فوق ما بذل وعانى فيما بذل منه يصرفها فيما وراء إيقاظ الوعي الإسلامي في مجالسه الخاصة والعامة، والمحاولات الفكرية الإسلامية التي قام بها محمد عبده قبيل آخر القرن التاسع عشر، ثم قام بها إقبال في النصف الأول من القرن العشرين. (محمد البهي، بدون ت : 40). المحور الرابع: الحرية عند فيكتور هجو قضية الحرية كانت قضية شعب كمله فقد اختار فيكتور هيجو أن ينقلها للجميع في روايته ويجعل صو ا على لسان ماريوس وغافروش الصغير، هذا الطفل العبقري في تصرفاته وأقواله وإنسانيته. وكان مشهد المتراس وفيما كانت معركة سياسية كاملة تتأهب » الشاهد الأكبر على ثورة الشعب الفرنسي المضطهد من طرف الحكم للعمل في ذلك الموقع ذاته الذي شهد من قبل كثيرا من الأحداث الثورية فيما كان الشباب والجمعيات السرية، والمدارس، و يصر هيجو على فكرة معينة هي أن الحقيقة لا تدرك من الشكل الخارجي ومن الوجه الأول، فجوهر الأمور يكمن في الباطن فخلف القصور والزينة يقبع بؤس عظيم كان من شأنه تفجير ثورة عظيمة قادرة على قلب موازين صوت رهيب ومقدس. حررت الثورة الصناعية المرأة: استعبدتها لأغراضها الخاصة، تحررت المرأة فتحللت من القيود كلها، وفي مقدمتها قيود الدين وقيود الأخلاق، انحلال روابط المجتمع (وانحلت روابط المجتمع فصار كل إنسان يعيش وحده.. حتى الأسرة.. الزوج له عمله ومغامراته، والزوجة لها عملها ومغامراتها ... والأولاد يغادرون البيت في سن معينة ولا يعودون بعد ذلك، ولا يربطهم بالأب والأم رباط، إلا زيارات خاطفة في مناسبات متباعدة في أحسن الأحوال.. ويكبر الأبوان في تلك العزلة الباردة فلا يجدان من يطرق عليهما الباب.. فينشدان سلواهما في الكلاب! وانتشر الشذوذ لأسباب كثيرة، من بينها -كما يقولون هم بأفواههم- رفض المرأة للقوامة وضياع سيطرة الأب ...وفي جانب آخر من الأرض قامت فلسفة بشرية مغايرة، وإن كانت تشترك مع سابقتها في كثير من السمات! تشترك معها في إخراج المرأة من البيت وشغلها عن الأسرة والأولاد، وتشترك معها في تحطيم كيان الأسرة ...وتشترك معها في حل روابط المجتمع) محمد ، بدون : 43). إنّ العدو الحقيقي ضد فكرة كرامة الانسان في الدين وبالخصوص ديننا الإسلامي الحنيف، لكن الغزو الفكري تشوه فكرهم وتمسخ عقولهم، وتخرج بهم إلى الحياة، وقد أجادوا بتطبيق هذه المناهج عليهم شيئاً واحداً هو تبعيتهم لأصحاب تلك المناهج الغازية أولاً، ثم يلبس الأمر عليهم بعد ذلك فيحسبون أنهم بذلك على الصواب، ثم يجادلون عما حسبوه صواباً، ويدعون إليه) . (الرحيلي،ت: 1424ه، ص: 338. الغزو الفكري بوجه عام: (هو مجموعة الجهود التي تتخذها أمة من الأمم ضد أمة أخرى بهدف التأثير عليها لتوجيهها إلى وجهة معينة، وهو بوجه خاص: مجموعة الجهود التي اتخذها أعداء الإسلام ضد الأمة الإسلامية بقصد التأثير عليها في جميع الميادين التعليمية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية باستخدام الوسائل والأساليب التي يراها مناسبة من أجل صرف المسلمين عن التمسك بعقيدتهم، وأخلاقهم. (المرجع نفسه، ص: 339). ويرجع كثير من الباحثين أنَّ ملك فرنسا لويس التاسع ـ المذكور ـ وضع خيوط المؤامرة الفكرية الجديدة لمحاربة الإسلام ووقف إنتشاره، ثم القضاء عليه معنوياً، واعتبار هؤلاء المبشرين جنوداً للغرب. (المرجع السابق ذكره، ص: 339). سار الأوربيون في تنفيذ وصية لويس (وقد سار الأوربيون بالفعل في طريق تنفيذ وصية لويس حيث أعدوا جيوشاً من المستشرقين والمنصرين الذين قاموا بحركة تشويه للإسلام بهدف تشكيك المسلمين فيه، كما قاموا بإنشاء قاعدة نصرانية لهم في لبنان، ويهودية في فلسطين، بالإضافة إلى ما قاموا به من تمزيق وحدة العالم الإسلامي عن طريق إشاعة النعرات العصبية في العالم الإسلامي . (الرحيلي، 1424ه : 339). وتعبر عن مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة، وهو أخطر من الغزو العسكري؛ لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية، وسلوك