أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فؤاد عادل - صوت العقل ام الموروث الديني؟














المزيد.....

صوت العقل ام الموروث الديني؟


فؤاد عادل

الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 15:38
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


دخلت بنقاش حاد قبل أيام مع أحد الأصدقاء... بدأ الحديث هادئاً عندما ذكر لي انه اتخذ قراراً غريباً وغير مفهوم بالانتقال للسكن مع عائلته الى منطقة ريفية بعيدة عن المدينة بالرغم من أن عمله ومدارس اطفاله واقرباءه وجذوره داخل المدينة، ثم فاجأني أكثر عندما قال لي انه سيضطر للسفر كل يوم للمدينة للالتحاق بعمله ولإيصال ابنته الى كليتها التي هي في المدينة ايضاً.
المشكلة انه كان غاضباً بسبب رفض زوجته لهذا القرار ومندداً بموقف اطفاله المؤيد لأمهم في رفضها للانتقال، قائلا إن الدين والشرع يفرض على الزوجة ان تطيع زوجها في كل قراراته واختياراته (بغض النظر عن عدم منطقية تلك القرارات وما قد تسببه من ضرر للعائلة) وان عليها ان تتبعه أينما ذهب بدون أي اعتراض.
أعرف صديقي هذا منذ ما يقرب الثلاثين سنة، فقد نشأنا صغاراً في نفس المنطقة وترعرعنا سويةً وعرف كل منا طبع الآخر. لا املك تعريفاً محدداً لصفة (المتدين) ولا اعلم ان كان صديقي من ضمن فئة المتدينين ام لا، لكني اعرف انه ملتزم دينياً، مستقيم في سلوكه ويؤدي العبادات بانتظام ويواضب على ما يعتبره من الشعائر والمستحبات، بل ويحرص على ان يربي اطفاله تربية يعتبرها دينية بحتة من وجهة نظره، ويرفض الاخذ بنظر الاعتبار أي من التغييرات التي حدثت في المجتمع خلال العشرون سنة الماضية وصعوبة التعامل مع الأطفال من الأجيال الحالية والتأثير عليهم بوجود المؤثرات الأخرى والأكثر فاعلية من المدرسة والابوين (مثل وسائل التواصل والأفلام والانترنت).
بالعودة الى حديثي معه قبل ايام، بدأ النقاش يحتدّ عندما أدركت انه مؤمن بأن الحياة بين الزوجين يمكن ان تستمر بالاعتماد على الشرع فقط، وان لا مكان لأي منطقة وسطى في التعامل، فطالما ان الزوج هو واجب الطاعة على الزوجة، وطالما ان "حسن التبعّل" في نظره هو المعيار الوحيد في تعاطي الزوجة مع زوجها، فلن يكون هناك أي مجال للنقاش او التفاهم او تبادل الأفكار والخيارات.
القى عليّ محاضرة طويلة عن وجوب انقياد الزوجة لزوجها والانصياع لأوامره بدون أي اعتراض لأن الدين امرها بذلك، حتى لو كان أراد الزوج ان يسير بالعائلة الى الهاوية، فالطاعة أولا!
بعد ان انتهى، هجمت عليه هجوما ناعما بقائمة من الأسئلة...
هل تعتقد ان الحياة يمكن ان تستمر بما فهمناه من الدين والشرع فقط وان لا مكان لقيمٍ أخرى ربما تكون أيضا من الدين ولكن لا تراها؟
الا يجب علينا ان لا نهمل اجزاءاً اخرى مثل (وجادلهم بالتي هي أحسن)؟
الا تعتقد ان شريكة حياتك وام اطفالك ورفيقة دربك ونصفك الثاني ومن تحملت معك الظرف الصعب المزمن تستحق أن تنصت لها وان تتفهم رفضها؟
الا تستحق بنظرك فرصة منك أن تسمع منها؟
الم ترَ بعينك، بعد اكثر من عشرون سنة من الزواج، ان عماد العلاقة الزوجية الصحيحة هو التفاهم والتراحم والاتفاق والنقاش الهادئ، وليس "اطاعة الأوامر" فقط؟
الم تدرك لحد الآن ان الزوجة – الطبيعية على الأقل - تعطيك حين تعطيها، وتحترمك حين تحترمها، بل وتقدّسك حين تجعل لها منزلة في قلبك وامام اطفالك
في البداية، استقبل اسئلتي بتصلّب، قال لي بعناد طفولي مكشوف أنه يحب زوجته ويعيش معها طالما تعطيه ما يريد من طاعة واحترام وانصياع اعمى، وانه لن يتردد في "الضغط على زر" انهاء العلاقة حينما تفكر زوجته بمعارضته في أمر.
مع الوقت، لاحظت ان الحدّة في كلامه بدأت تخف تدريجياً، خصوصا عندما بدأت اناقشه في أصل قراره بالانتقال الى الريف وان لا مصلحة للعائلة بهذا القرار وانه يخاطر بحياته الزوجية وبسعادته وسعادة اطفاله برمّتها ان اصرّ على الانتقال، فضلا عن الضرر والجهد والمصاريف والخطورة بسبب السفر اليومي. طرحت عليه بدائل أخرى ورجوته ان يفكر قليلاً وان يترك عناده.
في النهاية، حاول ان يخفي اقتناعه بكلامي قائلاً ان قراره لم يكن محسوما أصلا واكد انه في حال ترك قرار الانتقال، فلن يكون بسبب نزوله عند رغبة زوجته وانما لتجربة بدائل أخرى.
حاولت إخفاء ابتسامتي وانا اراه يحاول التشبث بعناده، وشكرته على الاستماع لصوت العقل وتغليب مصلحة العائلة قبل كل شيء.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- العلاقة الحميمة وسعادة النساء.. عدد المرات الأمثل لممارستها ...
- موسكو تسجل رقما قياسيا في عقود الزواج
- الوكالة الوطنية للتشغيل..طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكث ...
- الفجوة الصحية بين الجنسين: حياة النساء في خطر؟
- ألمانيا.. امرأة تهاجم بسلاح أبيض رواد مهرجان عالمي للبيرة
- الشرع يشيد خلال استقباله وعقيلته وفدا نسائيا بدور المرأة خلا ...
- اعترافات امرأة غادرت أمريكا منذ 20 عامًا: -في المكسيك شعرت ب ...
- ” بادري بالتسجيل واحصلي على 800 دينار جزائري” خطوات التسجيل ...
- مصر.. فيديو مراقبة كشف ما فعله شخص بامرأة تسير بالشارع يثير ...
- على هامش الخلاف.. قصة امرأة عالقة وسط -عاصفة ترامب وماسك-


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فؤاد عادل - صوت العقل ام الموروث الديني؟