أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض كامل - قراءة في سردية رواية -لتكن مشيئتك-















المزيد.....



قراءة في سردية رواية -لتكن مشيئتك-


رياض كامل

الحوار المتمدن-العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


قراءة في سردية رواية "لتكن مشيئتك" رياض كامل
مقدمة:
تتابع الكاتبة دعاء زعبي في مشروعها الروائي وتُصدر روايتها الثانية، "لتكن مشيئتك" (2025) بعد أن كانت قد أصدرت روايتها الأولى، "جوبلين بحري" (2021) التي تمكّنت من استقطاب مجموعة من النقّاد والدارسين، وحظيت باهتمام لافت من القرّاء تجلّى من خلال نشر مجموعة من المقالات تناولتها بالنقد والتحليل، وإقامة عدد لا بأس به من الندوات واللقاءات حول الرواية في العديد من المنتديات الأدبية. ما هو موضوع روايتها الجديدة؟ وهل تُثبت دعاء زعبي من خلالها أنها تمكّنت من تجذير تجربتها الروائية وتأصيلها؟ وهل أفادت من التجربة السردية الحديثة؟
نذكّر أنّ كل رواية تحوي في داخلها قصة، وأن القصة الواحدة يمكن أن تروى بطرق مختلفة، بحيث إننا "لو أعطينا لمجموعة من الكتّاب الروائيّين مادّة لأن تحكى، وحدّدنا لهم سلفًا شخصيّاتها وأحداثها المركزيّة وزمانها وفضاءها لوجدناهم يقدّمون لنا خطابات تختلف باختلاف اتّجاهاتهم ومواقفهم، وإن كانت القصّة التي يعالجون واحدة". (يقطين، ص7) إن الحكاية أو القصة هي المادّة الأساسيّة التي تبنى منها السرديّة، والسرد هو شكل المضمون، والرواية، أصلًا سرد، لكنّه ليس بالضرورة متسلسلًا زمنيًّا. فالروائيّ عندما يكتب رواية إنّما يقوم باقتطاع الوقائع التي ينوي سردها، فالاقتطاع أو الاختيار لا يتعلّقان بالضرورة بالتسلسل الزمنيّ للأحداث، التي قد تقع متقاربة أو متباعدة. إنّ هذه العمليّة تفرضها الضرورة الفنّيّة، فيما يقوم الروائيّ بنظم هذه المادّة الخام كي يجعل منها شكلًا فنّيًّا ناجحًا ومؤثّرًا في القارئ، (تودوروف وأوئليه، ص21-22) "ولهذا السرد أشكال كثيرة: تقليديّة كالحكاية عن الماضي، وهي الشكل السرديّ لرائعة ألف ليلة وليلة، وجديدة كاصطناع ضمير المخاطب أو ضمير المتكلّم، أو استخدام أشكال أخرى كالمناجاة الذاتيّة، والحوار الخلفيّ، والاستقدام والاستئخار". (مرتاض، ص30)
تتجدّد السردية الروائية بوتيرة متسارعة بحيث بات من الصّعب تحديد تعريف شامل متّفق عليه لمفهوم الرواية، حتى قال تودوروف وآخرون إنها في صيرورة لا تثبت على حال. لكن، ومع ذلك، بات واضحا أن هناك أصولا لا يمكن التغاضي عنها عند كتابة الرواية، وبالتالي عند دراستها، تتعلّق بكونها عملا فنّيا سرديّا طويلا يحكي قصة قد تكون واقعيّة أو خياليّة. ومن أهم أهدافها البحث في قضايا المجتمعات والكشف عمّا تواجهه في مسيرتها، فتعرض أحداثا بأسلوب فنّي جذاب وتبني حبكة معقّدة. وهي تقوم على عدة عناصر أهمها الراوي، والشخصيات، والمكان، والزمان. تُنسَج الحبكة ومركّباتها بواسطة اللغة التي يجب أن تتنوّع وتتشعّب بحيث يمكنها أن ترسم الأحداث والشخصيات وتراعي مستويات تفكيرها وانتماءاتها إلى بيئات وفضاءات وأزمنة متنوعة.

الموضوع الرئيسي وتفرعاته
هناك مواضيع متعدّدة تراود فكر المبدع قبل اختيار أحدها ليكون الموضوع الرئيسي في مؤلَّفه القادم. كانت الأعمال الأدبية، ولا تزال، تستلهم العديد من مواضيعها من البيئة، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان واسعة تشمل المعتقدات والتقاليد والأساطير والخرافات وأسلوب الحياة، وما يواجه الإنسانَ من مصاعب وعقبات وما يحقّقه من إنجازات. وكان من الطبيعي أن تتّسع المواضيع مع تطوّر المجتمعات من عصر إلى عصر، وأن يواكب الأدبُ كلّ ما يحدث من مستجدّات تؤثّر على حياة البشر.
توقّف الباحثون عند محطّات مهمّة، تاريخيّة وعلميّة واجتماعيّة وفكريّة، غيّرت الكثير من الأفكار والمفاهيم، كما حدث، على سبيل المثال، في أوروبا في أعقاب الثورة الصناعيّة والثورة الفرنسيّة، وما كان للحرب العالمية الأولى والثانية من تأثيرات على المجتمعات كلّها في الشرق والغرب وفي الشمال والجنوب، وما كان لها من انعكاسات في الآداب العالمية. فقد رافق ذلك ظهور روايات عالمية ودواوين شعر وقصائد صوّرت آلام الشعوب ومآسيها.
وكما نعلم فإن الأمور والأحوال لا تبقى على حالها إذ شهد العالم اكتشافات علمية هائلة، وموجات من الأوبئة التي أثّرت في حياة الناس فانعكست في الأدب، ولعلّ من أشهر تلك الروايات "الحب في زمن الكوليرا" للروائي غابرييل جارسيا ماركيز. تبعا لذلك فإن الأدب كان ولا يزال مرآة للبشريّة، يواكب المستجدّات التي تؤثّر في حياة المجتمعات اليومية.
قامت الكاتبة دعاء زعبي بنشر أوّل مؤلَّفاتها تحت عنوان "خلاخيل" (2017)، وهو عبارة عن مجموعة من السرود التي تتراوح بين الخاطرة والومضة واللوحة والقصة القصيرة، وبعض المحاولات الشعرية. وقد برز في كتابها هذا لغتها الأدبية الشاعرية، وميلها إلى القصّ الفنّيّ، واهتمامها بالمواضيع الاجتماعيّة التي تخصّ الإنسان العربيّ الفلسطينيّ وتشغله في حياته اليوميّة، ومتحت بعض أحداث سرودها مما خلّفته الصراعات السياسية من أوجاع ومآس. ثمّ ولدت روايتها الأولى "جوبلين بحري" (2021) التي تناولت قضيّة الصراع العربيّ اليهوديّ من زاوية أخرى غير تلك المألوفة. لقد اختارت الروائيّة أن يكون هذا الصراع تحديدا في الجامعات الإسرائيلية، وما له من تأثيرات على حياة العربي في هذه البلاد، وما يتلوها من أبعاد.
أما في روايتها الجديدة، "لتكن مشيئتك"، فقد دخلت الروائيّة في صلب العلاقات داخل العائلة الواحدة؛ علاقة الزوج والزوجة والجدّ والجدّة، ودور كلّ منهم في الحفاظ على المبنى العائلي وعلى متانته وصلابته حين تتعرّض العائلة لأزمة، أو لحدث طارئ قد يزعزع أركانها. وبرزت إلى الواجهة قضية حرية المرأة في الانفصال عن زوجها في حال عدم التفاهم، وحقّها في اختيار الزوج ورفيق العمر حين يكون من طائفة أخرى، وما يرافق ذلك من تعارض مع ما هو متّبع في البيت وفي المجتمع العربي.
اقتحمت الروائيّة هذا العالم المركّب من خلال حالة جديدة تتعلّق باضطراب طيف التوحّد، بكل ما يجلبه من مصاعب وإشكاليّات إلى حياة الزوجين، وإلى حياة العائلة بشكل عام. إن اختيار طيف التوحّد ليكون المحور المحرّك للموضوع الرئيسي فيه الكثير من الجرأة، نظرا لجِدّته، وفيه من الريادة ما يجعل التخويض فيه مغامرة ومجازفة تحسب لصالح الروائيّة التي انتبهت إلى هذا الموضوع الحسّاس وإلى صعوبة تعامل الأهل والمجتمع مع هذه الشريحة من الناس، من ناحية، ولكونه موضوعا صعبا لا تزال الأبحاث تسعى إلى اكتشاف بعض مجاهيله، من ناحية أخرى. وبالتالي فإنّ طريقة التعاطي معه ليست بالأمر السهل، مما يستدعي الكثير من الصبر والأناة إلى أبعد الحدود، ويفرض على الروائيّة، في الآن ذاته، الاطّلاع على بعض الأبحاث التي تعالج هذا الموضوع للتزوّد بمادّة علميّة صحيحة وسليمة.
بدت رواية "لتكن مشيئتك" للمتلقّي في الفصل الأول وكأنّها رواية رومانسية، ثمّ، ومع بداية الفصل الثاني منها تسيطر القضايا الاجتماعية الشائكة، وما يجلبه موضوع اضطراب طيف التوحّد من إشكاليات تعرقل مسار التفاهم بين الزوجين، وما يتلو ذلك من تبعات وصراعات سرعان ما يتلقّفها القارئ ليصبح جزءا منها، يتخبّط في مواقفه مؤيّدا أو معارضا لهذا الموقف أو ذاك.
لا يمكن للقارئ المتأنّي إلا أن يرى الجانب النسويّ في الرواية، وإن كانت ليست رواية نسويّة وفق مفهومها التقليدي المألوف. يكشف السرد عن ميل الروائيّة لشخصيّة الزوجة في صراعها مع الزوج، بل وتعمل على تبرير حقّها في الانفصال عنه والارتباط بشخص آخر، صوّرته الراوية/ الزوجة/ منى، عن طريق ضمير المتكلم، أكثرَ قربا إلى وجدانها، وأكثر تواؤما مع طريقة تفكيرها، وأقرب إلى روحها الباحثة عن الرومانسيّة التي فقدتها في البيت، إثر انعزال الزوج وتنحّيه جانبا، حتى بدا جسدا خاملا دون روح.
لا تدور هذه الأحداث في فراغ بل إنها مؤطّرة بأحداث سياسية كان لها انعكاسها المباشر على الإنسان الفلسطيني في شتّى مواقع تواجده. فعلت الروائيّة كلّ ذلك بسلاسة حين أدخلت السياسة من الباب الخلفيّ دون أن تقحمها بكل مركّباتها وتشظّياتها، فأقبل المتلقّي على قراءة الرواية ومواجهة هذه الصراعات بهدوء ورويّة، بعيدا عن الخطابيّة التي قد ترافق قضايا الصراع بين العرب واليهود في هذه البلاد، ليظلّ الموضوع الاجتماعيّ هو سيّد الموقف.
للرواية بشكل عام قضاياها ومواضيعها التي تراود فكر المؤلّف، كما ذكر أعلاه، حتى إذا ما نضجت يقوم بنقلها إلى الورق. إنّ هذه العملية، بحد ذاتها، كما يعلم الجميع، هي العملية الأصعب التي تتطلّب جهدا وفكرا وطاقة وموهبة ومهارة ولغة تدمج كل مركّبات العمل معا. يقوم الروائي برسم مخطّط للرواية محدّدا نقطة الانطلاق ونقطة النهاية وما بينهما من أحداث بعد تفكير عميق، كما يرسم صورة في رأسه للشخصيات الفاعلة.
كيف بنت دعاء زعبي روايتها؟ وماذا يميّز هذا البناء؟ وهل نجحت في اختراق المتلقّين، وكيف؟ هذه بعض الأسئلة التي ستقوم هذه المقالة بالإجابة عنها.

الراوي
لا يمكن الإجابة عن التساؤلات أعلاه دون الحديث عن الراوي ودوره المهم في تحديد بنية السرد الروائيّ. "فهو عنصر رئيسيّ من عناصر الرواية، ولا يمكن للدارس أو الباحث أن يتحاشاه. ولا يمكن للقصّة أن تكون بدون راوٍ أو سامع أو قارئ، فهناك مرسِل للقصّة وهناك مستقبِل لها، بكلمات أخرى هناك ثلاثة مكونات تشكّل البنية السرديّة للخطاب: الراوي، المرويّ، والمرويّ له. فالراوي هو الشخص الذي يحكي القصّة، سواء كانت حقيقة أم خيالًا، وقد يحمل اسمًا أو يتقنّع بضمير أو يرمز له بحرف، أمّا المرويّ فهو كلّ ما يصدر عن الراوي بشكل منظّم يحمل مجموعة من الأحداث تقترن بأشخاص، وتؤطّر بمكان وزمان. والمرويّ له هو الذي يستقبل ما يرسله الراوي. (عزام) إذًا "هو الذي يأخذ على عاتقه سرد الحوادث ووصف الأماكن وتقديم الشخصيات، ونقل كلامها والتعبير عن أفكارها ومشاعرها وأحاسيسها"،(قاسم، ص158) وهو "الذي يمثّل صوتُه محورَ الرواية، إذ يمكن ألّا نسمع صوت المؤلِّف إطلاقا، ولا صوت الشخصيات.". (بوطيب، ص68) يبدو أن البعض قد حاول التنكّر لدور السارد ووجوده في السرد فجاء رد بعضهم حاسما، لأن الراوي، كما ترى شلوميت ريموت كينان، موجود في كل سرد حتى في الكتابات اليومية، وإن كان ذلك خارج وعي الكاتب. (Kenan, pp 89-99)
قد يسرد الراوي الأحداث من زاوية رؤية خارجيّة، ويكون في هذه الحالة راويا كلّيّ المعرفة يلاحق الأحداث والشخصيات، عبر ضمير الغائب، تاركا الحرّيّة للمتلقي ليفسّر ما يُروى له، وقد أسماها البعض الرؤية الموضوعيّة. وقد تكون الرؤية داخليّة عبر ضمير المتكلم؛ يكون الراوي في هذه الحالة شخصية مشاركة في الأحداث يرويها ويعلّق عليها ويؤوّلها داعيا القارئ إلى الإيمان بها، ولذلك أُطلق عليها الرؤية الذاتية. وهناك الرؤية الثالثة التي تعتمد تعدّد الرؤى حيث يوظّف الروائي أكثر من راو لسرد الأحداث، فضلا عن توظيف تقنيّات فنيّة وحوارات تساهم في ذلك.
لقد سيطر ضمير الغائب سيطرة شبه كلّيّة على الفصل الأول من رواية "لتكن مشيئتك"، فكان الراوي مشرفا كليّا معلّقا يحرّك الأحداث ويرسم الشخصيات ويبنيها من الخارج والداخل، بحيث اطّلع المتلقّي على الأمكنة، وعلى مسار الأحداث، وعلى تحرّكات الشخصيات وملامحها وأفعالها من خلال العرض الذي يقوم به الراوي، الذي نجح في خلق لقاء مباشر بين المتلقّي والخطاب الروائي، دون أن يكشف عن رؤيته هو، ما جعل العرض موضوعيّا، سيما وأن إيديولوجيا الروائية كادت أن تختفي كليا لولا بعض الجمل القصيرة الحواريّة التي تكشف جانبا بسيطا من رؤيتها، بالذات فيما يتعلّق بالميول السياسية، لكنّ ما يشفع لها هو اللغة الشاعرية القادرة على الوصف الدقيق للمشاعر ولشكل الأمكنة وملامح الشخصيات بأسلوب يعتمد الترميز والإشارة والمزج بين التاريخ والتخييل.
انتقلت السيطرة شبه الكليّة في السرد إلى الشخصية المركزية، منى، عبر ضمير المتكلّم في الجزء الأكبر المتبقّي من الرواية، وذلك منذ الفصل الثاني حتى نهاية الفصل السادس، فيما خُصّص جزء بسيط منه لشخصية أخرى تسرد مشاعرها وذكرياتها عبر كتابة مذكّراتها بضمير المتكلم، أيضا. يتيح هذا الأسلوب للروائي، بشكل عام، أن ينتقل من ضمير المتكلّم إلى ضمير الغائب مما يساهم في الابتعاد عن السرد الأوتوبيوغرافي، دون أن يفقد القارئ الانطباع بأنّ الراوي شخصيّة مشاركة في الرواية، كما يتجلّى في المثال التالي:
"أنشأنا أنا ومنى مؤسسة صغيرة في البلدة القديمة في القدس [...]. يضع جاد قلمه جانبا، يغلق دفتره وينظر بعيدا حيث كانت تجلس كعادتها." (الرواية، ص204)
كما يُفسح المجال لإقامة حوارات يتسنّى للقارئ، من خلالها، التعرف على الشخصيات؛ فقد أتاحت الحوارات، التي احتلّت نسبة لا بأس بها من صفحات الرواية في القسم الثاني منها، المجال للقارئ للاطلاع على شخصية الزوج، كريم، وبيّنت هروبه من مواجهة الواقع، وكشفت عن جوانب من شخصية منى لم تفضِ بها مونولوجاتها المطوّلة.
يبدو أن الروائية أدركت أهمية دور تجنيد الضمائر وأهمية توظيف أكثر من رؤية، فقد أتاحت زاوية السرد الداخلية، عبر ضمير المتكلم، للراويةِ المشارِكةِ في الأحداث أن تخلق تواصلا مباشرا مع المتلقّي، وبذلت قصارى جهدها لإيجاد المبرّرات، لنفسها أوّلا، وللقارئ ثانيا، التي جعلتها تتّخذ قرارها المصيري بالانفصال عن زوجها والارتباط بآخر. كان لهذا الصراع الداخلي، وما يرافقه من تحوّلات تدريجية، بالغ الأثر في المتلقّي الذي يتواجه مباشرة مع الراوية ومع صراعاتها النفسية. أما الصراع في الفصل الأوّل من الرواية فكان أقلّ دراميّة، بحيث يمكننا أن نقول إنه لم يصل حدّا يفرض على القارئ أن يتصارع مع ذاته لاتخاذ موقف مما يحدث، فقد وصلته الأحداث بطريقة شبه محايدة تسرد قصّة رومانسيّة تدور بين فتى وفتاة عكّر صفو لقائهما الوضع السياسيّ القائم.
اقتصر السرد عبر التقنيّة الأولى على ما جرى في الماضي، فيما اقتصر السرد بواسطة التقنية الثانية على ما يحدث في فترات زمنية لاحقة تصل إلى زمن السرد الحاضر، فكان الفصل الأول فصلا تمهيديّا لما سيحدث لاحقا، ما يؤكد على أن الروائية ترمي إلى تقديم رواية اجتماعية تتناول تاريخ عائلة ما كنموذج لعائلات أخرى، ما يذكرنا برواية "بداية ونهاية" لنجيب محفوظ التي قدّمت رواية اجتماعية أبطالها أبناء عائلة واحدة.
هل تغيير زاوية الرؤية وتوظيف أكثر من سارد يعني أن الروائية تبنّت الرؤية الديالوجية التي دعا إليها ميخائيل باختين؟ وهل ذلك يجعل الرواية أكثر عمقا وأكثر قربا من المتلقي؟

بين الرواية المونولوجية/ الأحادية الصوت والرواية الديالوجية/ الحواريّة
إن دراسة هذا الجانب ليس بالأمر السهل، رغم أنّ الأبحاث قد أولته الكثير من الاهتمام في العقود الأخيرة سواء في الغرب أم في الشرق. يبدو لنا أن بعض الدراسات العربية التطبيقية قد بحثت موضوع الحوارية التي دعا إليها ميخائيل باختين، بحثًا سطحيّا؛ فقد غاب عن بعضهم أنّ المقصود هنا ليس مجرد كثرة الرواة بقدر ما هو التحرّر من سلطة الروائي، بحيث تعبّر الشخصيات عن وجهة نظرها هي، لا وجهة نظر الروائي، ويُسمَع صوتها هي لا صوت الروائي؛ فقد يتعدّد الرواة وتكثر الشخصيات دون العمل على تعدّد الأصوات وتعدّد اللغات، حتى لتبدو الشخصيات نسخة واحدة تحمل صوتا واحدا هو صوت الروائيّ. إن صعوبة دراسة هذا الجانب تكمن في فشل عملية التطبيق وعدم تقصّي مدى انعتاق الراوي أو الرواة والشخصيات من سلطة الروائيّ وإيديولوجيته.
لا تحتوي رواية "لتكن مشيئتك" على كم كبير من الشخصيّات، لكنّ الروائيّة حرصت على أن تكون لكل منها رؤيتها وثقافتها ومعتقداتها، وبالتالي لها لغتها الخاصة، وخلقت بينها حوارات عدة مباشرة وغير مباشرة، بدءا من الأب سعيد والأم روز، كما ينعكس بوضوح في الفصل الأول الذي يروي قصة تعارف الأبوين/ الجدّين. يُعرف الأب، بطريقة مباشرة، على أنه علمانيّ وذو ثقافة أوسع من ثقافة الأم، وأكثر استعدادا لاحتواء من حوله، ما جعله أكثر قربا من ابنته التي تفضّل اللجوء إليه وقت الشدة أكثر مما تلجأ إلى والدتها، بينما الأمّ متديّنة متمسّكة بالله وبالسيدة العذراء القادرة على شفاء المرضى وتقديم العون لكل محتاج، ولا تتردّد عند الشعور بالضيق بالتوجّه إلى الكنيسة لنيل بركة الكاهن. لا يتأخّر الراوي في تعريف القارئ على الشخصيات وعلى اختلاف رؤاهم منذ الصفحات الأولى من الرواية كما يتجلّى في النص التالي:
"تستمر روز في سيرها البطيء، وهي تردّد بصوت لاهث متعب: "يا عدرا..." تصمت قليلا وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها قبل أن تكمل:
"يا أم القدرة...".