المآرب الخفية في بادئ الأمر، فلا تحس به الأمة المغزوة. (المرجع نفسه، ص: 342). تكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس، تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منه أن تكرهه، (هو داء عضال يفتك بالأمم ويُذهب شخصيتها ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها، والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه ولذلك يصبح علاجها أمراً صعباً وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيراً. (المرجع السابق ذكره، 1424هـ : 381). بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين الغازين لبلاد المسلمين (أدرك النصارى أن حربهم هذه وإن حققت انتصارات فهي وقتية لا تدوم، ولذا فكروا في البديل الأفضل، وتوصلوا بعد دراسات واجتماعات إلى ما هو أخطر من الحروب العسكرية وهو أن تقوم الأمم النصرانية فرادي وجماعات بالغزو الفكري لناشئة المسلمين لأن الاستيلاء على الفكر والقلب أمكن من الاستيلاء على الأرض فالمسلم الذي لم يلوث فكره لا يطيق أن يري الكافر له الأمر والنهى في بلده، ولهذا يعمل بكل قوته على إخراجه وإبعاده ولو دفع في سبيل ذلك حياته وأغلى ثمن لديه.( بن باز، 1403هـ : 115). المسلم المتعرض للغزو الخبيث صار مريض الفكر عديم الإحساس وقد استغنى النصارى بالغزو الفكري عن الغزو المادي لأنه أقوي وأثبت من أي حاجة لهم من بعث الجيوش بإنفاق الأموال مع وجود من يقوم بما يريدون من أبناء الإسلام عن قصد أو عن غير قصد، وبثمن أو بلا ثمن، ولذلك لا يلجأون إلى محاربة المسلمين علانية بالسلاح والقوة إلا في الحالات النادرة الضرورية التي تستدعى العجل كما حصل في غزو أوغندا والباكستان، أو عند ما تدعو الحاجة إليها لتثبيت المنطلقات لإقامة الركائز وإيجاد المؤسسات التي تقوم بالحرب الفكرية الضروس كما حصل في مصر وسوريا والعراق وغيرها قبل الجلاء. (المرجع نفسه، ص: 116). الغزو الشيوعي الإلحادي: فهو اليوم يسري في بلاد الإسلام سريان النار في الهشيم نتيجة للفراغ وضعف الإيمان في الأكثرية، وغلبة الجهل وقلة التربية الصحيحة السليمة فقد استطاعت الأحزاب الشيوعية في روسيا والصين وغيرها أن تتلقف كل حاقد وموتور من ضعفاء الإيمان وتجعلهم ركائز في بلادهم ينشرون الإلحاد والفكر الشيوعي الخبيث وتعدهم وتمنيهم بأعلى المناصب والمراتب، فإذا ما وقعوا تحت سيطرتها أحكمت أمرها فيهم وأدبت بعضهم ببعض.(المرجع السابق ذكره، ص: 116). الأفكار التغريبة هو محاولة الاستيلاء على عقول أبناء المسلمين وترسيخ المفاهيم الغربية فيها لتعتقد أن الطريقة الفضلى هي طريقة الغرب في كل شيء سواء فيما يعتقده من الأديان والنحل أو ما يتكلم به من اللغات أو ما يتحلى به من الأخلاق أو ما هو عليه من عادات وطرائق، ورعايته لطائفة كبيرة من أبناء المسلمين في كل بلد وعنايته بهم وتربيتهم حتى إذا ما تشربوا الأفكار الغربية وعادوا إلى بلادهم أحاطهم بهالة عظيمة من المدح والثناء حتى يتسلموا المناصب والقيادات في بلدانهم، وبذلك يروجون الأفكار الغربية وينشئون المؤسسات التعليمية المسايرة للمنهج الغربي أو الخاضعة له، وتنشيطه لتعليم اللغات الغربية في البلدان الإسلامية وجعلها تزاحم لغة المسلمين وخاصة اللغة العربية لغة القرآن الكريم التي أنزل الله بها كتابه والتي يتعبد بها المسلمون ربهم في الصلاة والحج والأذكار وغيرها. ومن ذلك تشجيع الدعوات الهدامة التي تحارب اللغة العربية وتحاول إضعاف التمسك بها في ديار الإسلام في الدعوة إلى العامية وقيام الدراسات الكثيرة التي يراد بها تطوير النحو وإفساده وتمجيد ما يسمونه بالأدب الشعبي والتراث القومي، وإنشاء الجامعات الغربية والمدارس التبشيرية في بلاد المسلمين ودور الحضانة ورياض الأطفال والمستشفيات والمستوصفات وجعلها أوكاراً لأغراضه السيئة وتشويق الدراسة فيها عند الطبقة العالية من أبناء المجتمع