السيطرة عبر الفراغ والزمن

محمد تومه

الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 03:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    

طريق الحقيقة رقم ٣٣
وموضوعها ( السيطرة عبر الفراغ والزمن )
تنطلق طريق الحقيقة من خلال شعارات الحرية الثلات .
١ لا احد يملك الحقيقة
٢ انا أبحت عن الحقيقة
٣ انا املك جزء من الحقيقة ومن حقي أن اعبر عنها.
وعلى أساس شعارات الحرية انا اكتب واطلب من الآخرين أن يفيدوني بنقدهم سواء سلبا او إيجابا لأنني لا املك الحقيقة ودائما أوكد على الرأي الآخر لأن الانثى في لحظة ولادتها تحمل في بطنها انثى جديدة لعصر جديد
_----------------------------
١ نظرية تكثيف السياق: السيطرة عبر الفراغ والزمن
٢البعد السياسي--- الاقتصادي لنظرية تكثيف السياق عبر الفراغ والزمن
_----------------------------------
١-نظرية تكثيف السياق: السيطرة عبر الفراغ والزمن

تأملات في السلطة، التكرار، الزمن، والانحسار الواعي

1. ابحث عن الفراغ لتدخل.

أي منتج، فكرة، أو سلوك لا ينشأ من لا شيء. بل ينجح حين يملأ فراغًا قائمًا:

حاجة غير مشبعة.

شعور بلا إجابة.

ضعف في بنية مفاهيمية أو اقتصادية.

من يبحث عن الفراغ، يجد لنفسه موضع قدم في منظومة لم تكتمل بعد.

2. اصنع الفراغ لتُخلق الحاجة.

العبقرية الحقيقية ليست في ملء الفراغات، بل في خلقها.

عبر زعزعة المفاهيم السابقة.

عبر تضخيم فجوات لا يراها الناس.

عبر استبدال المألوف بسؤال جديد.

من يصنع الفراغ، يحتكر شروط الدخول إليه.

3. اضغط الزمن لتبقى في المقدمة.

خلق الفراغ وحده لا يكفي؛ لأنه سينكشف وسينافسك فيه آخرون.

اختصر الزمن بين التكرار والتكرار.

سرّع استجابتك.

كثّف بصمتك الزمنية في وعي الجمهور.

من يضغط الزمن، يسبق السياق. ومن سبق السياق، صار هو السياق.

4. املأ الفوضى بالتكرار، واملأ التكرار بالمعنى.

التغيير الاجتماعي لا يحدث بانفجارات. بل بتكرارات صغيرة، ذكية، تستهدف الفجوات المتخلخلة.

لا تغيّر كل شيء دفعة واحدة.

بل ازرع شيئًا بسيطًا... مرات كثيرة.

التكرار الذكي هو سلاح التشكيل الهادئ.

5. اعرف متى تنسحب، لأنك جزء من منظومة أكبر.

لا شيء يخلد.

من صنع الفراغ، يجب أن لا يملأه بنفسه إلى الأبد.

ومن ضغط الزمن، يجب أن لا يُسحق تحته.

الانسحاب الواعي هو جزء من الإيقاع الطبيعي للهيمنة الذكية.

الخاتمة:

من أراد أن يبقى، يجب أن يعرف متى يبدأ... ومتى يختفي.

هذه النظرية لا تتحدث فقط عن السوق، أو الثقافة، أو السياسة. بل عن أي كائن يسعى لترك أثرٍ دون أن يُدفن تحته.

تحكم حين ترى السياق قبل غيرك.
تخلّد حين تترك المكان قبل أن يطالبك بالسقوط.
_---------------------------
٢- البعد السياسي–الاقتصادي لنظرية تكثيف السياق: السيطرة عبر الفراغ والزمن

مقدمة

في قلب التحولات الكبرى التي عصفت بالمجتمعات، من انهيار الإمبراطوريات إلى صعود الأيديولوجيات، نجد دائمًا نمطًا خفيًا يُعيد نفسه: فراغ يُخلق أو يُكتشف، ثم يُملأ، ثم يُهيمن عليه عبر تسارع زمني محسوب.

"نظرية تكثيف السياق"، حين تُسحب من ساحة التسويق وتُعاد إلى جذورها المفهومية، تكشف عن نفسها كنظرية لفهم التاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي: كيف يُصنع التغيير؟ كيف يُدَار؟ وكيف يُنهي نفسه؟

1. الفراغ السياسي ليس فراغًا جغرافيًا… بل فراغ شرعي وسياقي

في كل لحظة انهيار أو اضطراب، تظهر فراغات في البنية الشرعية للنظام:

سقوط نظام حاكم.

فشل نموذج اقتصادي.

أزمة هوية جماعية.

🟢 مثال: سقوط الاتحاد السوفييتي (1991)

عقب انهيار الدولة السوفييتية، لم يكن الفراغ في الجغرافيا أو الموارد، بل في الشرعية والنموذج السياسي الذي كان يملأ معنى "الهوية" و"العدالة" و"المستقبل". فملأته النيوليبرالية الغربية بسرعة هائلة:

الخصخصة الجماعية.

إعلام مفرغ من الأيديولوجيا الجماعية.

انتخابات شكلية بلا جذور حزبية.

الفراغ لم يكن في القوة، بل في السردية.

2. صُنع الفراغ: الأيديولوجيا التي تهاجم المعنى السابق

القوة الأخطر لا تأتي من ملء الفراغ، بل من خلق الحاجة له.

🟢 مثال: الاستعمار الأوروبي للعالم العربي والإسلامي

لم يكن الدخول العسكري وحده هو المهم، بل:

تفكيك البنية التقليدية للقانون الشرعي.

إضعاف اللغة والسرديات المحلية.

خلق شعور بـ"التخلّف" الثقافي والحضاري.

وبالتالي، ظهرت الحاجة إلى "حداثة بديلة" – لم تكن موجودة قبل أن يتم تفريغ الموجود من معناه.

3. ضغط الزمن: السباق على من يُعيد ملء الفراغ أولًا

بعد صناعة أو انكشاف الفراغ، تبدأ مرحلة السباق:

من يملأه أولاً؟

من يفرض إيقاعه قبل أن ينظّم الناس وعيهم؟

🟢 مثال: الغزو الأمريكي للعراق (2003)

إسقاط الدولة لم يُتبع بإطار بديل منظّم.

لكن الميليشيات، الجماعات الطائفية، والاحتلال نفسه بدأوا بضخ سرديات سريعة.

كل مجموعة ضغطت الزمن لتُكرّس وجودها قبل أن يظهر رد فعل شعبي جامع.

الفراغ كان سياسيًا، لكن الحسم كان زمنيًا.

4. التكرار كسلاح أيديولوجي: حين يُغسل الدماغ لا عبر المنطق بل عبر الإيقاع

القوة الناعمة لا تأتي من عمق الفكرة، بل من كثافة تكرارها ضمن إيقاع زمني ضاغط.

🟢 مثال: الفاشية والنازية

تكرار الرموز، الأناشيد، المواكب.

ضغط الزمن بين الرسائل الإعلامية والخطابات والانتصارات المبكرة.

الجمهور لا يُقنع… بل يُستدرج عبر تسلسل زمني مغلق.

🟢 مثال آخر: الصهيونية الحديثة

منذ إعلان وعد بلفور، بدأ التكرار السياسي والقانوني والإعلامي لسردية "الوعد – العودة – الحق".

لم تكن هناك ذاكرة جمعية يهودية سياسية واحدة، بل صُنعت عبر قرن من التكرار.

5. الانسحاب الذكي: متى تُسلم السيطرة قبل أن تُطرد؟

الأنظمة التي لا تعرف متى تتنحى، تنهار بطريقة عنيفة. أما التي تدرك أنها جزء من منظومة أكبر، فتُعيد التشكيل طوعًا.

🟢 مثال: مانديلا في جنوب إفريقيا

بعد انتصاره السياسي الأخلاقي، لم يتشبث بالحكم. بل انسحب بعد دورة واحدة، مثبتًا مكانته كأيقونة، لا مجرد سلطة.

🟢 مثال مضاد: القذافي

حكم لعقود دون إدراك أن السياق تغير. ظن أن الهيمنة زمنية فقط، فتم سحقه خارج التاريخ.

الخاتمة: الفراغ والزمن… المفاتيح الخفية للتاريخ

من يفهم متى يظهر الفراغ، ومتى يُخلق، ومتى يُملأ، ومتى يُترك، هو من يفهم التاريخ لا كأحداث… بل كـ إيقاع وسياق.

نظرية تكثيف السياق، كما تُرى من هذه الأمثلة، ليست فلسفة مجردة، بل عدسة تفسيرية لتاريخ الهيمنة وتاريخ الفوضى، لتاريخ البناء وتاريخ الانهيار.

"من لا يملك أدوات إدراك الفراغ، سيُبتلع فيه. ومن لا يعرف كيف يضغط الزمن، سيُمحى في بطئه."

محمد تومه ابو الياس
حلب في 31/5/2025

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل