|
جدلية فصل الدين عن السياسة
محمود المفرجي الحسيني
الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 17:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تمهيد بلا شك ان مفهوم فصل الدين عن السياسة هو المفهوم السائد في العالم، والمترسخ في ذهنية المجتمع الدولي ومن خلفه الدول الكبرى التي تحكم العالم وتتحكم في مصيره. وترسخ هذا المفهوم في عصرنا الحاضر من خلال موجة الارهاب التي ضربت العالم، او قل ضربت العالم الاسلامي، فاصبح اي اعتقاد اسلامي هو نوع من انواع الارهاب لابد من القضاء عليه. وفعلا وضع المجتمع الدولي كل التوجهات الاسلامية التي تدعو الى التحرر ونبذ الظلم او مقاومة المحتل على لائحة الارهاب، في حين وضعت الاطراف الظالمة او المحتلة التي تقتل الشعوب وتدمرها وتشردها على لائحة الدفاع عن حق عيشها، وما يحدث في فلسطين من اجرام صهيوني امريكي شاهد على ذلك. كما فرض هذا المفهوم ووصل الى الدول العربية الاسلامية وفرض على حكوماتها التي منعت تعاطي الدين في السياسة، وصدرت هذه الدول قوانين واحكام وقرارات تجرم تعاطي الدين مع السياسية، ومنها العراق في زمن حزب البعث المجرم الذي حبس الدين في المساجد والحسينيات ومنع من ان يكون صوته عاليا لكي لا يفضح ممارساته وجرائمه التي ارتكبها بحق الشعب العراقي. وعلاقة هذا المفهوم ببحثنا كونه احد الاشكاليات التي اطلقها البعض من المعتقدين بما يسمى التيار المدني او العلماني، المؤمنين كل الايمان بان على رجل الدين ان لا يتدخل بالسياسة لانه يفسد المجتمع، ومثلما وصفه الملحد العراقي خزعل الماجدي، بقوله، ان "المتدين انسان بدائي يكرر حركات غيره ويعيش حاضرا مصادرا من قبل الماضي وان حاضره غير موجود لانه مشغول بتكرار الماضي ونسخه والعودة اليه، وان الذين يعودون من الماضي يخافون من مواجهة الحاضر...". وهذا الامر قد يكون مناسبة للدخول في هذا البحث لمناقشة مفهوم فصل الدين عن السياسة من اغلب جوانبه وتبيين حقيقته، وهل ان هذه الدعوة هي صادقة من المنظور العملي؟ ام هي كذبة من الاكاذيب التي اطلقتها الايديولوجية العالمية لقهر الشعوب؟
فصل الدين عن السياسة في الفكر الغربي مفهوم فصل الدين عن السياسة مفهوم قديم انطلق في العصور الوسطى، ويعني لا سلطة للدين على الحكم والشؤون السياسية باعتبار ان الدين رسالة روحية تنحصر بالعلاقة بين البشر وبين الرب، اما الحكم فهو ممارسة ادارية يُسير من خلالها الحكام ومؤسساتهم وشؤون بلادهم ومراعاة مصالحها بعيدا عن اي منطلق ديني. ما يعني ان المؤمنين بفصل الدين عن السياسية يفصلون تماما الجانب الروحي والاعتقادي باي جانب عملي انساني، ويرون ان سلطة السياسة مفصولة تماما عن سلطة الرب عن البشرية. وهذا المفهوم اتى نتيجة التحولات الفكرية والسياسية والعلمية التي شهدتها القرون السابقة والتي احدثت انقلابا على استبداد السلطات السياسية والدينية والإقطاعية التي كانت تهيمن على حركة الدولة والمجتمع. وفي بدايات عصر التنوير الى القرن الثامن عشر الذي ارتفعت فيه حدة المطالبة بالإصلاح الديني وتغليب مكانة العقل، وتحول هذا الامر الى صراع محتدم بين عدد من التيارات الفكرية التي قدمت نفسها على انها من أنصار المنهج العقلاني وبين متبني التعصب الديني المعارضين للإصلاح الديني، إثر كتابات عدد من الفلاسفة الذين طالبوا بسيادة العقل وفصل الدين عن السياسة وادارة الدولة، ومن ابرزهم الفلاسفة الفرنسيين كانوا اكثر عدائية للدين، فاتخذوا منحا تدميريا إلحاديا. وهناك الكثير من الفلسفة الغربيين منذ بدايات العصور الوسطى كتبوا عن هذا المفهوم وطرحوا نظيرات كلا حسب مفهومه، مثل سقراط وارسطو وشارل مونتسكيو الذي كان له تأثير كبير في تطور النظرية السياسية والعلوم السياسية الحديثة، وربما ان مارتن لوثر الذي عاش بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر اكثر المتمردين على الكنيسة رغم انه راهب ألماني وقس وأستاذ لاهوت، فضلا عن انه يعد مُطلق عصر الإصلاح في أوروبا وخاصة بعد انتقاده صكوك الغفران التي تصدرها الكنيسة الكاثوليكية. وتعرض الى النفي بعد ان نشر في عام 1517 بطلب البابا ليون العاشر عام 1520 والإمبراطور شارل الخامس إلى النفي والحرمان الكنسي وإدانته مع كتاباته بوصفها مهرطقةٍ كنسيًا وخارجةٍ عن القوانين المرعيّة في الإمبراطوريّة، بعد ان رفض التنازل عن رسالته المتضمنة خمسِ وتسعين قضيةً تتعلق بلاهوت التحرير وسلطة البابا في الحل من "العقاب الزمني للخطيئة". اما الفيلسوف فولتير الذي عاش بين القرنين السادس عشر والسابع عشر ويوصف بانه احد رواد التنويريين الاوربيين، فكانت افكاره متناقضة بين دعواته الى حرية العقيدة وبنفس الوقت انتقاد الكنيسة والتعصب الديني وادعائه محاربة الخرافات التي تنطلق من المتدينين، فضلا عن وانتقاده فلسفة الشك التي كان يتبناها ديكارت وتأييده الى اسلوب الفيلسوف الانكليزي اسحق نيوتن للمنهج العلمي التجريبي. وافكار فولتير تعد احدى الافكار التي غذت الثورتين الفرنسية والامريكية، لكن هذه الافكار تتسم بالضبابية في كثير من الاحيان، فهو يعلن ايمانه بوجود خالق للكون لكن بنفس الوقت يؤمن بوجود الطبيعة، بدون ان يوضح ما اذا كانت الطبيعة خلقت نفسها بنفسها ام ان هناك من خلقها، وهذا المنهج اقرب الى الالحاد لاسما وان متبنياته تعتبر ان النصوص الدينية هي اسس صنعها الانسان وليس الخالق. ورغم ايمانه بان الدين ضامنا ضروريا للنظام الاجتماعي، الا انه يؤمن بان الانسان يملك ارادة حرة منسجمة مع قوانين الطبيعة. بكل الاحوال ان جميع هذه الفلسفات التي طرحت حول الاشكالية بين الدين والدولة، وبين الجانب الروحي والجانب السياسي تعتبر ان النصوص الدينية غير مناسبة كمهج قانوني تضمن الحياة المناسبة لمعيشة الانسان وعلاقته مع محيطه والمجتمع الذي يعيش فيه. وهذا المنهج عبر عنه الفيلسوف الفرنسي دنيس ديدرو الذي عاش في القرن السابع عشر، الذي يعد من اكبر المنقلبين على الدين واكبر المتصدين للكنيسة وخاصة بعد تشكيكه في معجزات المسيح عليه السلام، مما دفع السلطات في حينه على منع افكاره وحجبها عن الناس. ولم يخفي ديدرو منهجه الالحادي الصريح المعادي للمؤسسة الدينية ودعواته الى التحرر من ما اسماها الخرافات والعبودية الدينية، فهو من قال مقولته المشهورة: لو قطعنا 20 رأسا للتعصب الديني، فسوف تنبت له رؤوس جديدة، ولذلك يجب حسم الأمر معه كليا. وهناك الكثير من الفلاسفة تأثروا بافكاره أمثال هيجيل وماركس، وانتقاداته لنظام عبيد الإمبراطوري الأوروبي الذي يضطهد الأفارقة، ودعا إلى الديمقراطية وتوزيع السلطة من أعلى إلى أسفل، وإلغاء عقوبة الإعدام، ودافع عن لامركزية السلطة السياسية. وبكل الاحوال هذه الافكار انطلقت بعد سلطة الكنيسة التي هيمنت على الحياة في اوربا لسنوات طويلة، كونها تستمد شرعيتها وقوتها من الدين المسيحي "الحاكم بارادة الله"، رغم ظهور اجيال من رجال الدين الفاسدين الذين جنوا ثروات هائلة عن طريق العشور والعطايا الهائلة، والمدعومة من سلكتهم المطلقة التي تبيح لهم تهديد اي نبيل او اي