ومساعدتهم بعد ذلك على تسلم المراكز القيادية والوظائف الكبيرة حتى يكونوا عوناً لأساتذتهم في تحقيق مآربهم في بلاد المسلمين. محاولة السيطرة على مناهج التعليم في بلاد المسلمين يرسم سياستها إما بطريق مباشر كما حصل في بلاد الإسلام حينما تولى (دنلوب) القسيس تلك المهمة فيها أو بطريق غير مباشر عندما يؤدي المهمة نفسها تلاميذ ناجحون درسوا في مدارس (دنلوب) وتخرجوا فيها فأصبح معظمهم معول هدم في بلاده وسلاحاً فتاكاً من أسلحة العدو يعمل جاهداً على توجيه التعليم توجيهاً علمانياً لا يرتكز على الإيمان بالله والتصديق برسوله وإنما يسير نحو الإلحاد ويدعو إلى الفساد.(بن باز، 1403هــ : 117). ومن وسائلها : الدعوة إلى إفساد المجتمع المسلم وتزهيد المرأة في وظيفتها في الحياة وجعلها تتجاوز الحدود التي حد الله لها وجعل سعادتها في الوقوف عندها وذلك حينما يلقون بين المسلمين الدعوات بأساليب شتى وطرق متعددة إلى أن تختلط النساء بالرجال والى أن تشتغل النساء بأعمال الرجال يقصدون من ذلك إفساد المجتمع المسلم والقضاء على الطهر والعفاف الذي يوجد فيه وإقامة قضايا وهمية ودعاوى باطلة في أن المرأة في المجتمع المسلم قد ظلمت وأن لها الحق في كذا وكذا يريدون إخراجها من بيتها وإيصالها إلى ما يريدون في حين أن حدود الله واضحة وأوامره .(المرجع نفسه، ص: 117). وتضليل أفكار أبناء المسلمين السذج الذين لم يفهموا الإسلام ولم تكن لهم تربية كافية عليه وخاصة في إفريقيا يصاحب هذا الإكثار من طبع الأناجيل وتوزيعها في الفنادق وغيرها وإرسال النشرات التبشيرية والدعوات الباطلة إلى الكثير من أبناء المسلمي، هذه بعض الوسائل التي يسلكها أعداء الإسلام اليوم في سبيل غزو أفكار المسلمين وتنحية الأفكار السليمة الصالحة لتحل محلها أفكار أخرى غربية شرقية أو غربية وهى كما نرى جهوداً جبارة وأموالاً طائلة وجنوداً كثيرين كل ذلك لإخراج المسلمين من الإسلام وإن لم يدخلوا في النصرانية أو اليهودية أو الماركسية إذ يعتقد القوم أن المشكلة الرئيسية في ذلك هي إخراجهم من الإسلام وإذا تم التوصل إلى هذه المرحلة فما بعدها أسهل وميسور، ولكننا مع هذا نقول إن الله سيخيب آمالهم ويبطل مكرهم ويضعف كيدهم لأنهم مفسدون وهو سبحانه لا يصلح عمل المفسدين.( بن باز، ص: 117). ومن مظاهرها حملات التشويه والتغريب للمجتماعات، وتغريب الأخلاق والآداب، ثم تكون قمة التغريب بتغريب اللسان لقطعة من لغة القرآن اللغة العربية الفصحى)( الرحيلي ،1424هـ :344). يشمل الخطط الاستعمارية للدول الغربية والشرقية المتقدمة صناعياً، كما يشمل المذاهب والاتجاهات الفكرية المعادية للإسلام، والاستغلال السيء لوسائل الإعلام الحديث.( الرحيلي، 1424هـ : 344). وهذه المميزات التي اختص بها ديننا الإسلامي العظيم هي نفسها التي تورق مضاجع هؤلاء الغزاة، لأنها تكشف باطلهم من ناحية، وتظهرهم أمام شعوبهم وأمام الأمم الأخرى التي يطمعون في الاستيلاء عليها بمظهرهم العدواني الحقيقي، ومن ثم تهدد مخططاتهم جميعاً أبلغ تهديد، ومن هنا كان الهدف الأول من استراتيجيتهم أن يعملوا بكل الطاقات لوقف انتشاره خارج هذه الديار، وكانت لهم في ذلك وسائل متنوعة، تقوم أولاً وأخيراً على تشويه حقائق الإسلام وإظهار اتباعه وتشوية صورة الإسلام، وذلك عن طريق نشر الأباطيل. (البهي،بدون ت: 160). يقول جب يرى: أن جو مكة بما فيه من زعامة اقتصادية وسياسية ودينية، يقول في ذلك: إن محمد ككل شخصية مبدعة، قد تأثر بضرورات الظروف الخارجية عنه المحيطة به من جهة، ثم هو من جهة أخرى قد شق طريقا جديدا بين الأفكار والعقائد السائدة في زمانه، والدائرة في المكان الذي نشأ فيه، وقليل ما هو معروف مدينة غير رئيسية. (المرجع نفسه، ص:160). وليس هناك ما يصح أن يصوره بأكثر من أنه بدوي، شارك في الفكرة والنظرة في الحياة التي كانت للبدو الرحل من الناس: ومكة في ذات الوقت لم تكن خلاء بعيدا عن صخب العالم، وعن حركته في التعامل، بل كانت مدينة ذات ثروة اقتصادية، ولها حركة دائبة كمركز للتوزيع التجاري بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط. (المرجع السابق ذكره، بدون ت، ص:161). إن مؤلف كتاب المذهب المحمدي يريد أن يقول إذن: إن محمدًا أراد أن ينافس في الزعامة القائمة بمكة، وأن يكون صاحب سلطة فيها. وبما أن المقدسات الدينية كانت لها صلة وثيقة بالازدهار الاقتصادي المكي، وبسيادة المكيين الروحية على بقية العرب الرحل!! لم يشأ محمد أن يظهر في منافسته للمكيين في صورة أخرى غير الصورة الدينية، والمكيون لم يعارضوا شيئا في القرآن سوى ما انتزعه محمد من اليهود أو النصارى كفكرة الجزاء الأخروي وأوصاف الجنة والنار. (البهي، بدون ت :180). وملخص ما يقول جب حتى الآن هو: أن مكة كانت فيها حضارة وزعامة، ولم تكن أرضا جرداء، ولم يكن سكانها حفاة غلاظا، بل كانت لديهم فطنة، وملكة في السياسة ومعارف واسعة بالناس والمدن على السواء. وأن حياة محمد كانت حياة مكية خالصة، بما فيها نشأته ودعوته، وصراعه، فهي حياة محدودة بظروف الزمان والمكان، فدعوته عندئذ ليست دعوة عامة، بل لأناس معينين! واختياره طابع الدعوة بأن تكون دينية، ثم اختياره هذه الدعوة الدينية بأن تكون في صورة حكومة إلهية، هو من تحديد عوامل الحياة المكية، وقد وقع محمد تحت تأثير ما دار فيها من اتجاهات سياسية واقتصادية ودينية! وأن القرآن ليس جديدا كله على العرب المكيين وأن ما فيه من مسيحية لا يتعدى المسيحية الشرقية السريانية، وكذا ما فيه من يهودية لا يتعدى اليهودية المعروفة في المدينة! وليست معارضة المكيين له بسبب تمسكهم بالقديم أو بسبب الإيمان. (المرجع نفسه، ص:181). وهذه الشبهة والأباطيل في موضوع الطلاق، وتعدد الزوجات الذي يعتبر، بكل ما يكتنفه من ضوابط ـ رحمة رحيمة من الحق سبحانه بعباده … إلا أن هؤلاء صوروه لأتباعهم وللعالم على أنه ضرب من الهمجية وفوضى الجنس يبيحها هذا الدين للمسلمين. (المرجع السابق ذكره، ص:182). إثارة الخلافات والنزاعات وتضخيمها ومحاولة إفساد المسلمين في عقيدتهم وأخلاقهم، وإغراقها في متاهات الشك، وقد وجدت الجذور لهذا الإفساد عندما دخل الإسلام من يريد هدمه، وتقويض أركانه من الداخل، ثم عندما ترجمت الكتب الفلسفية في العصر العباسي، وغزت الفكر الإسلامي بكثير من المنازع الفلسفية، والمذاهب الملحدة، في تفسيراتها للكون والمادة وما وراء الطبيعة، ودعم وتأسيس الحركات المعادية للإسلام، والجدير بالذكر أن المستعمرين بتأسيسهم لهذه الحركات الهدامة، كانوا يصدرون عن القاعدة القديمة للتبشير بين المسلمين التي تقول تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم، ومن بين صفوفهم، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أغصانها، إن هؤلاء الأعداء في غزوهم بثقافتهم وأفكارهم ومبادئهم للبلدان الإسلامية، إنما يهدفون إلى نهب خيرات الشعوب الإسلامية ومقدراتها، واغتصاب حقوقها، والاستفادة من أفرادها، وتسخيرهم في تحقيق أهدافهم. (الرحيلي 1424ه، ص: 352). ومن أهم الأساليب والوسائل التي استخدمها الغرب، وقد لخص هذه الأساليب صاحب كتاب المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام، فيما يلي: (فتح المدارس الأجنبية في ديار المسلمين وتكثيرها وتنويعها، وإرسال القسس والرهبان ليشرفوا على هذه المدارس، ويربوا أجيال المسلمين على أعينهم، ومنها إرسال البعوث، وتكثير الإرساليات التبشيرية لنشر مكامن التنصير في كل مكان، وتشكيك الشباب المسلم في دينه وعقيدته، وإحاطته بسياج من أوهامها وضلالاتها، ومن وسائلهم فتح المستشفيات والمستوصفات، ودور التمريض لنفس الغرض الخبيث، ومنها إرسال أكبر قدر ممكن من شباب المسلمين ، وأبنائهم إلى ديار ومنها إرسال أكبر قدر ممكن من شباب المسلمين وأبنائهم إلى ديار الغرب، لينهلوا من ثقافته المسمومة هناك، ويعودوا إلى ديارهم وقد ودّعوا هناك دينهم وخلقهم ومبادئهم، ومنها نشر الكتب المفسدة العابثة المضللة التي تشغل الشباب عن ثقافتهم الأصيلة، وتلهيهم بالعبث والخيال الماجن الذي سيجرهم إلى المجون والجنون. (المرجع نفسه،ص: 352). يقول عبد الستار فتح الله سعيد: (وقد برعت هذه الحضارة الغازية في أساليب الغزو الفكري وتأصيل المناهج الضالة، وعرضها عرضاً مغرياً، واستخدام كل تجاربها العلمية وطرائقها الحضارية في بهرجة ذلك وتدعيمه، حتى لتعد وسائل الأمم والحضارات السابقة فنوناً ساذجة إذا قيست بما استخدمته- ولا تزال تستخدمه- الجاهلية المعاصرة من فنون المكر والخداع والتضليل، والتي تقف وراءها أجهزة مدربة عاتية لتأصيلها، وفلسفتها، والتخطيط لها، وإعداد برامجها ومناهجها، ومتابعتها بالتنفيذ والرصد والتعديل، والاحصاء والمقارنة والتحليل، حتى ليصدق عليهم تماماً ما وصف به الشاعر المنفلوطي الاحتلال الإنجليزي: لقد كان فينا الظلمُ فوضى فهُذبت، حواشيه حتى بات ظُلماً منظما.(المرجع السابق ذكره، ص: 357). التغريب المنظم: يستخدم القصة، والتمثيلية، والقصة، والسينما، والإذاعات بأنواعها، والكتب والمجلات، والصورة، والمقالة، حتى الطرائف والملح الشائعة لا يتأخر في استعمالها لكسب قضاياه، وتحقيق أهدافه، والوصول إلى ما يسمونه هم أنفسهم بعملية (غسيل المخ)، و(زرع ذاكرة) جديدة في رؤوس الأجيال، لتنشأ على ولاء فكري ونفسي للغرب، والسيطرة قدر الإمكان على الإعلام والتعليم ودور النشر ووكالات الأنباء، واستخدامها في إثارة الرأي العام، وإفساد الأخلاق، وتحطيم الأسرة، لتشييد عبادة المال والشهوات.(الرحيلي، 1424ه : 360). ومنها: (تركيزهم على الحرب الفكرية لإدراكهم خطورتها، وأنها السبيل الأمثل لحرب الإسلام وتحطيم قيم الإيمان، لكن مع هذا الكيد الماكر الشديد الوطأة، ومع هذا النجاح الكبير لأعداء الله، ومع الضعف والفرقة والانحراف في مجتمعات المسلمين، مع هذا كله. ( المرجع نفسه، ص: 360). وتحطيم مظلة الأعراف الأخلاقية في المجتمعات الإسلامية، فانطلقت تسري في أوصالها كل موبقات الحضارة الأوربية حتى وصلت في ظل الاحتلال إلى مرحلة الشيوع ، فانحرف الناس عن نهج الدين واستهوتهم مظاهر الحياة الغربية ، وانتشرت في الجو ضروب من الفلسفة والمذاهب ... وصارت العلاقة الجنسية والنزعة الاباحية الشغل الشاغل للسينما وكثير من المجلات والصحف ابتغاء وفرة الربح والدخل، فانحرف الشباب وفسدت روابط الأسرة. (المرجع السابق ذكره، ص: 36). اعتقد كثير من المنتسبين إلى الإسلام الأفكار الكافرة، كالفكرة الشيوعية، أو القومية البعثية، أو العلمانية، أو غير ذلك من الفلسفات الضالة... قد ألجأ الهجوم الفكري هذه المدارس إلى مواقف دفاعية غريبة عن الإسلام، إذ جردته من كثير من أحكامه الصريحة. (الرحيلي 1424ه : 97). وكان للمنفلوطي نظرته الخاصة وتعبيره الشخصي عن الفقر أو عن ظاهرة الفقر في مصر خاصة خلال الفترة التي ظلت فيها أرض الكنانة تحت سيطرة الاستعمار الإنجليزي، فالحرية المختلفة و المتنوعة مطلب إنسانيّ فالحرية قوام كرامة الإنسان، إكرامه وميزة إنسانية شاملة، تتأتى من خلال ممارسة » احترام حقوق الإنسان لاختياره النير، ومع أن البشر قد يمتلكوا أعلى درجات متفاوتة وتنمية الحرية لا تفضل الإنسان عن رفاقه، ولكنها توحي لقرابة العالمية لذلك فإن ممارستها هي دعوة إنسانية شاملة ولأن قضية الحرية كانت قضية شعب. فكتور هيجو يقول في صته عن كوزيت لأن العذاب الاجتماعي يبدأ في كل الأعمار ولا يفرّق بين رجل وامرأة وطفلًا، رزحت كوزيت الطفلة تحت نير المظالم الاجتماعية في سن مبكرة جدًا، حيث تركتها والدتها فانتين، في رعاية تيناردييه وزوجته، اللذان كانا يستغلّان وضع الأم ما أمكنهما الاستغلال، وحين انقطعت الأموال التي كانت ترسلها فانتين –لأنها ماتت- جعلا تلك المخلوقة البريئة الصغيرة خادمة في فندقهما الحقير. لكن ذلك لم يستمر، فجاء جان فالجان وأنقذها من هذين الغولين البشريين. وذهب بها إلى باريس. لقد لمس الحب بأنامله المضيئة قلب جان فالجان لأول مرة، فأحب كوزيت كروحه. ذلك بأنها جدّ مبهمة وجدّ عذبة هذه العاطفة العظيمة الغريبة التي تعمُرُ القلب في حبه الأول كان أبًا فيه حتى الأم ذاتها، أبًا أحب كوزيت، وعبدها، وكانت له تلك الطفلة ضياء، وكانت بيتًا، وكانت أسرة، وكانت وطنًا، وكانت فردوسًا. (هيجو، 1955م، ص:25). يقول فكتور هيجو عن رسائل ماريوس إلى كوزيت: يثور فيكتور هوغو في روايته على الظلم الذي يوقعه المجتمع على أفراده ويعاقبهم، إن رواية البؤساء ليست فقط رواية اجتماعية، وإنما وثيقة تاريخية مهمة، تصوّر عصرًا كاملًا تضاربت فيه الأحداث وتغيّر فيه وجه أوروبا والعالم، لقد كانت النزعات التحررية في فرنسا والحروب النابوليونية صفعة قوية في وجه الملكيات الأوروبية المطلقة، وأحبت كوزيت ذلك الرجل الذي هبط عليها من السماء كملاك وخلّصها من براثن الشقاء، ولم تعرف كوزيت قريبًا أو أبًا أو أمًا أو أحدًا في الحياة غير جان فالجان وكانت إذا ما جلس تُريح خدّها على شعره الأشيب، وتسفح دمعة في صمت، قائلة لنفسها: لعله؟ لعل هذا الرجل أمُي! عاش جان فالجان وكوزيت في دير بيكبوس الصغير الذي آواهما من ترصّد جافير لسنوات طويلة، فكبرت وكوزيت وتعلّمت، وعمل هو كمزارع هناك. فلم يعرف سعادة سوى بالقرب من طفلته وهي لم تعرف سعادة سوى بجانبه كان هو سناد هذه الطفلة، وكانت هذه الطفلة هي نقطة ارتكازه. إيه أيها اللغز الإلهي الذي لا يُسبر غوره، لغز توازن القدر! عاش جان فالجان من أجل كوزيت.(هيجو، 1955م، ص: 25). جافير: مفتش الشرطة الذي لاحق جان فالجان من أول الرواية إلى آخرها. وجافير الذي لم يكف أبدًا ولم ييأس من اللاحق بجان فالجان وإعادته إلى السجن. ويمثّل جافير برأيي، سلطة القانون والمجتمع التي تأبى أن تترك السجين- المظلوم وشأنه، والتي لم ولن تستطيع أبدًا أن تبرّر الجريمة التي أوجدتها هي. انتحر جافير أخيرًا لأنه لم يتحمل أن يُحسن عدوّه جان فالجان إليه وأن ينقذه من الموت. لم يتحمل يقظة الضمير ومحاسبة النفس، لم يتحمل أن يرى في قانونه ثغرات وتجاوزات. أن يضطر إلى الاعتراف بهذا: أن العصمة من الضلال ليست معصومة؛ وأنه قد يكون في العقيدة الجوهرية خطأ ما؛ وأن القانون حين يتكلم لا يقول كل شيء؛ وأن المجتمع ليس كاملًا؛ وأن السلطة مشوبة بتردد؛ وأن التصدع في ما هو غير قابل للتغير ممكن؛ وأن القضاة ناس من الناس؛ وأن القانون يُخدع؛ وأن المحاكم قد تخطئ! أن يرى صدعًا في بلور القبة الزرقاء الهائل. (المرجع نفسه،ص:25). ويقول فكتور هيجو عن ماريوس: الشاب الجميل الذي تربّى في كنف جدّه لأمه. يتيم الأم، لا يعرف أباه الكولونيل، الذي حرمه جدّه منه، فزرع في رأس الطفل أن يكره أباه وينبذه. لم يعرف ماريوس أباه إلّا حين مات، فكانت تلك نقطة تحوّل في حياته واكتشف مقدار حب أبيه له، ومآثر أبيه في معارك نابليون. فقرر ترك منزل جدّه وثروة جدّه، وأن يعيش مع رفاقه يشاركهم بؤسهم، وبؤس أبيه من قبله. تحول ماريوس من شاب تربّى في بيئة برجوازية إلى نابوليوني. وفي تلك الفترة رأى كوزيت، فأحبها وأحبته. وهنا نرى بوضوح نفس فيكتور هوغو التي تدعو الناس إلى الحُب بكل قوة وبأن الحُب هو نور الحياة وأسمى عاطفة يستشعرها الإنسان. (المرجع السابق ذكره، ص: 25). الحُب هو نور الحياة وأسمى عاطفة يستشعرها الإنسان: يوطد الصلة بين الناس والاهتمام بالإنسان باختلاف أجناسهم وألوانهم، ومذاهبهم وأديانهم، وإبراز لهم الألفة، والمودة (الناس سواسيةٌ كأسنان المشط في أصل الخَلْق ، وفي القيمة الإنسانية ، أنهم كانوا أمةً واحدةً ، ثم اختلفت ألسنتهم وألوانهم ، وتنظيماتهم الاجتماعية بين شعوبٍ وقبائل، وهذا الاختلاف لا يمكن تجاوُزُه بحجة وجود أُمم سَيدة، وأخرى مستضعفة، ولا بالسيطرة على المستوى الفردي) وعدم سوء التعامل مع الناس؛ واحترام مشاعرهم، وعواطفهم؛ وعدم التفرقة بين الجنس واللون، والقوة والضعف، والحرية