رغم الإرهاب الإسلامي: عدد الألمان الذين يدخلون الإسلام تضاعف أربع مرات خلال سنة واحدة

ليندا حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1806 - 2007 / 1 / 25 - 05:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

مع أنها ليست سوى مظاهر خارجية إلا أن "كاي لير" يبدو وكأنه في المكان الخطأ. راكعا مع رجال ملتحين متوجها صوب مكة. يلبس لير الجينز وسترة رمادية، يبدو وجهه حليقا. كان بالإمكان التخمين بأنه زائر من الجوار المسيحي بغرض حوار الثقافات ليس إلا لولا إتقانه الكبير لطقوس الصلاة الإسلامية. يسجد ويصلي بالعربية: "الحمد لله، سمع الله لمن حمده." يسجد لير يعتدل، يركع ثم يعتدل.. هكذا 33 مرة.

قبل سنتين ونصف تحول الطبيب المختص كاي لير مع زوجته إلى الإسلام. ومن حينها صار اسمهما: كاي علي رشيد، وكاترين عائشة لير. ومنذ ذلك الوقت يأتي لير بانتظام إلى جامع قرب كولونيا. هنا يصلي مغاربة وفلسطينيون واثنان آخران تحولا للإسلام أيضا، ملاكم متزوج ومهندس. "في كل جامع ستلاقي بعض المسلمين من أصل ألماني" يقول لير.

انطباع لير من كولونيا يؤكد دراسة عن الحياة الإسلامية في ألمانيا، والتي ستنشر قريبا. تظهر الدراسة أنه في وقت تزايد فيه الخوف من الإرهاب، والنقاش حول قضايا الإكراه على الزواج وجرائم الشرف، يبدو من المثير أن حوالي 4000 شخص بين حزيران يوليو 2004 وتموز يونيو 2005 قد تحولوا للإسلام في ألمانيا.

الدراسة مولتها وزارة الداخلية، ونفذها مكتب
Islam-Archiv
في زويست ( غربي ألمانيا ). إلا أن الأكثر إثارة في النتائج كان تضخم عدد الذين دخلوا الإسلام ـ أربعة أضعاف مقارنة مع العام السابق.

4000 متحول إلى الإسلام، هذا يعني أن البيانات المتوافرة حتى وقت قريب لم تعد كافية لرسم الصورة. إذ أنه قبل ثلاث سنوات، كان معدل المتحولين للإسلام 300 شخص سنويا معظمهم من النساء " اللواتي كن قد تزوجن من رجال مسلمين " كما يروي سالم عبد الله من مكتب
Islam-Archiv
اليوم أكثر الذين يدخلون إلى الإسلام يدخلونه " بإرادتهم الحرة " يقول عبد الله، كثير من النساء وأيضا كثير من الأكاديميين، مواطنون مثل كاي لير.

لير الذي عُمّد وتربى على الديانة المسيحية، فتح بعد دراسته عيادة للطب العام والعلاج الطبيعي. كان يكسب جيدا وتزوج من راقصة المسرح كاترين، وانتقلا للعيش في منزل واسع. ثم أتى وقت لاحظ فيه الزوجان أن شيئا ما ينقص. " عندما يزور عيادتي مصابون بأمراض مستعصية، فاقدون لأي أمل، فإن هذا يدفعني لفقدان الإيمان أحيانا " يقول لير. اطلع لير على المسيحية، البوذية والدلاي لاما لكنه لم يجد ما يبحث عنه.

"ما حدث للير هو الشائع" يقول محمد هيرتزوج، يكونون قبلها مسيحيين مؤمنين ثم يأتي وقت يفقدون فيه إيمانهم بدينهم. محمد هيرتزوج الإمام من برلين، كان قبل هذا قسا إنجيليا، دخل الإسلام عام 1979. كذلك الأمر في مجموعته المسلمة يقول هيرتزوج بأن متحدثي اللغة الألمانية قد رفعوا كثيرا عدد المتحولين إلى الإسلام فيها. قبل حوالي عشر سنوات كان عدد الذين يدخلون الإسلام 50 سنويا. اليوم تضاعف هذا الرقم مرتين. " نادرا ما تجد بينهم شخصا لم يكن يؤمن بالله من قبل ".

عالمة الاجتماع الديني مونيكا فولراب ـ سار كانت قد أجرت أبحاثا عن المتحولين إلى الأديان الأخرى في ألمانيا والولايات المتحدة. وهي تقول بأن ما يدفعهم لهذا الاختيار هو التواصل والاحتكاك مع المجموع. كذلك يلعب البحث عن الاختلاف دورا في هذه الخيارات "البعض يريد أن يصبح مختلفا عن الآخرين"

الالتزام الصارم بالمسيحية يؤمن هذه الشروط، لكنها مع الإسلام أكثر تحققا. ـ تفسر مونيكا فولراب سار ـ وبسبب النقاش الحامي عن المسلمين، سواء ذلك الدائر عن محاولة تفجير القطارات في دورتمند أو بسبب إلغاء عرض الأوبرا في برلين فقد تحول الإسلام إلى موضوع دائم في وسائل الإعلام. "هذا الأمر ساعد في طرح الإسلام وتقديمه أكثر من غيره من الديانات".

أين تكمن خصوصية الإيمان بالإسلام بالنسبة لمسيحيين متزوجين؟ يصعب جمع الأسباب بكلمة واحدة.
يرى سالم عبد الله أنه ربما يكون رد فعل متحدٍّ للانتقاد المستمر للإسلام، لكنه يعرف بالمقابل أشخاصا دخلوا الإسلام بعد تقييمهم لتعليمات القرآن وتعريفه للخير والشر. الطبيب لير الذي يضع سجادة الصلاة في سيارته الروميو ألفا ج ت ينتقد هبوط القيم في المجتمع الغربي: "في الإسلام ما تزال القيم موجودة". حصيلة التصادم بين القيم المسلمة والقيم الأساسية للغرب تكون أحيانا مُرضية (بضم الميم). السؤال هنا: إلى أي حد يكون هؤلاء ملتزمين بتعليمات الكتاب المقدس؟ " يميل المتحولون إلى الإسلام إلى تنفيذ تعاليم دينهم بحذافيرها، وغالبا ما يكون المسلمون الذين ولدوا أصلا في عائلات مسلمة أكثر انفتاحا ".. تشرح باحثة الاجتماع فولراب ـ سار.

في مكتب محاماة في هامبورغ سيلفت انتباهك سلوك مثير للحيرة. نيلز فون بيرجنر، 36 عاما، يصلي يوميا خمس مرات لله. المكتب يتقاسمه فون بيرجنر المتحول إلى الإسلام مع صديق تركي، علي أوزكان المسلم. ورغم أن الاثنين يذهبان معا للجامع، إلا أن سجادة الصلاة تُفترش للصلاة بشكل منتظم فقط في مكتب الألماني. "هذا ما لا أستطيع إنجازه" يقول أوزكان "الصلاة الأولى عند الساعة السادسة فجرا وهذا النسبة لي وقت مبكر جدا جدا"

منذ مدة كانا مدعوين لتناول حلويات، وكان بينها تيراميزو (حلوى إيطالية). بيرجنر تردد بسبب احتوائها على الكحول. "أنا قلت: أنت لست جادا بالتأكيد!" يقول أوزكان. "تناول واحدة هيا، هذا الكحول ليس إلا بهار." لكن بيرجر لم يأكل.

Lutz Ackermann
المقال منشور في "دير شبيغل" 15 كانون الثاني يناير 2007
الترجمة عن الألمانية ليندا حسين

#ليندا_حسين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات