ملك البحرين ورعاية الطائفة الشيعية: رؤية تسامح ومواطنة متكاملة

عبده حمد الدوسري

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 15:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

رغم ما يُثار أحيانًا من تشكيك سياسي أو إعلامي بشأن تعامل الدولة البحرينية مع المسألة الطائفية، فإن الواقع يكشف عن نموذج متقدّم في إدارة التنوع المذهبي والديني. هذا النموذج يقوم على أسس المواطنة المتساوية وحرية ممارسة الشعائر الدينية دون تمييز، وتتجلى فيه رؤية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، قائد المسيرة الإصلاحية، بوصفه الضامن الأول للحريات الدينية والمجتمعية، بما في ذلك الطائفة الشيعية التي تنال اهتمامًا ورعاية مباشرة من جلالته، تتجاوز الشعارات إلى دعم مؤسسي واضح.
من أبرز الشواهد على هذا النهج المتسامح ما شهده موسم عاشوراء لعام 1447 هـ (2025م)، حيث ساد التنظيم والانسيابية في ظل رعاية ملكية سامية. وقد عبّر جلالة الملك في إشادته بنجاح الموسم عن تقديره للجهود الرسمية والأهلية، وهو ما يجسّد الإرادة السياسية العليا لصون الحقوق الدينية وتمكين المواطنين الشيعة من أداء شعائرهم بحرية وكرامة.
وقد عبّر رئيس مجلس الأوقاف الجعفرية، السيد يوسف بن صالح الصالح، عن بالغ الامتنان لجلالة الملك، مشيدًا برعايته السامية وبتقديره العميق للشعائر، مؤكدًا أن الإشادة الملكية وسام فخر لجميع القائمين على الموسم. ولم تكن الرعاية مجرّد موقف رمزي، بل تمثّلت في توجيهات واضحة إلى جميع مؤسسات الدولة لتأمين الدعم الأمني والصحي والبلدي والإعلامي، ضمن إطار من التنسيق الكامل.
كما عبّر عدد من كبار علماء الطائفة الجعفرية في البحرين عن امتنانهم للمواقف الإنسانية والوطنية لجلالة الملك، مؤكدين أن جلالته يُجسّد نموذج الحاكم العادل، الراعي لكافة المواطنين دون تمييز، بما يكفل لهم حرية ممارسة شعائرهم في مناخ من الطمأنينة. وقد عبّر أحد العلماء قائلًا: "الملك حمد ليس فقط راعيًا للدستور، بل راعٍ للوحدة الوطنية الحقيقية، التي تُبنى بالأفعال لا بالأقوال".
وقد قال جلالته في أحد خطاباته: "نعتز بالوحدة الوطنية التي تجمع أبناء الوطن كافة، ونؤمن بأن الحرية الدينية مصانة للجميع، وهي جزء لا يتجزأ من حقوق المواطنة التي نكفلها". كما أكّد في مناسبة أخرى أن "مراسم عاشوراء جزء من التراث الديني والثقافي للبحرين، ونعتز بهذه الخصوصية التي تُعبّر عن هوية هذا الوطن العزيز".
تواصل البحرين، بتوجيهات ملكها، ترسيخ صورتها كمملكة متعددة المشارب، موحّدة في الانتماء، لا تُقصي أحدًا، بل تحتفي بالتنوع وتعتبره مصدر قوة. وهي تكاد تكون الدولة الخليجية الوحيدة التي تُقام فيها مراسم عاشوراء بحرية تامة، بحضور علني كامل للمواكب والمآتم في جميع المحافظات.
وتتجلى الرؤية الملكية أيضًا في تعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع، وتكريس مبدأ الشراكة في مشاريع التنمية والإصلاح. ومن الأمثلة البارزة على ذلك ما جرى خلال جائحة كورونا، حين صدرت التوجيهات الملكية بتنظيم العودة التدريجية للمآتم خلال شهر رمضان، وفق معايير صحية ضمنت استمرار الشعائر مع حماية الصحة العامة.
في محيط إقليمي شهد في بعض أجزائه قيودًا صارمة على الحريات الدينية، أثبتت البحرين أن التنوع والاستقرار يمكن أن يتعايشا، عندما تتوفر الإرادة السياسية والرؤية الحضارية. وما يحدث في البحرين لا يقتصر على مراسم عاشوراء، بل يُجسّد عقدًا اجتماعيًا يرتكز على التعايش والاحترام المتبادل، ويؤكد أن القيادة البحرينية تضع الجميع على قدم المساواة في الحقوق والكرامة.
الدعم المؤسسي لشعائر عاشوراء في البحرين هو أحد أوجه هذا التعايش الراقي. ففي كل عام، تصدر توجيهات ملكية واضحة لضمان نجاح الموسم، انطلاقًا من التزام الدولة باحترام الحريات وصون الهوية الدينية. كما يتابع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تفاصيل التنسيق بين الجهات الرسمية، بما يعكس روح الإدارة المتكاملة التي تراعي الجوانب التنظيمية والاجتماعية والأمنية.
وتؤدي وزارة الداخلية في كل عام وبجدارة وحنكة دورًا محوريًا في تأمين المواكب الحسينية وتسهيل حركتها، مع الحفاظ على السلم الأهلي، فيما تتولى إدارة الأوقاف الجعفرية التواصل مع المآتم والحسينيات وتوفير الدعم اللوجستي والخدمات الصحية، بما يكفل استدامة الشعائر واحترام قدسيتها.
هذا النموذج المتكامل لا يُعبّر عنه فقط في القرارات، بل يظهر جليًا في الممارسات الميدانية والخطابات الرسمية، التي تؤكد على وحدة الصف وقيم التعددية. وهو ما يجعل البحرين مثالًا يستحق التوثيق والتحليل في سياق السياسات الدينية والثقافية في المنطقة.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل