أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فالح الحمراني - الديمقراطية غير الناضجة















المزيد.....

الديمقراطية غير الناضجة


فالح الحمراني

الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


‏ الديمقراطية غير الناضجة


سؤال مشروع يطرح بنفسه في ضوء التطبيق الديمقراطي المعاصر ! هل ممكن إقامة إقامة نظام ‏ديمقراطي فعلي وعامل في الدول النامية ذات الأنظمة الاجتماعية التقليدية والضعيفة اقتصاديا، ‏فالديمقراطيات غير الناضجة في الدول النامية والفقير التي تعد الديمقراطية العربية واحدة منها، تلك البلدان ‏ذات الإرث ‏الديكتاتوري والشمولي وانعدام مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة، وعدم نزاهة مؤسسات القضاء ‏، تشق طريقها بصعوبة وبطء، وسط أنقاض الماضي وغياب المؤسسات ‏والتقاليد والثقافات الديمقراطية ‏الراسخة، ويعترضها الفساد الحكومي والنخب التي تتعارض ‏ومصالحها، فضلا عن التقاليد والعادات البائدة، ‏وانتهاك القانون بصورة منهجية، ولكن لا ينبغي أن يكون هذا سببا في ‏الإحباط، والتخلي عن المنجزات ‏التي تم إحرازها بالتضحيات الكبيرة على طريق الديمقراطية، بل ‏المضي قدما بإصرار، وخلق الأجواء ‏لازدهارها ورسوخ جذورها في الوعي الاجتماعي. ويستدعي ذلك ‏تآلف القوى الديمقراطية فعليا، وتأسيس ‏هيئات المجتمع المدني وتفعيل القائم منها، وتكثيف وسائل ‏الإعلام وفعاليات الاحتجاج السلمية، وفضح ‏ممارسات انتهاك القانون وحقوق المواطن والأقليات، ممارسة المجتمع حقوقه المنصوص عليها في القوانين ‏بشتى الأشكال. وما لم تضمن الدولة سيادة القانون والمؤسسات السياسية المستقلة، فلن تكون قادرة على ‏ضمان نمو اقتصادي مستقر. وهذه هي المشكلة الرئيسية لمعظم الديمقراطيات غير الناضجة.‏
مع نهاية الحرب الباردة، جاء عصر جديد، نشأت ظاهرة جديدة في تاريخ العالم تمثلت بظهور عدد ‏كبير من ‏الديمقراطيات الفقيرة وغير الناضجة. وحتى الآن ثمة أكثر من 70 دولة لا يتجاوز ناتجها القومي الإجمالي ‏‏‏10000 دولار أمريكي للفرد، ولكنها تتبنى القواعد الرئيسية للحكم الديمقراطي. وموقف الغرب تجاه ‏هذه ‏البلدان هو في الأساس رافض ومتغطرس. وعند القراءة عنها، نتعرف على صعوباتها الاقتصادية ‏وفساد ‏الحكومات وانعدام الثقة في الآفاق. ومع ذلك يمكن أن يبعث وجودها الأمل، حتى كأمثلة جيدة ‏للانتصارات ‏على أنظمة الحكم الديكتاتورية والشمولية، أو تكريما للمثل العالمية للحرية والحكم الذاتي. ‏
‏ إن من المشاكل التي تعطل الممارسة الديمقراطية في هذه الدول إنها فقيرة حقا. إنها تواجه مشاكل اقتصادية ‏خطيرة، ومجتمعاتها المدنية ‏متخلفة وفق المعايير الغربية. ولكن ورغم من أوجه القصور الواضحة، تتميز ‏هذه البلدان بوجود ‏الحقوق الفردية الأساسية والحريات السياسية. ويتمتع سكانها بحرية التعبير، والحق في ‏الاستئناف ‏أمام السلطات، وحرية التجمع والسفر إلى الخارج. وبميسور قوى المعارضة تشكيل جمعياتها ‏الخاصة ‏والمشاركة في السياسة وانتقاد السلطات وتوزيع مواد حملتها والمشاركة في انتخابات حرة ونزيهة ‏إلى ‏حد ما للسلطات المحلية والوطنية، في حين أن نتائج هذه الانتخابات ستعكس (ولو أحيانا بصورة ‏‏شكلية) في النهاية إرادة الأغلبية. وأخيرا، توجد في البلدان الديمقراطية غير الناضجة صحافة خالية من ‏‏رقابة الدولة. وهذه الخصائص تميز الديمقراطيات الفقيرة من الدول غير الديمقراطية ومن الأنظمة ‏‏الديمقراطية الزائفة المختبئة وراء السمات الديمقراطية الخارجية، ولكنها لا تمتلك أيا من هذه الميزات ‏أو ‏عدة في وقت واحد. لقد تشكلت العملية التاريخية خلال معظم القرن الماضي، من خلال المواجهة ‏العالمية ‏بين الديمقراطية والشمولية، والتي مثلتها القوى الصناعية والعسكرية الرائدة: الولايات ‏المتحدة وألمانيا ‏واليابان وروسيا والصين. وهناك قناعات بأن تطوير الديمقراطيات الفقيرة سيحدد إلى ‏حد كبير مسيرة ‏تاريخ القرن 21. ‏‎
وصلت الدول الديمقراطية الفقيرة والغنية إلى تطوير المؤسسات الديمقراطية بطرق مختلفة تماما. ‏ومر ‏الغرب بعدة قرون شهدت الانعطافات والثورات والاضطرابات ليتشكل النظام الرأسمالي الذي كان له ‏وجها ‏بشعا، قبل أن تتوصل للديمقراطية الراهنة. ‏
إن تجربة البلدان الديمقراطية غير الناضجة هي عكس تجربة الديمقراطيات الغربية من نواح ‏كثيرة. فلم يتم ‏تشكيل المؤسسات الحديثة والمعايير والممارسات الأخلاقية والقانونية في هذه البلدان ‏بسبب هيمنة نظام ‏شبح (الأنظمة السابقة). وكانت معظم الديمقراطيات غير الناضجة تفتقر إلى ثقافة ‏مدنية وثقافة القانون ومنح ‏الحريات العامة. ‏
إن بوسع للثقافة أن ضع العراقيل والحواز العالية في طريق انعدام القانون والفساد الحكومي ‏والرشوة من ‏خلال تراكم الخبرة لسنوات عديدة للتسيير الذاتي على مستوى المدينة، في الأماكن ‏الدينية، والنقابات ‏المهنية، والمنظمات الخيرية المحلية، والفصل في وقت واحد بين المجالات ‏الاقتصادية والسياسية. فأي ‏شخص يصوت بحرية لإنشاء صندوق محلي للمساعدة المتبادلة، وشارك ‏فيه سيفكر مئة مرة قبل أن يسرق ‏منه أو ينتهك القاعدة التي قرر، مع الجميع، دعمه. إن الفساد، الذي ‏يستشري بوتيرة عالية بعد الانتقال ‏السريع للديمقراطيات غير الناضجة والارتقاء نحو أنظم الحكم ‏الحديثة ما زال بدرجات متفاوتة، ولكن دائما ‏إلى حد كبير جدا، يمنعها من التطور. ‏‎‏ بالطبع، حتى تجربة ‏الغرب التي استمرت قرونا لم تكن تخلو من ‏الاحتيال والرشوة في المراحل لأولى لتشكيل الرأسمالية. ‏‎‏ ‏ومع ذلك، في البلدان الديمقراطية غير الناضجة، ‏ينتشر الفساد بشكل منهجي. وهذه هي واحدة من ‏القضايا الرئيسية للسياسة الوطنية للعديد من الدول. ‏
‎في البلدان التي ظهرت فيها الديمقراطية بشكل غير متوقع أو نتيجة تدخل خارجي، تنتزع عادة من ‏‏الدكتاتور السابق أو حزبه ممتلكات الدولة التي تكون تحت حراسة أسلحة الجيش والشرطة السرية، ‏ويُعهد ‏برعايتها لمجموعة من السياسيين الديمقراطيين من الجيل الأول الأقل تراصا، ولكن التعجيل بإلغاء ملكية ‏‏الدولة أو سيطرتها على الاقتصاد يؤدي إلى تحويل ممتلكات الدولة إلى اللصوص ‏والسراق والمحتالين ‏الذين يستولون عليها بمختلف الأساليب حتى الشبه قانونية‏.‏
السمة المميزة الأخرى للديمقراطيات الفقيرة هي جمع ليس له نظير في التاريخ بين الانتخابات ‏القائمة على ‏الاقتراع العام، مع رأسمالية وليدة لم تتشكل بعد ذات طبيعة قاسية، التي أطلق عليها ‏ماركس رأسمالية ‏‏"مرحلة التراكم الأولية". وبينما ظهر الاقتراع بعد الرأسمالية بقرن في الغرب، وضعت غالبية مجتمعات ‏الديمقراطيات غير الناضجة، ولا سيما دول ما بعد النظام ‏الشيوعي، الديمقراطية كهدف اجتماعي أكثر ‏أهمية، وجاء بناء الرأسمالية في المرتبة الثانية فقط، ‏وليست البند الرئيسي في أولويات الأجندة الوطنية. ‏‎‏ ‏
ورغم كل المصاعب والعقبات والفساد الحكومي فإن الديمقراطية غير الناضجة تبدي القوة ‏والشجاعة في ‏التغلب على الأزمات الداخلية والدولية، ويكمن أمل كبير في تنمية الديمقراطيات غير ‏الناضجة في السنوات ‏القادمة للحد من الفقر والحد من العنف في العالم. ‏



