أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - كيفية معالجة الحقوق القومية والطائفية في سوريا الجديدة؟















المزيد.....

كيفية معالجة الحقوق القومية والطائفية في سوريا الجديدة؟


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 8330 - 2025 / 5 / 2 - 15:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتكون الشعب السوري من مكوّنات قومية وطائفية عديدة، مما يستوجب الإقرار الدستوري بالحق الثقافي لمختلف هذه المكوّنات. ولعلَّ هذا التنوّع من المشكلات التي ينبغي الاعتراف بوجودها، بغية البحث عن مخارج لها، بعد أن عمل النظام البائد طوال الـ 54 سنة، على تجييرها لديمومة بقائه في السلطة وتوارثها، من خلال نزع صفة المواطنة عن السوريين وتحويلهم إلى رعايا.
كما أنّ السنوات الأربع عشرة للثورة كانت كاشفة لتمزّق النسيج الوطني، مما يؤكد ضرورة الانتقال إلى بيئة قانونية في سوريا الجديدة، تضمن الحقوق لكل مكوّنات الشعب السوري، من خلال إعادة بناء الدولة السورية، استناداً إلى الشرعية الدستورية والرضا المجتمعي. وذلك على قاعدة الديمقراطية وحقوق الإنسان، والاعتراف بالتعدد القومي والطائفي، والتفاعل فيما بين كل المكوّنات لما يخدم الحرية والتقدم والسلام الأهلي والعيش المشترك.
ويشير البيان الختامي لمؤتمر "وحدة الموقف والصف الكردي" المطالب باللامركزية من دون تحديد مضمونها، أهي سياسية أم إدارية؟ أهي على أساس جغرافي أم قومي؟ إلى أنّ ثمة أزمة مكوّنات قومية، تهدد أسس العيش المشترك وفرص استمرار وحدة الأرض السورية، بل يعطّل إمكانية انبثاق هوية سورية جامعة. وفي هذا السياق، ليس جديداً القول: إنّ المسألة الكردية هي أحد الأبعاد الأكثر إشكالية في مسألة الهوية السورية الجامعة. ويعود ذلك إلى أنّ النظام البائد قد روّج إلى أنّ الوجود الكردي في سوريا طارئ، وأنّ معظم الكرد قدموا من تركيا واستقروا في شمال شرقي سوريا.
وقد ترتبت على هذا التصوّر رؤية سياسية خاطئة مفادها أنّ الأكراد طارئون على النسيج الوطني السوري، وتجسد هذا التصوّر بحرمان عشرات آلاف الكرد من الجنسية السورية. وهكذا، ساد مفهوم "فوبيا الانفصال الكردي"، إذ بمجرد أن يطالب الكردي السوري بأدنى حق يُتهم بالانفصالية، ويُحكم عليه بأنه يسعى إلى تقسيم البلاد واقتطاع جزء منها. ولا شك أنّ الربط بين المسألة الكردية واللامركزية السياسية يهدف إلى المزيد من خلط الأوراق وتعقيد المسألة السورية.
وطالما أنّ المفاهيم هي نتاج الواقع الاجتماعي الذي يتسم بالتنوّع، فإنّ السؤال المطروح في الواقع السوري: هل يمكن الحديث عن حق تقرير المصير لمكوّنات الشعب السوري المنتشرة في عدة محافظات ولا يوجد ترابط جغرافي بين مناطق توزعها؟ خاصة إذا علمنا بتصادم مبدأين مرجعيين أساسيين في العقل السياسي الحديث، المستند إلى القانون الدولي (القرار 2625 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1970) الذي يعطي الحق في تقرير المصير للشعوب وليس إلى مكوّن قومي أو طائفي في شعب ما، بما يضمن الوحدة الإقليمية للدولة ضمن حدودها المعترف بها. فلو أنّ كل المكوّنات في الدول، استنادًا إلى تاريخها وثقافتها الخاصين، تطالب بالانفصال عن الدولة، فإنّ هذا يعني تفتيت الدول القائمة.
إنّ تعدّد المكوّنات في دولة ما ينطوي على احتمالين: أولهما، فرصة للغنى الثقافي، الذي يسهم في تقدم الدولة وازدهارها. وثانيهما، مصدر لتحديات التوتر والنزاعات، مما يجعل الدولة ضعيفة وقابلة للانفجار والتقسيم. وهنا تبرز طريقة قيادة المرحلة الانتقالية في إدارة الدولة كعامل رئيسي في ترجيح أحد الاحتمالين، فإذا كانت تعمل على حماية مبدأ التنوّع ضمن إطار الوحدة، وتضمن الحريات الفردية والعامة والمساواة أمام القانون. في هذه الحالة يكون التنوّع والتعدد فرصة لتوظيف إمكانيات كافة مكوّنات الدولة في سبيل التنمية والتقدم والازدهار.
