أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الحسين افقير - دين رئيس الجمهورية الإسلام: ضرورة أم تمييز؟















المزيد.....

دين رئيس الجمهورية الإسلام: ضرورة أم تمييز؟


الحسين افقير
كاتب مغربي .

(Houcine Oufkir)


الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 17:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدستور هو أعلى وثيقة قانونية في الدولة، والدستور يتضمن قواعد قانونية تحدد شكل الدولة «دولة اتحادية أم دولة موحدة»، وشكل نظامها السياسي «ملكي أو جمهوري»، ويبين طبيعة العلاقة بين السلطات الثلاث، إضافة إلى أنه ينظم السلطات العامة ويبين طريقة تكوينها ويحدد اختصاصاتها، وينظم العلاقة فيما بينها، ومع الأفراد. والدستور هو الذي ينشئ السلطات العامة في الدولة. وينص الدستور على الحقوق والحريات العامة للأفراد، ويبين أهم الواجبات المفروضة عليهم في المجتمع، وينص على الضمانات الضرورية لصيانة هذه الحقوق والحريات. والدستور هو الذي يحدد الفلسفة التي يتبناها نظام الحكم والهدف الذي يسعى لتحقيقه.
دائما ما يدور جدل واسع ولغط عندما يتم اسقاط نظام سياسي معين ، الكل يتحدث يجب وضع دستور لتحديد طبيعة الحكم وصلاحية الحاكم وكذلك تقييدها حتى لا يتم الوقوع في نفس الخطأ السابق ويتغول الحاكم ويصعب تحييده من السلطة إلا بعد سنوات من الشد والجدب، وهو ما نراه اليوم في سوريا، بعد إسقاط نظام الأسد، والسيطرة على السلطة في البلاد من طرف الجولاني، الكل بدأ يتحدث عن دستور للبلاد، لذلك تم إطلاق ما يسمى بالحوار الوطني.
مبادرة أطلقتها القيادة في سوريا، التي تولت الحكم عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر2024، تهدف إلى جمع مختلف أطياف المجتمع السوري في مؤتمر حواري، يسعى إلى الخروج بتوصيات عن قضايا رئيسية، أبرزها صياغة الدستور، ليتم تقديم مقترحات بشأنها إلى الرئيس السوري أحمد الشرع.
بعد نهاية الجولات الماراطونية لمؤتمر الحوار الوطني الذي سيتم الخروج منه بتوصيات، وتسليم التوصيات الى الرئيس السوري، الذي بدوره قام بتعيين لجنة لصياغة الإعلان الدستوري، الكل بدأ يخمن ماذا سيتضمن هذا الإعلان الدستوري، هل ستتضمن بعض مواده، دين الدولة، ام دين رئيس الجمهورية، أم أنه سيتم السكوت عن دين الدولة ودين رئيس الجمهورية، لكن بمجرد إعلان عن أبرز مواد الإعلان الدستوري، حتى هرعت الأقلام لتكتب وتنتقد مواد هذا الإعلان، لأنه إعلان لا يلبي طموحات السوريين، وإنما كل مواده ما هي إلا نسخ لمواد دستور 1973 الذي أصدره حافظ الأسد، ودستور 2012 الذي أصدره ابنه بشار الأسد.
وقد دار جدل حول دور الدين والفقه الإسلامي في مواد الإعلان الدستوري لسوريا من خلال التعبير عن قضية خلافية سورية داخلية بين تيارين متناقضين، يرى التيار الأول ضرورة تحديد الاسلام كدين رسمي للدولة أو تحديد دين رئيس الجمهورية كباقي الدساتير السابقة والسير على نهجها واعتبار الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع . أما التيار الآخر فيرى أنه لا ضرورة لتحديد دين للدولة في الدستور كونها ليست شخصا طبيعيا، وكذلك لا ضرورة لتحديد دين رئيس الجمهورية كما ويطالب بعدم الإشارة للفقه الإسلامي كمصدر من المصادر الرئيسية للتشريع.
ومن خلال دساتير بعض الدول نجد أن من بين عشرين دستور لدول اسلامية أن ثمانية عشرة دولة منها قد حددت في دستورها أن دين الدولة هو الإسلام بصيغة أو بأخرى. فحددت مصر مثلا في دستورها أن دين الدولة هو الإسلام بالنص الواضح، فيما حدد دستور موريتانيا أن الإسلام هو دين الشعب، وحدد دستور السودان أن الإسلام هو دين غالب السكان، أما دستور سوريا فقد حدد أن الإسلام هو دين رئيس الجمهورية دون تحديد دين للدولة. واكتفى دستور أندونيسيا بالإشارة الى ان الدولة تقوم على الاعتقاد بوجود إله واحد وحيد، أما الدستور اللبناني وبالعودة الى اتفاقات الطائف فقد اكتفى بتحديد دين رئيس الدولة على أنه يجب أن يكون مسيحي ماروني على أن يكون رئيس الوزراء مسلم سني. لم تحدد دساتير لدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا دينا للدولة. وأشارت فرنسا في دستورها أن فرنسا جمهورية علمانية ديمقراطية اجتماعية. كذلك فعلت دساتير ساحل العاج وتركيا، وبهذا لم يتم تحديد دين معين للدولة وتم فصل الدين عن الدولة واعتبار كل منهما مؤسسة قائمة بذاتها لها نظامها الخاص بها.
