أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عبد المنعم همت - د. سناء الشعلان: قصيدة تمشي على قدمين














المزيد.....

د. سناء الشعلان: قصيدة تمشي على قدمين


عبد المنعم همت

الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 18:39
المحور: قضايا ثقافية
    


بقلم: أ. د. عبد المنعم همت/ السّودان


في كنف الحرف تولد المعجزة، وفي تجليات الفكر العميق تنهض أرواح تعرف طريقها نحو الخلود. ومن بين تلك الأرواح، تُطلّ الدكتورة سناء الشعلان، لا كامرأةٍ عابرة في مجاز الأدب، بل ككائنٍ سرديٍّ متجذّر في معنى الوجود، تكتب وكأنها تنقّب في الذاكرة الجمعية عن أسرارنا الأولى، وتصوغ من التجربة الإنسانية قصيدة هوية. هي ليست فقط ابنةَ الجامعة الأردنية، بل هي لغتها السرّية، لغتها المضمَرة، التي تجيد اختراق المعاجم والتصنيفات، وتعيد تشكيل الأكاديمية لا كنسقٍ معرفيٍّ جامد، بل كنبضٍ يتوالد من رحم الحياة، وكأنها تطبّق في كل لحظة مقولة درويش: "كُن حارس الظل... لا تتبع الضوء، فالضوءُ مرشدُ موتٍ جميل." إنها لا تتبع الضوء كمريدٍ مسحور، بل تصنع ضوءها من مفردات تُشبه الصلوات، ومن جمل تُشبه الوحي العاشق، ومن حبكة تُعيد ترتيب علاقتنا بالعالم واللغة والذات. عندما تكتب، فإنها لا تكتب فحسب، بل تعيد ترتيب خرائط الإدراك، وترتقي بالحبر إلى ما بعد المدلول، تلامس طبقات لم تُكتب بعد، وتجعلنا ندرك أن الكلمة ليست وسيلةً للتواصل فحسب، بل وسيلةٌ للفهم الأعمق، للشفاء، وللخلاص. ألم يقل نزار قباني: "أريدكِ أنثايَ حتى الجنونْ وحتى صهيلِ الخيولِ التي تستحمُّ بصوتِ المطرْ"؟ كذا هي سناء؛ تستحم كتابتها بصوت المطر، ويصهل نصّها كما الخيول العاشقة، تتقدّم نحو المدى، وتغرس حوافرها في جسد اللغة، كي توقظها من سباتها، وتدفعها للرقص مع المعنى. هي لا تكتب الرواية كما يكتبها محترفو الصنعة الباردة، بل كما تُشعل القلوبُ النارَ في غابة القهر، وكما يكتب الحالمون الذين لم يفقدوا يقينهم رغم العواصف. في زمنٍ أُغلقت فيه أبواب الحلم، تفتح هي نافذةً، وتُعلّمنا أن الضوء يمكن أن يخرج من كلمات لا تُساوم. وحين تكتب للأطفال، لا تُخاطبهم من عَلٍ، بل تنحني لتكون معهم على ذات الأرض، على ذات العشب، حيث تتعلّم منهم براءة المعنى، لتصوغ منه أدبًا يُربّي الروح قبل أن يُسلّيها، ويُهذّب الذوق قبل أن يُدهشه. منجزها لا يُقاس بعدد الصفحات، بل بعدد الأرواح التي هزّها، وعدد الأسئلة التي أطلقتها في عقول قرّائها، فتتحوّل النصوص إلى مرايا، والقرّاء إلى كائنات أكثر صمتًا، وأكثر إنصاتًا لما بداخلهم. إنّ تجربتها تشبه ما قاله درويش ذات عزلة مشرقة: "أحنُّ إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي..." وهكذا نحن؛ نَحنّ إلى أدبٍ يُشبه خبز الأم، لا يتكلف ولا يتزيّن، بل يُشبع الجائع فينا إلى الحقيقة والجمال. وتمنحنا سناء خبزها على هيئة قصة تُغنّي، أو مسرحية تُقاوم، أو رواية تُنقّب في طبقات الهوية كما يُنقّب المنجم في أحشاء الأرض. أعمالها جوائز في ذاتها، حتى وإن لم تُكرَّم، لكنها كُرّمت، فحملت عشرات الأوسمة من قلوب أقرّت بعلوّ كعبها. هي لا تركض خلف الأضواء، بل تصنع منها قنديلًا، يمشي على خطى جبران، ومي، وغادة، ولكنْ بخطّها الذي لا يُشبه إلا ظلها. هي، بكل صدق، مرآة لجمال العربية حين تتخفّف من ثقل الاستعراض، وتتحوّل إلى كائن يتنفّس بعين امرأة تعرف كيف تنظر إلى العالم من علٍ، دون أن تنفصل عن ترابه. حين تمرّ سناء الشعلان في الجامعة، لا تمرّ كأستاذةٍ تؤدّي محاضرة، بل كقصيدة تمشي على قدمين، ككلمةٍ كانت تبحث عن مكان







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- زيلينكسي: الهجوم على روسيا الأحد هو -الأبعد مدى- من جانب أوك ...
- مرشحا الرئاسة في بولندا يعلنان الفوز والفارق ضئيل في النتائج ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي يفتح تحقيقا في -هجوم إرهابي- استهدف ...
- موجة اختطافات تستهدف أثرياء شركات العملات الرقمية في فرنسا
- أطباء بلا حدود تحمل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى ...
- فيديو متداول لضربات أوكرانية على -مصنع صواريخ- في موسكو.. هذ ...
- إصابات في هجوم بزجاجات حارقة على فعالية مؤيدة لإسرائيل في كو ...
- وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم
- رئيس الوزراء القطري يلتقي قادة -حماس- في الدوحة للوصول إلى و ...
- -فيروسات الزومبي: خرافة أم حقيقة؟-.. بروفيسور روسي شهير يجيب ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عبد المنعم همت - د. سناء الشعلان: قصيدة تمشي على قدمين