أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمال صوالي - سلطة النقد غائبة... وتجار العمولة يحكمون غزة














المزيد.....

سلطة النقد غائبة... وتجار العمولة يحكمون غزة


محمد جمال صوالي

الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 02:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




لم تعد الحرب تُقاس فقط بعدد الغارات أو حجم الدمار، بل باتت تُقاس أيضًا بعدد الأوراق النقدية المهترئة في جيوب الناس، وبنسبة ما يتبقى من الراتب بعد أن يمر عبر "تجار العمولة". فمع استمرار العدوان منذ ما يقارب العامين، أُغلقت البنوك، وتوقفت السيولة النقدية عن التدفق، وانهارت الحياة الاقتصادية في مشهد يعكس انهيارًا مركبًا: اقتصاديًا، إنسانيًا، وأخلاقيًا.
منذ بداية العدوان، أُجبرت البنوك في غزة على إغلاق أبوابها، إما بسبب الاستهداف المباشر أو لانعدام الأمن.

ومع غياب أي بدائل مصرفية حقيقية، أصبح الموظف أمام خيارين أحلاهما مر: إما أن يحتفظ براتب إلكتروني لا يمكن صرفه، أو أن يلجأ إلى تجار العمولة الذين يقتطعون ما يصل إلى 54% من الراتب مقابل توفير السيولة.

هؤلاء التجار، الذين يعملون خارج أي إطار قانوني أو رقابي، يعرضون على الموظف تحويل راتبه من حسابه البنكي إلى حساباتهم الشخصية، ثم منحه نصف المبلغ نقدًا. هذه الظاهرة، التي باتت منتشرة بشكل واسع، تمثل شكلًا من أشكال الابتزاز المالي، حيث يُجبر المواطن على التنازل عن نصف دخله ليتمكن من شراء الخبز أو الدواء.
الأزمة النقدية لم تقتصر على الموظفين فقط، بل امتدت لتصيب كل مفاصل الاقتصاد. فقد انهارت القدرة الشرائية للمواطنين، وتوقفت عجلة البيع والشراء بسبب نقص الفئات النقدية الصغيرة، وتفشت ظاهرة الابتزاز المالي في ظل غياب الرقابة، وتآكلت الثقة في النظام المصرفي بشكل غير مسبوق. الأسواق باتت شبه مشلولة، والتجار عاجزون عن تصريف بضائعهم، والمواطنون يواجهون صعوبة حتى في شراء احتياجاتهم اليومية.
في خضم هذه الأزمة، يقف المواطن مذهولًا، عاجزًا عن فهم كيف تُترك غزة بهذا الشكل دون تدخل حقيقي. أما سلطة النقد الفلسطينية، فاقتصرت تحركاتها على بيانات عامة، دون أي إجراءات ملموسة على الأرض. لا خطة طوارئ، لا ضخ للسيولة، ولا ملاحقة لتجار العمولة.

وكأن غزة خارج نطاق مسؤوليتها. هذا الغياب يطرح تساؤلات مشروعة حول دورها، وقدرتها على حماية النظام المالي في أوقات الأزمات، بل ويثير الشكوك حول ما إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الغزي.
لإنقاذ ما تبقى من الكرامة الاقتصادية، هناك خطوات عاجلة يجب اتخاذها دون تأخير. أولها ضخ السيولة النقدية إلى غزة عبر قنوات آمنة ومنظمة، تضمن وصول الأموال إلى مستحقيها دون استغلال.

ثانيًا، ملاحقة تجار العمولة قانونيًا، ووقف استغلالهم لحاجة الناس، من خلال فرض رقابة صارمة على التحويلات ومحاسبة المخالفين.

ثالثًا، تفعيل أدوات الدفع الإلكتروني بشكل آمن وواسع، لتقليل الاعتماد على النقد الورقي وتسهيل المعاملات اليومية.

رابعًا، إصدار تعليمات ملزمة بقبول العملة المهترئة مؤقتًا، لتسهيل حركة السوق وتخفيف الضغط على المواطنين. وأخيرًا، تشكيل لجنة رقابة مالية مستقلة تضم خبراء واقتصاديين وممثلين عن المجتمع المدني، لمتابعة الأزمة واقتراح حلول واقعية بعيدًا عن البيروقراطية.
يقول أحد الموظفين: "أنتظر راتبي شهرًا كاملًا، ثم أذهب لأعطي نصفه لتاجر عمولة. لا بنك، لا دولة، لا حماية.

نحن وحدنا في هذا الجحيم." هذه الكلمات تختصر مأساة آلاف العائلات التي وجدت نفسها بين مطرقة العدوان وسندان الانهيار المالي.
في غزة، لا تُقاس الكارثة فقط بعدد الشهداء، بل أيضًا بعدد الجيوب الفارغة، والرواتب المنهوبة، والقلوب التي تنتظر عدالة اقتصادية لا تأتي. فهل تتحرك سلطة النقد قبل أن يتحول الاقتصاد إلى أنقاض، كما تحولت البيوت من قبل؟



#محمد_جمال_صوالي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناشدة عاجلة لإعلان غزة منطقة منكوبة وإنهاء عمل اللجنة المشك ...


المزيد.....




- -اكتفيت إلى هنا-.. دانا مارديني تعلن اعتزالها -كممثلة في مجا ...
- اليابان: رئيس الوزراء ينوي البقاء في منصبه بعد توقعات بهزيمة ...
- إسرائيل تأمر الفلسطينيين في وسط غزة بالتوجه جنوبًا.. ومنتدى ...
- -آليات لأعداء الأمة-.. ضاحي خلفان يحذر من مخاطر الميليشيات و ...
- أزمة السويداء: ما الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في سوريا؟
- إذا اندلعت حرب جديدة مع إيران.. ما الجديد في حسابات تل أبيب؟ ...
- ألمانيا ودول أوربية أخرى تستعد لبدء محادثات جديدة مع إيران
- طواف فرنسا: البلجيكي تيم ويلينس بطلا للمرحلة الخامسة عشرة
- غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث
- دمشق تعلن تهدئة الأوضاع في السويداء وقلق أميركي من سياسات نت ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمال صوالي - سلطة النقد غائبة... وتجار العمولة يحكمون غزة