والعبودية، واستخدام أسس التسامح والتعايش والحوار، والتعايش يعبر عن البعد الأخلاقي ينفتح آفاقا على العالم الانساني والانتماء التعايشي واحترام مشاعر الحب والانسجام مع الآخرين (التسامح مع الآخرين، وإعطائه حريته، فضيلته، والتعامل معه بالعدل والوفاء والتعاون والسعي إلى نشر الخير وحفظ النفس وهو أهم الحاجة في التعايش، وكذلك النسل، والاهتمام بحسن الجوار و الإسلام لا يكره الكافر ولا المسلم ولهم مصالح مشتركة في البلاد المسيحي والمسلم سوآء وتلقائي فالناس كمؤسسة اجتماعية واحدة اذا تفككت لا تنتج شيئا لا أن يكون بين بيننا علاقة ودية وروابط مكتسبة اجتماعية وقانونية، وقد بُذلت جهود كثيرة من سائر الأطراف لتطبيق بنود المساواة، قامت الدول الوطنية الحديثة في العالمين العربي والإسلامي على مبدأ المواطنة، والمساواة في الحقوق والواجبات، وبدون تفرقةٍ أو تمييز على أساس الدين أو القبلية وصاحبتها سياساتٌ اجتماعيةٌ لدعم التوافق والعيش المشترك، في الدساتير كما في الواقع. (رضوان السيد، 2022 :25). التسامح مع أهل العقائد المختلفة:(عرفت الجزيرة العربية زمن البعثة النبوية ديانات المسيحية، واليهودية، كما الصابئة، والمجوس، والوثنية، وعبادة الأصنام، بأم القرى وغيرها. فإن الجزيرة العربية لم تعرف العقائد الأخرى التي كانت منتشرة في العالم قبل الإسلام، وبخاصة في آسيا، كالبوذية، والهندوسية، وسواهما. المرجع نفسه، ص 20) التغيير الفكري والمؤسَّسي لا يحتاج إلى إرادةٍ فقط، (بل وإلى شرعيةٍ اجتماعيةٍ وثقافيةٍ وأخلاقية؛ فإنَّ ذلك اقتضى اتّساعاً في الرؤية، ونظراً في العلائق بين الحضارات، ومُراعاة المصلحة في الخروج من وضع المغلوب في العلاقات مع العالم الحديث، وقبول الآخر المختلف من أجل إنجاز التكامل. (المرجع السابق ذكره، ص: 67). إنَّ الإسلام لا يحول دون التقدم العلمي، (وقد ازدهرت العلوم ازدهاراً كبيراً في الحضارة الإسلامية، وما جرى اضطهاد ابن رشد لفترةٍ بسيطة لسبب ديني بل سياسي. والأمر الآخر أنه لا حاجة إلى الفصل بين الدين والدولة في البلاد الإسلامية كما حصل في أوروبا، لأنَّ نظام الحكم في الإسلام مَدَني، ولا تفرقة فيه بين المواطنين بخلاف ما كان عليه الأمر في أوروبا عندما كانت البابوية ديناً وسلطةً سياسيةً أيضاً. )رضوان، 2022، ص112 ( والملاحظ أنّ لمحمد عبده مناقشة مع المفكر الفرنسي هانوتو عندما كان في باريس مع الأفغاني ، وترد فيها مسألة التسامح والتساهل إذ اتهم هانوتو المسلمين بالتعصب ؛ وهو التسامح فهناك حاجةٌ إليه في كل زمان، وهو شيمةٌ محمودةٌ في الغرب الأوروبي، ومَطلبٌ بارزٌ في القرآن والسُّنَّة والسيرة والدين كله وما قال أحدٌ من المفكرين المسلمين بعدم الحاجة إلى التسامح . لكنَّ الجدالات التي حصلت بين المسلمين والمستشرقين الغربيين والاستراتيجيين الاستعماريين ، أثَّرت سلباً على تطور النقاش بشأن التسامح ، كما يظهر من مجادلة محمد عبده مع فرح أنطون . فقد قال مفكرون غربيون ومستشرقون إنَّ الإسلام فيه تعصُّب ، وأنه يقول بالحرب الدينية الجهاد ويملك موقفاً سلبياً من المرأة ، والمسلمون لا يقبلون الغريب . ولأنَّ بعض هؤلاء كانوا من رجال الدين المسيحي أو من المبشرين ؛ فإنَّ جدالاً متطاولاً نشب اتَّهم فيه كل طرفٍ الآخر بالتعصب ، وامتدح نفسه بالتسامح. وهو جدالٌ شارك فيه بعض المسيحيين العرب. وهناك كتابٌ للشيخ محمد الغزالي من خمسينيات القرن العشرين التعصب: يجادل فيه كما يقول مسيحيين مصريين ومستشرقين ومبشرين عنوانه التسامح بين المسيحية والإسلام، هناك ثلاثة أمور إذن أثّرت في عقول المسلمين وكتاباتهم في القرن العشرين، وحالت دون تحول التسامح من حاجةٍ وفضيلةٍ وأخلاق سمْحة إلى ضرورة لدى المفكرين وفي فكر التقدم العربي والإسلامي وسياسات وهي: الدخول في جدالاتٍ مع المفكرين الاستعماريين، ومع المبشرين والمستشرقين. (المرجع نفسه، ص: 113 ). مسألة الحضارة والعلاقات بين الحضارات