ثوان أخرى من الصمت، ثم تتابع وهي تلهث باسم العذراء:
"دخلك شدي هالقدرة".
يدركها سعيد حتى يكاد يتجاوزها. يسير إلى جانبها لاهثا هو الآخر وهو يشبك ذراعه بذراعها:
"بربّك يا روز أخبريني... أكان من الضروري كل هذا العناء في هذا الوقت المبكر من الصباح؟ اسمحي لي أن أقول لك يا روز بأن هذا اسمه شقاء. هذا هو الشقاء بعينه. شقاء بكل معنى الكلمة. أما كان بالإمكان تأجيل هذه الزيارة إلى ما بعد ظهر هذا اليوم؟".
بتأثّر بدا واضحا على محياها تكبح خطواتها اللاهثة المتعبة، تزجره بنظراتها الغاضبة العاتبة وهي تسحب ذراعها من ذراعه: "وهل تعتبر زيارتنا هذه للكنيسة شقاء يا سعيد؟ هل تسمي شكرنا للرب وتقديس اسمه عناء؟". (الرواية، ص16-17)
المقطع أعلاه يصوّر حوارا بين الزوج والزوجة، واختلاف وجهات النظر بينهما، إذ فيما ترى الزوجة في زيارة الكنيسة فرجا وراحة، يرى الزوج في هذه الخطوة عناء وشقاء. وفيما تتكرّر الأدعية، على لسان الزوجة، التي تُظهر مدى تمسكها بالإيمان بالسيدة العذراء وقدرتها يبدو الزوج غير مقتنع بهذه الخطوة. وبالتالي يقع القارئ أيضا على لغتين تحمل كل منهما مواصفات شخصيتين مختلفتين؛ تكثر السيدة من الدعاء ومن ذكر السيدة العذراء مستنجدة بها، فإنه لم يرد اسمها أو اسم أي من القديسين على لسان الزوج.
يتعرّف المتلقّي عادة على الشخصيات ومواصفاتها من خلال السرد والحوار على حدّ سواء؛ ففي السرد يقوم الراوي بهذا الدور لربط علاقة بين السرد والمتلقّي الذي يبني لذاته صورة عن الشخصيات، دورها وثقافتها وانتمائها وملامحها الخارجية. أما في الحوار فإن الشخصيّة تقدّم ذاتها، بتوجيه من الروائي، وتنكشف على المتلقّي بطريقة أكثر قربا ومباشرة. يدور حوار بين أهل سعيد وجيرانهم حول مصداقية زيارة مدينة القدس بعد أن قامت إسرائيل بضمّ القسم الشرقيّ منها إلى القسم الغربيّ، يقول والد سعيد:
"أخشى أن تكون هذه هي البداية فقط، وأخشى أن تشهد القدس أياما وزمنا أشدّ رداءة من هذا الزمن. أن تستمرّ إسرائيل في احتلالها للقدس. هذا يعني استمرارها في نشاطها الاستيطاني لتهويد الزمان والمكان في جنبات المدينة وضواحيها أيضا. ما أخشاه يا جماعة هو سياسة الجرف والتشويه هذه. تشويه هوية القدس وطابعها". (الرواية، ص27)
فتجيبه زوجته:
"لا تنسوا أننا في النهاية محميّون من قبل الكنيسة. لن يستطيعوا المسّ بنا ولا بمؤسّساتنا الدينية. ماذا يعتقدون أنفسهم؟ هناك رب وهناك كنيسة مسؤولة عنا وستحمينا. الدنيا مش فوشطة". (الرواية، ص27)
هناك مستويان من التفكير ورؤيتان مختلفتان؛ يبدو الرجل صاحب نظرة واقعية استقصائية، ترى أنّ المستقبل يحمل لهم في طياته أخبارا سيّئة. فيما تؤمن الزوجة أنّ إسرائيل ليست بقادرة على تنفيذ مشروعها لأنّ هناك كنيسة قادرة على حماية الناس وأماكنهم المقدّسة. وفيما يبدو كلام الرجل أكثر عمقا وأوسع رؤية، بالذات من ناحية سياسية، بدت الزوجة صاحبة رؤية مثاليّة، "الدنيا مش فوشطة". لم يتخلّل كلام الزوج أية كلمة محكية، فيما أنهت السيدة كلامها بجملة محكيّة يُكثر الناس من ترديدها للخروج من مأزق فكريّ أو لتبرير موقفهم. تشهد الحوارات أعلاه أن الشخصيات تتحدث بلسانها هي وبصوتها هي، وبلغتها هي، لا بصوت الروائية ولا لغتها.
إن المتلقّي حين يتواجه مع أكثر من سارد يميل إلى تصديق ما يُسرد، لأنّه يصدر عن أكثر من صوت وأكثر من رأي، وقد تحدّث المنظّرون عن أهمية الحواريّة في الرواية لأن آراء الناس، في الواقع، ليست واحدة، وبالتالي فإن الرواية يجب أن تعكس هذا الواقع.
إن الصراع الحقيقيّ الذي بُنيت حوله الرواية يتصدّر واجهة الأحداث في القسم الثاني من الرواية. صراع يدور معظمه في داخل الشخصية المركزية، الزوجة منى، أكثر مما يدور بين الشخصيّات الأخرى، ولذلك فإن اعتماد ضمير المتكلِّم في هذا القسم ساهم بشكل فاعل في نقل الصراع إلى الداخل أكثر مما هو في الخارج، وإن كان هناك من حوار حقيقيّ فهو يدور بين المتلقّين، كصدى للمونولوجات والمناجيات التي احتلت حيّزا واسعا من السرد، ما ساهم في توسيع رقعة الحوارية في الروايّة. لقد لجأ الزوج إلى الصمت بشكل تدريجي، ولم يسمع له المتلقّي صوتا إلا نادرا، حتى بدا وكأنّه حضر جسدا وتلاشى روحا، فكانت هذه التقنيّة هي الحيلة الأكثر تعبيرا عن موقف يجري بثّه للخارج من خلال الصمت المطبق.
كانت المونولوجات المطوّلة المدعومة بتقنيّات تيار الوعي، الموظّفة في الرواية، عبارة عن صوت عال ومدوّ، وصرخة عميقة وصل صداها إلى المتلقّي، وكان ذلك تعويضا عن انعدام الحوار بين الزوجة والزوج الذي حيّد نفسه بنفسه وأخرج ذاته من دائرة المواجهة المباشرة، حتى بدا هيكلا يُرى ولا يُسمع. يرى المتلقّي في هذه الصرخة حوارا مفتوحا امتدّ ليشمل حيّزا واسعا من صفحات الرواية، وتطاول زمنيا، لأنه زمن نفسي لا زمن حقيقي، ليتسنى للزوجة اتخاذ قرارها بالانفصال عن الزوج والارتباط بشخص آخر يحمل من الأفكار ما يجعله شريكا وجدانيا يعوّضها عمّا خسرته من اهتمام عاطفي ووجداني من الزوج:
"بقائي في البيت وملازمتي الفراش منحاني وقتا أكبر لاستذكار جميع التفاصيل الصغيرة التي رافقت مشواري الأخير للنّبعة [...]. كنت كالفراشة التي تعلّمت لتوّها الطيران، مزهوّة بنفسي أحلّق طلقة حرّة في فضاءات ما كان من أحداث ومشاهد ولحظات. أحطّ مرّة على تلك اللحظة، أمتصّ رحيقها حتى آخر رشفة منها [...]. أما عطره الممزوج برائحة المطر والأرض والصنوبر العابق بالبلل، فقد كنت لا أزال أحمله معي. ظل ملازما لأنفاسي عالقا بها، يأبى أن يفارقها. لم تبرحني تلك الرائحة، بل ازدادت قوة وحضورا كلما استذكرتها". (الرواية، ص156)
كان لهذه التقنيّات الأثر البارز في المتلقّي الذي وقف، في مرحلة معينة، في مواجهة الصراع الأصعب في الرواية، حين كان على الشخصية المركزية أن تختار بين خيارين صعبين مصيريّين: البقاء مع الزوج الذي أحبّته فترة طويلة من عمرها وأخلصت له، وبين شخص جديد ظهر في حياتها يشكل مفاجئ. احتدّ الصراع في داخلها وبدأت تميل بشكل تدريجي نحو شخص ظهر دون سابق إنذار فاتّخذت الأحداث منحًى رومانسيا، في مرحلة معينة من السرد، فيما أنّ الحدث المركزيّ يدور حول أهميّة الشراكة الزوجية في تحمّل المسؤوليات في كل الظروف، رغم الصعوبات والعراقيل التي قد تعترض طريقهما، لكن الروائيّة أبدت حكمة وحنكة فجعلت الأمور تسير باتجاه التحوّل العقلانيّ المتأنّي مدعوما بالعاطفة، وهيّأت الأجواء لانحياز البطلة للخيار الثاني.
لقد ساهم السرد، من خلال ضمير المتكلم، في خلق مواجهة مباشرة بين المتلقّي والشخصيّة المركزيّة المشارِكة في سرد الأحداث، التي بذلت مجهودا كبيرا في كشف ما يدور في عقلها وفي وجدانها، إثر التحوّل في شخصية الزوج وخروجه المتواتر من دائرة تحمّل المسؤوليات وميله إلى الانعزالية والخمول الذي أوصل الزوجة إلى مرحلة الجفاء. لقد نالت منى رضا الوالد، رغم معارضة الأم، ونالت رضا القارئ المتلقّي الذي يطّلع على صوت آخر هو صوت جاد، الرجل العاشق، الذي يروي في مذكراته التحوّلات في مشاعره تجاه منى، فقد بدا رجلا متّزنا يجمع بين العقل والعاطفة الصادقة، ويحمل في الآن ذاته رؤى فكرية تجعله أقرب إلى منى. وكأن المشيئة هي التي قادتهما وجمعتهما ليكونا معا، ويحققا ما قُدّر لهما، رغم اختلاف المذهب الديني، ورغم أن السيّدة كانت لا تزال مرتبطة بزواج من آخر.
إن الخلاف الحقيقي، أو بالأحرى الاختلاف قد برز في مرحلة معينة بين الزوجين، منى وكريم. وقد كشفت الشخصية المركزية رأيها وموقفها من زوجها من خلال الحديث مع صديقتها الاختصاصية النفسية، ومن خلال كتابة مذكراتها، ومناجياتها، وحواراتها الداخلية، مما جعل الحوار يتمركز بين منى والمتلقّي، الذي لم يسمع صوت الزوج، فكان صمته هو صوته الحاضر دون المشاركة الفعلية في أي حوار فعليّ إلا نادرا.
إن اختيار الروائية هذا الأسلوب في كشف دور الزوج السلبي نابع، بلا شك، من موقفها المنحاز لصوت منى النسوي. فهل يعني ذلك أن الرواية مونولوجية؟ وهل مسّ ذلك بجمالية الرواية؟
لقد حُيّد صوت الروائية كلّيا في القسم الأكبر من الرواية، ولم يقع القارئ على جمل فيها تعليقات جانبية، كما هو متّبع في الرواية المونولوجية، تكشف عن تسلّل إيديولوجيا الروائي أو الراوي إلى الأحداث، بالذات في القسم الثاني منها، الذي يكوّن الحيّز الأكبر من صفحاتها، والأهم أن لا تعليقات أو تدخّلات خارجية تحيد عن مؤهّلات الشخصيات وقدراتها ومعارفها وصورتها، بل إن ما يأتي على لسانها يتناسب مع بنائها ورسمها. وفيما يمكن للمتلقّي أن يرى تسلّلا خفيّا وغير بارز للراوي وللروائي في الفصل الأول من الرواية، فإن الصراع في القسم الثاني منها كان أكثر بروزا وحدّة وأكثر وقعا وتأثيرا في القارئ، حتى ليبدو بوضوح أن القسم الأوّل هو عبارة عن تمهيد لما سيأتي في القسم الثاني.
لقد غلب صوت الراوية/ الشخصية المركزية على أي صوت آخر، ومع ذلك فإن الحوار بينها وبين الزوج خرج من إطار الداخل إلى الخارج، بحيث يقف المتلقّي بإزاء تناقضات حادّة ومواقف متضادّة، برزت في تصرف كلّ من الزوجين، ما جعل الرواية تبدو أنّها تسير بين المونولوجية والديالوجية، مع ميل إلى الديالوجية. بل إننا لنجزم أن الروائية نجحت في نقل الصراع إلى المتلقّين الذين سينقسمون بين مؤيد ومعارض لهذا الموقف أو ذاك. ولقد تمكّنت اللغة الوصفية الشاعرية من اختراق المتلقي والتغلّب على الصوت الواحد وتغييبه بل وإذابته لما تحمله من رموز وإشارات ودلالات وإيحاءات.

الزمن الروائي
للزمن دور مهمّ جدا في تشكيل البنية السرديّة للرواية وقد عدّه البعض العنصر الأهم في بنائها، إذ لا تقوم الرواية بغير الزمان. وكان من أوائل من التفت إلى هذا العنصر وعرف قيمته مدرسة الشكلانيين الروس التي ميّزت بين المتن الحكائيّ أو الفابولا والمبنى الحكائيّ أو السوجيت، فالمتن عندهم لا بدّ أن يتقيّد بزمن ومنطق يُنظِّم الأحداث التي يتضمّنها، وهو المادّة الأوّلية للحكاية كما يفترض أنها جرت على أرض الواقع، أمّا المبنى فلا يتقيّد بالقرائن الزمنيّة والمنطقيّة قدر اهتمامه بكيفيّة عرض الأحداث وتقديمها للقارئ كما ظهرت به في العمل، إنه بكلمات أخرى العرض الفنّيّ المنسَّق للعناصر المكوِّنة، وهو يختلف من قصّة لأخرى إذ ليس من الضروريّ أن يتقيّد بالترتيب الزمنيّ والحدثيّ للقصّة كما جرت في الواقع، أو كما يُفترض أنّها وقعت على أرض الواقع. ومن الوسائل الفنّيّة التي تستخدم في بناء السوجيت: الموازاة، التقديم والتأخير، الإيجاز، الاستطراد، الإرجاء. (لحمداني، 1991، ص21)
تكمن صعوبة دراسة عامل الزمن لاختلافه عن بقية عناصر الرواية مثل الراوي والشخصية والفضاء، فهذه عناصر يمكن تخيّلها وبناء تصوّر لشكلها وصورتها عبر اللغة وقدرتها على التوصيف. أما الزمن فنتعرف إليه من خلال تأثيره على هذه العناصر، وعلى بناء الحبكة، أثناء عملية تحرّكه الخفيّ. في كل رواية زمنان رئيسيان: الزمن الخارجي الذي يؤطّر الأحداث، والزمن الداخلي الذي يبنيها.
- الزمن الخارجي
هناك عدة أزمنة خارجية تتعلق بعملية القص، ما يهمّنا منها هنا هو الفترة التاريخية التي وقعت فيها أحداث الرواية ومدّتها. فقد أشرنا سابقا إلى أن الروائيّة دعاء زعبي لا تحاول الفكاك من سطوة البيئة وارتباطها بالزمان والمكان الواقعيّين، وهو ما يتكرّر في هذه الرواية أيضا. يمتدّ سرد الأحداث على فترة زمنية طويلة تبدأ من سنة 1969؛ أي بعد مرور سنتين على حرب حزيران (1967)، وتنتهي سنة 2020. فهل لهذا الإطار الزمني من أثر على مسار الأحداث؟
إنّ الموضوع الرئيسي في الرواية وما يرافقه من مواضيع ثانوية هي كلّها مواضيع اجتماعية بحتة، بحيث يمكن عرضها دون علاقة بأي حدث تاريخيّ أو سياسيّ. لكن يبدو أن الظروف السياسية التي مرّ بها الفلسطينيّ، ولا يزال، منذ أكثر من قرن، باتت تلازمه كظلّه؛ فإن أحبّ أو تزوّج وولد ابنا، أو إن بنى بيتا أو زرع شجرة فإنّ كلّ ذلك لا بدّ أن يتداخل بطريقة أو بأخرى مع الأحوال السياسية، وكأنّ الأمور الاجتماعية التي تشغل الفلسطيني لا تتحرّك إلا في إطار السياسة التي دخلت حياته من الأبواب والشبابيك، وعبر الهواء والماء في كل زمان ومكان، حتى ليبدو وكأنّ التعارف بين الشاب من الميمونة والصبية التي من القدس ما كان ليحصل لولا هذه الحرب (حزيران 1967) التي كان من مفارقات نتائجها الجمع بين فلسطينيّي ال 48 وفلسطينيّي ال 67.
تسرّبت الأحداث السياسية، كما ذكرنا، من الباب الخلفي بسلاسة، وجمعت بين الحبيبين، في الفصل الأول من الرواية، وكشفتْ بعضَ التفاصيل التي تُبيّن ما تسبّبت فيه الحرب من أذى لسكان الأراضي المحتلة سنة 1967. أما في القسم الثاني من الأحداث الروائية التي تشمل الموضوع الأكثر أهمية فإن فاعلية الزمن الخارجي كادت تختفي عن ناظريّ المتلقي، وإن كانت ولادة الشخصية المركزية، منى، "في السادس من أكتوبر عام 1973" (الرواية، ص55)، إلى أن كانت النهاية مع عزف الطفل رامي ابن الشخصية المركزية، منى، الذي يعاني من اضطراب طيف التوحد، وتزامُن ذلك مع خبر مقتل الفتى الفلسطيني إياد الحلّاق سنة 2020 الذي كان يعاني من اضطراب طيف التوحّد، إثر إطلاق جنديّ إسرائيليّ النار عليه.
لقد جمع الحب في الفصل الأول بين شاب وصبية من بيئتين فلسطينيتين مختلفتين، فتزوجا وبنيا عائلة. تابع الأبناء مسيرة الآباء، بعد أن سار الزمن إلى الأمام خمسة عقود، وكأنّ لا شيء قد تغيّر. وكما وحّد الحبّ أبناء الشعب الواحد في ظل الاحتلال فقد جمع الهمّ والأسى بينهم أيضا، وتذوّقت الأجيال الصاعدة الوجع ذاته والظلم ذاته. لم يكن اختيار زمني البداية والنهاية عفويّا، فقد جاءت النهاية لتؤكّد على أنّ الاحتلال الذي بدأ قبل خمسة عقود ونيف، هو السبب في مقتل هذا الفتى، وأنّ الفلسطينيّ يبدع وينتج ويعزف أجمل الألحان بالرغم من هذا الإطار الضيق والصعب. وفي ظل هذه الظروف القاسية كانت النهاية التخييلية التي تصل تخوم الفانتازيا، تحمل الأمل والنور المنبثق من وسط الظلم والظلام: "في هذه اللحظة تحديدا يُسمع دوي انفجار عنيف تهتزّ له أرجاء البلدة القديمة ومحيطها، تضيء السماءَ بنور يخطف الأبصار لم تشهد مثله القدس من قبل، وينطلق صوت من كنيسة القيامة يصيح من بعيد:
أيّها الناس، يا أهالي القدس.. إنها إشارة من السماء تبشّر بفرح عظيم قادم سيملأ بيوت القدس وزقاقاتها عدلا ومسرّة وحبورا. فلتهللوا معي أيها الناس... هللوا معي وردّدوا... لتكن مشيئتك" (نهاية الرواية، ص207)
بدأت الأحداث من القدس وانتهت بها، وبالتحديد من كنيسة القيامة وفي عيد القيامة، وانتهت بصوت ينادي من كنيسة القيامة بالذات، بما يحمله هذا الاسم من دلالات وإشارات. تجب الإشارة هنا إلى أن ذكر أحداث من أرض الواقع هو جزء من التخييل، ومن شأن ذلك أن يثير القارئ ويجذبه ويشوّقه لمتابعة ما يجري. حتى ليبدو وكأنه مشارك في الأحداث، فتتحقق إحدى وظائف الراوي الرئيسية إقناع القارئ بوجهة نظره.