بلدة بمن فيها. اقول- ان هناك فرق كبير بين هيمنة الله على البشرية ووجوب الالتزام بتعاليمه وسريانها على جميع البشر مهما علا او قل شانهم بصورة متساوية، وبين هيمنة رجل الدين الذي يتخذ من تعاليم الله منهجا لمصالحه الشخصية، فمن الطبيعي عندما تتصدر المصالح الشخصية المنطلق من اي بشر ان كان بسيطا او رجل دين يظهر الظلم وتعم الطبقية، انطلاقا من الفلسفة المتفق عليها بان الانسان مجبول على حب ذاته. وهذه الاشكالية ربما تجرنا عمدا الى الاشكالية بين القوانين الإلهية الواجبة التطبيق وبين القوانين الوضعية التي يضعها الانسان لنفسه، فالقوانين الالهية وضعت لجميع البشرية في جميع الازمان والعصور لتطبيقها بعدالة عليهم جميعا بدون اي تمييز لغني على فقير او نبيل على بسيط او مالك على اجير، في حين ان الذي يضع القانون الوضعي سيشرعه بصورة تنسجم مع مصالحه الشخصية المتجاهلة لمصالح الاخرين من البشر الذين يعيشون معه في نفس العصر. والفلسفة الاسلامية للدين والسياسية ليست بعيدة فقد تناولتها بشكل ملفت ومعمق، اذ تبنت منهجية رصينة غايتها ضمان الحياة السعيدة للمجتمع، وتتصدر فيها قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والحرية المنسجمة مع الطبيعة الانسانية والسلام وغيرها من الاسس التي يحلم بها اي انسان على مستوى الفرد والجماعة. وبقولنا ان الفلسفة الاسلامية انطلقت بعمق في هذه النظرية، لانها بُنيت على دراسة متكاملة للقدرة الانسانية ومدى امكانياتها لتطبيق مفاهيم القيم الضامنة للحياة السعيدة، مثل عدم تجاهل صفتي التكامل والنقص التي يتصف بها الانسان ووضعها كأساس للانطلاق بفلسفة بناء الحُكم الرشيد. ورغم ان الفلسفة الاسلامية اكدت على ان الانسان له القدرة على التطور واكتشاف السبل التي ترفع من قيمته كانسان في الحياة وتضمن له اساليب الرفاهية وتطويرها، الا انها بنفس الوقت اكتشفت جوانب عجزه ونقصه، مثل النقص الفكري والجسدي والتطبيقي. ومن هنا ثَبَتت هذه النظرية بان الانسان، مهما وصل الى اعلى دراجات التطور الا انه يبقى كيان ملئ بالنقص ولا يمكن له ان يصل الى اعلى درجات الكمال، لوجود انفعالات وصفات يتصف بها الانسان تمنع وصوله الى درجة الكمال المطلق التي تؤهله لادارة شؤونه بدون توجيه او قوانين توضع من طرف اخر يتصف بالكمال المطلق يسير عليها الانسان. وكيف للإنسان ان يصل الى اعلى درجات التكامل، وهو مجبول على حب الذات وتتغلغل في تركيبته غرائز الانانية والغرور والنرجسية والكِبر وحب المال والجنس وغيرها من الغرائز. ان غريزة حب الذات أخطر الصفات الفطرية التي يتصف بها الانسان الذي يحاول دائما جر المصالح لنفسه بدون مراعاة مصالح الاخرين، فتراه يلهث وراء منافعه ويحرص على تعظيمها ويتخذ من يقف بوجه طريقه عدوا له ويرى ان الصراع مع هذا العدو مشروعا ومبررا بدون النظر للقيم الاخلاقية في التعامل مع اترابه من بني البشر. كما ان الانانية هي مرض اخر ربما اخطر من الاول رغم التشابه على مستوى الانفعال، ويدفع الانسان فطريا ايضا الى محاولة الحصول على ما هو جيد له من الاخرين، واطلاق العنان لغريزة حب الذات لتوجه شخصيته وعلاقته بالأخرين فهذه الغريزة عمياء كبقية الغرائز الاخرى ليس لها مركز سيطرة وانما يتم السيطرة عليها وضبطها بالعقل وقوة الارادة. وخطر هذه الغريزة قد يفوق خطر كل غريزة لانها تسخدم بقية الغرائز لاشباع نفسها فتتفجر غريزة الجنس وغريزة عدم السيطرة وغريزة الغضب، وعلاجها قد يؤدي الى الحد من طغيان الكثير من الغرائز الاخرى في الانسان ذلك ان التطرف في حب الذات الذي يسمى بالانانية او عبادة الهوى والذات هو في الواقع مرض مسبب لامراض اخرى ، ومن هنا تكمن اهمية معالجة هذا المرض الخطير على الانسان وعلى المجتمع.( ) واذا نظرنا الى مجموع هذه الصفاة القبيحة السيئة التي يتسم بها الانسان، سنتوصل الى انه غير مؤهل تماما لإدارة شؤون مجتمع كامل وينشر فيه القيم الضامنة للحياة السعيدة للجميع بكل عدالة وسماحة وشفافية، وغير مؤهل على تشريع قوانين ضامنة كأساس لتطبيق هذه القيم بدون اي تمييز. واذا تناولنا موضوع القوانين الوضعية التي يشرعها الانسان بنفسه، فان من يضع هذه القوانين هم بشر حالهم حال الاخرين ويملكون نفس الصفاة والامراض التي يملكها الاخرين من حب الذات والانانية والغرور والنرجسية، مهما كانت مستوياتهم الثقافية والعلمية متقدمة على الاخرين. وعندما يقوموا بسن القوانين، فانهم يقومون بسنها حسب مصالحهم كأفراد وليس بالنظر لمصالح الاخرين الذين يعيشون معهم في نفس المجتمع، فكل مشرع من هؤلاء المشرعين تجره نفسه الى وضع احتياجاته هو في هذه القوانين وليس احتياجات الاخرين. وهذا يؤكد كمية التفاوت بين انسان واخر من ناحية التفكير ومن ناحية الحاجة ومن ناحية الرغبة ومن كل النواحي التي تفصل نوازع انسان عن انسان اخر، فمثلا لو طلبنا من انسان كتابة عقد شراكة تجاري يجمعه مع انسان اخر، فانه بالتأكيد يكتبه حسب مصلحته هو بدون النظر الى مصلحة شريكه الذي من المفترض ان له من الحقوق ما يملكه هو، وله من الواجبات ما يملكه هو. وهناك مثال اخر اكثر وضوحا، متمثل بإحدى الدول الاسلامية العربية التي عانت عقود طويلة من الظلم وعدم المساواة والتمييز الطائفي والعرقي وتعرض ابنائها للقتل والسجن والاعدامات العشوائية، على يد النظام الدكتاتوري الذي كان يحكمها. وعندما سقط هذا النظام الدكتاتوري، قام برلمانهم الجديد الذي يحتضن الاطراف السياسية التي كانت معارضة للنظام الدكتاتوري، بتشريع اول القوانين التي تضمن حقوقهم وحقوق احزابهم قبل تشريع اي قانون لصالح شعبهم ووضعوا لأنفسهم امتيازات فاحشة ورواتب عالية، وضمنوا لأنفسهم اساليب الرفاهية من بيوت وعقارات وسيارات وحمايات ومنافع اجتماعية قبل ان يتفقوا على تشريع دستور جديد للبلاد على اطلال الدستور السابق الذي وضعه النظام الدكتاتوري السابق، وبقي مجتمعهم يعاني لحد هذه اللحظة من ضياع الحقوق وعدم المساواة والتمييز وعدم تكافؤ الفرص، وبقي بلدهم يعيش في ظل فساد فاحش لا يستطيع احد اجتثاثه. وعلى اثر ذلك توصلت الفلسفة الاسلامية بان الانسان غير مؤهل تماما لإدارة شؤون مجتمعه بنفسه بدون وجود الكمال المطلق الذي وضعته كأساس لنشر القيم الضامنة للحياة السعيدة للبشرية، وهذا الكمال لا يمكنه ان يكون موجودا الا عند الخالق عز وجل، ومن باب "حامل الحاجة اولى بحملها". وهنا برزت الحاجة للدستور والتشريع الالهي المتمثل بكتاب الله (القرآن الكريم) الذي يعد هو المنزل من قبل مصدر التشريع (الله سبحانه) وليس الشعب كما تقر بذلك العلمانية والانظمة الديمقراطية الحديثة التي تغزو الدول والحكومات في عصرنا الحالي. لكن الفلسفة الالهية في الدين الاسلامي، تعي بان الدستور الالهي (القرآن)، يمكن ان يخضع للقصور الانساني في فهم القوانين والتشريعات الواردة فيه وامكانية حمله على اكثر من وجه، وتفسيره كلا حسب مصاله الشخصية. وهذه اشكالية اخرى لم تغفل عنها السماء ووضعت لها حلولا ناجعة تضمن قيم العدالة والعيش الرغيد لكل البشرية. ومن هذا المنطلق فان شريعة السماء وفق النظرية الاسلامية، منحت الانسان الحرية الكاملة في ممارسة حياته بكل شيء، لكنها سلبت منه اثنين لا ثالث لهما، وهما التشريع واختيار الحاكم الذي يحكمه، فليس له الحق بتشريع دستوره بنفسه، وليس له الحق باختيار الحاكم الذي يحكمه. وهذه الفلسفة الالهية هي نفسها التي يؤمن بها المذهب الجعفري الاثنى عشري، التي تؤمن تماما بالقرآن كدستور الهي ينظم الحياة ويستمد منه التعاليم والعلاقة بين جميع البشر وتنظيم حياتهم، ويؤمن بان هذا الدستور العظيم لا يمكن تطبيقه الا من قبل انسان الهي متمثل برسول الله صلى الله عليه واله، والائمة المعصومين عليهم السلام من بعده. ووفق هذا المبدأ فان الفلسفة الاسلامية في الدين والسياسة لم تفصل بينهما قيد انملة، وتؤمن بان الدين هو الجهة التنظيمية للسياسة، وان المفهوم السياسي لا يختص بالذي يعُبر عنه حاليا بالمعترك السياسي المحصور بالأحزاب والصراع على الحكم، انما السياسة هي مفهوم جامع لكل جوانب الحياة، بدء من شؤون الفرد وحياته وعلاقته باسرته وعلاقة بباقي افراد المجتمع، وادارة المصالح ان كانت على مستوى الافراد او الجماعة. لهذا لم يغفل الدستور الالهي (القرآن الكريم)، عن اي شيء وبأدق التفاصيل الا وتناوله ووضع له تشريعات تنظيمية، بالانسجام مع الغاية العظيمة التي خلق من اجلها الانسان الذي فضله الله سبحانه على باقي المخلوقات. والا من العبث ان يقوم الله سبحانه بخلق انسان ويكرمه بأفضل تكريم ويفضله على باقي مخلوقاته ويزرع في ذاته القيم الرفيعة والاخلاق الحميدة والفطرة النظيفة، ثم يترك له الحبل سائبا ويسمح له بارتكاب المظالم وارتكاب الجرائم بمختلف مستوياتها.
الأمم المتحدة واعترافها بكذبة فصل الدين عن السياسة كانت تجربة الدولة الإسلامية في فترة حكم الامام علي عليه السلام، اكثر التجارب عدالة في التاريخ، من خلال نشرها لقيم العدالة والمساواة والتكافل الاجتماعي وضمان حقوق الجميع بمختلف اديانهم وتوجهاتهم، وهذا ما اعترفت به منظمةُ الأُمَــم المتحدة التي اعلنت في عام 2002، عن اختيار الامام علي بن أبي طالب عليه السلام أعدل حاكم في تأريخ البشرية، ودعوتها للحكام والملوك إلى الاقتداء بنهجه الإنْسَاني السليم في الحُكمِ المتجلي بروح العدالة الاجتماعية والسلام. وفي عام 2002 أصدرت سكرتارية الأُمَــم المتحدة، لجنة حقوق الإنْسَان، في نيويورك برئاسة أمينها العام الاسبق كوفي عنان، هذا القرار التاريخي وجاء في نصه: إن "خليفة المسلمين علي بن أبي طالب يعتبر اعدل حاكم ظهر في تأريخ البشر"، مستندة بوثائق شملت 160 صفحة باللغة الإنكليزية، بأن الامام علي عليه السلام كان في إدارته لشؤون الدولة الإسْــلَامية متحلياً بمكارم الأَخْــلَاق. هذا الاعلان الذي اقر به المجتمع الدولي، هو بحد ذاته اعتراف من الامم المتحدة بنسف لكل تعاليم الديمقراطية وفصل الدين عن السياسة التي يتشدق بها هذا المجتمع ويحاول نشرها في كل العالم، وادعى انها تضمن العدالة والحرية للبشرية على حد سواء، على اعتبار ان الحكم العادل الذي طبقه الامام علي عليه السلام، جمع بين التعاليم الدينية وبين فلسفة الحكم في تطبيق هذه التعاليم. هذا اولا ثانيا- السياسة ليست اختصاصا علميا قائما بحد ذاته، بل ميدان يستوعب جميع الاختصاصات المهنية الاخرى من المنطلق الديمقراطي بالمساوة، مثل الطب والهندسة والتربية والتعليم والموظف والعامل والغني والفقير وكل الشرائح في اي مجتمع. فكيف يحق لكل هؤلاء المختصين الانخراط بالعمل السياسي ولا يحق لرجل الدين الانخراط بها، على اعتبار ان رجل الدين ايضا مختص بعلوم لا تقل شانا من العلوم والاختصاصات الاخرى بل يمكن ان تكون اعلى منها لشموليتها. ثالثا- من منطلق قاعدة الالزام "الزموهم بما الزموا به انفسهم" ان عزل رجل الدين من ممارسة السياسة، ينسف المثل الديمقراطية الذي من المفترض انها يؤمن بالعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص. رابعا- هناك تجارب عديدة ناجحة في عصرنا الحاضر جمعت بين الدين والسياسة مثل إيران التي رفعت شعار الدين كأساس لقيام دولتها، وهي حاليا من الدول القوية في المنطقة والعالم. هل فصلت الدول الغربية بين الدين والسياسة؟ اذا كانت هذه النظريات انبثقت على اطلال التخلف الكبير الذي كانت تعيشه المجتمعات الاوربية في العصور الوسطى، فانها اليوم استخدمت في صراع الحضارات التي تشنها الدول الكبرى ضد المجتمعات المستضعفة، لاسيما المجتمعات التي تعتنق الدين الإسلامي. فالدول الكبرى وبعد سيطرتها عمليا على مقدرات الشعوب المستضعفة باسم الديمقراطية، الا انها ما زالت ترى ان النظرية الإسلامية بمختلف قطاعاتها هي الخطر الوحيد الذي يحدق بها، باعتبارها القادرة على تهديم كل هذه النظريات التي جرت البشرية الى الحروب والويلات والحروب وانعدام الاخلاق وانحطاط الكرامة التي كرم بها الخالف النفس البشرية. والذي ينظر الى واقع الشعوب الغربية التي توصف بالمتقدمة، فاننا نراها في غاية التخلف، من خلال ابعاد مجتمعاتهم عن القيم الأخلاقية التي ينبثق منها كل شيء، حتى الجانب السياسي على اعتبار ان الاخلاق وكفالة كرامة الانسان هي الأساس لبناء حكم رشيد ومجتمعات صالحة تنسجم مع هذا الحكم. الا انه يبدو ان وضع شعوب الدول الغربية في سريان نهر الانحطاط واغراقه في تحقيق رغباته الشخصية لاسيما الحيوانية هو امر مقصود، لالهاء هذه الشعوب ودفعها الى عدم التفكير بفساد السلطات وممارساتها من اجل البقاء بالمشهد وديمومة وجودها في السلطة. والا أي فصل للدين عن السياسة، في زمن وصلت فيه الديمقراطية الى اعلى درجات الترسيخ في مجتمعات العالم، واي فصل للدين عن السياسة بقيام الدول الكبرى التي تسمى بالمتقدمة بزرع الكيان الصهيوني بغطاء ديني متطرف مجرم دموي في قلب المجتمعات المسلمة ويسلب جغرافيتها واستخدامه لتصفية هذه الشعوب بشكل بعيد كل البعد عن الإنسانية التي تتشدق بها المنظمات والدول في جميع انحاء العالم؟ نعم .. فالحرب الصليبية التي قام بها الأوروبيون من أواخر القرن الحادي عشر حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر (1096 - 1291)، لم تنتهي وأصبحت شعارا لإرهاب قادة الدول المتقدمة على المسلمين، وجسدها القائد العسكري الفرنسي، هنري غورو الذي احتل دمشق في بداية القرن الماضي وذهب إلى قبر صلاح الدين الأيوبي، ثم ركله، وقال: استيقظ يا صلاح الدين لقد عدنا. في إشارة الى الحرب الصليبية. وهذا ما أكده المؤرخ البريطاني جيمس بار، الذي اكد ان غورو يرى نفسه محارباً صليبياً، ولدى نزوله في بيروت، يمشي على خطى الرهبان المحاربين، الفرنسيين في غالبيتهم الذين لبوا الدعوة البابوية قبل ثمانية قرون، والذين لا تزال قلاعهم تتوج التلال اللبنانية والسورية المرقطة بأشجار الزيتون. وكشف أحد أفضل ضباطه، جورج كاترو، كيف أن الجنرال وضع دمشق نصب عينيه ما إن وطئت قدماه بيروت من غرفة نومه المتقشفة المزينة بصورة والدته فقط، خطط غورو لاستيلاء فرنسا على المدينة التي لم يتمكن أسلافه الصليبيون من الوصول إليها وذلك أن دمشق وفق تعبير كاترو، لم تكن مدينة تحول القديس بولس إلى المسيحية فحسب؛ بل كانت أيضاً تلك القلعة التي لم تُقهر، والقلعة التي تحدت هجمات الإفرنج، ومدفن صلاح الدين. كما جسدها الرئيس الأمريكي جورج بوش في الأسابيع التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001 حين قال: هذه الحملة الصليبية، قبل ان ترفع لجنته الانتخابية شعار الحملة الصليبية كشعار في حملتها الانتخابية لبوش. وفي الحقيقة كانت احداث 11 سبتمبر كانت ذريعة لحرب صليبية على العراق واحتلاله، بعد ان اكدت الوثائق التي نشرت في وسائل الاعلام ان الامريكان هم من اسسوا تنظيم القاعدة اثناء الحرب الروسية على افغانستان، وهذا ما اكدت صحيفة الغارديان بأن وكالة المخابرات المركزية ساعدت أسامة بن لادن في بناء معسكر تحت الأرض في خوست، والذي استخدمه بن لادن لتدريب الارهابيين، ثم هاجمته الولايات المتحدة في وقت لاحق عندما أعلن بن لادن مسؤوليته عن تفجيرات سفارة الولايات المتحدة في أفريقيا. كما اعلن روبن كوك وزير الخارجية في المملكة المتحدة من 1997-2001 أن وكالة المخابرات المركزية قدمت أسلحة للإرهابيين العرب وكان من ضمنهم أسامة بن لادن، وكتب قائلا: "على الرغم من ذلك، كان بن لادن نتاجًا لسوء تقدير ضخم من قبل وكالات الأمن الغربية. إذ سُلح في الثمانينيات من قبل وكالة المخابرات المركزية وموله السعوديون لشن حرب ضد الاحتلال الروسي لأفغانستان". وفي حديث مع وزير الدفاع البريطاني السابق مايكل بورتيو، قالت رئيسة الوزراء الباكستانية بينظير بوتو مرتين أن أسامة بن لادن كان مواليًا لأمريكا في البداية. كما صرح الأمير بندر بن سلطان السعودي أن بن لادن عبر عن تقديره لمساعدة الولايات المتحدة في أفغانستان. وهذا الامر فضحه السيناتور السابق في الكونكرس الامريكي ديفيد ديوك، الذي اكد ان الكيان الصهيوني كان على علم باحداث 11 سبتمبر / ايلول 2001، مشيرا الى مركز التجارة العالمي والمنطقة المحيطة به كانت منطقة لشركات يهودية واسرائيلية. واضاف، ان "الرئيس الامريكي اعلن عن مقتل اكثر من 130 اسرائيليا في الهجمات على مركز التجارة العالمي، لكن بعد اسبوع ظهرت التقارير بانه لم يقتل ولا اسرائيليا، كاشفا عن وجود تقارير اذاعتها وسائل الاعلام الامريكية، بان إسرائيل اخطرت الصهاينة في مركز التجارة العالمي بالمغادرة قبل الحادثة بساعتين. وفي عام 2016، اتهم المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب، الرئيس باراك أوباما ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، بتأسيس تنظيم داعش. ومن هنا نتوصل الى ان الدول الغربية التي تؤمن بفصل الدين عن السياسة، هي نفسها تنطلق من منطلقات دينية متطرفة واضحة، ان كانت على مستوى السلوك او على مستوى الشعارات الرمزية للدول الاوربية التي ما زالت تضع الصليب كشعار لأعلامها مثل انكلترا والسويد وفنلندا والدنمارك والنرويج، وغيرها من الدول. والامر لم يتوقف الى هذا الحدث، فشعار الحرب الصليبية موجود حتى في بعض النشاطات الاخرى التي ترسخت في ذهنية العالم اجمع، مثل شعارات الاندية الاوربية التي تتخذ الصليب شعارا لها. اول فصل للدين عن السياسة في التاريخ ان النهج الالهي العادل الذي جمع بين الدستور الالهي والحاكم الالهي، كان من اكبر التحديات التي مرت على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه اله، عندما امره الله سبحانه بتنصيب الحاكم الالهي من بعده وهو الامام علي عليه السلام، في خطبة الوداع في غدير خم ،كما جاء في الاية الكريمة (يَأَيهَا الرّسولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْك مِن رّبِّك وَإِن لّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلّغْت رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُك مِنَ النّاسِ إِنّ اللّهَ لا يهْدِى الْقَوْمَ الْكَفِرِينَ. وهذا النص القرآني ربط بين ضروريات تنصيب الحاكم الالهي بعد رسول الله صلى الله عليه واله، وبين الرسالة المحمدية التي لن تكتمل الا بتنصيب هذا الحاكم ومن بعده الائمة المعصومين عليهم السلام. الا ان اجتماع السقيفة الذي عقد في لحظات دفن الجسد الطاهر لرسول الله صلى الله عليه، يعد اول اجتماع لنسف الرسالة الالهية، وتثبيت مفهوم (فصل الدين عن الدولة)، وبهذا يكون المسلمين من بعد رسول الله صلى الله عليه واله، هم اول من شرعوا هذا المفهوم وسبقوا الاوربيين في العصور الوسطى، عندما نكثوا بيعة الامام علي عليه السلام ونقضها، وثبتوا بان الحاكم هو ليس من يختاره الله، انما من يختاره الناس، وهذا بحد ذاته انقلاب "ابيض" على حكم الامام علي الشرعي. والمضحك المبكي ان المجتمعات الاسلامية المتأثرة والمبهورة بالأنظمة الغربية التي فصلت بين الدين والدولة، وخرجت باحتجاجات وتظاهرات وعصيان مدني على حكوماتها، من اجل تثبيت مفهوم فصل الدين عن الدولة، لا تعلم بان اول من ثبت هذا المفهوم هم المسلمين انفسهم من خلال اجتماع السقيفة، وهو نفسه الذي جلب الويلات والازمات وساهم بإضعاف المجتمعات والدول الاسلامية وحولها من مصدر لقيم العدالة والمساواة والحرية الى دول ومجتمعات ضعيفة مستضعفة كل شيء فيها مباح للدول الغربية مواردها وارادتها وخيراتها ومصيرها. والواضح ان اكثر المجتمعات المتأثرة بهذا المفهوم (فصل الدين عن الدولة)، هي المجتمعات الاسلامية وخاصة في الانظمة الدكتاتورية الشمولية التي تعمل وما زالت تعمل على قدم وساق على حصر الدين في الجوامع والحسينيات وتصوير الدين على انه منطلق خطر على هذه المجتمعات، ووضع قبالها تعاليم الغرب وممارساتهم بالحرص على نشر النوادي الليلة وقاعات الرقص وشرب الخمر، ووصف هذه السلوكيات على انها وجه من اوجه الحرية الشخصية والتقدم والتجديد. اما الانظمة في الدول الاسلامية "الديمقراطية" فكانت اكثر جرأة من الانظمة الشمولية، في ترسيخ التعاليم والسلوكيات الغربية التي لا تنسجم مع الثقافة الاسلامية، بفعل منح مساحة واسعة لمنظمات المجتمع المدني "المفروضة على اي دولة ديمقراطية" والممولة من قبل المنظمات الدولية، بالمطالبة بسلوكات الانحراف واهانة الانسان مثل المطالبة بالمثلية و والحرية الجنسية.
#محمود_المفرجي_الحسيني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإدارة الروحية لمسلمي روسيا: الهجوم على أفراد الشرطة في داغ
...
-
قائد الثورة الإسلامية يعود آية الله نوري همداني
-
من سيكون بابا الفاتيكان المقبل؟ ترقب قبل أيام من بدء أعمال م
...
-
البابا فرانسيس أوصى بتحويل -عربته- إلى عيادة لعلاج أطفال غزة
...
-
الحاج بدر أبو اسنينة.. 47 عاما في حراسة المسجد الأقصى
-
مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية يدعو مجلس النواب للتصويت ب
...
-
صحيفة روسية: باريس وواشنطن تخوضان صراعا في الفاتيكان
-
تنزيل أحدث تردد قناة طيور الجنة 2025 DOWNLOAD TOYOUR EL-JAN
...
-
’إيهود باراك’ يدعو إلى عصيان مدني لإنقاذ الأسرى والكيان من ’
...
-
ما قصة الحرس السويسري ذي الملابس الغريبة؟ وكيف وصل إلى الفات
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|