أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون جنا - معركة الأيادي














المزيد.....

معركة الأيادي


ميسون جنا

الحوار المتمدن-العدد: 8337 - 2025 / 5 / 9 - 19:15
المحور: الادب والفن
    


الأيادي

قصة قصيرة بقلم د ميسون حنا

كنت ماشيا في طريقي إلى وظيفتي، الشوارع لا زالت مضيئة، عما قليل سأصل موقفا لحافلة تقلني إلى
عملي، لمحت رغيفا على الرصيف، ونفسي الأمارة بالسوء جعلتني أتوقف قربه، ووسوسة شيطانية و
تحثني لألتقطه ، انحنيت ومددت يدي إذ بأياد كثيرة تسابقني إليه، تشابكت الأيادي، بينما سحبت يدي
وانتحيت جانبا، لم أشأ العراك مع أياد لا أميز أصحابها، وقفت أراقب المعركة، وعما سترسي إليه إذ بيد
كبيرة تطرد جميع الأيادي وتتربع فوق الرغيف الذي تفتت، وتناثرت أشلاؤه، ضحكت اليد الكبرى ثم
تناولت أكبر كسرة من الرغيف واختفت، وحذت بقية الأيادي حذوها ، وتناولت كل واحدة كسرة
وانسحبت، تمنيت من آعماقي أن يبقو لي شيئا، تفرقت جميع الأيادي بعد أن مشطت الفتات، نظرت إلى
مكان الرغيف الفارغ، ومددت يدي وحفنت قبضة رمل نثرتها في الجو وواصلت دربي إلى موقف
الحافلة، صعدت إليها، المقاعد مأهولة بركاب سبقوني، وقفت مع أناس غيري يحتشدون ، لم آبه باهتزاز
الحافلة، كنا متلاحمين، أحدنا يسند الآخر، لمحت شابا يحمل رغيفا يشبه ذاك الذي لمحته على الرصيف،
تسللت من بين المحتشدين في وسط الحافلة، واقتربت منه، نظرت إليه باهتمام وشغف، وسألته أين وجد
هذا الرغيف؟ نظر إلي باستهزاء ولم يجب، أدركت بلاهة سؤالي، لكن الغريب أن أحدهم سأل ذات
السؤال، ثم تكرر السؤال على لسان كل راكب من الركاب. دس الرجل الرغيف في صدره، وسد أذنيه
ممتنعا عن الإصغاء لسؤال ملحاح يؤرقه، فكرت … الراتب بعيد، وبالتالي الرغيف بعيد كذلك، وهذا
الرحل يحتضنه، ويدسه في صدره، ويستدفيء به . نظرت إليه مستغربا، حانقا، حاسدا، حائرا ...آسفا
لسوء طالعي الذي يبعدني عنه … ما علينا، توقفت الحافلة، نزلنا منها، وتوجه كل إلى غايته، وصلت
عملي، كنت متأخرا، أنبني المدير، أخبرته عن معركة الأيادي التي بسببها تأخرت، نظر إلي مستهزئا
وقال : كف عن أعذار لا يصدقها العقل، ويرفضها المنطق، هممت بالانسحاب ، تلكأت ، فوقع نظري
على مكتبه إذ برغيف ساخن أمامه، شدني منظره، وجذبتني رائحته، توقفت أنظر إليه مندهشا وباشا …
صرخ المدير : ما بك ؟ إذهب وباشر عملك فورا، انسحبت منكسا رأسي وبدأت يومي مكتئبا، نظر إلي
زميلي وسألني عما يعكر صفوي، أخبرته عن معركة الأيادي، وعن رغيف المدير، وحتى عن رغيف
ذلك الرجل في الحافلة، نظر إلي وهز رأسه بأسى كمن يرثي اختلال عقلي، ولكني لست مختلا، بدليل
أني أسرد حكايتي بأدق تفاصيلها، أصابني كرب إذ لم يصدقني، وأخبرت زوجتي لم تصدق هي الأخرى
مما زادني كآبة، وخصوصا آنها اتهمتني باللامبالاة ، نعتني بأنني عديم المسؤولية إذ لم أحضر خبزا
للبيت، الشهر في منتصفه. جيبي فارع ، نظرت إليها متبلما ، صرخت : ماذا تنتظر؟ أحضر خبزا .
تسللت من أمامها وغادرت المنزل، توجهت إلى الرصيف حيث وجدت الرغيف صباحا، علني أجد
غيره، وقفت في ذات المكان الذي شهدت فيه معركة الأيادي … لم أر غير الرمل والوحل.خلا الشارع
من المارة كذلك، وقفت أنتظر رغيفا يسقط من السماء، والسماء لا تُسقط غير المطر، ابتللت وعدت إلى
منزلي، تسللت من أمام زوجتي، وأوصدت باب غرفتي دوني، ولم آبه بقرعها على الباب، ولا
بصراخها، وشتائمها، وانزويت في ركن من الغرفة أحلم برغيف على الرصيف .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثية الحبال


المزيد.....




- مهرجان أفلام المقاومة.. منصة لتكريم أبطال محور المقاومة
- بعد أشهر من قضية -سرقة المجوهرات-.. الإفراج عن المخرج عمر زه ...
- الإمارات.. إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي باللغة العربية
- 6 من أبرز خطاطي العراق يشاركون في معرض -رحلة الحرف العربي من ...
- هنا أم درمان.. عامان من الإتلاف المتعمد لصوت السودان
- من هنّ النجمات العربيّات الأكثر أناقة في مهرجان كان السينمائ ...
- كان يا ما كان في غزة- ـ فيلم يرصد الحياة وسط الدمار
- لافروف: لا يوجد ما يشير إلى أن أرمينيا تعتمد النموذج الأوكرا ...
- راندا معروفي أمام جمهور -كان-: فلسطين ستنتصر رغم كل الظلم وا ...
- جبريل سيسيه.. من نجومية الملاعب إلى عالم الموسيقى


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون جنا - معركة الأيادي