عود على بدء سنحاول الحديث عن أبرز مادة في الإعلان الدستوري لسوريا وهي المادة الثالثة التي تتناول دين رئيس الجمهورية ، انطلاقا من أحكام الباب الأول الذي جاء معنونا بهذا الشكل الباب الأول: أحكام عامة وقد جاء في مادته الثالثة في الفقرة الأولى : دين رئيس الجمهورية الإسلام، والفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع.
الفقرة الثانية : حرية الاعتقاد مصونة، وتحترم الدولة جميع الأديان السماوية، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على ألا يُخلّ ذلك بالنظام العام.
ما يلاحظ في المادة الثالثة في فقرتها الأولى أنه تم تضمين نصوص تمييزية بين المواطنين، من خلال التنصيص على أنّ الإسلام دين رئيس الجمهورية، من ناحية، لكنه في المادة 10: نجد المشرع لهذا الإعلان الدستوري يتناقض مع نفسه بحيث يؤكد في هذه المادة بصريح العبارة من ناحية أخرى:
"المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، من دون تمييز بينهم في العرق أو الدين أو الجنس أو النسب".
أين هي المساواة هنا، لا نراها بل كل ما نراه أنه هناك عنصرية مقيتة تجاه أبناء الوطن السوري غير المسلمين المنتمين الى ديانات اخرى، أليس من حقهم ان يصلوا الى السلطة، أليس من حق المسيحي ان يتبوأ مركز الرئاسة؟ هذه موانع يتم تضمينها داخل الدستور لقطع الطريق على غير المسلمين للوصول الى سدة الرئاسة السورية.
عندما نحدد دين من سيكون رئيسا للجمهورية أو من سيترشح للرئاسة الجمهورية، بذلك نحدّ من الطابع المدني للدولة، وننسف مبدأ المساواة بين المواطنين، لا سيما بين المسلمين وغيرهم، وأن المساواة المزعومة التي تم تضمينها في الإعلان الدستوري ما هي إلا ضربا من الخيال، لماذا سنحدد دين رئيس الجمهورية ما دام البلد فيه تنوع عرقي وثقافي وديني اذا هنا سنحاول ان نغلب دين على اخر، اذا اشترطنا دين المترشح لرئاسة الجمهورية، فهذا تكتيك تلجأ إليه السلطات في الدول التي تفتقر إلى الديمقراطية وتداول السلطة بطرقها السلمية، فغالبًا ما يؤرقهم الدّين والمعتقد أو المذهب، ويرون في إثباته أو الأكثر تدينًا الخطر الأكبر على استمراريتهم في السلطة، ومن هنا؛ يسعون جاهدين لاتخاذ المعتقد وسيلة لحشد جهود أتباعهم من نفس الدين والمذهب، سواء كان علمانيًا أو إسلاميًا، لتقوية وجودهم في السلطة، وإن انتهى الأمر لنزاع ديني ومذهبي، بل إن بعض الدكتاتوريات تحرص على إثارة مثل هذه النزاعات كوسيلة للاحتفاظ بالسلطة أو الاستمرار فيها، يكفي الاضطلاع على شروط رئيس الدولة في الأنظمة المدنية المعاصرة لا تتجاوز أمورًا أقرب إلى الشكلية ونوعًا من الروتينية، فعلى سبيل المثال، نجد أن أغلب الدساتير المدنية تشترط السن الذي لا يقل عن الأربعين، وتمتع المرشح بجنسية البلد الذي يطمح لرئاسته، وكذلك التمتع بممارسة الحقوق السياسية فلا يكون محرومًا منها، اذا لماذا لا بد من اشتراط دين معين لترؤس البلد؟ الدساتير التي نصت على دين رئيس الدولة، نجد الدستور السوري لسنة 2012، من بين الدساتير العربية التي نصت على دين رئيس الدولة، فقد نصت المادة (3/1) على أن (دين رئيس الجمهورية الإسلام) ، وكذلك مواد الإعلان الدستوري السوري لهذا العام الذي نص في المادة 3: من الفقرة الأولى : دين رئيس الجمهورية الإسلام، وهو ما نلاحظ أنه ما هو إلا نسخ لمواد دستور 2012 ، في الوقت الذي ذهب فيه الإتجاه الغالب من الدساتير العربية إلى النص على دين الدولة (الإسلام) مع الإشارة إلى أن المسلمين في كل البلاد العربية يمثلون غالبية شعب الدولة، ما يعني بالضرورة أن دين رئيس الدولة لا بد من أن يكون من دين الدولة الإسلام.
إنّ بناء دولة القانون والمواطنة يوجب استئصال كلّ أوجه التمييز، ومنها إلغاء تحديد دين رئيس الجمهورية في الإعلان الدستوري.
ختاما نطرح مجموعة من الأسئلة نود من القاريء الكريم الإجابة عليها : ما الفرق بين دين الدولة؟ ودين رئيس الجمهورية؟ هل للدولة دين معين تتبعه؟ هل الدولة تقوم بطقوس عباداتية؟ هل الدولة تصلي وتصوم كباقي البشر؟ هل كائن اصطناعي اعتباري يؤدي طقوس دينية؟



