أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعالي الجابري - وضعية الاعلام المغربي ومستقبل التنظيم الذاتي ... تحديات ومسارات الاصلاح















المزيد.....



وضعية الاعلام المغربي ومستقبل التنظيم الذاتي ... تحديات ومسارات الاصلاح


عبدالعالي الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 01:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفهرست
مقدمة

القسم الأول: الوضع الراهن للإعلام المغربي

1.1 نظرة عامة على النظام البيئي للإعلام
1.1.1 تطور وخصائص الإعلام المطبوع
1.1.2 تطور وهيمنة الإعلام السمعي البصري
1.1.3 صعود وتأثير الإعلام الرقمي

1.2 الحقائق الاقتصادية والتحديات التي تواجه المؤسسات الإعلامية

1.3 وضع حرية الصحافة وظروف الصحفيين
1.3.1 الضمانات الدستورية مقابل القيود العملية
1.3.2 الملاحقة القضائية بموجب القانون الجنائي
1.3.3 محاولات التشريع للسيطرة
1.3.4 الحق في الحصول على المعلومة
1.3.5 الظروف الاجتماعية والمهنية للصحفيين

القسم الثاني: التنظيم الذاتي للإعلام في المغرب: نظرية وتطبيق

2.1 الأسس النظرية للتنظيم الذاتي لوسائل الإعلام
2.1.1 التعريف والغرض
2.1.2 الأشكال
2.1.3 المبادئ الأساسية
2.1.4 التمييز عن التنظيم الخارجي

2.2 هيئات التنظيم الذاتي الرئيسية في المغرب
2.2.1 المجلس الوطني للصحافة (CNP):
2.2.2 الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (HACA)

2.3 التحديات والعقبات أمام التنظيم الذاتي الفعال
2.3.1 التدخل الحكومي ومحاولات التشريع لتقويض الاستقلالية
2.3.2 غياب التجديد الديمقراطي والانقسامات الداخلية داخل الهيئات المهنية
2.3.3 الغموض في الأطر القانونية وتطبيق قوانين غير إعلامية
2.3.4 الضغوط الاقتصادية التي تؤثر على الاستقلالية

القسم الثالث: الخروج من المأزق: مسارات لتعزيز التنظيم الذاتي واستقلالية الإعلام

3.1 إعادة تنشيط المجلس الوطني للصحافة
3.1.1 ضمان الانتخابات الديمقراطية والتمثيل التعددي
3.1.2 تعزيز ولايته وفعاليته التشغيلية
3.1.3 تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المجلس

3.2 إصلاح الأطر القانونية والاقتصادية
3.2.1 مواءمة قوانين الصحافة مع المعايير الدولية
3.2.2 مراجعة آليات الدعم العمومي من أجل الشفافية والشمولية
3.2.3 معالجة نقص التنظيم في سوق الإعلانات

3.3 تعزيز الاحترافية والمعايير الأخلاقية
3.3.1 الاستثمار في التكوين المستمر ومحو الأمية الإعلامية
3.3.2 تعزيز مدونات الأخلاق القوية وإنفاذها
3.3.3 تعزيز ثقافة المساءلة والمشاركة العامة

3.4 دروس من أفضل الممارسات الدولية في التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام
3.4.1 تحليل مقارن للنماذج الناجحة
3.4.2 قابلية تكييف التنظيم المشترك Co-regulation

3.5 توصيات استراتيجية للإصلاح المستدام
3.5.1 حوار وطني متعدد الأطراف لإصلاح إعلامي شامل
3.5.2 إعطاء الأولوية لاستقلالية المؤسسات الإعلامية وقدرتها المالية
3.5.3 تمكين الصحفيين وحماية حقوقهم

الخاتمة والتوصيات

مصادر











مقدمة
يشهد المشهد الإعلامي المغربي تحولات عميقة وتحديات هيكلية تتطلب مقاربة شاملة للإصلاح. فبينما يواجه الإعلام الورقي أزمة وجودية حادة تتجلى في تراجع المبيعات وإغلاق العناوين، يشهد الإعلام الرقمي طفرة نوعية مصحوبة بتحديات تتعلق بالمصداقية وانتشار الأخبار الزائفة. أما الإعلام السمعي البصري، فرغم تحريره الرسمي، لا يزال يهيمن عليه القطاع العام بدعم حكومي كبير. تبرز هذه الديناميكيات نموذجًا اقتصاديًا هشًا لوسائل الإعلام، يعتمد بشكل كبير على الإعلانات والدعم العمومي، مما يفتح الباب أمام تأثيرات غير شفافة على الاستقلالية التحريرية.
في هذا السياق، يواجه التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، ممثلاً في المجلس الوطني للصحافة، مأزقًا حقيقيًا. فبين المبادئ النظرية التي تؤكد على الاستقلالية والمساءلة، والممارسات الفعلية التي شهدت تدخلات حكومية وتأخيرًا في التجديد الديمقراطي، تضعف فعالية هذا التنظيم ومصداقيته. كما أن استمرار ملاحقة الصحفيين بالقانون الجنائي وغياب إطار قانوني واضح يحد من حرية التعبير، يزيد من تعقيد الوضع.
يتطلب الخروج من هذا المأزق إصلاحات متعددة الأبعاد، تشمل تعزيز الشرعية الديمقراطية للمجلس الوطني للصحافة، ومراجعة شاملة للإطار القانوني والاقتصادي لضمان استقلالية وسائل الإعلام، والاستثمار في تأهيل الصحفيين وتعزيز الثقافة الإعلامية لدى الجمهور. كما أن الاستفادة من التجارب الدولية في التنظيم الذاتي، وتفعيل حوار وطني شامل، يمكن أن يمهد الطريق نحو إعلام مغربي أكثر حرية، مهنية، ومسؤولية.








القسم الأول: الوضع الراهن للإعلام المغربي
1.1 نظرة عامة على النظام البيئي للإعلام
يشهد المشهد الإعلامي المغربي تحولات هيكلية عميقة، تتسم بتراجع حاد في بعض القطاعات التقليدية ونمو متسارع في أخرى رقمية، مع استمرار هيمنة الدولة على جزء كبير من الإعلام السمعي البصري.
1.1.1 تطور وخصائص الإعلام المطبوع:
يعاني قطاع الصحافة الورقية في المغرب من أزمة حادة وغير مسبوقة، تتجلى في انخفاض كبير في عدد الصحف وتراجع مبيعاتها. فوفقًا للبيانات الرسمية، انخفض عدد الصحف الورقية من 252 صحيفة في عام 2018 إلى 105 صحف فقط في عام 2020، مما يعني أن 147 مطبوعة ورقية توقفت عن الصدور خلال سنتين فقط.1 هذا التدهور يعكس تفاقم الأزمة التي يواجهها الإعلام الورقي سنة بعد أخرى.1 لم يتجاوز إجمالي المبيعات اليومية للصحف مجتمعة حاجز 38.5 ألف نسخة بحلول نهاية عام 2020، وهو مؤشر صارخ على تضاؤل انتشارها وتأثيرها.1 يُعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى التقدم التكنولوجي السريع، والمنافسة الشديدة من المنصات الرقمية التي توفر المعلومات بشكل أسرع ومجاني غالبًا، بالإضافة إلى التأثير السلبي لجائحة كوفيد-19 على عادات القراءة والقدرة الشرائية للمواطنين.2
إن الانخفاض الحاد في أعداد الصحف الورقية1، إلى جانب سيطرة عمالقة الإعلانات الرقمية على السوق 2، يشير إلى ما هو أبعد من مجرد تحول في السوق؛ إنه يعكس ضغطًا اقتصاديًا مكثفًا يدفع المنابر الورقية المتبقية إلى الاعتماد بشكل كبير على الدعم العمومي، مما قد يؤدي إلى التنازل عن الاستقلالية التحريرية من أجل البقاء. فالملاحظات التي تشير إلى أن تراجع حرية الإعلام وعدم الارتياح تجاه الأصوات النقدية يؤديان إلى "توحيد الخطاب وتفرده" 2، تربط مباشرة بين الضعف الاقتصادي وتضييق مساحة الصحافة المتنوعة والنقدية. هذا يعني أن "السوق الحرة" للإعلام ليست حرة بالكامل، بل تتشكل بفعل قوى اقتصادية يمكن التلاعب بها أو أنها بطبيعتها تفضل المنابر الأقل نقدية والأكثر امتثالًا. هذا يخلق حلقة مفرغة حيث تؤدي الهشاشة المالية إلى خنق التقارير النقدية، مما يقلل بدوره من ثقة الجمهور والقراء، ويزيد من تآكل القاعدة الاقتصادية للمؤسسات الإعلامية.

1.1.2 تطور وهيمنة الإعلام السمعي البصري:
شهد القطاع السمعي البصري في المغرب تحولًا كبيرًا من احتكار الدولة الذي دام من عام 1956 إلى عام 2002، نحو بيئة أكثر تحريرًا. وقد تأثر هذا التحول بشكل كبير بالتطورات الإعلامية والاتصالية الدولية، والضغوط السياسية من أحزاب المعارضة، والمطالب المستمرة من المجتمع المدني بزيادة حرية الإعلام والتعددية.3 وقد تزامن الإنهاء الرسمي لاحتكار الدولة في عام 2002 مع إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) وإصدار قانون الاتصال السمعي البصري.3
على الرغم من هذا التحرير، لا يزال القطاع يهيمن عليه إلى حد كبير الكيانات الإعلامية العمومية، بما في ذلك القنوات التلفزيونية البارزة المملوكة للدولة مثل القناة الأولى، و2M، والمغربية، إلى جانب عدد قليل من المحطات الإذاعية الخاصة مثل راديو ميدي 1 وأصوات.4 وتستمر هذه الكيانات العمومية في تلقي دعم مالي كبير من الدولة، حيث تلقت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (SNRT) 1.5 مليار درهم في عام 2020، واستفادت شركة "سوراد-2M" من متوسط 50 مليون درهم سنويًا من ميزانية الدولة.1
تضطلع الهاكا، التي تأسست عام 2002 وتم ترقيتها إلى هيئة دستورية في عام 2011 3، بدور تنظيمي حاسم. يشمل تفويضها الترخيص، والمراقبة، وتوقيع الجزاءات على المتعهدين السمعيين البصريين، وضمان التعبير التعددي للآراء، وحماية حق الجمهور في الحصول على المعلومات وحق الرد.3 كما أن الهاكا مكلفة بمنع الاحتكارات في ملكية وسائل الإعلام وتعزيز المنافسة العادلة داخل القطاع.8
إن التحرير الرسمي للقطاع السمعي البصري وإحداث الهاكا كهيئة دستورية لضمان التعددية ومنع الاحتكارات 3، يقابله استمرار "هيمنة الدولة" و"الدعم المالي الكبير من الدولة" لوسائل الإعلام العمومية.1 هذا يعكس تناقضًا جوهريًا، حيث يبدو التحرير كتحول تشريعي شكلي أكثر منه تحولًا جوهريًا نحو منافسة سوقية حقيقية وإعلام مستقل. فالنفوذ المالي للدولة يحافظ على تأثيرها، حتى لو تراجعت الرقابة المباشرة. هذا يثير تساؤلات حرجة حول الاستقلالية الحقيقية للهاكا نفسها، بالنظر إلى وضعها الدستوري ولكنها تعمل ضمن نظام تستحوذ فيه الكيانات الممولة من الدولة على حصة سوقية كبيرة. مما يشير إلى أن "التحرير" كان خطوة إستراتيجية للظهور بمظهر الملتزم بالمعايير الدولية مع الاحتفاظ بسيطرة جوهرية عبر الوسائل الاقتصادية.

1.2 صعود وتأثير الإعلام الرقمي:
شهد المشهد الإعلامي الرقمي في المغرب "طفرة نوعية"، حيث تزايد عدد المواقع الإلكترونية المسجلة إلى 546 موقعًا في عام 2021، مشكلة نسبة 78.56% من إجمالي وسائل الإعلام.1 يوازي هذا النمو المتسارع زيادة كبيرة في انتشار الإنترنت، من 860 ألف مستخدم في عام 2009 إلى 5.1 مليون مستخدم في عام 2015، وانتشار واسع لمنصات مثل Hespress.com، الذي يستقطب وحده ما يقدر بـ 600 ألف زائر يوميًا4 .
على الرغم من هذا التوسع السريع، يواجه الفضاء الإعلامي الرقمي تحديات كبيرة، أبرزها انتشار الأخبار الزائفة وظهور أفراد "غير مهنيين" يستغلون المنصات الرقمية لأنشطة غير مشروعة مثل الابتزاز.9 هناك إدراك للحاجة الملحة لتسريع وتيرة التحول الرقمي في القطاع الإعلامي وتطوير سياسات قوية تدعم النمو المستدام والاحترافية في الإعلام الرقمي.11
استجابة لذلك، أطلقت الحكومة استراتيجية "المغرب الرقمي 2030"، وهي مبادرة طموحة تهدف إلى ضمان استفادة جميع المواطنين من الخدمات الرقمية على قدم المساواة، وجعل المغرب بلدًا منتجًا للحلول الرقمية، وخلق فرص عمل جديدة من خلال جذب الاستثمارات، ورعاية المواهب الرقمية الشابة.12
القفزة النوعية السريعة في الإعلام الرقمي 1 تمثل تحديًا معقدًا. فمن جهة، تضفي الطَفرة الرقمية طابعًا ديمقراطيًا على الوصول إلى المعلومات والنشر، مما قد يعزز التعددية. ومن جهة أخرى، فإن صعود الأفراد "غير المهنيين" و"الأخبار الزائفة" 9 يسلط الضوء على فراغ تنظيمي كبير وتهديد لسلامة العمل الصحفي. وبينما تركز استراتيجية "المغرب الرقمي 2030" الحكومية 12 على الجوانب الاقتصادية والخدمية للرقمنة، فإن مقترح "قانون السوشل ميديا" 1 والمناقشات حول مكافحة الأخبار الزائفة 13 تشير إلى ميلِ حكومي نحو السيطرة، ربما تحت ستار مكافحة المعلومات المضللة. هذا يعني أنه بينما تتيح الرقمنة سبلًا لزيادة الحرية، فإنها توفر أيضًا ذرائع جديدة لتدخل الدولة، مما قد ينقل ساحة المعركة من حرية الصحافة من وسائل الإعلام التقليدية إلى الفضاء الرقمي، حيث تتداخل الخطوط الفاصلة بين الصحافة المهنية والتعبير الفردي.


الجدول 1: توزيع وسائل الإعلام المغربية حسب النوع (بيانات 2021)
الوسيلة الإعلامية العدد النسبة (%) التقييم/الهيمنة
1 الصحف الورقية 105 15.10 انهيار حاد/ حضور خفيف للدولة
2 القنوات التلفزية 14 2.01 استقرار/ هيمنة الدولة
3 المحطات الإذاعية 30 4.31 استقرار/ هيمنة الدولة
4 المواقع الإلكترونية 546 78.56 طفرة نوعية/ حضور غير مباشر
المجموع 695 100
المصدر: 1
يقدم هذا الجدول نظرة كمية واضحة للمشهد الإعلامي المغربي، ويسلط الضوء على التحول الدراماتيكي نحو الإعلام الرقمي والتراجع الحاد في الصحافة المطبوعة، مع إظهار استمرار هيمنة الدولة في القطاعات السمعية البصرية التقليدية. هذا التمثيل المرئي يساعد القارئ على فهم التغيرات الهيكلية وديناميكيات القوة داخل النظام البيئي الإعلامي بسرعة، مما يمهد الطريق لمناقشة التحديات الاقتصادية والاحتياجات التنظيمية. كما أنه يدعم بصريًا الحجة القائلة بأن "المشهد الإعلامي يمر بتحول عميق، مما يجعل الحاجة إلى تنظيم ذاتي متكيف أكثر إلحاحًا".
1.3 الحقائق الاقتصادية والتحديات التي تواجه المؤسسات الإعلامية
تعتمد الشركات الإعلامية المغربية بشكل أساسي على نموذج تمويل ثلاثي الأبعاد: المبيعات (خاصة للصحافة المطبوعة)، وعائدات الإعلانات، والدعم العمومي المقدم من الدولة.1
ومع ذلك، يواجه هذا النموذج ضغوطًا شديدة. فقد شهد إجمالي إيرادات الشركات الإعلامية المهيكلة انخفاضًا كبيرًا بنسبة 35% بحلول عام 142017. وتدهورت عائدات مبيعات الصحف الورقية بشكل مستمر، حيث لم تتجاوز مبيعات جميع الصحف مجتمعة حوالي 200 ألف نسخة يوميًا، وهو رقم منخفض للغاية مقارنة بعدد السكان ومعدلات الإلمام بالقراءة والكتابة في البلاد14 .كما شهدت عائدات الإعلانات لقطاع الصحافة تراجعًا حادًا، حيث انخفضت بنسبة 55% بين عامي 2010 و2018، مع انخفاض إضافي بنسبة 72.4% في السنوات الأخيرة.14
يعاني سوق الإعلانات نفسه من نقص في الشفافية ولا يخضع لأي قانون محدد أو ميثاق أخلاقي. يثير هذا الفراغ التنظيمي مخاوف جدية من إمكانية استخدام أموال الإعلانات بشكل استراتيجي لمكافأة وسائل الإعلام التي يُنظر إليها على أنها موالية للحكومة، بينما يتم معاقبة الأصوات المعارضة.1 علاوة على ذلك، يهيمن عمالقة التكنولوجيا العالميون (GAFAM) بشكل كبير على المشهد الإعلاني الرقمي، حيث يسيطرون على أكثر من 80% من فرص الإعلانات الرقمية في المغرب، مما يترك الصحافة الرقمية المحلية بحصة هامشية من الإيرادات.14
الدعم العمومي، على الرغم من زيادته بالقيمة الاسمية (من 45.8 مليون درهم في عام 2005 إلى ما يقرب من 60 مليون في عام 2019) وفي عدد المستفيدين (من 42 إلى 88)، لا يزال يغطي جزءًا صغيرًا فقط من خسائر القطاع (16%) وبالكاد 10% من إجمالي إيراداته.14 وهناك أيضًا مخاوف بشأن نقص الشفافية في توزيع الدعم العمومي الاستثنائي.1 وقد أدت الشروط الجديدة للدعم العمومي، على الرغم من أنها تهدف إلى تنظيم القطاع، إلى استبعاد العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة (عن قصد أوغير قصد)، مما يتناقض مع الهدف المعلن لتشجيع الاستثمار والاحترافية.13
تتسم الأزمة في القطاع الإعلامي بأنها هيكلية ومتعددة الأوجه، وتنتج عن تفاعل معقد بين العوامل الداخلية والخارجية والدولية.14 شبكة توزيع الصحافة المطبوعة، على سبيل المثال، لا تزال غير متطورة وغير كافية، خاصة في المناطق النائية، مما يحد من وصول السوق والقدرة التنافسية.14
يكشف التحليل الاقتصادي المفصل أن الهشاشة المالية للإعلام المغربي ليست مجرد مشكلة سوقية، بل هي نقطة ضعف كبيرة يمكن استغلالها للسيطرة السياسية. فنقص الشفافية في قطاع الإعلانات، الذي لا ينظمه أي قانون أو ميثاق أخلاقي 1، والمخاوف من إمكانية استخدامه "لمكافأة وسائل الإعلام الموالية ومعاقبة الأصوات المعارضة" 1، يشير مباشرة إلى آلية للسيطرة غير المباشرة من قبل الدولة. وبالمثل، فبينما يوجد دعم عمومي، فإن عدم كفايته (يغطي 10-16% فقط من الإيرادات/الخسائر) 14 والشروط "الصارمة" الجديدة التي "استبعدت العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة" 13، توحي بأن حتى الدعم الحكومي يمكن أن يكون أداة للتمكين الانتقائي، مفضلاً المنابر الأكبر والأكثر امتثالًا. هذا يعني أن "المساعدة" الاقتصادية غالبًا ما تكون مرتبطة بالاصطفاف السياسي، مما يقوض الاستقلالية الحقيقية لوسائل الإعلام.


1.4 وضع حرية الصحافة وظروف الصحفيين
1.4.1 الضمانات الدستورية مقابل القيود العملية:
يضمن الدستور المغربي، الذي اعتمد عام 2011، صراحة حرية الصحافة والحق في التعبير عن الأخبار والأفكار والآراء ونشرها بحرية، كما هو منصوص عليه في الفصل 28.14 ومع ذلك، على الرغم من هذه الأحكام الدستورية، لا يزال الواقع العملي لحرية الصحافة في المغرب مقيدًا. فترتيب البلاد في المرتبة 135 عالميًا في تقرير "مراسلون بلا حدود" لعام 2022، على الرغم من التحسن الطفيف، لا يزال يشير إلى قيود كبيرة على حرية الإعلام.15
1.4.2 الملاحقة القضائية بموجب القانون الجنائي:
من أبرز المخاوف المستمرة هي الملاحقة القضائية للصحفيين بموجب القانون الجنائي في قضايا النشر، على الرغم من أن قانون الصحافة والنشر خالٍ نظريًا من العقوبات السالبة للحرية.‏1 فقد رفض المغرب بشكل خاص التوصيات الدولية بوقف ملاحقة الصحفيين بموجب قوانين غير قانون الصحافة في قضايا حرية التعبير.15 وتشمل الحالات التوضيحية صحفيين تمت ملاحقتهم بتهمة تسريب معلومات أو لانتقاد أحكام قضائية تتعلق بأحداث الريف.1
1.4.3 محاولات التشريع للسيطرة:
على الرغم من فترة الإصلاحات الديمقراطية بعد عام 2011، كانت هناك محاولات واضحة لإدخال تشريعات تراجعية. ومن الأمثلة على ذلك، تأسيس الحكومة للجنة مؤقتة لإدارة شؤون الصحافة، والتي اعتبرت على نطاق واسع خطوة إلى الوراء بالنسبة للتنظيم الذاتي، ومقترحات تعديلات على قانون المجلس الوطني للصحافة سعت إلى استبدال الانتخابات بالتعيينات لأعضاء المجلس ورفع طلب للملك من اجل تعيين الرئيس.1 كما اعتبر قانون وسائل التواصل الاجتماعي المثير للجدل الذي اقترح في عام 2020، والذي تضمن متطلبات الترخيص وعقوبات صارمة على المحتوى الرقمي، محاولة "لإسكات" الأصوات النقدية.‏1

1.4.4 الحق في الحصول على المعلومة:
على الرغم من أن الحق في الحصول على المعلومة منصوص عليه في القانون رقم 13.31 وقانون الصحافة والنشر، إلا أن تطبيقه العملي يواجه مشاكل. ويرجع ذلك إلى العدد الكبير من الاستثناءات الواسعة التي تحد من قابليته للتطبيق، وطول أوقات الاستجابة لطلبات المعلومات، وهو ما يشكل تحديًا خاصًا للصحفيين الذين يعملون تحت ضغط المواعيد النهائية.14 كما أن اللجنة المشرفة على هذا القانون يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تفتقر إلى السلطة والاستقلالية الكافية.14
إن التناقض بين الضمانات الدستورية لحرية الصحافة 14 وتصنيف المغرب المتدني دوليًا 15، إلى جانب الملاحقة المستمرة للصحفيين بموجب القانون الجنائي 1، يسلط الضوء على انفصال جوهري. هذا ليس مجرد ثغرة قانونية؛ بل يشير إلى خيار استراتيجي من قبل الدولة للحفاظ على نفوذها على الصحفيين، متجاوزة بذلك روح قوانين حرية الصحافة. إن رفض التوصيات الرامية إلى حصر الملاحقات القضائية في قانون الصحافة 15 ومحاولات "التشريعات التراجعية" 1 يؤكد بشكل أكبر على جهد متعمد للسيطرة على السرد وقمع الأصوات النقدية، حتى لو كان ذلك يعني تقويض المؤسسات نفسها المصممة لتعزيز التنظيم الذاتي. هذا يعني أن الإصلاحات القانونية غالبًا ما تكون سطحية أو يتم تقويضها بنشاط من خلال الإجراءات التنفيذية، مما يخلق مناخًا من الخوف والرقابة الذاتية بين الصحفيين، بغض النظر عن مؤهلاتهم المهنية أو خبرتهم.
1.4.5 الظروف الاجتماعية والمهنية للصحفيين:
■ الفوارق بين الجنسين: تشكل الصحفيات أقلية، حيث يمثلن 30% فقط من إجمالي الصحفيين المهنيين.14
■ المستوى التعليمي: غالبية الصحفيين (64.6%) حاصلون على شهادة جامعية (إجازة أو أعلى)، مع نسبة كبيرة (19.3%) يحملون شهادات الماجستير أو الدكتوراه.14
■ سنوات الخبرة: حوالي 56.3% من الصحفيين لديهم أقل من 10 سنوات من الخبرة المهنية.1 يتناقض هذا الواقع الديموغرافي بشكل حاد مع شرط الأقدمية المبالغ فيه البالغ 15 عامًا للترشح لعضوية المجلس الوطني للصحافة.1
■ الرواتب: يبلغ متوسط الراتب الشهري للصحفيين على الصعيد الوطني في جميع القطاعات 8,700 درهم. ومع ذلك، يخفي هذا المتوسط تباينات كبيرة، لا سيما بين القطاعين العام والخاص، ويتقاضى جزء كبير من الصحفيين ما بين 3,000 و6,000 درهم.14
■ الاعتداءات الجسدية واللفظية: يتم الإبلاغ عن حالات اعتداءات جسدية ولفظية على الصحفيين من قبل القوات العمومية أو الحراس الخاصين أثناء أدائهم لعملهم، وغالبًا ما تحدث هذه الحوادث دون تحقيقات أو مساءلة لاحقة.14
إن الظروف الاجتماعية والمهنية للصحفيين، بما في ذلك الفوارق في الرواتب والاعتداءات 14، ليست مجرد قضايا عمالية؛ بل هي مؤشرات مباشرة على صحة حرية الصحافة. فالصحفيون الذين يعملون في ظروف غير مستقرة أو يواجهون تهديدات هم أقل عرضة لمتابعة الصحافة النقدية أو الاستقصائية. هذا يعني أن تمكين الصحفيين من خلال تحسين ظروف العمل، والتدريب المستمر، وآليات الحماية القوية أمر أساسي لتعزيز صحافة حيوية ومستقلة. فقوة الصحافة وجودتها، وأخلاقياتها، وقدرتها على العمل دون خوف، تعتمد بشكل مباشر على وجود قوة عاملة صحفية قوية وآمنة.
الجدول 2: التحديات الرئيسية التي تواجه حرية الصحافة في المغرب
فئة التحدي القضية المحددة الوصف/التأثير
الإطار القانوني الملاحقة بموجب القانون الجنائي استمرار محاكمة الصحفيين بموجب القانون الجنائي (بما في ذلك العقوبات السالبة للحرية) بدلاً من قانون الصحافة والنشر الخالي من عقوبات السجن، مما يخلق بيئة من الخوف والرقابة الذاتية.
غموض سرية المصادر عدم تحديد دقيق للحالات الاستثنائية لرفع السرية عن مصادر المعلومات، مما قد يؤدي إلى توسيع نطاق تطبيقها.
قانون الحق في الحصول على المعلومة وجود عدد كبير من الاستثناءات التي تحد من تطبيقه، وطول أوقات الاستجابة لطلبات المعلومات، وضعف استقلالية لجنة الإشراف عليه.
تشريعات تراجعية مقترحة محاولات لإدخال قوانين تقيد حرية التعبير (مثل قانون السوشل ميديا المقترح)، أو تعديلات تقوض استقلالية هيئات التنظيم الذاتي (مثل مقترحات تغيير قانون المجلس الوطني للصحافة).
التدخل الحكومي التدخل في التنظيم الذاتي إنشاء لجنة مؤقتة لإدارة شؤون المجلس الوطني للصحافة بدلاً من إجراء انتخابات ديمقراطية، مما يعتبر تقويضًا لاستقلالية التنظيم الذاتي.
استغلال الدعم العمومي والإعلانات نقص الشفافية في سوق الإعلانات وتوزيع الدعم العمومي، مما يثير مخاوف من استخدامه لمكافأة وسائل الإعلام الموالية ومعاقبة الأصوات المعارضة.
الظروف المهنية للصحفيين الاعتداءات وغياب المساءلة تعرض الصحفيين لاعتداءات جسدية ولفظية أثناء العمل، وغالبًا ما لا يتم التحقيق فيها أو محاسبة المسؤولين عنها.
شروط الترشح للمجلس الوطني للصحافة شرط أقدمية 15 عامًا للترشح لعضوية المجلس الوطني للصحافة، وهو شرط مبالغ فيه ولا يتناسب مع التركيبة الديموغرافية للصحفيين.
الوضع الاقتصادي لوسائل الإعلام تراجع المبيعات والإيرادات انخفاض حاد في مبيعات الصحف الورقية وإيرادات الإعلانات، مما يهدد استمرارية المؤسسات الإعلامية ويجعلها عرضة للضغوط.
هيمنة عمالقة التكنولوجيا سيطرة الشركات التكنولوجية العالمية على سوق الإعلانات الرقمية، مما يقلل من حصة وسائل الإعلام المحلية من الإيرادات.
المصدر: 1
ملاحظة: هذا الجدول ضروري للقسم 1.3. فهو يجمع العقبات المختلفة أمام حرية الصحافة، متجاوزًا الأدلة القصصية إلى نظرة عامة منظمة. ومن خلال تصنيف التحديات (مثل التحديات القانونية والاقتصادية والتدخل السياسي)، فإنه يساعد على توضيح الطبيعة المتعددة الأوجه للمشكلة. وهذا يوفر ملخصًا واضحًا لصناع السياسات والباحثين، مما يسهل تحديد مجالات التدخل المستهدف. كما أنه يعزز بصريًا الحجة القائلة بأنه على الرغم من الضمانات الدستورية، لا تزال هناك قيود عملية كبيرة، مما يقوض الدور الديمقراطي للصحافة.














القسم الثاني: التنظيم الذاتي للإعلام في المغرب: نظرية وتطبيق
2.1 الأسس النظرية للتنظيم الذاتي لوسائل الإعلام
2.1.1 التعريف والغرض:
يُعد التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام شكلًا من أشكال الحوكمة حيث يقوم مهنيو الإعلام أنفسهم بوضع وإنفاذ القواعد المنظمة لعملهم. يهدف هذا النهج في جوهره إلى تحقيق مصلحة المهنيين، وتعزيز مصداقية ونزاهة مهنة الإعلام، وخدمة المصلحة العامة في نهاية المطاف.17 ويعمل التنظيم الذاتي كآلية لتصحيح أخطاء وسائل الإعلام ومعالجة مخاوف وشكاوى الجمهور، خاصة عندما يتم انتهاك القواعد الأخلاقية الخاصة بوسائل الإعلام والصحفيين، كما يضمن مشاركة وسائل الإعلام في حوار مستمر مع الجمهور.18 والأهم من ذلك، يمكن تحقيق التنظيم الذاتي الفعال دون فرض هياكل رسمية أو صارمة بشكل مفرط، بل يعتمد على التزام وسائل الإعلام بالشفافية والمساءلة والاستجابة الفورية لملاحظات المواطنين.18
2.1.2 الأشكال:
يمكن أن يتجلى التنظيم الذاتي في شكلين رئيسيين: داخلي وخارجي. يحدث التنظيم الذاتي الداخلي داخل المؤسسات الإعلامية الفردية، حيث تحدد هذه المؤسسات معاييرها الخاصة، وتنشئ أنظمة لمراقبة الإنتاج الصحفي، وتتعامل مع الشكاوى الداخلية، وتسعى جاهدة لتعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة على جميع مستويات عملياتها وتغطيتها.18 بينما يمارس التنظيم الذاتي الخارجي من خلال هيئات جماعية، مثل مجالس الصحافة، التي تشرف على المشهد الإعلامي الأوسع.
2.1.3 المبادئ الأساسية:
تستند جميع المواثيق الإعلامية ومدونات السلوك تقريبًا إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التي توجه الممارسة الصحفية الأخلاقية:
○ قول الحقيقة والدقة: الواجب الأسمى للصحفي هو نقل الحقيقة، والسعي باستمرار لتحقيق الدقة والتوازن والإنصاف في جميع التقارير. وهذا يستلزم التحقق الدقيق من الحقائق قبل النشر.18
○ الاستقلالية والنزاهة: يجب على الصحفيين العمل لخدمة الجمهور، بعيدًا عن تأثير المصالح الخاصة. ويجب أن تحافظ المؤسسات الإعلامية على استقلاليتها، دون أن تتأثر بالسيطرة السياسية أو الاقتصادية.18
○ التقليل من المخاطر: أثناء نقل الواقع، يجب على الصحفيين توخي الحذر لتقليل الضرر المحتمل على الجمهور أو الأفراد. ويشمل ذلك مراعاة دقيقة لحقوق الخصوصية والكرامة الإنسانية.18
○ المساءلة: تلتزم المؤسسات الإعلامية والمهنيون بتصحيح الأخطاء، وقبول النقد المشروع لعملهم، واحترام حق الجمهور في التعبير عن آرائهم.18
○ الالتزام بالأخلاقيات المهنية: يشمل ذلك الالتزام بمدونات السلوك والمبادئ التوجيهية الأخلاقية المعمول بها والتي تحدد السلوك الصحفي المقبول.20
2.1.4 التمييز عن التنظيم الخارجي:
يختلف التنظيم الذاتي بطبيعته عن التنظيم الخارجي، حيث تتدخل الهيئات الحكومية أو المجتمعية للسيطرة على وسائل الإعلام من خلال القوانين (مثل قوانين الصحافة والنشر، والقوانين الجنائية).17 وعلى عكس العديد من المهن الأخرى (مثل الأطباء والمهندسين والمحامين) التي تمتلك جمعياتها المهنية صلاحيات تأديبية قوية، بما في ذلك القدرة على سحب التراخيص، غالبًا ما تفتقر الهيئات المهنية الإعلامية إلى هذه السلطة. فمهنة الإعلام غالبًا ما تكون أكثر انفتاحًا، دون متطلبات أكاديمية صارمة، مما يجعل من الصعب معاقبة الانتهاكات الأخلاقية بفعالية. وغالبًا ما تكون أقصى عقوبة متاحة لنقابات الصحفيين هي نشر الانتهاكات للجمهور، وهو أمر مثير للجدل بحد ذاته.17
إن الأسس النظرية للتنظيم الذاتي 17 تؤكد على الاستقلالية والمساءلة ومدونات الأخلاق القوية. ومع ذلك، فإن المقارنة الصريحة بمهن أخرى (الأطباء، المحامون) حيث يمكن للنقابات سحب التراخيص 17 تسلط الضوء فورًا على نقطة ضعف حرجة في التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام. فكون "أقصى عقوبة" للصحفيين غالبًا ما تكون مجرد نشر الانتهاكات للجمهور 17 يشير إلى نقص في سلطة الإنفاذ الحقيقية. هذا يعني أنه بينما المبادئ نبيلة، فإن آليات إنفاذها أضعف بطبيعتها من التنظيم الحكومي، مما يجعل التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام عرضة للضغوط الخارجية وعدم الامتثال الداخلي، خاصة في السياقات التي تكون فيها المصالح السياسية أو الاقتصادية قوية. فالنموذج المثالي النظري للتنظيم الذاتي كقوة ديمقراطية ومستقلة غالبًا ما تقوضه قيوده العملية في فرض عقوبات ذات معنى أو التحكم في دخول المهنة.
2.2 هيئات التنظيم الذاتي الرئيسية في المغرب
2.2.1 المجلس الوطني للصحافة (CNP):
● الولاية والصلاحيات: تأسس المجلس الوطني للصحافة بموجب القانون رقم 90.13 1، وتتمثل مهمته الأساسية في ضمان مشهد إعلامي حر، تعددي، صادق، مسؤول، ومهني.22 وتشمل صلاحياته الواسعة ما يلي:
■ الإشراف على التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر.22
■ وضع وإنفاذ الأنظمة الداخلية وأخلاقيات المهنة للصحفيين.22
■ منح وإدارة بطاقة الصحافة المهنية، وهو جانب رئيسي للاعتراف المهني.16
■ العمل كوسيط في النزاعات بين مهنيي الإعلام أو بينهم وبين الأطراف الثالثة.22
■ القيام بدور التحكيم في النزاعات المهنية داخل القطاع.22
■ مراقبة وتقديم التقارير حول وضع حرية الصحافة.22
■ اقتراح تدابير تهدف إلى تطوير وتأهيل وتحديث القطاع، بما في ذلك برامج التكوين المستمر وإجراء الدراسات ذات الصلة.22
■ تلقي ومعالجة شكاوى المواطنين المتضررين من النشر الصحفي.6
■ العمل باستقلالية مالية وإدارية معلنة.6
● الأداء والتحديات:
■ تأخير الانتخابات واللجنة المؤقتة: من التحديات البارزة التي واجهت المجلس هو عدم إجراء انتخابات جديدة في الوقت المناسب بعد انتهاء ولايته في عام 2022. وقد أدى ذلك إلى تأسيس الحكومة المثير للجدل للجنة مؤقتة (بموجب المرسوم بقانون رقم 2.22.770) لإدارة شؤون القطاع.1 وقد انتقدت هذه الخطوة على نطاق واسع باعتبارها "امتدادًا جديدًا" للمجلس المنتهية ولايته وخطوة تراجعية تقوض مبدأ التنظيم الذاتي واستقلالية المجلس.13
■ نقص تقارير الأداء: على الرغم من أن من ضمن مهامه إعداد تقارير سنوية حول حرية الصحافة، لم ينشر المجلس أي تقارير من هذا القبيل لمعظم فترة عمله، من بدايته الرسمية في عام 2018 حتى انتهاء ولايته في عام 2022.1 ورغم وجود تقرير لعام 2019 14، فإن الغياب العام للتقارير المتسقة يثير مخاوف بشأن المساءلة.
■ اختيار الأعضاء المشكوك فيه: أثارت تركيبة اللجنة المؤقتة، التي تضم قادة سابقين في المجلس الوطني للصحافة يُحملون مسؤولية تأخير الانتخابات، تساؤلات حول دوافع اختيارهم ونقص التمثيل التعددي في اللجنة.16
■ الإغراء المادي: ظهرت مخاوف من أن عضوية المجلس، خاصة بسبب التعويضات عن المشاركة في الجلسات واللجان، يمكن أن تصبح مصدرًا للمكاسب المادية، مما قد يقوض استقلالية المجلس المتصورة والتزامه بالخدمة العامة.1
■ شرط الأقدمية المبالغ فيه: يُعد شرط 15 عامًا من الخبرة المهنية لعضوية المجلس الوطني للصحافة غير متناسب، بالنظر إلى أن غالبية كبيرة (56.3%) من الصحفيين المغاربة لديهم أقل من 10 سنوات من الخبرة.1
إن إنشاء لجنة مؤقتة للمجلس الوطني للصحافة، وتأخير الانتخابات الديمقراطية، والاحتفاظ بالأعضاء السابقين 13 ليست مجرد قضايا إجرائية. إنها تمثل تقويضًا منهجيًا لشرعية المجلس وقدرته على العمل كهيئة تنظيم ذاتي مستقلة حقًا. فالانتقاد الموجه للجنة المؤقتة باعتبارها "امتدادًا جديدًا" 16 يعني غياب التزام حقيقي بالتجديد الديمقراطي وتفضيل استمرارية السيطرة، حتى لو كان ذلك يعني تقويض المبادئ الدستورية. كما أن غياب تقارير الأداء 1 يشير إلى نقص في المساءلة من جانب المجلس نفسه. هذا يعني أن المجلس الوطني للصحافة، الذي كان من المفترض أن يكون ركيزة للتنظيم الذاتي، أصبح عرضة للتلاعب السياسي، وتحول من هيئة رقابية مستقلة إلى امتداد شبه حكومي، مما يضعف الإطار التنظيمي الذاتي بأكمله.
2.2.2 الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (HACA):
■ الدور والوضع الدستوري: تأسست الهاكا عام 2002 كهيئة تنظيمية رئيسية لقطاع السمعي البصري في المغرب، وتم ترقيتها لاحقًا إلى مؤسسة دستورية في عام 2011.3 تتمثل ولايتها الأساسية في ضمان التعبير التعددي عن الآراء والأفكار، ودعم الحق في الحصول على المعلومات في المجال السمعي البصري، مع احترام القيم الحضارية الأساسية للمملكة وقوانينها.3
■ الصلاحيات والمسؤوليات: تتمتع الهاكا بصلاحيات واسعة لأداء وظائفها التنظيمية:
 الترخيص والتنظيم: تفحص الهاكا طلبات وتمنح التراخيص والأذون لإحداث واستغلال منشآت الاتصال السمعي البصري، بالإضافة إلى استخدام الترددات الراديوكهربائية المخصصة للقطاع.3
 المراقبة والجزاءات: تراقب الهاكا الامتثال للقوانين واللوائح المعمول بها من قبل جميع السلطات والهيئات ذات الصلة في القطاع السمعي البصري. وتشرف بشكل خاص على الالتزام بالتعبير التعددي للآراء، لا سيما فيما يتعلق بالمعلومات السياسية، وتضمن الامتثال لتشريعات الإعلانات.3 وتتلقى الهاكا الشكاوى وتبت فيها فيما يتعلق بالانتهاكات أو النزاعات الناشئة عن البث الذي قد يضر بشرف شخص أو يكون مخالفًا للحقيقة.3
 ضمان التعددية والمشاركة السياسية: تلعب الهاكا دورًا حاسمًا في ضمان وصول عادل ومنصف للأحزاب السياسية إلى وسائل الإعلام السمعي البصري، خاصة خلال الفترات الانتخابية، من خلال إصدار قواعد وقرارات محددة لضمان تخصيص وقت بث متوازن.3 كما تضمن التعددية خارج الفترات الانتخابية، وتلزم المتعهدين بمنح وقت بث عادل لمختلف المنظمات الاجتماعية والمهنية.3
 الحق في الحصول على المعلومة والرد: تعمل الهيئة بنشاط على حماية حق الجمهور في الحصول على المعلومات دون تمييز، وتضمن حق الرد للأفراد أو الكيانات التي تشعر بأن شرفها قد تضرر أو أن معلومات كاذبة قد بُثت عنها.3
 الحماية من الإعلانات الكاذبة والأخلاقيات المهنية: تسعى الهاكا إلى حماية المشاهدين من الإعلانات المضللة وتفرض الالتزام بالأخلاقيات المهنية، وتفرض عقوبات مالية على المخالفات.3
■ منع الاحتكار: من الصلاحيات الجديدة الهامة الموكلة إلى المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري هي ضمان تجنب جميع أشكال الاحتكار والهيمنة في ملكية وسائل الاتصال السمعي البصري، وضمان المنافسة العادلة وتكافؤ الفرص.3
إن الوضع الدستوري للهاكا وصلاحياتها الواسعة 3 يوحيان بوجود هيئة تنظيمية قوية. ومع ذلك، فإن استمرار "هيمنة الدولة" في القطاع السمعي البصري و"دعمها المالي الكبير" 1 يثير تساؤلات حول قدرة الهاكا على فرض الاستقلالية ومنع نفوذ الدولة بشكل حقيقي، خاصة عندما تكون الكيانات الإعلامية العمومية لاعبين رئيسيين. فبينما تضمن الهاكا التعددية وحق الرد 3، فإن فعاليتها في تحدي الهياكل الاقتصادية والسياسية الأساسية التي تفضل وسائل الإعلام الموالية للدولة تظل مصدر قلق. هذا يشير إلى أن الهاكا، على الرغم من استقلاليتها على الورق، تعمل ضمن نظام يمكن فيه لنفوذ الدولة أن يشكل المشهد الإعلامي بشكل غير مباشر، مما قد يحد من نطاق رقابتها المستقلة حقًا.
الجدول 3: مقارنة بين مهام المجلس الوطني للصحافة والهاكا
الهيئة
سنة التأسيس الوضع الدستوري الولاية الأساسية الصلاحيات/المسؤوليات الرئيسية
المجلس الوطني للصحافة (CNP) 2016 (بداية فعلية 2018) 1 لا ينص الدستور صراحة على وضعه الدستوري، لكنه هيئة مهنية مستقلة 1 ضمان إعلام حر، تعددي، صادق، مسؤول، ومهني 22 - التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر 22
- وضع أخلاقيات المهنة 22
- منح بطاقة الصحافة المهنية 22
- الوساطة والتحكيم في النزاعات 22
- تتبع حرية الصحافة 22
- اقتراح تدابير تطوير القطاع 22
- تلقي شكاوى المواطنين 6
الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (HACA) 2002 3 مؤسسة دستورية (منذ 2011) 3 ضمان التعبير التعددي للآراء والأفكار وحق الحصول على المعلومة في المجال السمعي البصري 3 - الترخيص لمنشآت الاتصال السمعي البصري 3
- مراقبة الامتثال للقوانين واللوائح 3
- ضمان التعددية والمشاركة السياسية 3
- ضمان حق الرد 3
- الحماية من الإعلانات الكاذبة 3
- منع الاحتكار في ملكية وسائل الاتصال السمعي البصري 3
المصدر: 1
يعد هذا الجدول حيويًا للقسم 2.2. فهو يميز بوضوح أدوار ومسؤوليات هيئتي التنظيم الذاتي الرئيسيتين، وهو ما غالبًا ما يكون نقطة ارتباك. ومن خلال مقارنة مهامهما، يمكن الوقوف على مجالات التداخل (مثل الأخلاقيات والتعددية) ومجالات التركيز المتميزة (مثل المجلس الوطني للصحافة للصحافة المطبوعة والرقمية، والهاكا للإعلام السمعي البصري). هذا الوضوح ضروري لفهم الطبيعة المجزأة لحوكمة الإعلام في المغرب وتحديد المجالات المحتملة لتنسيق أفضل أو إصلاح. كما أنه يسمح بمناقشة أكثر دقة حول مدى قوة التنظيم الذاتي نظريًا مقابل القيود العملية التي يواجهها بسبب طبيعة اختصاص الهيئة أو علاقتها بالدولة.
للاشارة فالمجلس الوطني هو المنوط بتسليم البطائق المهنية لجميع الفئات الصحفية (الورقية والالكترونية والسمعية البصرية ...الخ).
2.3 التحديات والعقبات أمام التنظيم الذاتي الفعال
2.3.1 التدخل الحكومي ومحاولات التشريع لتقويض الاستقلالية:
يتمثل التحدي الأبرز في التدخل الحكومي المباشر في مجال التنظيم الذاتي، ويتجلى ذلك في إنشاء لجنة مؤقتة للمجلس الوطني للصحافة. يُنظر إلى هذا الإجراء على نطاق واسع على أنه يقوض المبادئ الأساسية للتنظيم الذاتي واستقلالية المجلس المنصوص عليها قانونًا.13 علاوة على ذلك، فإن المقترحات التشريعية، مثل التعديلات على قانون المجلس الوطني للصحافة التي سعت إلى استبدال الانتخابات الديمقراطية بالتعيينات لأعضاء المجلس، وتمديد ولاية المجلس، تمثل محاولات تراجعية لتعزيز السيطرة الحكومية على هيئة يُفترض أنها مستقلة.1
كما أن قانون وسائل التواصل الاجتماعي المقترح في عام 2020، والذي تضمن أحكامًا لمتطلبات الترخيص وعقوبات صارمة على المحتوى عبر الإنترنت، اعتُبر أيضًا محاولة مباشرة "لإسكات" الأصوات النقدية وتقييد الحرية الرقمية.1 وقد وُجهت انتقادات أيضًا إلى "التفسير التعسفي" للحكومة لقانون المجلس الوطني للصحافة فيما يتعلق بإجراء الانتخابات، مما يسلط الضوء بشكل أكبر على الميل للتلاعب بالأطر القانونية لتناسب أجندات سياسية.16
إن النمط المتكرر للإجراءات الحكومية – بدءًا من إنشاء لجنة مؤقتة للمجلس الوطني للصحافة 13 إلى اقتراح تعديلات تراجعية 1 وقوانين مثيرة للجدل لوسائل التواصل الاجتماعي 1 – كلها تشير إلى تقويض استراتيجي، وليس عرضي، لاستقلالية التنظيم الذاتي. هذا ليس مجرد "تدخل"؛ بل هو محاولة متعمدة لإعادة تشكيل المشهد التنظيمي للحفاظ على سيطرة الدولة، حتى على حساب المبادئ الدستورية لحرية الصحافة.13 هذا يعني أن الدولة لا تنظر إلى التنظيم الذاتي كآلية لاستقلالية الإعلام، بل كتهديد محتمل لسيطرتها على السرد، مما يؤدي إلى توتر مستمر وصراع من أجل الاستقلالية الحقيقية داخل القطاع الإعلامي.
2.3.2 غياب التجديد الديمقراطي والانقسامات الداخلية داخل الهيئات المهنية:
يؤكد الفشل في إجراء انتخابات ديمقراطية للمجلس الوطني للصحافة في الوقت المناسب، والذي استدعى إنشاء لجنة مؤقتة مثيرة للجدل، على عجز كبير في التجديد الديمقراطي داخل إطار التنظيم الذاتي.13 ويتفاقم هذا الوضع بسبب "الانقسام الحاد" بين مختلف الهيئات النقابية والمهنية بشأن المسار الصحيح للقطاع الإعلامي، مما يعيق تشكيل جبهة موحدة للإصلاح.18 علاوة على ذلك، واجهت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وهي هيئة مؤثرة تاريخيًا، انتقادات بسبب الهيمنة المتصورة للصحفيين المنتسبين للأحزاب السياسية في قيادتها، مما قد يمس باستقلاليتها وقدرتها على الدفاع عن المصالح المهنية فقط.1
إن الانقسامات الداخلية والفشل في تجديد المجلس الوطني للصحافة ديمقراطيًا 13 ليست قضايا معزولة؛ بل تجعل هيئة التنظيم الذاتي أكثر عرضة للضغوط الخارجية. فالمشهد المهني المجزأ وغير الديمقراطي يوفر فرصة لتدخل الدولة، نظرًا لعدم وجود صوت موحد وقوي وشرعي للمقاومة. كما أن هيمنة الصحفيين المنتسبين للأحزاب السياسية في قيادة النقابات 1 يزيد من طمس الخطوط الفاصلة بين الاستقلالية المهنية والاصطفاف السياسي، مما يضعف قدرة المجموعة على الدفاع عن التنظيم الذاتي الحقيقي. هذا يعني أن المأزق الحالي هو نتيجة لكل من الإرادة السياسية الخارجية (للحفاظ على السيطرة) ونقاط الضعف الهيكلية الداخلية (داخل مهنة الإعلام نفسها).
2.3.3 الغموض في الأطر القانونية وتطبيق قوانين غير إعلامية:
من العقبات الرئيسية هي عدم وجود نص قانوني صريح ينص على أن قانون الصحافة والنشر هو المرجع الوحيد لجرائم الصحافة. وقد أدى هذا الغموض عمليا إلى إشكالية تطبيق القانون الجنائي، الذي يتضمن عقوبات سالبة للحرية، على القضايا المتعلقة بالنشر، مما يتجاوز فعليًا روح قانون الصحافة الذي يهدف إلى أن يكون خالياً من عقوبات السجن.1 كما أن قانون الصحافة والنشر يعاني من نقص في الدقة فيما يتعلق بالحالات الاستثنائية التي يمكن فيها رفع السرية عن المصادر، مما يخلق نقاط ضعف محتملة للصحفيين.1
وتمثل محاولات الحكومة إدخال تعديلات تنقل صراحة بعض الجرائم، مثل التحريض على الكراهية أوالتمييز، من قانون الصحافة إلى القانون الجنائي، انتكاسة كبيرة لمكاسب حرية الصحافة.1
كما يمكن اعتبار الغموض المتعمد في الأطر القانونية، وخاصة عدم حصرية قانون الصحافة والنشر لجرائم الصحافة 1، ليس مجرد سهو. إنه يعمل كثغرة قانونية استراتيجية تسمح للدولة بتجاوز ضمانات حرية الصحافة وتطبيق عقوبات جنائية أشد، بما في ذلك السجن، على الصحفيين.
كل هذا يخلق تأثيرًا مخيفًا، ويعزز الرقابة الذاتية ويقوض الغرض الأساسي من قانون الصحافة المصمم ليكون خاليًا من العقوبات السالبة للحرية. كما أن الغموض القانوني قد يفسر كأداة متطورة للسيطرة القضائية، تمكن الدولة من ملاحقة الصحفيين الذين يتحدون سلطتها بشكل انتقائي، وبالتالي الحفاظ على مناخ من الخوف والحد من التقارير النقدية.
2.3.4 الضغوط الاقتصادية التي تؤثر على الاستقلالية:
يثير غياب الشفافية في سوق الإعلانات وعدم وضوح توزيع الدعم العمومي مخاوف كبيرة بشأن استخدامهما المحتمل كأدوات للسيطرة القائمة على الولاء، حيث ترتبط الحوافز المالية بالاصطفاف التحريري.1 إن الهشاشة المتأصلة في النموذج الاقتصادي الذي تقوم عليه العديد من المؤسسات الإعلامية، وخاصة في قطاع الصحافة المطبوعة، يجعلها عرضة بشكل كبير للضغوط الخارجية. هذه الهشاشة المالية يمكن أن تعرض استقلاليتها التحريرية وقدرتها على ممارسة الصحافة النقدية للخطر.1
إن الهشاشة الاقتصادية للمؤسسات الإعلامية، إلى جانب نقص الشفافية في الإعلانات والدعم العمومي 1، يحول التبعية المالية إلى آلية سيطرة خفية ولكنها قوية. فعندما تكون وسائل الإعلام ضعيفة اقتصاديًا، تصبح أكثر عرضة للتأثير من المعلنين أو الدعم الحكومي، مما قد يمس باستقلاليتها التحريرية.
هذه السيطرة "الناعمة" أكثر خبثًا من الرقابة المباشرة لأنها تبدو وكأنها تعمل ضمن ديناميكيات السوق، ومع ذلك فهي تشكل محتوى وسائل الإعلام بشكل فعال من خلال تحفيز الامتثال ومعاقبة المعارضة.
مما يؤكد على أن الاستقلالية الإعلامية الحقيقية لا يمكن تحقيقها دون نموذج اقتصادي قوي وشفاف يقلل من الهشاشة المالية ويحمي وسائل الإعلام من الضغوط الخارجية.





القسم الثالث: الخروج من المأزق:
مسارات لتعزيز التنظيم الذاتي واستقلالية الإعلام
3.1 إعادة تنشيط المجلس الوطني للصحافة
3.1.1 ضمان الانتخابات الديمقراطية والتمثيل التعددي:
من الأهمية بمكان الالتزام الصارم بمبدأ الانتخابات الديمقراطية للمجلس الوطني للصحافة وتجنب أي شكل من أشكال التعيين بشكل قاطع، حتى لو اقترحته الهيئات المهنية أو النقابية، لأن هذا يمس باستقلالية الصحفيين.16 لا يمكن تعزيز شرعية واستقلالية المجلس الوطني للصحافة بشكل حقيقي إلا من خلال انتخابات ديمقراطية منتظمة.13 علاوة على ذلك، من الضروري ضمان تعددية الآراء داخل تشكيلة المجلس، والاعتراف بذلك كحالة صحية للإعلام. يجب على الحكومة الامتناع عن الانحياز لأي رأي واحد وإشراك جميع أصحاب المصلحة في عملية حماية وتعزيز التنظيم الذاتي.1
إن التأكيد المتكرر على الانتخابات الديمقراطية للمجلس الوطني للصحافة 13 لا يتعلق فقط بالصحة الإجرائية؛ بل يتعلق باستعادة الشرعية والسلطة الأساسية لهيئة التنظيم الذاتي. فعندما يتم تعيين الأعضاء أو تمديد الولايات بشكل تعسفي، يفقد المجلس مصداقيته كممثل للمهنة الصحفية، مما يجعل قراراته ومبادئه الأخلاقية أقل إلزامية. هذا يعني أن التنظيم الذاتي الحقيقي لا يمكن أن يزدهر إلا عندما يكون متجذرًا في الإرادة الديمقراطية لأعضائه، مما يوفر السلطة الأخلاقية والمهنية لمقاومة الضغوط الخارجية وإنفاذ ولايته بفعالية. وبدون ذلك، يخاطر المجلس بأن يصبح مجرد أداة لمصالح خارجية.
3.1.2 تعزيز ولايته وفعاليته التشغيلية:
يجب تمكين المجلس الوطني للصحافة من ممارسة وظائفه الأصلية بشكل كامل، والتي تشمل حماية حرية الصحافة بقوة، وضمان الالتزام الصارم بأخلاقيات المهنة، وحماية حق المجتمع الأساسي في الحصول على المعلومات، والتوعية، والتعليم.16 ومن الضروري مراجعة وتحديث مدونات الأخلاق والمبادئ التوجيهية المهنية بانتظام لتكييفها مع المشهد الإعلامي المتطور، ومعالجة التحديات والفرص الفريدة التي تطرحها الصحافة الرقمية بشكل خاص.18

إن الدعوة إلى مراجعة وتحديث مدونات الأخلاق لتتكيف مع الصحافة الرقمية 18 أمر بالغ الأهمية. فالصعود السريع للإعلام الرقمي 1 وتحديات الأخبار الزائفة 9 يعني أن الأطر التقليدية للتنظيم الذاتي قد تكون قد عفا عليها الزمن. والفشل في التكيف يعني أن المجلس الوطني للصحافة يخاطر بأن يصبح غير ذي صلة في الجزء الأكثر ديناميكية من المشهد الإعلامي. هذا يعني أن تعزيز الفعالية التشغيلية للمجلس لا يتطلب إصلاحات حوكمة داخلية فحسب، بل يتطلب أيضًا نهجًا تطلعيًا لأخلاقيات الإعلام يعالج التحديات الفريدة للبيئة الرقمية، مما يضمن استمرارية أهميته وسلطته في نظام بيئي يتطور بسرعة.
3.1.3 تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المجلس:
يجب تنفيذ تدابير لمنع تحول مؤسسة التنظيم الذاتي إلى مصدر إغراء مادي أو مكاسب شخصية لأعضائها.1 تعد الشفافية الكاملة فيما يتعلق بالتعويضات والمزايا المالية لأعضاء المجلس ورئيسه أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على ثقة الجمهور والحق في الحصول على المعلومات.16 يجب على المجلس أن ينشر بشكل استباقي قوائم الصحفيين الذين حصلوا على بطاقات الصحافة المهنية، مما يعزز النزاهة والشفافية داخل المهنة.23
إن قضايا "الإغراء المادي" ونقص الشفافية فيما يتعلق بتعويضات المجلس الوطني للصحافة 16 ليست تفاصيل إدارية ثانوية. إنها تقوض بشكل مباشر مصداقية المجلس واستقلاليته المتصورة. فإذا كان الكيان الذي يهدف إلى دعم المعايير الأخلاقية يُنظر إليه على أنه يفتقر إلى الشفافية أو مدفوع بالمكاسب الشخصية، فإن قدرته على فرض الأخلاقيات خارجيًا تتأثر بشدة. هذا يعني أن الحوكمة الداخلية القوية، والشفافية المالية، والمساءلة ليست مجرد أفضل الممارسات، بل هي شروط أساسية للمجلس الوطني للصحافة لاكتساب ثقة الجمهور والوفاء بفعالية بولايته التنظيمية الذاتية.
3.2 إصلاح الأطر القانونية والاقتصادية
3.2.1 مواءمة قوانين الصحافة مع المعايير الدولية:
يجب تعديل مدونة الصحافة والنشر بشكل شامل لتتوافق مع المعايير الدولية، وخاصة من خلال حظر صريح لملاحقة الصحفيين بموجب القانون الجنائي في الجرائم المتعلقة بالنشر.14 يجب سحب جميع مشاريع القوانين البرلمانية التي تمثل تراجعًا عن المكاسب الديمقراطية الراسخة في حرية الصحافة لمنع المزيد من التآكل لحقوق الإعلام.14 من الضروري إجراء نقاش جديد وشامل حول قانون الحق في الحصول على المعلومة لضمان توافق أحكامه بشكل حقيقي مع غرضه كـ "قانون للشفافية" وتحسين تطبيقه العملي. ويشمل ذلك معالجة الاستثناءات الواسعة التي تحد من قابليته للتطبيق وأوقات الاستجابة الطويلة التي تعيق العمل الصحفي.14
إن الدعوة إلى مواءمة قوانين الصحافة مع المعايير الدولية وإلغاء الملاحقة الجنائية للجرائم الصحفية 14 هي خطوة حاسمة نحو إرساء الاتساق القانوني. فالإطار القانوني المزدوج الحالي، حيث يمكن محاكمة الصحفيين بموجب القانون الجنائي، يخلق حالة من عدم اليقين القانوني وتأثيرًا مخيفًا. هذا يعني أن الصحافة المستقلة حقًا تتطلب إطارًا قانونيًا واضحًا وغير عقابي يمنح الأولوية لحرية التعبير ويحد من تدخل الدولة في حدود واضحة ومعترف بها دوليًا. وبدون ذلك، ستظل الإصلاحات القانونية غير مكتملة، وسيستمر الصحفيون في العمل تحت تهديد عقوبات صارمة، مما يعيق التقارير النقدية.
3.2.2 مراجعة آليات الدعم العمومي من أجل الشفافية والشمولية:
يجب مراجعة وتعديل شروط الدعم العمومي لوسائل الإعلام لتكون أكثر شمولية، مما يضمن وصول الدعم ليس فقط إلى المؤسسات الكبيرة، بل أيضًا إلى الصحفيين الأفراد ووسائل الإعلام الناشئة.13 يجب رفع سقف الدعم المالي العمومي للصحف الورقية والإلكترونية بشكل كبير، ويجب مراجعة نظام الدعم بأكمله لتشجيع التحول الرقمي بفعالية وتحفيز الاستثمار في جميع أنحاء القطاع الإعلامي.2
إن نظام الدعم العمومي الحالي يتعرض للانتقاد بسبب نقص الشفافية واستبعاد المنابر الأصغر.1 مراجعته ليكون أكثر شمولية وشفافية 13 وزيادة سقفه 2 يحوله من أداة محتملة للسيطرة إلى ممكن حقيقي لاستقلالية الإعلام. فمن خلال دعم مجموعة أوسع من الكيانات الإعلامية، بما في ذلك المنصات الرقمية الناشئة والصحفيين الأفراد، يمكن للدولة أن تعزز التعددية وتقلل من الهشاشة المالية التي تجعل وسائل الإعلام عرضة للضغوط الخارجية. هذا يعني التحول من نموذج الرعاية إلى نموذج الاستثمار، حيث تعزز الأموال العامة النظام البيئي الإعلامي بشكل حقيقي بدلاً من مكافأة الولاء بشكل انتقائي.
3.2.3 معالجة نقص التنظيم في سوق الإعلانات:
لتعزيز المنافسة العادلة والحد من النفوذ غير المبرر، هناك حاجة ملحة لزيادة الشفافية في سوق الإعلانات، ربما من خلال إنشاء هيئة مهنية مستقلة يمكنها ضمان الحياد في توزيع الإعلانات.2
إن سوق الإعلانات غير المنظم، الذي تهيمن عليه شركات التكنولوجيا العالمية وعرضة للاستخدام في التأثير السياسي 1، يمثل تهديدًا كبيرًا لاستقلالية الإعلام. إن إنشاء هيئة مستقلة للشفافية والحياد في الإعلانات 2 أمر بالغ الأهمية. وهذا من شأنه أن يكافئ الفرص، ويقلل من اعتماد وسائل الإعلام على تدفقات الإعلانات التي قد تكون متحيزة، ويعزز المنافسة العادلة. هذا يعني أن الاستقلالية الاقتصادية لا تتعلق فقط بالدعم، بل أيضًا بخلق بيئة سوقية عادلة يتم فيها توزيع عائدات الإعلانات بناءً على الجدارة والوصول، وليس على أساس الاصطفاف السياسي، وبالتالي تعزيز الاستقلالية المالية لوسائل الإعلام.
3.3 تعزيز الاحترافية والمعايير الأخلاقية
3.3.1 الاستثمار في التكوين المستمر ومحو الأمية الإعلامية:
يعد الاستثمار المستمر في التكوين المستمر والتطوير المهني للصحفيين ومهنيي الإعلام أمرًا ضروريًا لتزويدهم بالمهارات اللازمة للتنقل في المشهد الإعلامي المتطور والالتزام بالمعايير الأخلاقية.5 وفي الوقت نفسه، يعد تعزيز محو الأمية الإعلامية بين الطلاب والجمهور الأوسع أمرًا حاسمًا لتمكين المواطنين من فهم الأخبار وتحليلها وتقييمها بشكل نقدي، مما يمكنهم من تحديد الأخبار الزائفة ومقاومة انتشارها.14
إن انتشار الأخبار الزائفة 9 ووجود أفراد "غير مهنيين" 9 يسلط الضوء على حاجة ماسة لتنمية رأس المال البشري. فالاستثمار في التدريب المستمر للصحفيين 5 يضمن امتلاكهم للمهارات اللازمة للتعامل مع البيئات الرقمية المعقدة والالتزام بالمعايير الأخلاقية. وفي الوقت نفسه، فإن تعزيز محو الأمية الإعلامية بين الجمهور 14 يمكّن المواطنين من تقييم المعلومات بشكل نقدي، مما يقلل من قابليتهم للتأثر بالمعلومات المضللة. هذا يعني أن نظامًا إعلاميًا قويًا لا يتعلق فقط بالمؤسسات والقوانين، بل أيضًا بقدرات ممارسيه والمشاركة النقدية لجمهوره، مما يشكل دفاعًا جماعيًا ضد تآكل النزاهة الصحفية.
3.3.2 تعزيز مدونات الأخلاق القوية وإنفاذها:
من الأهمية بمكان تطوير وتحديث مدونات أخلاق شاملة يتم صياغتها بشكل مستقل، بعيدًا عن التدخل الحكومي.18 ولا يقل أهمية عن ذلك تعزيز آليات معالجة الشكاوى وضمان المساءلة عن الانتهاكات الأخلاقية، مما يعزز مصداقية وسلطة إطار التنظيم الذاتي.18
إن وجود مدونات أخلاق قوية ومطورة بشكل مستقل 18 أمر أساسي للتنظيم الذاتي. توفر هذه المدونات معيارًا واضحًا للسلوك المهني. ومع ذلك، فإن مجرد وجودها لا يكفي؛ فتعزيز آليات الإنفاذ لخرق الأخلاقيات 18 أمر بالغ الأهمية. هذا يعني أن الأطر الأخلاقية، عند إنفاذها بفعالية، تعمل كآلية تصحيح ذاتي، مما يسمح للمهنة بالحفاظ على نزاهتها وثقة الجمهور دون الاعتماد فقط على تدخل الدولة. وهذا يساهم أيضًا في التمييز بين الصحافة المهنية والمحتوى الهواة أو الخبيث.
3.3.3 تعزيز ثقافة المساءلة والمشاركة العامة:
يعد إنشاء آلية وطنية مستقلة مخصصة لحماية الصحفيين أمرًا ضروريًا لضمان سلامتهم وقدرتهم على الإبلاغ بحرية.15 يجب بذل الجهود لتحسين العلاقات بين وكالات إنفاذ القانون والصحفيين، وضمان التحقيق الشامل في الاعتداءات على مهنيي الإعلام ومحاسبة الجناة.14 إن التشجيع النشط للمشاركة العامة وتعزيز الحوار المستمر مع وسائل الإعلام سيعزز الشفافية ويبني الثقة.18
إن تعزيز ثقافة المساءلة والمشاركة العامة 18 أمر حيوي لصحة وسائل الإعلام على المدى الطويل. فعندما يتم حماية الصحفيين 14 وتكون وسائل الإعلام مستجيبة لشكاوى الجمهور، فإن ذلك يبني الثقة. هذا يعني أن ثقة الجمهور هي العملة النهائية لوسائل الإعلام، خاصة في عصر انتشار المعلومات المضللة. فمن خلال إشراك الجمهور بنشاط وإظهار المساءلة، يمكن لوسائل الإعلام تعزيز دورها المجتمعي كمصدر موثوق للمعلومات، وبالتالي زيادة مرونتها ضد الضغوط الخارجية وتعزيز مواطنة أكثر استنارة.
3.4 دروس من أفضل الممارسات الدولية في التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام
3.4.1 تحليل مقارن للنماذج الناجحة:
○ مجلس الصحافة الألماني: يمثل هذا النموذج التنظيم الذاتي الطوعي، حيث يطبق بفعالية القواعد الأخلاقية المحددة في مدونة الصحافة الخاصة به. يتعامل المجلس بنشاط مع شكاوى الجمهور ويمكنه فرض عقوبات تتراوح بين التوبيخ العلني وغير العلني. يتم تمويله من مساهمات جمعيات الإعلام ودعم حكومي سنوي.28 وبينما يثار بعض الجدل حول مدى وعي الجمهور به وفعالية عقوباته، فإن الصحفيين الذين تمت مقابلتهم يقرون على نطاق واسع بأهميته في توجيه الجودة المهنية والسلوك الأخلاقي.29
○ النماذج الاسكندنافية (مثل السويد): تتمتع الدول الاسكندنافية بتقاليد عريقة في حرية الصحافة القوية، ووسائل إعلام عمومية قوية، ومستويات عالية من تداول الأخبار وثقة الجمهور، وغالبًا ما تدعمها إعانات إعلامية سخية.30 يتم إضفاء الطابع المؤسسي على التنظيم الذاتي من خلال هيئات مثل أمين المظالم الصحفي العام ومجالس الصحافة.19 تؤكد هذه النماذج على المبادئ الصحفية الأساسية مثل الدقة، والمصادر النقدية، واحترام النزاهة الفردية، والاعتبارات الدقيقة عند ذكر الأسماء، والحظر الصارم لقبول العمولات أو المزايا التي قد تعرض الاستقلالية للخطر.19
○ أمين المظالم الصحفي (Press Ombudsman): يمثل هذا الشكل من التنظيم الذاتي أمين مظالم مستقلًا يعمل كوسيط بين الجمهور وهيئة التحرير في مؤسسة إعلامية. يتلقى أمين المظالم شكاوى الجمهور ويعالجها، ويقترح حلولًا للتوضيحات أو التصحيحات. ومن الأمثلة الدولية البارزة على هذا الدور أمناء المظالم في صحيفتي لوموند (فرنسا) والغارديان (المملكة المتحدة).18 ويشير الغياب الملحوظ لهذا الدور على نطاق واسع في العديد من الدول العربية إلى ضعف كبير في آليات التنظيم الذاتي لديها.18
إن دراسة النماذج الدولية (الألمانية، الاسكندنافية، أمين المظالم الصحفي) - 18 قيّمة، لكن الملاحظة الرئيسية تكمن في قابلية التكيف. فنجاح النموذج الاسكندنافي يرتبط بـ "ثقافاته الديمقراطية القوية" 30 و"إعاناته الإعلامية السخية" 30، وهي عوامل غير متوفرة بالكامل في المغرب. كما أن الملاحظة بأن "غياب هذا الدور [أمين المظالم الصحفي] في الدول العربية يؤكد ضعف آليات التنظيم الذاتي" 18 تسلط الضوء على تحدٍ إقليمي.
هذا يعني أنه على خلاف التطورات العالمية، فإن هيكل وتمويل هيئات التنظيم الذاتي في المغرب يجب أن يتكيف مع السياق السياسي والاقتصادي والثقافي المحدد من طرف الحكومة القائمة.
لذا، قد يكون النموذج "المختلط" أو التنظيم المشترك 33 أكثر واقعية من التنظيم الذاتي الخالص، شريطة أن يضمن استقلالية حقيقية في العمل ويتجنب أن يصبح واجهة للسيطرة الحكومية.
3.4.2 قابلية تكييف التنظيم المشترك Co-regulation :
يُقدم التنظيم المشترك كنهج عملي يجمع بين التنظيم الذاتي من قبل الصناعات الإعلامية والتنظيم من قبل الدولة. يتضمن هذا النموذج إطارًا متعدد الأطراف، يشمل الحكومة، والهيئات التنظيمية المستقلة، والهيئات الصناعية، ومنظمات المجتمع المدني، والمواطنين.34
ويُعتبر مسارًا واعدًا لتحسين جوانب مثل حقوق الإنسان للمرأة والمساواة بين الجنسين في المحتوى الإعلامي.34 يمكن تطوير النموذج المختلط الحالي في المغرب، الذي يتضمن عناصر من الدعم الحكومي والتنظيم الذاتي، نحو إطار تنظيم مشترك أكثر فعالية، شريطة تأمين استقلالية حقيقية للعمل.33
3.5 توصيات استراتيجية للإصلاح المستدام
3.5.1 حوار وطني متعدد الأطراف لإصلاح إعلامي شامل:
يعد إطلاق حوار وطني شامل يضم جميع أصحاب المصلحة المعنيين أمرًا بالغ الأهمية. يجب أن يتناول هذا الحوار القضايا المعقدة المتعلقة بعلاقة الإعلام بالدولة، والمجتمع، والمؤسسات الاقتصادية، وجمعيات حقوق الإنسان، والاعتبارات الأخلاقية الحاسمة في الصحافة.15 إن الاستعداد الحقيقي للحكومة للاستماع إلى الصحفيين وتمكينهم من تشكيل مستقبل مهنتهم بفعالية، بعيدًا عن التدخل غير المبرر، أمر أساسي لنجاح هذا الحوار.13
إن الدعوة إلى حوار وطني متعدد الأطراف 13 هي اعتراف بأن الأزمة الإعلامية في المغرب منهجية وليست معزولة. لا يمكن حلها بالتغييرات القانونية أو المؤسسية وحدها. فإشراك جميع الفاعلين المعنيين – الحكومة، مهنيو الإعلام، المجتمع المدني، الأكاديميون، وحتى الجمهور – يعني التحول نحو حوكمة تعاونية. يعزز هذا النهج الملكية المشتركة للإصلاحات، ويبني توافقًا في الآراء، ويزيد من احتمالية التوصل إلى حلول مستدامة تعالج التفاعل المعقد للعوامل القانونية والاقتصادية والسياسية. هذا يعني أن الإصلاحات من أعلى إلى أسفل غير كافية؛ فالتغيير الحقيقي والدائم يتطلب عملية شاملة من أسفل إلى أعلى.
3.5.2 إعطاء الأولوية لاستقلالية المؤسسات الإعلامية وقدرتها المالية:
هناك حاجة ملحة لمراجعة شاملة للنموذج الاقتصادي الذي يحكم صناعة الصحافة المطبوعة والرقمية لمعالجة نقاط ضعفها الهيكلية.14 يجب أن يتحول نهج الدولة في دعم الإعلام من الإعانات المباشرة، التي قد تكون مشروطة، إلى حلول أوسع وشاملة تتناول الجوانب المالية والصناعية والتجارية لإنتاج الإعلام، بما في ذلك البنية التحتية للطباعة والتوزيع.14 من الضروري الاعتراف بأن الصحافة المكتوبة، على وجه الخصوص، ليست مجرد منتج تجاري، بل هي أيضًا أصل اجتماعي وثقافي وتعليمي حيوي، مما يستلزم نهجًا سياساتيًا يدعم دورها في الخدمة العامة.14
إن الموضوع المتكرر للضعف الاقتصادي 1 يؤكد أن الاستقلالية التحريرية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقدرة المالية. فالمراجعة الشاملة للنموذج الاقتصادي والتحول من الدعم المباشر إلى الدعم الهيكلي الأوسع 14 أمر بالغ الأهمية. هذا يعني أنه بدون قاعدة اقتصادية مستدامة، ستظل المؤسسات الإعلامية عرضة للضغوط الخارجية، بغض النظر عن الضمانات القانونية. إن التعامل مع وسائل الإعلام كـ "منتج اجتماعي وثقافي وتعليمي" 14 بدلاً من مجرد منتج تجاري يبرر الاستثمار العام الذي يهدف إلى تعزيز مجال عام قوي، وليس مجرد مؤسسات تجارية، وبالتالي تعزيز قدرة وسائل الإعلام على الصحافة المستقلة عالية الجودة.
3.5.3 تمكين الصحفيين وحماية حقوقهم:
يعد معالجة الظروف الاجتماعية والمهنية للصحفيين، بما في ذلك الفوارق الكبيرة في الرواتب واحتياجات التدريب المستمر، أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز قوة عاملة صحفية مهنية ومستقلة.14 يجب تنفيذ تدابير قوية لحماية الصحفيين من الاعتداءات الجسدية والمعنوية أثناء عملهم، وضمان التحقيق الشامل في مثل هذه الحوادث ومحاسبة الجناة.14
إن الظروف الاجتماعية والمهنية للصحفيين، بما في ذلك الفوارق في الرواتب والاعتداءات 14، ليست مجرد قضايا عمالية؛ بل هي مؤشرات مباشرة على صحة حرية الصحافة. فالصحفيون الذين يعملون في ظروف غير مستقرة أو يواجهون تهديدات هم أقل عرضة لمتابعة الصحافة النقدية أو الاستقصائية. هذا يعني أن تمكين الصحفيين من خلال تحسين ظروف العمل، والتدريب المستمر، وآليات الحماية القوية أمر أساسي لتعزيز صحافة حيوية ومستقلة. فقوة الصحافة وجودتها، وأخلاقياتها، وقدرتها على العمل دون خوف، تعتمد بشكل مباشر على وجود قوة عاملة صحفية قوية وآمنة.







الخاتمة والتوصيات
يواجه المشهد الإعلامي المغربي مفترق طرق حاسمًا، حيث تتطلب التحديات الهيكلية العميقة، بدءًا من الأزمة الوجودية للصحافة المطبوعة وصولًا إلى تعقيدات التنظيم الذاتي في العصر الرقمي، استجابة شاملة ومستدامة. لقد أظهر التحليل أن الإصلاحات القانونية وحدها، رغم أهميتها، لا تكفي لضمان حرية واستقلالية حقيقية لوسائل الإعلام، ما لم تُدعم بإرادة سياسية راسخة لمعالجة القيود الاقتصادية والتدخلات الحكومية غير المباشرة.
إن المأزق الحالي في التنظيم الذاتي، الذي يتجلى في تأخير الانتخابات، واللجان المؤقتة، والغموض القانوني، يضعف مصداقية الهيئات المهنية ويحد من قدرتها على فرض المعايير الأخلاقية والدفاع عن حقوق الصحفيين. فغياب الشفافية في الدعم العمومي وسوق الإعلانات، واستمرار ملاحقة الصحفيين بموجب القانون الجنائي، يحول دون بناء إعلام مستقل ومسؤول.
للخروج من هذا المأزق، يوصى بما يلي:
1. تعزيز الشرعية الديمقراطية للمجلس الوطني للصحافة: يجب ضمان إجراء انتخابات ديمقراطية وشفافة للمجلس الوطني للصحافة دون تأخير، مع تمثيل تعددي لجميع أطياف المهنة. هذا سيعيد للمجلس شرعيته ويقوي مكانته كهيئة مستقلة قادرة على الدفاع عن الصحفيين والمهنة.
2. مراجعة شاملة للإطار القانوني: يجب تعديل قانون الصحافة والنشر ليكون المرجع الوحيد لجرائم النشر، مع حظر صريح للملاحقة القضائية للصحفيين بموجب القانون الجنائي. كما يجب مراجعة قانون الحق في الحصول على المعلومة لتوسيع نطاق تطبيقه وتقليل الاستثناءات، وضمان فعالية آليات الحصول على المعلومات.
3. إصلاح النموذج الاقتصادي لوسائل الإعلام: يجب إعادة النظر في آليات الدعم العمومي لضمان شفافيتها وشموليتها، بحيث تصل إلى جميع المؤسسات الإعلامية، بما في ذلك الناشئة والفردية، وتشجع التحول الرقمي. كما يجب تنظيم سوق الإعلانات لضمان حيادها وعدم استخدامها كأداة للسيطرة.
4. الاستثمار في رأس المال البشري والإعلامي: يجب تكثيف برامج التكوين المستمر للصحفيين لمواكبة التطورات التكنولوجية والأخلاقية. وبالتوازي، يجب تعزيز محو الأمية الإعلامية لدى الجمهور لتمكينهم من التمييز بين الأخبار الموثوقة والزائفة، مما يساهم في بناء مجتمع إعلامي أكثر وعيًا.
5. تبني مقاربة التنظيم المشترك: يمكن للمغرب أن يستلهم من التجارب الدولية الناجحة في التنظيم الذاتي والتنظيم المشترك، مع تكييفها لتناسب السياق الوطني. هذا يتطلب حوارًا وطنيًا شاملًا يضم الدولة، والمهنيين، والمجتمع المدني، لوضع رؤية مشتركة لمستقبل الإعلام تضمن استقلاليته ومهنيته وخدمته للمصلحة العامة.
6. حماية الصحفيين وتعزيز المساءلة: يجب إنشاء آلية وطنية مستقلة لحماية الصحفيين من الاعتداءات، وضمان التحقيق الفوري والمساءلة عن أي انتهاكات لحقوقهم أثناء أداء واجبهم المهني.
إن مستقبل الإعلام المغربي مرهون بقدرة جميع الأطراف الفاعلة على تجاوز التناقضات الحالية والعمل المشترك نحو بناء نظام إعلامي قوي، مستقل، وشفاف، يخدم الديمقراطية ويعزز حق المواطن في إعلام حر ومسؤول.










مصادر :
1. المنظومة الإعلامية المغربية: قيود تشريعية وسياسية واقتصادية لمأسسة الولاء – The Moroccan Media System: Legislative, Political and Economic Restrictions for the Institutionalisation of Loyalty - مجلة الجزيرة, consulté le mai 22, 2025, https://aljazeerajournal.aljazeera.net/article/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%82%D9%8A%D9%88%D8%AF-%D8%AA%D8%B4%D8%B1/
2. الصحف الورقية في المغرب تحتضر ببطء... وتساؤلات عن حرية الإعلام والبعد النقدي, consulté le mai 22, 2025, https://www.alquds.co.uk/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B1%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D8%B6%D8%B1-%D8%A8%D8%A8%D8%B7%D8%A1-%D9%88%D8%AA/
3. قطاع الاتصال السمعي البصري بالمغرب – فضــــاء المعرفـــــــــة ..., consulté le mai 22, 2025, https://espaceconnaissancejuridique.com/2024/01/18/%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%B9%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8/
4. الإعلام في المغرب - Fanack, consulté le mai 22, 2025, https://fanack.com/ar/morocco/media-in-morocco/
5. اﻟﻣﺷﮭد اﻟﺳﻣﻌﻲ اﻟﺑﺻري اﻟوطﻧﻲ - Cour des comptes, consulté le mai 22, 2025, https://www.courdescomptes.ma/wp-content/uploads/2023/01/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%B9%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A.pdf
6. الواقع القانوني والمؤسساتي للإعلام في المغرب - المركز الديمقراطي العربي, consulté le mai 22, 2025, https://www.democraticac.de/?p=48148
7. تقديم الهيئة - HAICA, consulté le mai 22, 2025, https://haica.tn/ar/%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9/
8. دور الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري | Haute Autorité de la Communication Audiovisuelle, consulté le mai 22, 2025, https://www.haca.ma/ar/node/1368
9. بنسعيد يؤكد الانخراط في إصلاح مدونة الصحافة وتعزيز استقلالية الإعلام - Hespress, consulté le mai 22, 2025, https://www.hespress.com/%D8%A8%D9%86%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D9%8A%D8%A4%D9%83%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%B7-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84-1559758.html
10. ندوة تقارب واقع الإعلام المغربي وتحذر من خطورة انتشار الأخبار الزائفة - Hespress, consulté le mai 22, 2025, https://www.hespress.com/%D9%86%D8%AF%D9%88%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%B0%D8%B1-1518308.html
11. المؤتمر الدولي للتحول الرقمي ISDTM2024 رؤية جديدة لمستقبل الإعلام المغربي - صحيفة بلوس, consulté le mai 22, 2025, https://sahifaplus.ma/archives/13243
12. انقر هنا للتعرف على الاستراتيجية الوطنية "المغرب الرقمي 2030" - الوظيفة العمومية, consulté le mai 22, 2025, https://www.mmsp.gov.ma/ar/ActualitesAr/strategieDigitalMorocco2030
13. التنظيم الذاتي للصحافة المغربية: بين طموحات المرسوم 2.24.1143 ..., consulté le mai 22, 2025, https://al-intifada.com/archives/261880
14. cnp.press.ma, consulté le mai 22, 2025, https://cnp.press.ma/wp-content/uploads/2022/03/2019-1.pdf
15. تعرفوا إلى واقع حرية الصحافة في المغرب | شبكة الصحفيين الدوليين, consulté le mai 22, 2025, https://ijnet.org/ar/story/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%88%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8
16. هل دخل التنظيم الذاتي للصحافة إلى النفق المسدود؟ – MIPA Institute, consulté le mai 22, 2025, https://mipa.institute/?p=10598
17. التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة - المرجع الالكتروني للمعلوماتية, consulté le mai 22, 2025, https://almerja.com/reading.php?idm=262065
18. التنظيم الذاتي للصحافة... الاستقلالية هي الأساس - Maharat Magazine, consulté le mai 22, 2025, https://magazine.maharat-news.com/selfregulationindependent
19. The System of Media Ethics in Sweden - Medieombudsmannen, consulté le mai 22, 2025, https://medieombudsmannen.se/english/
20. تصورات الصحفيين لمفهوم "التنظيم الذاتي" وآلياته وإمکانية تطبيقها في المؤسسات الصحفية المصرية - المجلة العلمية لبحوث الصحافة, consulté le mai 22, 2025, https://sjsj.journals.ekb.eg/article_91084.html
21. Media Self-Regulation in the Use of AI:-limit-ation of Multimodal Generative Content and Ethical Commitments to Transparency and Verification - MDPI, consulté le mai 22, 2025, https://www.mdpi.com/2673-5172/6/1/29
22. قانون إحداث المجلس الوطني للصحافة - نصوص القانون المغربي - الأستاذ عبد العزيز منديلي, consulté le mai 22, 2025, https://mandili.net/code/90-13/
23. هل دخل التنظيم الذاتي للصحافة إلى النفق المسدود؟ - MIPA Institute, consulté le mai 22, 2025, https://mipa.institute/10598
24. نادية تهامي: التنظيم الذاتي للصحافة في أزمة والإصلاح الإعلامي رهين بالإرادة السياسية, consulté le mai 22, 2025, https://ar.telquel.ma/%D9%86%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%81%D9%8A/
25. consulté le janvier 1, 1970, https://www.hespress.com/%D8%A8%D9%86%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D9%8A%D8%A4%D9%83%D8%AF-%D9%8A%D8%A4%D9%83%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%B7-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84-1559758.html
26. أنظمة التنظيم الذاتي في الصحافة – الدليل الإعلامي - Media Guide, consulté le mai 22, 2025, https://mediaguide.fi/mediaguide/%D8%A3%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9/
27. Press Council Roles: Definition & Principles | Vaia, consulté le mai 22, 2025, https://www.vaia.com/en-us/explanations/media-studies/media-ethics-and-regulation/press-council-roles/
28. German Press Council - Presserat, consulté le mai 22, 2025, https://www.presserat.de/en.html
29. Germany - (E7) Code of ethics at the national level - The Media for Democracy Monitor, consulté le mai 22, 2025, https://euromediagroup.org/mdm/reports/ed2020/germany-e7-code-of-ethics-at-the-national-level/
30. The Future of the Nordic Media Model: A Digital Media Welfare State? - Simple search, consulté le mai 22, 2025, http://norden.diva-portal.org/smash/get/diva2:1846333/FULLTEXT01.pdf
31. Mass media in Sweden - Wikipedia, consulté le mai 22, 2025, https://en.wikipedia.org/wiki/Mass_media_in_Sweden
32. NORDICOM - International Journal of Communication, consulté le mai 22, 2025, https://ijoc.org/index.php/ijoc/article/download/8743/2280
33. التنظيم الذاتي للصحافة العربية... النظام البيئي مفقود - Maharat Magazine, consulté le mai 22, 2025, http://magazine.maharat-news.com/selfregulationmena
34. Regulation, Self-Regulation and Co-Regulation in Media and Gender Equality | The Communication Initiative, consulté le mai 22, 2025, https://global.comminit.com/content/regulation-self-regulation-and-co-regulation-media-and-gender-equality







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد كيف يحدد ترامب الجدول الزمني لكل شيء تقريبًا بـ-خلال أس ...
- ماذا نعلم عنه؟.. مقتل ضابط روسي بارز بانفجار داخل روسيا
- مسؤول إسرائيلي يكشف لـCNN الموافقة على اقتراح أميركي لوقف إط ...
- كيف يساعد الغرب روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا؟
- في تحد للسلطة.. نساء إيران تحملن -نعش الحجاب- إلى مثواه الأخ ...
- الخارجية الروسية: نأمل أن تحذو كييف حذو موسكو في جدية التفاو ...
- موسكو: فريق ترامب يتعامل مع روسيا بعقلانية وبراغماتية أكثر
- العليمي يروي لـRT قصة أربع طائرات دمرتها إسرائيل في مطار صنع ...
- -مبعوث الرب-.. منشور غامض من الرئيس الأمريكي يثير الجدل
- -الاعتراف بدولة فلسطين مطلب سياسي-.. ماكرون يدعو لتشديد المو ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعالي الجابري - وضعية الاعلام المغربي ومستقبل التنظيم الذاتي ... تحديات ومسارات الاصلاح