أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - السلف الحكومية في العراق ضمن كشف حساب الدولة 2024: تمويل طارئ أم قنبلة مؤجلة؟














المزيد.....

السلف الحكومية في العراق ضمن كشف حساب الدولة 2024: تمويل طارئ أم قنبلة مؤجلة؟


سهام يوسف علي

الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 12:43
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في كشف الحساب المالي للدولة العراقية حتى كانون 2024، برز رقم لافت: 18.09 تريليون دينار صُرفت كسلف مالية، تشكل ما نسبته 14.5% من إجمالي النفقات العامة ، وهي نسبة كبيرة ،مقارنة بالمعدل الآمن وفق المعايير العالمية، بأن ألا تتجاوز 5% من النفقات،ورغم أن السلف السلف هي قروض قصيرة الأجل تقدمها الخزينة العامة أو البنك المركزي للوزارات والمؤسسات لتمويل نفقاتها الفورية قبل تحصيل الإيرادات. تعتبر أداة شائعة لسد فجوة التدفق النقدي، لكنها قد تتحول إلى دين عام إذا لم تُسدَّد في الوقت المحدد ، وهي تُعد أداة مالية معروفة لتغطية الفجوات قصيرة الأجل، فإن استخدامها المفرط، وغياب قواعد واضحة للسداد والشفافية، يحوّلها من حلٍّ مؤقت إلى مشكلة بنيوية في إدارة المال العام.
12.93 تريليون دينار ذهبت لتغطية نفقات جارية (رواتب، دعم) و 5.16 تريليون دينار صُرفت ضمن الإنفاق الاستثماري.
في ظاهرها، تُساعد السلف على توفير سيولة فورية لمنع تأخر الرواتب أو توقف المشاريع بسبب تأخر الإيرادات النفطية.
لكن في العمق، تكشف عن خللٍ في التوازن المالي: فالحكومة تنفق أكثر مما تكسب، وتُعوّض ذلك بالاقتراض الداخلي دون وضوح في آلية السداد.

لماذا تعتبر السلف مؤشر خطر اقتصادي؟
الاعتماد الزائد على السلف يعني أن الإيرادات الاعتيادية (النفطية وغير النفطية) لم تعد كافية لتغطية الإنفاق، وهذا يُشير إلى خلل هيكلي في التخطيط المالي ، كما ان غياب التسديد المنتظم يجعل السلف تتحول تدريجيًا إلى دين دائم وغير معلن، يراكم التزامات مستقبلية تُرهق المالية العامة لاحقًا، ويبقى خطر التضخم يلوح في الأفق، خاصة إذا تم تمويل هذه السلف عبر التمويل النقدي المباشر من البنك المركزي (أي طباعة أموال)، كما حصل في 2020–2021، حين ارتفع التضخم السنوي إلى أكثر من 7%.
أن استخدام السلف بهذه الطريقة ، ما هو إلا تشويه لأولويات الإنفاق ،فبدلًا من استخدام السلف لتحفيز الاستثمار، تُستخدم في تمويل نفقات تشغيلية استهلاكية، كرواتب الجهات غير المنتجة، ما يُضعف النمو طويل الأجل.
الفائض… هل هو حقيقي؟
رغم إعلان الحكومة عن فائض مالي قدره 5.3 تريليون دينار، إلا أن هذا الرقم لا يشمل السلف المصروفة، وبالتالي، لو اعتُبرت السلف ديونًا غير مسددة، فإن الفائض المحاسبي يتحول إلى عجز فعلي، كما أن إدراج هذه السلف في تقديرات الدين العام قد يرفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 40% إلى 45%، وهو مستوى مقلق في غياب خطة واضحة للسداد.
ولا ينبغي أن تنسى الحكومة، ما حصل عام 2022، حين تم تمويل جزء من السلف عبر البنك المركزي، حيث شهد العراق موجة تضخمية خانقة، تآكلت معها القدرة الشرائية للمواطنين، وارتفعت أسعار الأساسيات بشكل أثقل كاهل الفقراء والطبقة المتوسطة.
أما في عامي 2020–2021، فقد تحولت أكثر من 8 تريليون دينار من السلف إلى دين دائم، بعد تراجع أسعار النفط، مما عرّى هشاشة النظام المالي أمام أي صدمة خارجية.

هذه الوقائع يجب أن تبقى شاخصة أمام أعين صانعي القرار، لا مجرد أرقام تُطوى في التقارير السنوية. لأن من لا يتعلم من أخطاء الأمس، يكررها بثمنٍ أكبر غدًا.
وإن كانت السلف تُستعمل كأداة لتجاوز الأزمات، فإنها تتحول تدريجيًا إلى أداة لتمويه العجز وتضخيم الدين غير المرئي. ومع تكرار التجربة وغياب الإصلاح، تُفتح الأبواب على مخاطر مالية جسيمة، تبدأ من تآكل الثقة في السياسة المالية، ولا تنتهي عند التضخم أو عجز السداد.
لذا، فإن أي إصلاح جاد لا بد أن يتعامل مع السلف كجزء من منظومة الانضباط المالي، لا كأداة لتأجيل الأزمات. وهذا يتطلب إعادة ضبط استخدام السلف بقواعد صارمة، وتقييدها بسقوف قانونية، وربطها بإيرادات مضمونة، مع نشر تقارير تفصيلية عن الجهات المستفيدة وأسباب الصرف.
فبدون هذه الخطوات، ستظل السلف قنبلة ديون ناعمة، تُراكم على الدولة التزامات مستقبلية يصعب تفكيكها، وتُفرغ الفوائض الظاهرة من معناها الحقيقي..







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليق بطاقات الدفع الإلكتروني الدولية في العراق: قرار مالي أ ...
- موازنة على أرائك مهترئة: العراق بين النفقات الحاكمة والملاعق ...


المزيد.....




- إسرائيل تتوعّد حزب الله مجدداً وتُصعّد عملياتها في غزة: لن ن ...
- ترامب يوعز بدعم تطوير الطيران فوق الصوتي وتوسيع إنتاج المسير ...
- أوروبا تتجه إلى تقليص التعويضات للمسافرين في حال تأخر الرحلا ...
- مجموعة ملتيبلاي تطلق -ملتيبلاي ميديا جروب-
- الفاو: تراجع أسعار الغذاء العالمية في مايو
- روسيا تخفض معدل الفائدة لأول مرة منذ 3 سنوات
- أوكرانيا: توقعات بتراجع صادرات الحبوب في موسم 2025-2026
- مبيعات التجزئة في منطقة اليورو تسجل ارتفاعا طفيفا في أبريل
- روسيا: يمكن إعادة أو استخدام وقود أميركا النووي في زابوريجيا ...
- الاقتصاد الأميركي يضيف 139 ألف وظيفة خلال شهر مايو


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - السلف الحكومية في العراق ضمن كشف حساب الدولة 2024: تمويل طارئ أم قنبلة مؤجلة؟