أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - بين مسيرة العودة والحرائق في أحراش القدس وضواحيها















المزيد.....

بين مسيرة العودة والحرائق في أحراش القدس وضواحيها


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 8330 - 2025 / 5 / 2 - 02:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعلنت "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين"، الناشطة بين فلسطينيي الداخل، عن تعليق/ الغاء مسيرة العودة، التي كان من المزمع تنظيمها، هذا العام، إلى أراضي قرية "كفر سبت" المهجّرة، القريبة من مدينة طبريا.

وجاء في بيان الجمعية انه "على مدى أكثر من عقدين من الزمن، نظمت الجمعية مسيرات العودة بمشاركة عشرات الألاف من بنات وأبناء شعبنا، تعبيرا عن تمسكنا الراسخ بحقنا المقدس في العودة ورفضنا لكل البدائل". وحول الأسباب التي أدّت الى اتخاذ "القرار الصعب" كما وصفته الجمعية، جاء على انه "رغم تقديمنا الطلبات الرسمية وسعينا الجاد لاستيفاء جميع شروط الشرطة الاسرائيلية، واجهتنا عراقيل ممنهجة وشروط تعجيزية غير مسبوقة، من بينها حظر رفع العلم الفلسطيني وتحديد عدد المشاركين بالمئات، وتهديد الشرطة بالدخول على مسار المسيرة والمهرجان الختامي لفرض شروطها ".

لقد استشعر القيّمون على ادارة الجمعية أن مماطلة شرطة اسرائيل بإصدار التصاريح اللازمة لإجازة المسيرة، وحملة التحريض الاسرائيلية الرسمية، غير المسبوقة، ضد المسيرة ومنظميها، تشي بوجود مخطّط مبيّت للمساس بالمشاركين، وبتأجيج الأجواء ضد مواطنيها العرب، وانتهازها للاعتداء عليهم وقمعهم بقسوة لا تحمد عقباها.

ورغم تعليق المسيرة المركزية، دعت الجمعية الى إقامة فعّاليات بديلة وزيارة القرى المهجرة والانخراط بنشاطات أخرى "تأكيدا على أن ذكرى النكبة ومسيرتنا الوطنية مستمرة"، ومثلها فعلت "لجنة متابعة شؤون الجماهير العربية العليا" التي اصدرت من جانبها بيانًا دعت فيه المواطنين العرب "للتجاوب مع قرارات جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بزيارة مواقع القرى الفلسطينية المدمّرة والمهجّرة " واضافت ان السلطات الاسرائيلية "تستغل ظروف الحرب على الشعب الفلسطيني لتكثيف حملات الترهيب والملاحقة والقمع لجماهيرنا والسعي لحظر النشاط السياسي أو التضييق عليه" .

لا أعتقد أن عزم حكومة نتنياهو على عرقلة مسيرة العودة كان مفاجئا بحيث لم تتوقعه قيادات الجماهير العربية. تكفي مراجعة سريعة لمجموعة القوانين العنصرية التي بادرت الى تشريعها هذه الحكومة وأرفقتها بعدد من خطوات القمع الادارية التنفيذية، كي نتوقع ما تخطط له الحكومة بحقنا، وهو من المؤكد سوف يتعدّى مسألة حظر النشاطات السياسية او التضييق عليها أو معاقبة من ينخرط فيها؛ وهو ما أكده رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، قبل يومين حين قال إن "التضييقات لن تتوقف بعد الحرب، بل ستستمر بوتيرة عالية. الأجهزة الأمنية اعتادت على القمع، والمجتمع الاسرائيلي انزلق نحو الفاشية، ولم يعد يكترث بحقوق المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل". فعلى نوايا هذه الحكومة لا يُراهن، وضد ما يخططه وزراؤها لتقويض بقائنا الآمن في الوطن، يجب التجهّز بحكمة والتخطيط بدراية والعمل بحزم.