إن كان هذا هو الزمن الواقعي أو ما اصطلح بعض الدارسين على تسميته "زمن القصة" الذي يمتد على عقود خمسة ونيف، فكيف وزعته الروائية في "زمن الخطاب"؟
- الزمن الداخلي
نذكّر مرة أخرى أن الرواية عبارة عن قسمين رئيسيّين يبدأ الأول من سنة 1969 وينتهي مع ولادة الابنة منى سنة 1973، وبالتحديد في أجواء حرب أكتوبر من تلك السنة. أما القسم الثاني فيمتدّ من سنة 1973 وينتهي سنة 2020. تختلف زاوية الرؤية السردية بين القسمين، إذ يسرد الراوي الكليّ المعرفة، عبر ضمير الغائب، كل الأحداث في القسم الأول من الرواية مسيطرا على كلّ صغيرة وكبيرة غير ملتزم بالتسلسل الزمني التعاقبي، موظّفا تقنيّات عدة تساهم في التقديم والتأخير مثل الفلاش باك والمناجاة والحلم، ما أتاح له التنقل بين الأزمنة بسهولة، ولعل خير مثال على ذلك ما جاء في الصفحات الأولى من الرواية، حيث تبدأ الأحداث من زمن متقدّم نرى فيها الزوجين سعيد وروز يصلان إلى الكنيسة لنيل بركة الكاهن، ثمّ في الصفحات التالية يكتشف القارئ أن هذه الزيارة جاءت إثر حلم أزعج الأم الحامل قبل ليلة فقرّرت أن تقوم بزيارة إلى الكنيسة. يتكرّر ذلك على مدار الرواية، ما يثبت أن الروائية تجنبت السرد الزمني الذي اتبعته الروايات الكلاسيكية ونحت باتجاه تكسير الزمن في التقديم والتأخير وخلق المفارقات السرديّة التي قد ترهق القارئ، من ناحية، لكنها تقتل الرتابة، من ناحية أخرى، وتجذب المتلقي وتشدّه لمتابعة الأحداث وملء الفراغات. إن هذه التقنيات، بإيجاز شديد، هي عامل تشويق مهم جدا في مبنى الحكاية وسردها الروائي.
ولو تتبّعنا المبنى الزمني الكليّ لهذا القسم لوجدنا أن الأحداث تبدأ من الأقرب مستغرقة ست سنوات يتنقل فيها السرد بشكل ملتوٍ بين الحاضر والماضي بشكل متقطع، يبطئ أحيانا ويسرع أحيانا أخرى.
تتسلّم الشخصية المركزية السرد في القسم الثاني من الرواية، كراوية مشاركة في الأحداث، من نقطة زمنية متقدمة، بعد أن لجأت إلى تقنية الحذف (القطع): "ولدت في السادس من أكتوبر عام 1973، أي قبل حوالي أربعة عقود من اليوم" (الرواية، ص55). تكشف فيه عن تأزّم العلاقة بينها وبين الزوج، موظّفة جميع التقنيّات التي وُظِّفت في القسم الأول من الرواية، لكن من زاوية نظر داخلية. أتاحت هذه التقنيّة للراوية أن تتحرّك بسلاسة بين الأزمنة وأن تكسر أفق توقّعات القارئ الذي ينتظر بشوق ما يمكن أن يحدث في الصفحات التالية، ومسبّبات ما قد حدث. واللافت فعلا أن عدد الصفحات التي تمتد من الفصل الثاني حتى السادس تبلغ مائة وثماني وأربعين صفحة من أصل مائتين وسبع صفحات (انظر الرواية: ص، 51-199) لا تستغرق الأحداث فيها إلا بضعة أشهر، وهي مدة زمنية قصيرة إذا ما قيست بزمن القص الذي يربو على عقود خمسة، لكنّه يبدو طويلا جدا لأنه زمن نفسيّ أكثر منه زمن واقعيّ، يصوّر ما يدور من قلق وأرق وتردّد في داخل الشخصية المركزية. يتلو ذلك ما أطلقت عليه الروائية "فصل الختام" الذي يمتدّ على أقل من خمس صفحات، ويستغرق ثماني سنوات، لذلك تكثر، هنا، الإشارات إلى مرور الزمن في هذا الفصل القصير بالذات: "بعد مرور عامين على ذلك الزمن" (الرواية، ص 203)، "بعد مرور ست سنوات" (الرواية، ص205).
تساهم التقنيّات السرديّة، مثل الفلاش باك، والمناجاة، والذكريات، إضافة إلى ذكر تواريخ بعينها، في عملية الإيهام بالواقع، ويرافق المتلقّي الراوية في زمن السرد ومفارقاته متحرّكا من الزمن الحاضر، تارة إلى الوراء، وأخرى إلى الأمام، لكنّ الفارق كبير بينهما، حيث إنّ الراوية هي التي تحرّك المتلقّي حين تكشف له معلومة وتخفي أخرى، فيزداد تشوّقا لمعرفة ما تخفيه، أو ما قد يحدث. وتقوم لغة الوصف الشاعرية التي وظّفتها الروائية في تحريك الزمن. ولنا على ذلك أمثلة عدة، نكتفي بالنصين التاليين اللذين يكشفان عما يدور من تبدّل وتحوّل في مشاعر منى:
- "عدنا ثلاثتنا إلى بيتنا. إلى العشّ الذي كان يوما هو الأجمل قبل أن يصفعنا الزمن صفعته المدوّية ويقلبنا رأسا على عقب. كان البيت باردا جدا حين دخلنا. برودة لئيمة تنخر في عظام القلب والروح وفي كل تفصيل صغير حولنا...". (الرواية، ص107)
- "بضعة أيام من تغيّبي عنها، ومطر طفيف زارها أمس وأول أمس، كانا كفيلين بإشعال تغيّر ملحوظ في الأجواء المتاخمة للنبعة [...]. أقوم بفتح نافذة السيارة لأبدأ رحلتي مع نفسي ومع الطبيعة. بعض الأشجار قد تعرّت من أوراقها، وأخرى غيّرت ألوانها، وأوراق كثيرة تطايرت وتناثرت هنا وهناك محدثة خشخشة خفيفة في الجو وصلتني سمفونية ربانية في غاية الجمال. السماء داكنة قليلا تكسوها بعض الغيوم الرماديّة، وشمس أيلول تصرّ على الخروج مشرقة من دكنة الغيم مغسولة ببعض أمطار غيم أمس". (الرواية، ص133)
هناك فرق بين "العش" و"النبعة"، فالأول مكان باهت وبارد وجاف، والثاني مكان هادئ وساحر وملهم. في الأول يعيش الزوج، وفي المكان الثاني يتواجد الحبيب. هذا الوصف المكاني يحمل في داخله إشارات إلى تبدّل ليس فقط في الشكل وفي المشاعر، بل هما زمنان مختلفان أيضا، الأول هو السابق، والثاني هو اللاحق، من ناحية، كما أن ما كان عليه المكان لم يعد كما كان، من ناحية أخرى. لقد وظّفت الروائية التوصيف المكانيّ للحديث عن التقدم في الزمن، بديلا عن وسائل وتقنيّات فنية معروفة مثل "الخلاصة" أو القطع"، أو استعمال ظرف الزمان، مثل بعد وقبل، للإشارة المباشرة إلى الدخول في زمن جديد. إن التوصيف المكاني، هنا، ليس توصيفا لمكان ثابت وجامد بل هو، في الحالتين أعلاه، أشبه بالتصوير السينمائي الذي يشير إلى حركة الفعل وإلى تبدل في الزمان.
إن تكسير الزمن وعملية التقديم والتأخير زادت من منسوب التشويق لدى المتلقي، وقتلت عملية الرتابة لأن توظيف هذه التقنيّات التي أشرنا إليها تفعّل المتلقي فيتحوّل إلى متلق إيجابي لا مجرد متفرج جانبي.

