أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بيمان قاسم - سوريا بين صنّاع القرار والعدالة الغائبة















المزيد.....

سوريا بين صنّاع القرار والعدالة الغائبة


بيمان قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 19:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صانع القرار السياسي في الدولة، هو الشخصية أو الهيئة (المجموعة) التي تتّخذ قراراتٍ تنعكس تأثيرها على الدولة والمجتمع، وتعكس كذلك صورة الدولة لدى الرأي العام العالمي في المجتمع الدولي.
وهو مَن يمتلك مفاتيح العملية السياسية في البلاد، ويتمثّل صانعو القرار في رئيس الدولة والوزراء والبرلمانات ومجالس الوزراء والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والخبراء والمستشارين.
وإنّ مراحل عملية صنع القرار تبدأ بمرحلة تحديد المشكلة وجمع المعلومات، ثم تحليل الخيارات المتاحة واختيار الأنسب لما فيه مصلحة الدولة والمجتمع معاً، ويأتي التنفيذ ومتابعته في المرحلة الأخيرة.
كما أنّ آلية صنع القرار السياسي تختلف تبعاً للنظام السياسي، فالدول الديمقراطية تتبع عملية تشاركية تضمن مشاركة مختلف أطياف المجتمع، أما الدول الاستبدادية فيكون صنع القرار بيد شخصية واحدة أو مجموعة محدودة.
وفي حالة الحروب والأزمات والكوارث، تشكّل الدولة فرق متخصصة لصنع القرار في مختلف المجالات كالصحة والاقتصاد والاتصالات، إلى جانب ممثلي الحكومة.
لقد دخلت سورية مرحلة جديدة بعد تاريخ 8/12/2024 ونهضتْ من تحت الأنقاض، مثقلةَ الجراح تعاني الخوف والهلع والفقر والمرض والوهن والألم، بحاجة لغرفة إنعاشٍ كي تستعيد عافيتها.
فبعد تخلّص سورية من الكتلة المُسرطنة (الحكم الأسدي)، استبشر الشعب السوري خيراً لمداواة جراحها النازفة، والعودة لتنال أبسط حقوقها في العيش دون ألم أو خوف أو قلق أو توتّر كبقية شعوب العالم، ولكنّ المضاعفات التي تلَت عملية استئصال تلك الكتلة من قتلٍ واعتداء ونهب وانفلات أمني وانعدام الأمن والأمان في كثير من المدن والمحافظات السورية حالَتْ دون بقاء سورية بعافية وسلام.
فحين تولّت الإدارة الجديدة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع حكم البلاد، كان الحِمل ثقيلاً وكبيراً ويتطلّب جهوداً حثيثة ومكثّفة لوضع الحلول لكافة المشاكل والقضايا المستعصية على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والخدمية، ليستشعر الشعب السوري بمدى قدرة الدولة وأهليتها في إدارة البلاد وتحمّلها المسؤوليّة وإيصال سوريا لدفّة الأمان.
ورغم أنّ الإدارة الجديدة المسمّاة بـ (حكومة تصريف الأعمال) كانت قد وضعت على عاتقها تحقيق الأمن والأمان، وحلّ الكثير من الملفات العالقة، وتلبية تطلعات الشعب السوري في العيش بكرامة، ولكنّ محاولاتها باءت بالفشل، والسبب في ذلك يعود لما يلي:
1- الإسراع في القيام بتشكيل مؤتمر حوار وطني شكلي من لون واحد وفئة واحدة دون الفئات الأخرى، والذي تمخّض عنه إعلان دستوري قاصر لا يلبي تطلعات الشعب السوري بكل فئاته ومكوناته.
2- عدم اتباع الإدارة الجديدة العملية التشاركية في إدارة البلاد، بل اتباع سياسة الانتقاء والإقصاء.
3- افتقار الإدارة إلى خطة تنظيمية ناجعة لقيادة البلاد، ولآليات عمل منهجية تراعي الحالة الاجتماعية وخصوصية كل منطقة أو محافظة، وتَرك مؤسسات الدولة في حالة شلل مما أدّى إلى نقمة الأهالي على الوضع المتردّي العام للبلاد.
4- عدم جهوزية الحكومة الجديدة إداريّاً وقضائياً وعسكرياً لاستتباب الأمن والأمان والاستقرار في عموم البلاد.
5- إيلاء السياسة الخارجية للدولة اهتماماً كبيراً على حساب شؤون الدولة الداخلية ومصالح الشعب.
6- عجز الدولة عن السيطرة الأمنية على المجموعات الأجنبية المنفلتة والخارجة عن القانون والتي قامت بانتهاكاتٍ جسيمة بحق بعض فئات الشعب السوري.
هذه الأسباب وغيرها أدت إلى اتساع الهوّة بين الغالبية العظمى من الشعب السوري وبين الحكومة الحالية بصيغها وممارساتها وعدم قدرتها على تحملّ المسؤولية وغياب العدالة الانتقالية، وقد نجم عن ذلك انفلات أمني وقتل ونهب واعتداءات في العاصمة والمناطق الساحلية والجنوبية، ممّا أفسح المجال لإسرائيل التي اتّخذت من عدم الاستقرار ذريعة للتدخل في شؤون البلاد بحجة حماية الأقليات، وقد أكّد ذلك، لأكثر من مرّة، رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو:
"إنّ الجنوب السوري هي الخاصرة الرخوة لإسرائيل". هذا من جهة، ومن جهة أخرى أفسح المجال أيضاً لتدخل تركيا السافر في الشأن السوري وممارسة دور "الجد الوصي"، والقيام برسم سياسة سوريا الخارجية والداخلية والإدارية والاقتصادية، بحجة محاربة الإرهاب وحماية مصالحها الوطنية والقومية.
ولكن في معرض ذكرنا لأسباب فشل الإدارة الحكومة السورية المؤقتة، لا بدّ من ذِكر بعض الحلول الإسعافية والمقترحات لإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح ورأب الصدع وبناء الدولة السورية الحقيقية بناءً مستداماً، يشترك فيها كل فئات المجتمع ومكوناته؛ وتتمثل المقترحات فيما يلي:
1. إعادة الحكومة المؤقتة النظر في سياستها الداخلية، وتشكيل مؤتمر جامع شامل لكل مكونات وفئات الشعب وقواه السياسية والفعاليات القانونية والاجتماعية والمدنية ليسفر عنه تعديل المسارات والرؤى المختلف عليها.
2. تصحيح الإعلان الدستوري بما يتوافق مع المصلحة الوطنية الشاملة التي تخدم مصلحة الدولة والمجتمع السوري معاً بكل مكوناته وأطيافه.
3. تحقيق العدالة الانتقالية بمحاسبة الجناة وكل من طالت يده في إراقة الدم السوري.
4. انتخاب مجالس المحافظات والسماح لها بتشكيل لجان تخصصية واستشارية وخبراء في (القضاء والصحة والتعليم والاقتصاد والمالية والشؤون الاجتماعية) لتسيير شؤون كل محافظة في المرحلة الانتقالية.
5. وضع أسس واضحة للسياسة الداخلية، وتفعيل القضاء العادل الشامل لتطبيق القانون والمساواة والعدالة، والمساءلة ومحاسبة من يحرّض على الفتنة والطائفية والعنصرية عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي.
6. المراجعة السياسية والعسكرية للدولة، وتشكيل جيش سوريّ جديد مهمته توفير الأمن والأمان للشعب السوري وقطع الطريق أمام أيّ شكل من أشكال الاستبداد والاستفراد بالسلطة.
7. مواساة القيادة في العاصمة دمشق للأهالي والعوائل السورية التي خَسِرَتْ أفراداً من عائلاتها أو انتُهِكَتْ حرماتها بعد سقوط النظام البائد ولاسيما في جرمانا وصحنايا والدويلعة بدمشق، وكذلك مناطق الساحل والسويداء في الجنوب السوري، وذلك بمحاسبة المسؤولين محاسبة علنية، وجبر الضرر مادياً ومعنوياً وتعويض المتضررين وفق القانون، لإعادة كسب ثقة الشعب السوري بالقيادة السورية الوليدة والالتفاف حولها من جديد لبناء دولة قوية، تسودها الديمقراطية والتعددية والعدالة والمساواة، ويكون مبدأ المواطنة المتساوية (أفراداً وجماعات) هو الأداة الفاعلة لإدارة العملية السياسيّة في البلاد بغية تحقيق مفهوم الانتماء الحقيقي للوطن لدى المواطن السوري.
ولا بدّ أن يتزامن امتلاك الإدارة في دمشق للقرار مع ما تحتاجه العدالة الانتقالية في سوريا من جهود حثيثة لتطبيق مجموعة شاملة من الإجراءات القضائية، مع التركيز على حماية الضحايا وتقديم الدعم اللازم لهم.
ومع تسارع الأحداث الأخيرة وانعقاد الاجتماعات الدولية المتتالية في دمشق وعمان وفرنسا حول تقرير مصير الشعب السوري، وإيجاد مخرج سلمي وعادل وآمن للحالة السورية، ومع إيجادهم لحلٍّ نسبي لمحافظة السويداء؛ تبقى الأسئلة التي تؤرّق الشارع السوري في عموم البلاد:
هل ستشهد البلاد مزيداً من الاعتداءات والقتل والمجازر وبالتالي التهجير والنزوح؟
هل سيكون القرار في دمشق قراراً مستقلاً صادراً من الحكومة السورية المؤقتة أم وفق تعليمات وتوجيهات وتوصيات وأوامر خارجية إقليمية ودولية؟
هلّ ستتراجع الحكومة السورية عن قراراتها التي أصدرتها بشأن مؤتمر الحوار الوطني والإعلان الدستوري وغيرها من القرارات التي اتّخذتها منذ توليها إدارة لبلاد؟
إنّ الأيام والأسابيع القادمة هي التي ستجيب عن كلّ هذه الأسئلة وغيرها، وسط ترقّب الشعب السوري وآماله في العيش حياةً طبيعيّةً آمنة يسودها الحرية والعدالة والمساواة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أول تعليق من إسرائيل على اعتراض السفينة -حنظلة-
- محللون: نزع سلاح غزة أهم عند ترامب من حياة مليوني فلسطيني
- الجيش الإسرائيلي لـCNN: تم إسقاط مساعدات إنسانية جوا على غزة ...
- خلال جولته في إسكتلندا.. ترامب في ملعب الغولف والمتظاهرون في ...
- مقترح جديد بإنشاء -مناطق عبور إنسانية- في غزة
- شركة هندية تنفي شحن مواد متفجرة إلى روسيا
- عاجل | وزارة الداخلية السورية: إلقاء القبض على شخص يترأس غرف ...
- بيرلو في الإمارات وفيريتو إلى قطر والمغربي زكرياء من فرنسا إ ...
- إسرائيل تعلن فتح ممرات آمنة في غزة والسماح بإسقاط المساعدات ...
- ماذا يحدث لسكر الدم عند شرب القهوة؟


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بيمان قاسم - سوريا بين صنّاع القرار والعدالة الغائبة