#فالح_الحمراني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏-صقور الاتحاد الأوروبي- يؤججون الصراع في أوكرانيا لخمس سنوا ...
- التهديد الإرهابي العالمي التوقعات لعام 2025
- ترامب لترغيب السعودية بالتطبيع مع إسرائيل ‏
- العالم بانتظار التحولات والتطلع للتغيير
- مشاكل المجمع الصناعي العسكري الأمريكي على خلفية المواجهة الم ...
- هل تتحول الإمارات العربية المتحدة فخ للإسرائيليين؟
- في خلفيات التغييرات الكبيرة على العقيدة النووية الروسية ‏
- قراءة الكسندر دوغين للتطورات في المنطقة
- داعش يعيد هيكلة تنظيماته على نطاق عالمي ‏
- في أبعاد زيارة بوتين لكوريا الديمقراطية وفيتنام
- هل ستوقظ عبارات ماريا زاخاروفا الضمير العربي
- روسيا ترد
- الحزب الشيوعي الروسي يحضر للمشاركة في في انتخابات 2024 الرئا ...
- مشاركة عربية بشكل غير مباشر في العملية ضد حماس؟
- مفاجئة بوتين النووية!
- لماذا تكثف دول الشرق الأوسط استيراد السلاح ؟
- بصدد ردود فعل دول الشرق الأوسط على الأزمة الأوكرانية
- هل الجيش الروسي جاهز لشن هجوم واسع النطاق؟
- الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط. العراق مثلا
- الشيوعي الروسي يعد لمئوية الاتحاد السوفياتي


المزيد.....




- إسرائيل تعلن شنها غارات -واسعة النطاق- على مواقع عسكرية في إ ...
- الحرس الثوري يعلن استهداف مركز استخبارات إسرائيلي رداً على ا ...
- +++ دخول الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران يومها الرابع++ ...
- إذاعة -يوم القيامة- تبث رسالة جديدة غامضة وسط الصراع الإسرائ ...
- إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلف ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية تصب الزيت على نار الحرب المدمرة بين ...
- الجيش الإسرائيلي يشن هجمات استباقية على منصات صواريخ إيرانية ...
- مستشار خامنئي يهدد بحرمان دول المنطقة من استخدام المنشآت الن ...
- إيران: هذا شرطنا للعودة إلى الدبلوماسية
- هجمات ليلية جديدة.. غارات إسرائيلية وصواريخ إيرانية


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فالح الحمراني - الديمقراطية غير الناضجة