اميمة الطرابلسي
الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 01:08
المحور:
مقابلات و حوارات
مهند عبد الجواد راهي: من ميادين الصحافة إلى منصات الدفاع عن حرية التعبير
كتبت أميمة الطرابلسي
في عالم تتقاطع فيه السياسة بالإعلام، وتتنازع فيه الحقيقة مع الرقابة، برزت شخصيات استثنائية استطاعت أن تحمل شعلة الكلمة الحرة رغم العواصف. من بين هذه الشخصيات يبرز اسم الدكتور مهند عبد الجواد راهي، الصحفي والباحث والناشط الحقوقي، الذي خاض غمار الصحافة في بيئة تفتقر إلى الضمانات القانونية لحرية التعبير، وخرج من هذه التجربة مؤمنًا بأن القلم يحتاج إلى قانون، مثلما تحتاج الحقيقة إلى من يحميها.
النشأة والبدايات
ولد مهند عبد الجواد راهي العبودي بمدينة الكوفة ونشأ في بيئة عراقية مشبعة بالتحولات الاجتماعية والسياسية، وهو ما أثر مبكرًا على وعيه الثقافي وميله للتعبير عن الرأي. منذ سنواته الأولى، أظهر ميلاً واضحًا للكتابة والمطالعة، قبل أن يجد في الصحافة مساحة لتحقيق شغفه بالتغيير والكلمة الحرة.
اختار الصحافة ليس كمهنة فحسب، بل كرسالة. ومع أن الطريق لم يكن ممهدًا، إلا أن التحديات التي واجهها لم تكن سوى محفزات على مواصلة المسار نحو هدف أسمى: حماية حرية الصحافة وتمكين الإعلام من أداء دوره الديمقراطي.
التجربة الصحفية: الكلمة في مواجهة الخطر
مارس مهند العمل الصحفي في ظروف صعبة، حيث لم تكن حرية الإعلام مكفولة بشكل فعلي، بل كانت محفوفة بالمخاطر والضغوط السياسية والاجتماعية. وقد واجه تحديات عديدة أبرزها:
• الرقابة المسبقة والتضييق على المحتوى
• غياب التشريعات الحامية للصحفيين
• التهديدات المباشرة وغير المباشرة
• استغلال القوانين لتجريم العمل الإعلامي المستقل
لكن رغم كل ذلك، حافظ على التزامه بالمهنية والحياد، وسعى إلى تقديم إعلام حر ومسؤول، متخذًا من الاستقلالية والتوثيق الدقيق أساسًا لعمله.
هذه التجربة المهنية لم تكن مجرد مرحلة، بل شكلت وعيه القانوني لاحقًا، إذ أدرك أن معركة الصحفي لا تقتصر على الميدان، بل تمتد إلى قاعات التشريع والمحاكم، حيث تُصنع القوانين وتُحدد الحريات.
الانتقال إلى القانون وحقوق الإنسان
بعد سنوات من العمل الإعلامي، قرر الدكتور مهند أن يوسّع أدواته النضالية، فبدأ دراسة القانون وحقوق الإنسان، ليفهم ليس فقط ما يواجهه الصحفي من قيود، بل كيف يمكن تفكيك هذه القيود من داخل المنظومة القانونية نفسها.
ركز في أبحاثه ودراساته على:
• حرية التعبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان
• التشريعات الوطنية المتعلقة بحرية الصحافة
• المواثيق الدستورية وحقوق الإعلام
• آليات الحماية القانونية للصحفيين في مناطق النزاع
وقد جمع بين الجانب الأكاديمي والتحقيقي، ما جعله من القلائل الذين يملكون رؤية مزدوجة: من الواقع الصحفي الميداني، ومن داخل النصوص القانونية والدستورية.
الإسهامات الأكاديمية والبحثية
ساهم الدكتور مهند عبد الجواد راهي في كتابة عدد من الأوراق البحثية والمقالات التحليلية التي تناولت قضايا حرية التعبير، الإعلام، والانتهاكات القانونية ضد الصحفيين. تميزت كتاباته بأسلوب يجمع بين:
• التحليل العميق للنصوص القانونية
• رصد الواقع الإعلامي الميداني
• اقتراح حلول قانونية وتشريعية قابلة للتطبيق
ومن أبرز ما تميز به هو الربط بين السياق المحلي والتجارب الدولية، ما أتاح له أن يقدم مقترحات إصلاحية قائمة على المعايير الدولية ولكن متجذرة في الواقع الوطني.
المواقف والمبادرات
لم يكن الدكتور مهند العبودي مجرد مراقب، بل شارك في عدد من المبادرات التي تهدف إلى:
• تعزيز الوعي القانوني لدى الصحفيين
• تدريب الإعلاميين على حماية أنفسهم قانونيًا
• مراجعة مشاريع قوانين الإعلام في بلاده
• الدفاع عن معتقلي الرأي أمام الرأي العام والمحافل الحقوقية
وقد لاقى احترامًا واسعًا بين زملائه، سواء في الوسط الصحفي أو القانوني، لما يتسم به من اتزان، مبدئية، وإخلاص في العمل.
الشخصية والمبادئ
يُعرف الدكتور مهند عبد الجواد راهي بشخصيته الهادئة، وتحليله العميق، وإيمانه بأن التغيير الحقيقي يبدأ من الفكرة ومن الكلمة. لا يسعى إلى الظهور، بل إلى التأثير. لا يلهث خلف الأضواء، بل يضيء دروب من حوله بمواقفه المبدئية.
يحمل قناعة راسخة بأن:
“الصحافة الحرة لا يمكن أن تستمر ما لم تحمَ بقانون، ولا يمكن أن تؤدي دورها ما لم تستند إلى منظومة تشريعية تكرّس الحق في المعرفة وتمنع إساءة استخدام السلطة.”
الطموح المستقبلي
يطمح الدكتور مهند إلى تأسيس منصة أكاديمية–حقوقية تهدف إلى:
• تقديم دراسات نقدية للواقع الإعلامي والقانوني
• دعم التشريعات العادلة لحرية التعبير
• تدريب الصحفيين والناشطين على أسس الحماية القانونية
• المساهمة في إصلاح القوانين الوطنية بما يتماشى مع المعايير الدولية
إن سيرة الدكتور مهند عبد الجواد راهي ليست مجرد قصة شخصية، بل هي شهادة على أن الكلمة الحرة، حين تلتقي بالإرادة والمعرفة، يمكنها أن تتحدى القمع وتصنع فرقًا. هو نموذج للصحفي–القانوني، الذي لم يكتف برصد الواقع، بل سعى لتغييره. وبين الميدان وقاعة المحكمة، وبين النص الدستوري والمقال الصحفي، ترك أثرًا لن يُمحى.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