كاظم الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 14:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عدوان سافر ومعركة حربية بدات بتنفيذ مخططات تآمر وارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بكل وضوح وواقعية، واستمر بمشاركة علنية من الاطراف المعتدية، بحيث لا تحتاج إلى شرح او تبرير، اعترف بها المرتكبون له بمؤتمرات وكلمات رسمية علنا، ويعتمد فقط على من له بصر وبصيرة ووعي موضوعي وشجاع قدير بحامله وجدير بمعرفة او تمييز اي تداخل في المعنى والاعتبار او استخدام سياق في التعبير عن الموقف مما يجري ويحصل، وهذا الامر يجري امام الجميع ويتطلب ما يقابله بالقدر نفسه من الوضوح والتحليل والقدرة على استيعاب مجرياته وارتباطاتها المنتظمة في طبيعة العدوان واهدافه وغدره وممارساته، وبروح تعكس تقديرا للضمير الانساني والرؤية الاخلاقية والقيمية المطلوبة.
الإعلام العربي الموجه والمرتبط بمموليه، من أمراء الخليج، وارتباطاتهم وتخادمهم المكشوف والمستور منه، او الناطقة ياللغة العربية التابعة لحكومات الغرب او الشرق، يؤدي دوره الذي يفضح حقيقته من خلال العناوين التي يضعها على واجهة الشاشات طيلة فترات الاخبار وبرامج التغطية وحتى نوعية الضيوف ممن يُعرّفون بالمحللين السياسيين والمفكرين والخبراء الاستراتيجيين واساتذة العلاقات الدولية وغيره، يلعب هذا الاعلام باعلان موقف ورسم مشهد لما يحصل، يكون المصطلح والمفهوم والموقف، هو التعبير المقصود، والمعبر عن الهدف منه ومؤثراته في الاحداث، وهو الذي يرسم صورة الجهة التي تديره، حيث لا حياد ممكن في واقع ما تم وحدث، فان المصطلحات المستخدمة في العنوان والمفهوم لكل مفردة منها تكشف الدور والتوجه والاهداف والخدمات التي تعمل عليها وسائل الإعلام هذه، تلك التابعة لها او المكلفة منها او المشتراة لهذه الاهداف والمرامي الصارخة، وبالتالي تعلن موقفا ودورا شاهدا ودليلا بينا عما تروم وتنشط وتستهدف.
تزييف الصورة او خلط الأوراق او التضليل المقصود او كلها فيما تضعه بعض هذه الوسائل، بدء من عناوينها لما يحصل، مثل ما يتم بسبق اسم "الضحية"، المعتدى عليها، على اسم المعتدي، باسمه الذي يريده له ويعمل على تكريسه، لتضع المسؤولية على "الضحية" بكل صلافة وسوء نية وتشويه مفضوح. فلا يشار إلى العدوان ولا يدان مقترفه أو القائم به ولا يستنكر ما لبسه هذا العدوان وما حمله من خطط ومؤامرات ابعد مما يدعى او يقال في المؤتمرات الاعلامية او اللقاءات الدبلوماسية او في مساعي تكريس هذه المصطلحات والمفاهيم. وهي فضيحة اخرى مغلفة. فمفردات: العدوان، الحرب، المعارك، المواجهة، النزاع، التصعيد، القصف او الهجوم وغيرها مما نراه في العناوين والصفحات الاولى، مصطلحات لها مفاهيمها المباشرة لغويا وسياسيا وقانونيا واخلاقيا ولها دلالاتها ومعانيها التي تحدد كل منها بحدوده وحروفه ومنطلقه.
من هذه المصطلحات ومفاهيمها يُعرف مرسلها، موقفا وفعالية ودورا فيما يجري، في ممارسة التضليل وغسل الادمغة وكي الوعي او خلافه، في إعطاء صورة موضوعية، واقعية، وبيان عن الحق واهله واشهار للعدل والإنسان في حقوقه وموقعه في المشهد الذي تحول إلى الصفحات الاولى من كل وسائل الإعلام وابرزها الفضائيات والمراسلات المباشرة. والتي يتوضح منها مَن مع العدوان والظلم والجرائم ومَن ضد العدوان ويدينه ويدعو إلى ايقافه والتحذير من عواقبه.
