أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مهيمن جواد - عن التشدد اخربش














المزيد.....

عن التشدد اخربش


مهيمن جواد

الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 19:53
المحور: كتابات ساخرة
    


لا شك، عزيزي القارئ، أنك حين قرأت كلمة "التشدد"، ربطها لا وعيك فورًا بالتشدد الديني، وبالذات "الإسلامي". وهذا الربط ليس عبثياً، بل له مبرراته!

فنحن، كأفراد ومجتمعات، عشنا (وما زلنا نعيش) تحت وطئة هذا النوع من التشدد، من أولئك الذين ينتقدونك باسم الدين، حتى لو كنت متدينًا، إلى الذين يفجّرون أنفسهم بين الأبرياء في سوق أو في مجلس عزاء.

لكن من الملفت اننا في هذه الايام نشهد نسخة مطورة من التشدد، تستهدف المتدينين انفسهم او كل من بؤمن بالاسلام كعقيدة حتى وان كان مسلم "سكر خفيف".

فترى الانتقاد شديد اللهجة سواء كان مباشرا او ضمن قنوات التواصل الاجتماعي والمرئي، ونبرات الاستهزاء والاستخفاف تطال كل من يعتقد بهذا الدين او يمارس طقسا من طقوسه، ناهيك عن الاتهامات بالجهل والتخلف وعدم الاطلاع، ليصل الأمر في كثير من الاحايين، ان يتهمك المتشدد الملحد الذي يجلدك بلسان ساخر ومستفز وهو (يصيح) بأنك متشدد عندما يفقد الحجة بالنقاش وقد تكرر معي"انا شخصيا" هذا الأمر كثيرا، رغم ما يعرف عني بدائرتي الضيقة بأنني لا احُب الجدال ولا اجيب الا إذا سُئلت.

وهنا بدأت اتسائل عن ماهية هذا "التشدد" الذي يتبدّل شكله ولونه، لكنه يحتفظ بنفس الرائحة؟ هل هو مرض فكري؟ أم أنه ببساطة... طبع بشري؟

تأملت قليلاً فيمن حولي، واكتشفت أن كثيرًا من المتشددين اليوم (باسم العلمانية أو الإلحاد ) كانوا في السابق متشددين دينيًا، والعكس كذلك. نفس النبرة، نفس الحِدة، فقط تغيّر القناع. عندها بدأت أقتنع بأن التشدد قد لا يكون دائمًا نتاج فكرة او عقيدة، بل ربما هو سمة شخصية متأصلة، فطرية أحيانًا، أو مكتسبة من خلل في التربية، أو ضغط مجتمعي، أو حتى خليط من كل ذلك.

فالتشدد، بتعريفي، هو عدم الاقتناع بأن للآخرين حقًّا في الاقتناع برأي آخر.
هو الإيمان الأعمى بأن ما تؤمن به (أنت فقط) هو الصح المطلق، وأن البقية ضالّون، جهلة، أو "محتاجين توعية" على طريقتك!

فبحثت...

ووجدت أن عدداً من علماء النفس والأعصاب يدعمون هذه الفرضية:

جوناثان هايدت، في كتابه العقل الصالح (The Righteous Mind)، يرى أن لدينا ميولاً فطرية تجاه بعض القيم الأخلاقية كـ"الطهارة" و"السلطة" والانضباط. هذه القيم قد تجعل بعض الأشخاص أكثر استعداداً للانخراط في أيديولوجيات متشددة، سواء كانت دينية أو غير دينية.

أما ستيفن بينكر، في كتابه الملائكة الأفضل في طبيعتنا، فيشير إلى أن العنف والتشدد لهما جذور تطورية، حيث ساعد التمسك الصارم بالمعتقدات الجماعية المجتمعات القديمة على البقاء، فتحول إلى نمط مدموغ في الدماغ البشري.

روبرت سابولسكي، في كتابه السلوك (Behave), يربط بين أنماط التشدد وبعض العوامل البيولوجية مثل مستويات الكورتيزول والتستوستيرون، ويشرح كيف تؤثر هذه الهرمونات على ميل الإنسان نحو العدوانية والتصلب.

غازانيغا، عالم الأعصاب المعرفي، يذهب أبعد من ذلك؛ فهو يرى أن انقسام الدماغ إلى أنظمة مستقلة جزئيًا قد يؤدي إلى غياب التناغم بين المنطق والعاطفة، مما يجعل البعض أسرى لمواقف متشددة دون أن يدركوا حتى أنهم كذلك.

أما علم الوراثة السلوكي، فيخبرنا أن بعض السمات المرتبطة بالتشدد، مثل الانغلاق المعرفي والخوف من التغيير، قد تكون موروثة جزئيًا. بل إن بعض الدراسات تشير إلى أن الميل نحو المحافظة (والتي ترتبط غالبًا بالتشدد) له أساس جيني.

نستخلص من ذلك، ان التشدد ليس حكراً على دين، ولا حكراً على فكر. قد يكون في الجينات، أو في التنشئة، أو نتيجة تفاعل الاثنين معاً. وقد لا يكون في العقيدة بقدر ما هو في طبيعة الشخص نفسه.
بعض الناس (ببساطة) لو اعتنق الدين كعقيدة تشدد له، ولو اعتقد بالإلحاد او أي مذهب فلسفي آخر، رفع لواءه بنفس الحماس.
المشكلة ليست فيما نؤمن، بل كيف نؤمن.

وربما، لو جلس المتشدد الديني والمتشدد الإلحادي على طاولة واحدة، لاكتشفا أنهما يشربان من نفس الكأس… فقط يختلفان على اسم الشراب!
واحد يقول "هذا طِهر"، والآخر يقول "هذا وعي"، وكلاهما لا يحتمل أن يُقال له: "خف شوي!"






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...
- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مهيمن جواد - عن التشدد اخربش