أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سكينة السيلاوي - السوداني يتجاوز الخطوط الحمراء؟ دعوة الجولاني وارتداداتها على المشهد السياسي العراقي














المزيد.....

السوداني يتجاوز الخطوط الحمراء؟ دعوة الجولاني وارتداداتها على المشهد السياسي العراقي


سكينة السيلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 23:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خطوةٍ مثيرة للجدل، دعا رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قائد "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقًا) أبو محمد الجولاني لحضور القمة العربية المقبلة التي ستُعقد في بغداد. هذه الدعوة لا تثير الجدل فقط في داخل العراق، بل أيضاً على المستوى الإقليمي والدولي، نظرًا لما يرتبط بالجولاني من تاريخ طويل مع التنظيمات التكفيرية التي كانت سبباً في المعاناة والدمار في العراق وسوريا. ويطرح هذا الحدث عدة تساؤلات حول الدوافع السياسية وراء هذه الدعوة وأثرها المحتمل على المشهد السياسي العراقي في المستقبل القريب.

أبو محمد الجولاني هو أحد أبرز قادة التنظيمات التكفيرية التي نشأت في سوريا، وكان مؤسسًا لـ"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي ، قبل أن يتحول لاحقًا إلى "هيئة تحرير الشام". طوال السنوات الماضية، ارتبط اسم الجولاني بالعديد من الهجمات الإرهابية والتفجيرات التي أودت بحياة الآلاف في سوريا والعراق على حد سواء. ورغم أن الجولاني قد حاول في الآونة الأخيرة تعديل صورته السياسية عبر التنازل عن بعض المواقف المتطرفة، إلا أن تأريخه الدموي مع التنظيمات الإرهابية يجعل من دعوته لحضور القمة العربية أمراً مشبوهًا من الناحية السياسية.
في المقابل، شهد العراق موجة من العنف والتدمير على يد تنظيم "داعش" الذي كان يقوده أبو بكر البغدادي، وهو، مثل الجولاني، كان يُعتبر رمزًا للإرهاب والعنف والتوحش ، وكان يُعدّ أحد أبرز المطلوبين دولياً.
في حال كان البغدادي على قيد الحياة اليوم، لا شك أن أي دعوة له لحضور قمة عربية كانت ستثير ضجة أكبر وأعمق من تلك التي أثارها قرار دعوة الجولاني. ووسط هذه الظروف، يُطرح السؤال: لماذا يتخذ السوداني هذه الخطوة المثيرة للجدل؟

تجدر الإشارة إلى أن الدعوة التي وجهها السوداني للجولاني قد تكون محاولة لتحقيق تقارب بين مختلف الأطراف السياسية في العراق الذي عانى لعقود من تداعيات الحروب والصراعات، وهو يسعى اليوم إلى إعادة تشكيل مشهد سياسي جديد يعزز من دوره الإقليمي.
ربما يُنظر إلى دعوة الجولاني كخطوة تكتيكية قد تهدف إلى إنهاء بعض الصراعات مع الجماعات المسلحة في سوريا أو التخفيف من التوترات القائمة بين الفصائل المختلفة في المنطقة. ولكن، هل سيكون ذلك بمثابة خطوة سياسية موفقة؟ الأمر يتطلب تحليلًا دقيقًا للمخاطر التي قد يترتب عليها هذا القرار. فإلى جانب ما قد تثيره الدعوة من ردود فعل سلبية في الداخل العراقي، حيث يُعتبر الجولاني شخصًا متورطًا في سفك دماء العراقيين والسوريين على حد سواء، فإن هذا القرار قد يُفهم كنوع من التراجع في سياق التزام الحكومة العراقية بمكافحة الإرهاب. وإذا كانت الحكومة العراقية جادة في محاربة الإرهاب والتطرف، فإن دعوتها لشخصية مثيرة للجدل مثل الجولاني قد يُضعف من مصداقيتها في نظر الشعب العراقي والعالم.

السوداني، الذي حظي بشعبية ملحوظة خلال فترة ولايته، قد يواجه تحديات جديدة على الصعيد السياسي إذا لم يُحسن إدارة ردود الأفعال المحلية والدولية. ففي ظل ترشحه للانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في 11 نوفمبر 2025، ستكون هذه الدعوة بمثابة اختبار حقيقي لقدرته على الحفاظ على شعبيته في ظل هذه الجدل الواسع. فالانتخابات العراقية المقبلة ستكون حاسمة، حيث تسيطر على المشهد السياسي موجات من الانقسام والاحتجاجات الشعبية.
لذلك، قد تؤثر هذه الدعوة سلبًا على صورة السوداني في نظر الناخبين، خاصةً في ظل معارضة واسعة من بعض القوى السياسية والجهات الشعبية التي ترى أن وجود الجولاني على طاولة القمة العربية - إن حضر- سيعني تراجعًا في محاربة الإرهاب والتطرف. كما أن دعوته قد تكون مؤشرًا على محاولات إعادة تأهيل بعض الشخصيات المثيرة للجدل ومنها بالطبع رغد صدام حسين، وهو ما قد يُثير غضب فئات واسعة في المجتمع العراقي.

الشعب العراقي، الذي عانى لفترات طويلة من ويلات الإرهاب، لا يمكن أن يتقبل بسهولة فكرة دعوة شخصية مثل الجولاني لحضور قمة عربية في بغداد. الشعب العراقي شهد تدمير مدنه وقتل مئات الآلاف على يد تنظيم "داعش" وغيره من الجماعات الإرهابية، ولن يكون من السهل عليه قبول فكرة أن يتم التعامل مع قادتها وكأنهم جزء من مشهد سياسي شرعي.
على الصعيد العربي ، قد تكون هذه الخطوة مدخلًا لجدل واسع داخل العالم العربي. العديد من الدول العربية تتبنى مواقف حادة تجاه التنظيمات الإرهابية وعانت من ويلاتها ، وقد يُنظر إلى دعوة الجولاني كإشارة ضعف أو تنازل أمام الجماعات التكفيرية وحماتها . كما أن مثل هذه الخطوة قد تثير تباينًا في المواقف بين الدول التي تشارك في القمة عدا تلك التي تدعم الجولاني ، خاصةً إذا كانت بعض هذه الدول قد تأثرت بشكل مباشر من إرهاب "جبهة النصرة" أو تنظيم "داعش".

ما سيحدد تأثير هذه الدعوة على المشهد السياسي العراقي هو كيفية تعامل الحكومة مع ردود الفعل الشعبية والدولية. في حال استطاع السوداني أن يُقنع الرأي العام بجدوى هذه الدعوة وتقديم مبررات مقنعة، قد تنجح هذه الخطوة في تحسين علاقات العراق مع بعض القوى الإقليمية الراعية للجولاني. ولكن في حال فشل السوداني في إدارة هذه القضية بحنكة، فقد يتسبب ذلك في تآكل الدعم الشعبي له ويؤثر سلبًا على فرصه في الانتخابات المقبلة.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستؤدي هذه الدعوة إلى تقارب حقيقي بين الأطراف السياسية المتنازعة في الداخل أم أنها ستخلق مزيدًا من التوترات والصراعات؟ الأيام المقبلة ستكون كفيلة بالكشف عن الإجابة، وعلى السوداني أن يكون مستعدًا للتعامل مع أي تداعيات قد تنجم عن هذه الخطوة.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رغد و الجولاني: مصادفة أم مشروع إقليمي؟


المزيد.....




- خامنئي يرد على ترامب في رسالة تلفزيونية: إيران لن -تستسلم أب ...
- -حان الوقت لربط الأفعال بالأقوال-، والحرب قد تكون -بلا حدود- ...
- إندونيسيا: بركان ليفوتوبو ليكي ليكي يرسل سحب الرماد في السم ...
- بريطانيا تسحب عائلات دبلوماسييها من إسرائيل
- دراسة: الدماغ البشري يصدر توهجا ضوئيا خفيا يتغير مع النشاط ا ...
- -Aurus- الروسية تكشف عن نسخ مميزة من سياراتها في بطرسبورغ
- رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية يعلق على مستوى التصعيد الح ...
- بوتين يؤكد لبن زايد استعداد روسيا للعب دور الوسيط بين إسرائي ...
- وزير خارجية إندونيسيا ينشر فيديو من زيارته لموسكو على أنغام ...
- قطار -بيونغ يانغ - موسكو- يستأنف أطول رحلات الركاب المنتظمة ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سكينة السيلاوي - السوداني يتجاوز الخطوط الحمراء؟ دعوة الجولاني وارتداداتها على المشهد السياسي العراقي