وهكذا، تقوم الحقوق القومية والطائفية للمكوّنات السورية على المبادئ الأساسية التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "الاعتراف بالكرامة الإنسانية المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية والثابتة"، وضمانة هذه الحقوق تكمن في قيام دولة الحق والقانون.
إنّ الأمر يبقى مرتبطًا بممارساتها، إذ إنّ الإقصاء والتمييز السياسي والاجتماعي بين المواطنين، على أساس التعبئة القومية والطائفية، كما حصل مع إخوتنا العلويين في الساحل والدروز في جرمانا وصحنايا مثلاً، يمهدان الطريق أمام الصراعات الداخلية. وعلى العكس من ذلك، فإنّ السلوك الإيجابي للسلطة تجاه مواطنيها كافة، يمكن أن يتحول إلى ميزة إثراء وتقدم للدولة والشعب بكل مكوّناته.
وهكذا، تقوم الحقوق القومية والطائفية للمكوّنات السورية على المبادئ الأساسية التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "الاعتراف بالكرامة الإنسانية المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية والثابتة"، وضمانة هذه الحقوق تكمن في قيام دولة الحق والقانون. واستناداً إلى هذه الحقوق فإنّ سوريا في المرحلة الانتقالية يجب أن تعترف بتنوّع مكوّناتها، وتضمن حقوقهم وفق الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، وتحترم حقوقهم الثقافية، مستندة إلى المرتكزات التالية:
إنّ الرابطة الوطنية السورية، التي أنتجتها تجربة تاريخية مشتركة يزيد عمرها عن قرن من الزمن، وعززها الكفاح من أجل الاستقلال الوطني، والعمل المشترك من أجل بناء الدولة الوطنية الحديثة، والنضال المشترك ضد النظام الاستبدادي التسلطي، تسمح برؤية السوريين شعباً واحداً، محافظاً على وحدة الأرض السورية، بضمانة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، بما يعزز إعادة البناء ونبذ الاقتتال الداخلي، وتأمين لحمة السوريين على اختلاف أعراقهم وانتماءاتهم في بوتقة الوطن الموحد.
سوريا دولة متنوّعة قومياً وطائفياً، جميع مواطنيها متساوون في الحقوق والواجبات من دون أي تمييز، بما فيها الحقوق المدنية والسياسية، مع الاعتراف لمكوّناتها بحق الاختلاف في مجال القيم الثقافية، مع اعتبار أنّ توحيد المرجعية القانونية شرط لازم لتوحيد المجتمع، واكتساب منجزات الحداثة السياسية وتمثّلها على صعيد المجتمع.
تعدُّ اللغة العربية هي اللغة الرسمية، وتتمتع جميع المكوّنات القومية، غير العربية، بحقوق استخدام لغاتها في الكتابة والنشر وإصدار آدابهم، واستخدامها في التعليم، في المناطق التي يشكلون فيها أكثرية عددية، كلغة ثانية إلى جانب اللغة الرسمية، مع حقها في إنشاء مؤسسات خاصة بها لتأمين كل فعالياتها الثقافية.
يجدر بقيادة المرحلة الانتقالية عدم تسخير السلطة لصالح هوية قومية أو طائفية معينة على حساب باقي الهويات، كما عليها أن تتخذ التدابير اللازمة، في برامج التعليم، من أجل معرفة الأجيال الجديدة بتاريخ مكوّنات مجتمعها المتنوعة.
في ظل صراع الهويات القائم اليوم، وكذلك المقتلة السورية التي عصفت بسوريا، أصبح السوريون في حاجة ماسّة إلى عقد اجتماعي جديد، ينقلهم إلى الحالة الوطنية الجامعة. وهذا يستدعي انخراط جميع المكوّنات في عملية صياغة هذا العقد، كي يجري الحديث عن الدولة السورية الواحدة، أرضاً وشعباً.