خلاصة
تطرح دعاء زعبي موضوعا شائكا ومثيرا وحسّاسا، عرضتْه على القرّاء مكشوفا دون مواربة ودون أغطية تستره أو تخفيه، مما يفتح باب الحوار على أوسع أبوابه. وسواء قصدت ذلك أم لا فإن الموضوع من شأنه أن يثير حوارات مستفزّة بين مؤيّد ومعارض. لم تذهب الروائية بعيدا للبحث عن موضوع تطرحه، بل دخلت في عمق الحياة الأسرية وما يشغلها في حياتها اليومية. ومما جعل الموضوع حارقا وحسّاسا هو إقحام قضيّة طيف التوحّد وما يجلبه من تبعات وتأثيرات على العائلة كلها. "لتكن مشيئتك" رواية اجتماعية، تطرح أكثر من موضوع واحد، يقع في صلبها موضوع التفاهم بين الزوجين، الذي يقاس من خلال التجربة الحياتية، وبالذات، في وقت الشدائد والأزمات. إن الدعامة الأولى لاستمرارية هذه العلاقة تقوم على الحب والتفاهم بكل ما تحمله هاتان الكلمتان من معان واسعة، أما في حال ضعفهما أو تلاشيهما فإن كلا من الزوجين لا بد أن يبحث عن ذاته في مكان آخر وعند شخص آخر.
تنتمي كل الشخصيات المحوريّة في الرواية للطبقة المتوسّطة من سكان المدينة، وبالتالي فهي كلّها، دون استثناء، شخصيات متعلّمة ومثقّفة. يتجلّى ذلك من خلال تصرّفاتها وملبسها وحواراتها. إن انتماء الأب والأم لهذه الطبقة الوسطى المثقّفة جعل عملية انفصال ابنتهما عن زوجها المسيحي وارتباطها بعلاقة زواج من رجل مسلم سهلة نسبيا. ورغم معارضة الأمّ هذه الخطوة إلا أنّ ذلك لم يوصل إلى القطيعة، كما يحدث عادة في مثل هذه الحالات، إذ سرعان ما رقّ قلبها وقبلت بالواقع.
تدور أحداث الرواية في ظل واقع سياسي ذي تأثير كبير على الإنسان الفلسطيني. وبالرغم من أن الموضوع الرئيسي لا يمتّ إلى السياسة بصلة، إلا أنها تسرّبت من الباب الخلفي؛ إذ مهما تحاشى الروائي الفلسطيني واقعه فإن ذلك سرعان ما يقتحم البيوت وساكنيها. إن التأطير التاريخي أضفى على الأحداث صبغة واقعية ساهمت في عملية الإيهام بالواقع، وتقريب الخيال من الحقيقة.
تمكنت الروائية أن تتيح المجال للشخصيات بالذات في القسم الثاني، القسم الأكبر من الرواية، أن تتحدّث بصوتها هي وبلغتها هي، وقد ساهم أسلوب المونولوج والمناجاة والفلاش باك، فضلا عن أسلوب كتابة المذكّرات من تعزيز تعدّد الرؤى وكشف مميزات الشخصيات من الداخل والخارج، دون تعليق من الراوي أو الروائي، ما ساهم في تحييدهما بشكل ملموس وفتح الباب لتعدد الأصوات وتعدد اللغات، إذ يمكن للمتلقي الذي يعاين اللغة بتروّ أن يقع على فروق تمايز بين صوت الراوي عبر ضمير الغائب ولغته، وبين صوت الراوي بضمير المتكلم ولغته، فالراوي بضمير الغائب تغلب عليه اللغة التصويرية الخارجية، التي تنقل الأخبار إلى المتلقي بصورة أكثر مباشرة، فيما أن لغة الراوي بضمير المتكلّم أكثر وجدانية.
اعتمدت الروائية وسائل فنية تساهم في تكسير الزمن مما يثير القارئ ويحثّه على متابعة القراءة ومحاورة النص، كما ساهمت اللغة الإيحائية التصويرية في عرض مشاهد متحرّكة أشبه بالمشاهد السينمائية، ما يجعل الرواية قابلة لتحويلها إلى فيلم سينمائي، أو إلى عمل مسرحي، بفضل الوصف الدقيق والتأثيث المكاني الذي يشبه الديكور المسرحي.


المصادر والمراجع
زعبي، دعاء. لتكن مشيئتك. دمشق: دار ورد، 2025.
بوطيب، عبد العالي. "مفهوم الرؤية السردية في الخطاب الروائي بين الائتلاف والاختلاف". فصول مج 11 ع 4 (1993)، 68-76.
تودوروف، رولان، وأوئيليه ريال. عالم الرواية. ترجمة نهاد التكرلي. بغداد: وزارة الثقافة والإعلام، 1991.
عزام، محمد. "الراوي والمنظور في السرد الروائيّ". موقع ديوان العرب. (21.4.2016).
قاسم، سيزا . بناء الرواية، القاهرة: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 1984.
قاسم، سيزا. مقدمة ترجمتها لمقالة فكتور شكلوفسكي، "بنية الرواية وبنية القصة القصيرة"، فصول، مج 2 ع 4 (1982)، 33-34.
لحمداني، حميد. أسلوبية الرواية- مدخل نظري. الدار البيضاء: منشورات دراسات سال، 1989.
لحمداني، حميد. بنية النص السردي -من منظور النقد الأدبي. بيروت: المركز الثقافي العربي،1991
مرتاض، عبد الملك. في نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد. الكويت: سلسلة عالم المعرفة، 1998.
يقطين، سعيد. تحليل الخطاب الروائي. بيروت: المركز الثقافي العربي، 1989.
Kenan, S. R. Narrative Fiction, Contemporary Poetics. London: Methuen, 1983.
Selden, Raman. A Readers Guide to Contemporary Literary Theory. Great Britain: The Harvester Press, 1985.
Wellek, Rene, Warren, Austin. Theory of Literature. Harmondsworth: Penguin Books Ltd, 1966.



#رياض_كامل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذائقة الأدبية بين الثابت والمتحول- قراءة في ديوان -أجراس ع ...
- الرواية الفلسطينية- النكبة وصدمة جيلي الطفولة والشيخوخة
- -تذكرتان إلى صفورية- النكبة، التشتت والهوية
- حوار أدبي وفكري مع الروائي حيدر حيدر
- اللغة، المكان والزمان في الرواية العربية الفلسطينية
- شعرية القصة القصيرة جدا في -عزف على نشاز-
- الرواية الفلسطينية- مرحلة النضوج
- قراءة تأويلية: الواقع، التأريخ والتخييل في رواية -بدلة إنجلي ...
- -عودة جفرا- صوت التمرد رغم المعاناة
- الكتابة بين الفعل ورد الفعل- -أنف ليلى مراد- أنموذجا
- -الجنة المقفلة-، إنعاش الذاكرة وتثويرها
- خطاب جريس دبيات الشعري
- الطيور تعود إلى أعشاشها والكتابة المغايرة
- تجليات الذات بين الحماسة والاتزان
- لينة الشيخ حشمة بين النقد والبحث
- -نشيد الرجل الطيب- ما بين الواقع والأيديولوجيا
- أن تكون عربيا في -دولة اليهود-- قراءة في رواية -نوار العلت-
- -مقصات وسكاكين في الذاكرة- بين التلقي والتأويل
- مقدمة كتاب حوارات في الفكر والأدب- رياض كامل
- الأدب والأيديولوجيا: شعر مفلح الطبعوني نموذجا


المزيد.....




- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض كامل - قراءة في سردية رواية -لتكن مشيئتك-