فيجاي براشاد
الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 22:24
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
فيجاي براشاد وتاروا زونيغا سيلفا – 3 يوليو 2025 – Z Article
فازت جانيت خارا (من مواليد 1974) في الانتخابات التمهيدية الرئاسية لليسار في تشيلي، والتي جرت في 29 يونيو 2025، بمشاركة أربعة من أبرز القوى السياسية اليسارية. حيث حصلت خارا على 60٪ من الأصوات، متفوقة على كارولينا توها من الحزب الديمقراطي الاشتراكي (28٪)، وغونزالو وينتر من "فرينتي أمبليو" أو "الجبهة الواسعة" (9٪)، وخايمي موليه من حزب FRVS، الذي يمثل اندماجًا بين الخضر والتقدميين (2٪). وبذلك ستقود خارا في نوفمبر المقبل تحالف "الوحدة من أجل تشيلي" في الانتخابات الرئاسية، حيث ستواجه مرشح اليمين، إما إيفلين ماتي (من مواليد 1953) من "الاتحاد الديمقراطي المستقل"، أو خوسيه أنطونيو كاست (من مواليد 1966) من "الحزب الجمهوري"، أو كليهما إذا فشلا في التوافق على مرشح واحد. وإذا خاض كلاهما الانتخابات، فسيقومان بتقسيم أصوات اليمين، ما يمنح خارا فرصة تاريخية للفوز بالرئاسة كمرشحة شيوعية — وهو أمر لم يحدث من قبل في تاريخ تشيلي. أما إذا اتفقا على دعم أحدهما، وجمع أصوات اليمين، فإن فرص اليسار في الفوز تبدو ضعيفة. لكن لا يزال أمامنا وقت طويل حتى نوفمبر، والفرح بترشيح خارا واضح، إذ استمرت الاحتفالات حتى ساعات الليل، ورفرفت أعلام الأحزاب اليسارية في كل مكان.
خارا كانت عضوة في حكومة غابرييل بوريك، الذي تولّى الرئاسة في 2022. ومنذ مارس 2022، شغلت منصب وزيرة العمل والضمان الاجتماعي، قبل أن تستقيل في أبريل من هذا العام لترشح نفسها للرئاسة باسم الحزب الشيوعي التشيلي. وكان هذا أول منصب وزاري يشغله شيوعي منذ الانقلاب العسكري الذي قاده بينوشيه ضد حكومة "الوحدة الشعبية" بزعامة سلفادور أليندي (1970–1973). وكان من بين الوزراء الشيوعيين في عهد أليندي كل من أورلاندو ميلاس (المالية) ولويس فيغيروا مازويلا (العمل والضمان الاجتماعي).
قبل الانتخابات التي أوصلت بوريك إلى السلطة، التقينا به، وأكد لنا أن أولويته الكبرى كانت إصلاح نظام التقاعد. لذلك لم يكن من المستغرب أن يكلّف خارا بهذه المهمة. وكانت خارا قد شغلت سابقًا منصب نائبة وزيرة التنمية الاجتماعية بين 2016 و2018 في حكومة ميشيل باشليه (الرئيسة الاجتماعية الديمقراطية المحبوبة جداً، والتي يُتوقع أن تكون الأمين العام القادم للأمم المتحدة). يُعد إصلاح نظام التقاعد تحديًا بالغ الصعوبة، بسبب تضارب المصالح بين التزامات المؤسسات المالية النيو-ليبرالية وبين الصعوبات المتعلقة بالإيرادات الضريبية المحدودة. وقد سعت خارا إلى تنفيذ إصلاحات عبر تحالفات وتنازلات، مما أضعف من الطابع الجذري للإصلاح. ومع ذلك، أدّت هذه الإصلاحات إلى رفع مساهمات أرباب العمل بنسبة 7٪، وتحسين "معاش الضمان الشامل"، وتحقيق تقدم في العدالة الجندرية، وتشديد الرقابة على قطاع المعاشات. ورغم أن هذه التعديلات لا تصل إلى حدّ القضاء على التمويل الخاص للمعاشات، وهو مطلب أساسي لماركسي، فإن خارا اضطرت إلى العمل ضمن القيود المفروضة عليها.
وبعد تأكد فوز خارا في الانتخابات التمهيدية، هنّأها رئيسها السابق بوريك قائلاً: "ما ينتظرنا ليس سهلاً، لكن جانيت تعرف المعارك الصعبة. الآن علينا أن نعمل معًا من أجل الوحدة، لنحشد غالبية شعبنا للاستمرار في بناء بلد أكثر عدلاً وأمانًا وسعادة". وأضاف بوريك أن خارا ستكون رئيسة أفضل منه. المعركة الصعبة مضمونة، لكن بوريك محق: خارا معتادة على المعارك. فقد وُلدت في منطقة "كونشالي" شمال سانتياغو، لأبوين يساريين — والدها سيرخيو خارا، ميكانيكي صناعي، ووالدتها جانيت رومان، ربة منزل وأم لخمسة أطفال. انضمت خارا إلى "اتحاد الشباب الشيوعي" في سن الرابعة عشرة، وهو الحد الأدنى للانضمام. تزوجت في التاسعة عشرة، وترملت في سن الحادية والعشرين، مما شكّل ضربة كبيرة لها، وقالت: "كانت فترة حداد طويلة جدًا". لكنها لم تستسلم. أصبحت رئيسة اتحاد الطلاب في جامعة سانتياغو عام 1997، وقادت سلسلة من الإضرابات الطلابية ضد حكومة إدواردو فراي (1994–2000). وفي 1999، انضمت إلى الحزب الشيوعي، وقالت في مقابلة مع صحيفة الحزب El Siglo بعد سنوات: "نحن جيل محافظ. نفتقر إلى الجرأة السياسية والحدس. علينا أن نُظهر أن آراءنا متنوعة. في اليسار، لا أحد يجب أن يُقدَّم لمجرد أنه وقف أمام عربة مكافحة الشغب (غواناكو)".
أسلوب خارا البسيط — مثل مقاطعها العفوية على إنستغرام — أكسبها جمهوراً مخلصاً. بينما كانت تحضّر قهوتها الفورية في المطبخ وتتحدث عن الزعيمة الشيوعية الراحلة غلاديس مارين، كانت منافستها كارولينا توها تحضّر قهوة بوليفية باستخدام "فرنش برس" وتتحدث عن رسوم ترامب الجمركية. أما والد خوسيه أنطونيو كاست، ميخائيل كاست شينديلي، فقد فرّ من ألمانيا في خمسينيات القرن الماضي لتفادي عملية "نزع النازية"، وكان ضابطًا في "فيرماخت" وعضوًا في الحزب النازي. وعندما استقر في تشيلي، جمع ثروة كبيرة مع عائلته من خلال مصنع للنقانق. ابنه السياسي لا يتبرأ من والده، بل يحمل رؤى مشابهة تمامًا للأيديولوجيا التي تبنّاها.
أما ماتي، فهي أقل تطرفًا من كاست، وستحاول تقديم نفسها كشخصية ليبرالية أكثر، وستسعى لتشويه صورة خارا عبر ربطها بالشيوعية، التي ما زالت محاطة بالريبة في المجتمع التشيلي. لكنها أيضًا تواجه ماضياً عائلياً ثقيلاً، فوالدها الجنرال فرناندو ماتي أوبيل، ابن ضابط ألماني، وتلقى تدريبه في سلاح الجو الأميركي، ثم عاد إلى تشيلي بعد انقلاب 1973 ليصبح جنرالاً في الديكتاتورية. ويُقال إنه قاد برنامجاً لاختبار أسلحة بكتريولوجية ضد السجناء السياسيين. أما ابنته إيفلين، فقد انضمت لحكومة الديكتاتورية في أواخر عهدها لتخصخص نظام التقاعد. في عام 2024، وصفتها مجلة The Economist بأنها "المرأة التي ستقود الثورة المضادة في تشيلي". ورغم محاولتها إخفاء تطرفها، فقد صرّحت مؤخرًا بأن "ضحايا الديكتاتورية العسكرية كانوا أمراً لا مفر منه".
وهكذا، قد نجد أنفسنا أمام مواجهة بين خارا، الشيوعية التي تسعى لبناء نظام تقاعد اجتماعي، وبين ماتي، التي شاركت في خصخصة هذا النظام في عهد ديكتاتوري. ولو كانت المسألة بهذا الوضوح، لما احتاج الأمر إلى انتخابات أصلاً. لكن الأشهر القادمة ستشهد حملات إعلامية مشبعة بنصف الحقائق والأكاذيب الكاملة. معركتها الأولى ستكون حول الصورة العامة، إذ بدأت وسائل الإعلام بضربها لأنها شيوعية. وسيتوجب على خارا أن تتصدى لإرث معاداة الشيوعية الذي تم ترسيخه خلال عهد الديكتاتورية.
وإذا فازت، ستكون خارا أول شيوعية تفوز برئاسة تشيلي في تاريخ البلاد.
https://znetwork.org/znetarticle/a-communist-wins-the-left-primary-in-chile-and-prepares-to-battle-the-right-in-the-presidential-election-in-november/
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