لذى المثقفين المسلمين في الأزمنة الحديثة: تشكلات العلماني في المسيحية والحملات على العلمانية باعتبارها تعني وحسْب فصل الدين عن الدولة واعتبار أنّ الدين كاملٌ ولا يحتاج إلى إضافاتٍ من خارجه. وإلى سبعينيات القرن العشرين ما بقيت لهذه المخاضات المضنية غير ميزةٍ أو فضيلةٍ واحدةٍ إذا صَحَّ التعبير وهي: استفراغ الجهد، تأصيلاً واستنتاجاً، في إثبات تسامح الإسلام، وقبوله للاختلاف والتعدد وللآخَر، بخلاف الأديان والأيديولوجيات الأخرى وهي أدبياتٌ أضرَّت بها طبيعتها الجدالية، لكن جرت إعادةُ استخدامها كثيراً ومن دون مماحكات منذ تسعينيات القرن الدين وبرزت في الوعي مقولة صراع الحضارات الماضي عندما نشب خصام القرآنية، ثم مقولة أنَّ التسامح من ضروريات الدين الوسط. (السيد، 2022م، ص: 114). الخاتمة: فقد كانت الأعمال الأدبية عند كل من المنفلوطي وفيكتور هجو في صورتها أكثر فاعلية في الأدبي الحديث مما توحي ظروف الحياة ومأساتها. 1 ـ تعود أعمالها الفنية إلى التأثير والتأثر بالأعمال الأدبية الغربية. 2 ـ ولهما دور كبير في العالم الأدبي الحديث والعالم الروائي 3 ـ العناية بالحرية من مبادئهما الأساسي. 4 ـ وفي روايتهما نلاحظ انسجام تام كل من مجتمع عربي وفرنسي. 5 ـ كانتا على صلة قوية بالاتجاهات الأدبية التي على صلة قوية بالاتجاهات الأدبية التي تمثلت في مذهب الواقعي. فهرس المصادر والمراجع : 1ــ أحمد حسن الزيات، تاريخ الأدب العربي للمدارس الثانوية والعليا، دار نهضة مصر القاهرة، ط1، ت: بدون. 2 ــ أرسلال الأمير شكيب، النهضة العربية في العصر الحاضر، دار التقدمية لبنان، 2008م. 3ــ الشيخ محمد الشيخ، التحليل الفاعلي نحو نظرية حول الانسان، دائرة الثقافة، ت: بدون. 4 ــ المنفلوطي مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي، النظرات، دار الآفاق الجديدة، ط1، ج1، ت: 1982م. 5ــ الرحيلي حصين، المجتمع المسلم ذد الغزو الفكري،الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ط 35، 1424ه. 6ـ حنا الفاخوري، الجامع في تاريخ الأدب العربي الحديث دار الجبل بيروت، ط1، 1986م. 7- جمال الدين محمد، مذكرة النثر العربي الحديث، الجامعة الإسلامية بالنيجر، ت:2017م. -8 رضوان السيد، التعايش والتعاون في الإسلام مفاهيم ميسرة، دار المعارف، مصر، ت: 2022م. 9- فكتور هجو، البؤساء، نقلة إلى العربية منير بعليس، دار العلم للملايين، ج1، 1955م. 10- مالك بن نبي، أملات المحقق، دار الفكر، دمشق، سورية، ط1، 1979م. 11- محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، مكتبة وهبة، ط10، ت: د. 12- محمد المبارك، الوحدة الإسلامية، الجامعة الاسلاميةبالمدينة المنورة، ط15، ت د. 13 -محمد المندور، الأدب وفنونه، نهضة مصر، ت: 1938م. 14 -كوني صواليحو، مذكرة في الأدب الحيث والمعاصر، الجامعة الإسلامية بالنيجر، 2016م. 15 -وردة بلطرش، البعد الإنساني في أدب المنفلوطي، العبرات أنوذجا، مذكرة مكملة لنيل شهادة المستير فرع أدب عربي تحت اشراف الأستاذة الدكتورة هدى عمارة، 2015م.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
-
الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب
...
-
الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا
...
-
عائلة الفنان كامل حسين تحيي ذكراه الثامنة في مرسمه
-
في فيلم -عبر الجدران-.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
-
-غرق السلمون- للسورية واحة الراهب عبرة روائية لبناء الوطن
-
وفاة الفنان المصري لطفي لبيب عن عمر 77 عاما
-
لجنة الشهداء ترفض قائمة السفراء: أسماء بعثية ومحسوبية تهدد ن
...
-
رحيل الممثل المصري لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما
-
تحوّلات مذهلة لفنان حيّرت مستخدمي الإنترنت.. وCNN تكشف ما ور
...
المزيد.....
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
المزيد.....
|