اعتماد مبدأ التشاركية في السلطة، حيث يتم تمثيل جميع المكوّنات فيها، بما يتناسب مع تعدادها السكاني، استناداً إلى مبدأ الكفاءة وليس مجرد المحاصصة. ومن المؤكد أنّ تمثيل هذه المكوّنات في كل الهيئات الانتقالية تجسيد لهذه التشاركية، لضمان مساهمة جميع مكوّنات الشعب السوري في الانتقال من الاستبداد إلى الدولة السورية الديمقراطية الجديدة.
إطلاق سيرورة الاندماج الوطني، أي وحدة التعدّد والاختلاف، بما يأخذ المجتمع السوري بعيداً عن التشظّي والانقسام، وبما يساعد على إعادة بناء دولة المواطنين السوريين المتساوين في الحقوق والواجبات.
لعلَّ مشروع اللامركزية الإدارية الذي سنعود له في مقال قادم، يساعد على الازدهار الاقتصادي والتنمية المتوازنة بين المناطق، إضافة إلى مساهمته في تماسك سوريا كوحدة جغرافية تقطع الطريق على الانقسام والتشتت.
وهكذا، فإنّ مشروع هذه الأسس يجب أن يحظى برضى أغلبية السوريين، ومعترف به من قبل القوى الإقليمية والدولية ذات التأثير على المسألة السورية. ومثل هذا المشروع سيسهم في وقف النزيف السوري، وبناء مستقبل سوريا الغد في إطار التعددية والديمقراطية، كما سيسهم في الازدهار الاقتصادي لسوريا، وضمان تماسكها كوحدة جغرافية تقطع الطريق أمام التقسيم والتشتت، وسينطوي المشروع التوافقي على ضمان الحقوق لكل المكوّنات السورية.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة السياسية المنتظرة في سورية الجديدة
- التحديات البنيوية للحكومة الانتقالية في سوريا
- حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية (3 - 3)
- محدودية مخرجات مؤتمر بروكسل للمانحين
- حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية : 2 - 3
- حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية ( 1 - 3)
- مقوّمات السلم الأهلي والعيش المشترك بين المكوّنات السورية
- نحو عدالة انتقالية ليست انتقامية
- الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (3 - 3)
- الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (2 - 3)
- الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (1 - 3)
- أهمية الحياة السياسية لضمان الحريات في سورية
- هل بدأ الانفتاح المصري على القيادة السورية الجديدة؟
- مرتكزات انتقال الدولة السورية الجديدة إلى دولة تنموية (2 - 2 ...
- الأبعاد الاستراتيجية لزيارة الرئيس الشرع إلى السعودية
- هل يمهد بيان النصر لدولة الحق والقانون؟
- مرتكزات انتقال الدولة السورية الجديدة إلى دولة تنموية (1 - 2 ...
- مرتكزات انتخابات حرة ونزيهة في سورية الجديدة
- تداعيات التغيير السوري على التوازنات الإقليمية
- رؤية سياسية وإدارية لسورية بعد التغيير (3 - 3)


المزيد.....




- بيانات جديدة وتراشق بين بوسي شلبي وورثة محمود عبدالعزيز
- بوتين: قوات كييف انتهكت مرارا وتكرارا قرار وقف الضربات على م ...
- بوتين: روسيا تدعو كييف لاستئناف المحادثات المباشرة دون شروط ...
- قبيل جولة جديدة من المفاوضات إيران تحذّر: لن نتراجع عن حقوقن ...
- فرض إغلاق شامل على 150 ألف شخص لعدة ساعات بعد انتشار سحابة س ...
- نواب فرنسيون يحيون في الجزائر ذكرى مجازر 8 مايو عام 1945
- احتفالات النصر.. فشل الغرب بعزل روسيا
- الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يزور جمهورية الشيشان ال ...
- بوتين يجري 14 مباحثات على هامش احتفالات عيد النصر
- حين تتمرّد الآلات.. موجة حوادث مروّعة حول العالم تكشف الوجه ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - كيفية معالجة الحقوق القومية والطائفية في سوريا الجديدة؟