أزمة علاقتنا مع مؤسسات الدولة تزداد تعقيدا يوما بعد يوم؛ وهوامش تحركاتنا ضد سياسات الحكومة العنصرية تضيق بوتائر مقلقة، وساحات نضالاتنا، الشعبية والسياسية، التي كانت متاحة لنا، أصبحت عاقرا والاستفادة منها مستحيلة. فلقد أُخضعت الكنيست بالكامل لسياسات أحزاب الحكومة، وتحوّلت الى "مفقسة" للقوانين العنصرية، وأداة تحرص على تكريس مفهوم "يهودية الدولة" بالمعنى العرقي البغيض. أما الجهاز القضائي، لا سيما ما يسمى "محكمة العدل العليا "، فقد فقدت ما كان لديها من استقلالية نسبية في معاملتها مع مواطني الدولة الفلسطينيين، وتحوّلت بدورها الى جهاز مرتدع أسير لاهواء الحكومة وأداة شريكة في سياسات القمع والملاحقة. أزمتنا تتفاقم وحكومة نتنياهو لم تنجز مخططاتها بحقنا لغاية الان بالضربة القاضية، لانها تنتظر الفرصة المؤاتية ولأنها تخوض آخر معاركها على جبهات اخرى، خارجية وداخل الدولة.

لقد وصلتني أمس نشرة "عدالة ، المركز القانوني لحقوق الاقلية العربية في اسرائيل" وفيها تقرير حول عدة قضايا يتابعها المركز قضائيًا دفاعا عن حقوق المواطنين العرب الاقتصادية والاجتماعية. جاء في مستهل النشرة أن الحكومة اليمينية المتطرفة أقرّت "سلسلة من السياسات والقوانين العنصرية الجديدة التي عمّقت من تهميش الفلسطينيين.. ولهذه السياسات تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة على المواطنين الفلسطينيين في الداخل" لأنها تمس حقوق جملة من القطاعات الحيوية وتهدد بقاء عدة شرائح باتت مهددة من جراء "اقتطاع الحكومة من الميزانيات المخصصة للبلدات العربية، وتعليق خدمات المواصلات المدرسية في بعض قرى النقب، وقطع مخصصات الرعاية الاجتماعية عن أهالي المدانين بمخالفات أمنية، وفصل معلمين عرب وسحب التمويل من المدارس بزعم "دعم الارهاب" أي بسبب سياسة الافقار والتركيع.

من المفارقات أن يتزامن نشر تقرير "عدالة" مع قرار الغاء مسيرة العودة لهذا العام؛ مفارقة كشفت عن تعقيدات المشهد الذي نعيشه وعن تخبط المؤسسات والهيئات في انتقاء خياراتها النضالية ووسائلها في مواجهة سياسات اسرائيل، وهذه المرة فيما يتعلق بدور محكمة العدل العليا ونجاعة اللجوء اليها التماسا لعدلها كحكم بيننا وبين ظلم مؤسسات الدولة ووزاراتها . فأمام "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" توفرت امكانية التوجه الى المحكمة العليا والطعن بشروط الشرطة التعجيزية؛ لكن القيمين قرروا عدم الالتماس للمحكمة وذلك نظرا "لرفض المحكمة التماسات مشابهة في السابق ، ولعدم فتح الباب أمام فرض شروط اضافية. الشرطة عدائية وبن غفير عدائي والمحكمة العليا عدائية"، كما جاء على لسان مستشارة الجمعية القانونية، وهو موقف يستدعي المناقشة والتوضيح، خاصة اذا ما قارناه بموقف القيمين على مركز "عدالة"، الذين ما زالوا يؤمنون بأن المحكمة العليا ليست عدائية تماما، وإن لم تكن، في نفس الوقت، نزيهة تماما، ويتوجهون اليها، كما جاء في نشرتهم .

لم تبدأ أزمتنا على عتبات المحكمة العليا؛ ولكن غياب الموقف الموحد والمبدئي تجاهها يدل على غياب الرؤى الواضحة، ليس ازاءها وحسب بل في مواجهة عدة قضايا مبدئية بحاجة للمراجعة والمناقشة، خاصة ونحن نواجه حكومة لن يكفّ وزراؤها عن ملاحقتنا وافتعال جميع "الشروط التعجيزية" لاقصائنا بالكامل وابطال شرعية نضالاتنا دفاعا عن حقوقنا وشرعية عمل مؤسساتنا القيادية السياسية والمدنية. حكومة عازمة على استحداث وسائل قمع جديدة وتفعيلها بكثافة مثل اللجوء الى سياسة الاعتقالات الادارية والتنصت ومراقبة الافراد بوسائل لم تستعمل من قبل. إننا، بالمختصر، قاب قوس "وطلقة" من مواجهة " أم المعارك" وعلينا أن نعدّ لها خياراتنا قبل أن يفوت الاوان.

لقد مر عام ونصف على عملية حماس في اكتوبر 2023، ولم يهتد مجتمعنا بعدُ الى سبل مواجهة واقعه الجديد؛ فسوى العمل "بصبر وبحكمة" والامتناع عن تحدي قرارات المؤسسة الحاكمة التعسفية، درءًا لعواقب غضبها، كما جرى في عدة مناسبات في الأشهر الماضية وهذه المرة أيضا، لم تنجح مؤسساتنا القيادية، رغم اطلاقها لبعض المبادرات التجريبية على نطاقات محدودة، بلملمة أنفاسها وبترتيب بيتنا والتوافق على برامج عمل نضالية تعتمد ما يمكن تسميته وسائل "كفاحية واقعية" قادرة على مواجهة مخططات الحكومة وتضمن سلامة المواطنين وأمنهم.

أكتب مقالتي وما زالت الحرائق المريعة مستعرة في أحراش القدس. ومع انتشار مشاهد الحرائق، حاول بعض الفاشيين استغلال الحدث للتحريض "وتلبيس" الجريمة لاعداء الحكومة أي المواطنين العرب طبعا واليساريين معهم. لم "يشتر" السوق الاسرائيلي هذه الفرية حتى الآن؛ بيد أننا نعرف إنه في هذه الجهنم كل الاحتمالات ما زالت جائزة؛ فماذا لو نجح المحرضون بتثبيت افترائهم ؟ ماذا لو نجحوا باقناع قطعان اليمين ومن يدور بافلاكهم أن عربيا هو من أشعل النيران؟

من سينقذنا ساعتها، من "مسيرة عودة" ثانية، من الحريقة؟



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تخشَ التفكير، فالله ليس كاثوليكيا، هكذا آمن البابا فرنسيس
- اليوم عُلّق على خشبة،جمعة/محنة غزة الحزينة
- رسالة أخيرة لرئيس المحكمة العليا القاضي يتسحاك عميت
- ماذا لو أعلن العصيان المدني في اسرائيل؟
- غصات فلسطينية: -جرب- الاحتلال وفُرقة الاخوان
- حق الشعوب بالانتحار ولكن..
- التطبيع مع اسرائيل، -لا أرض أخرى- في مواجهة لا رأي آخر
- اسرائيل ونحن بين خراب آت وعمار بحاجة لجسور متينة
- ماذا لو جرت الانتخابات الاسرائيلية اليوم؟
- القضاء الاسرائيلي ، باطل يراد به باطل
- ثنائية الوهم والأمل، بين رئيس نزق وأمير حاذق
- أعداء السلام هم أعداء -افشاء السلام-
- صفقة الأمل والفرح المحظورين وطوفان الاحتلال على الضفة المحتل ...
- كيف ومتى ستنتهي حروب السماء
- باقون في الوطن،لن نسقط جواز السفر
- في -دار الحرب- وفي -دار السلم- ، محنة شجرة الميلاد باقية
- غصات شامية وفلسطينية،فتوحات متخيّلة وأمان تنتظر الحصاد
- رسالة إلى الياس خوري، إلى أن يعود الكلام في دمشق إلى أصله
- بين فوضى الرصاص وفوضى العجز، دروس في الفاشية
- حلم لبناني قصير


المزيد.....




- القاديانية.. 135 عاما من الجدل حول النبوة والانتماء للإسلام ...
- ماذا قال ترامب عن-نتائج- الضربات على المواقع النووية الإيران ...
- الأسلحة وحجم الضرر: ما نعرفه عن الضربات الأمريكية على ثلاثة ...
- كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد ...
- روسيا تشن -هجوما كبيرا- بالمسيّرات على كييف
- عملية -مطرقة منتصف الليل-.. كيف اتخذ ترامب -القرار التاريخي- ...
- تحليل لـCNN: هجوم ترامب على إيران يعد انتصارا لنتنياهو لكن ا ...
- واشنطن تصدر -تحذيرا عالميا- على خلفية الصراع بالشرق الأوسط و ...
- أولمرت: الضربة الأميركية لإيران منحت نتنياهو فرصة لن يفلح با ...
- مصادر: إسرائيل تقبل إنهاء الحرب إذا أوقف خامنئي إطلاق النار ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - بين مسيرة العودة والحرائق في أحراش القدس وضواحيها