لا يمكن في هذه الحالات تمرير ما يستهدف من تكريسها او التثقيف بها والتعبئة لها، وهذه مشاركة ما في العدوان والظلم والانتهاكات، ونتائجها المعروفة. ولابد ان توضع الامور في نصابها واقرار الموقف الواضح بالانحياز إلى الحق والعدل والحقوق الانسانية، دون مواربة او دوران او التفاف مزيف وتستر فاضح للمشاركة في الموقف المنحاز للعدوان والحرب والإجرام والانتهاكات الفضيعة. وقد يعلن انقسام الموقف بين حكومات الدول "المتصهينة" والخاضعة للإمبريالية الأمريكية، والمؤيدة للعدوان تحت قول هزلي، حق الكيان في الدفاع عن نفسه. والحكومات الأخرى التي تتراوح مواقفها بين إعلان تأييد حق ايران في مشروعها وبرنامجها وحماية نفسها من العدوان والانتهاكات الاجرامية، وبين ادانة العدوان الصهيو امريكي وتحالفه الغربي اساسا، وعيا من تطوراته وتمدده واتساع مساحته واخطاره.
التهرب من التزام صريح باستخدام المصطلح الصحيح بمفهومه الناطق به والكاشف لدلالته يقود إلى تخاذل سياسي وتشارك عملي في العدوان ونتائجه ودعم للمعتدي ومخططاته المخادعة وتضليله المفاهيمي واللغوي وموقفه الصارخ في الجرائم والانتهاكات والارتباكات والاذلال والاستهانة بالإنسان والقانون والعمران.
استخدام عنوان: المواجهة بين ايران و"إسرائيل"،او تصعيد النزاع بين إيران والكيان، بسرديته ومسماه الاستعماري الاستيطاني، او ايران- "اسرائيل": المواجهة، او الحرب بين ايران والمعتدي عليها باسمه، وهو يقوم بوظيفته المعلنة له كقاعدة استراتيجية للإمبريالية العالمية، ورأسها الامريكية التي تدير بكل قواها هذا العدوان والانتهاك الصارخين. هذا الاستخدام واضح في مشاركته في العدوان والتناقض مع نفسه. وهو الاخطر او احد اسلحة العدوان المباشرة والمشاركة الفعلية، حتى ولو كان خلف الدور والفعل.
من سخرية الأقدار ان يحكم الويلات المتحدة رجل متهم بعقله وفهمه وخياراته وأسلوبه في الحكم والتحكم في ادارة السياسات العالمية، والجهات التي تقرر له ما يتناقض في قوله وفعله، ويساعده او ينفذ له او يضغط عليه مجرم حرب بقرار المحكمة الدولية، لا يتوقف عن ممارسة ما زاد عن ممارسات الأنظمة النازية والفاشية في حروبها الاجرامية الكارثية التي انتهت بنهايات دولها وأزلامها ومتخادميها. ويضع الأمر بيد جهات لا يهمها غير مصالحها الخاصة المعادية لتطلعات الشعوب وخياراتها الوطنية والديمقراطية، ويتلقى الدعم المادي والمعنوي المباشر والمعلن والمستتر، من اطراف مختلفة ومزدوجة الوجوه، حسب تصريحات المسؤولين الامريكان بهذا الخصوص.
العدوان السافر الذي تقوم به الويلات المتحدة واداتها الصهيونية وقاعدتها في المنطقة لا يمكن ان يتغطى بغير اسمه وعنوانه وصفته ولا يتوقف الأمر عند شجبه او ادانته وحسب، علنا او سرا، بل كشف مخططاته ومنع اي تنسيق او مساعدة او صمت على ما يقترفه ويمارسه منذ بدء العدوان والى اليوم.
عبر ادراك المصطلح ومفهومه يتوضح ان ما يجري في المنطقة ليس عدوانا وحربا وحسب، واعذاره فقط، في البرنامج النووي وعمليات التخصيب والسلمي او الحربي والصواريخ الباليستية وأمثالها، وانما صار اكثر من واضح يتلخص في تدمير الجمهورية الاسلامية في ايران واخراجها من خارطة الاستقلال والسيادة والتحرر الوطني ومن الانتصار لحركات الشعوب المضطهدة، وشعب فلسطين على رأسها، ورسم خارطة جديدة للمنطقة وما بعدها. ولهذا لابد من التوقف عند المصلح والمفهوم واتخاذ الموقف الصحيح منه والرهان على استخدام ما يخدم الشعوب والتحرر الوطني والتضامن الانساني والدعم العالمي.
#كاظم_الموسوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