#الحسين_افقير (هاشتاغ)       Houcine_Oufkir#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقوبة المجاهرة بالإفطار في الدول العربية
- من هم المعتزلة؟ وما هي أصولهم الخمسة؟
- أنتِ
- النظام الدولي العالمي
- متى غدُهُ؟
- إلى حيث احلام تتحقق
- انا والقلم
- لست أنا
- ابنته الغالية
- اعترافات
- ليت الصبر
- لا يهم
- لا تنتظرني
- أيها القلب
- حاول مرارا
- انتحار الليل
- هواه القاهري
- على شطآنك
- لا يليق بكِ
- حلم


المزيد.....




- اضبط الآن تردد قناة طيور الجنة Toyor Aljanah 2025 الجديد عبر ...
- الإجازة بدأت ثبتيهم وسلي أولادك.. تردد قناة وناسة وطيور الجن ...
- تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 على نايل سات وعرب سات ...
- تفاعل كبير.. وزير الخارجية السعودي يؤمّ المصلين بالجامع الأم ...
- حاخام يهودي من القدس يصف الحرب في غزة بـ-الجريمة المروعة-
- “سلي أطفالك بأحلى الأغاني” تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 عل ...
- الخارجية الأردنية: اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المعنية ...
- وزير خارجية السعودية يؤمّ المصلين بالجامع الأموي الكبير في د ...
- فيديو.. وزير الخارجية السعودي يؤم المصلين في المسجد الأموي ف ...
- هجمات تطال متحف الهولوكوست واثنين من المعابد اليهودية ومطعما ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الحسين افقير - دين رئيس الجمهورية الإسلام: ضرورة أم تمييز؟