صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 06:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من مدونتي 13-4-2025
هل الوقت صار متأخر للحيلولة دون حدوث ردة حضارية , في دول العالم الأول - بدول الغرب بالتحديد - ؟
بوادر الانتكاسة الحضارية ظهرت جليّة ...
(اليمين المتطرف يتصاعد في أوروبا ,مثلما صعد بالفعل في أمريكا - مؤخراً - وهذا بيناه في مقالنا " اليسار الضال في خدمة اليمين المتطرف ج 2-2 " )
فتري : هل المرأة سوف تدفع الثمن ؟ , وستعود كما كانت في العصور الوسطى : دجاجة تبيض ,او معزة او نعجة تحبل وتلد ..
و تنصاع لقفز التيوس والكباش فوقها .. ! / وغير ذلك, مما هو أسوأ .. !
ان من يسعي لإعادة المرأة لذلك الوضع , ليس مجرد صوت فردي , ولا هو محلي .. بل هي أصوات من مغارب حتي مشارق
الكرة الأرضية . يمكننا القول انه تيار عالمي ! - كما سنبين فيما بعد - أصوات تطالب باجبار النساء إجبارا علي الانجاب ..
و ولادة عدد معين . إلزاماً . وفرض عقوبات , بعضها شديد الصرامة, علي المرأة المتقاعسة أو المخالفة . -
من هؤلاء , من خص المرأة بالذات بالعقوبة في حالة عدم الانجاب , ومنهم من امتدت عقوباته حتي وصلت للرجل الذي
لا يتزوج وينجب . !!
فكيف ستكون نوعية الأطفال الذين يولدون لأمهات وأباء جُبِروا جبرا علي الإنجاب ! بدون رغبة .. !
أليس الصواب في أن يكون الإنجاب بالتحبيب والترغيب والتحفيز - عند من يعقلون - وليس بالفرض والإكراه ؟ ..
الأمومة بالذات = حب , عطاء , حنان ,, أمل ( أمل في أن تري الأم , البذرة التي بين يديها - طفلها الوليد - , قد صارت نخلة .. أوشجرة سامقة عظيمة الأفرع , جميلة الأغصان و طيبة الثمار ..
عندما أتأمل سلوك أية أٌمّ من الأمهات مع صغيرها أو صغيرتها ,, - بأي مكان عام , أو خاص -.. فإنني أُوقِن بأن الأمومة صناعة .. و زراعة .. و كلما كانت الهواية والحب والعطاء والحنان
- الينبوعية الفطرية - متوفرة .. كلما حصلنا علي نشء رائع من الأجيال ..
( منذ عامين فقط .. توقفت عن زراعة البلكونة الواسعة التابعة لشقتي السكنية .. بعدما اعتدت لسنوات .. علي زراعتها بالزهور وبعض أنواع الخضروات والفاكهة .. و سبب توقفي : الشيخوخة وأمراضها ..
لم يتركان بداخلي حافزا , وليس لأن عائد الثمار لم يكن يساوي الجهد المبذول في غرس و رعاية مزروعاتي ,, فقد كنت استمتع برؤية الزهور عندما تتفتح وتكبر , وبرؤية الثمار عندما تكبر وتكبر حتي
يكتمل نموها و تصير جميلة حلوة و شهية.. و لم تكن تهمني الكمية ..
و أغلب زواري , كانت تسعدهم رؤية ثمار وزهور في البلكونة , وكنت أتلقى أثناء رعاية زراعاتي تلك , تلويحات اعجاب وابتسامات من بعض جاراتي وجيراني ممن لا يزرعون شرفات مساكنهم )
هكذا الامومة بالذات - والأبوة أيضاً : هواية وحب وحنان وعطاء فطري تلقائي .. وبئس الثمار لو جعلناها بأوامر حكومية بيروقراطية غبية قانونية و الزامية .. !! .
كنت سنوياً ..أشتري لوازم الزراعة في شرفة مسكني , علي نفقتي الخاصة . كلما راح الشتاء والثلج , وجاء الربيع .
والآن بلدية الحي الذي أتبعه - في مونتريال - , يصلنا منها خطاب في مثل هذا الشهر - ابريل/ نيسان - عن استعدادها لتزويد الراغبين في زراعة شرفات منازلهم أو الحدائق الصغيرة للفيلات
- المساكن الخاصة - بالأصص والتربة والشتلات - مجاناً ...
لكن المهم : أن نجد بدواخلنا : الهواية , والشغف والحب والعطاء بالمجهود , لرعاية النمو والتفتح و الإزهار والإثمار
.. تلك الأشياء الموجودة في فطرة قلوب الأمهات ,, ولا يجوز اقحامها عنوة , ولا بقانون ..
الزمن يسير .. وأحيانا يركض ركضا ! ولكن يوجد نوع من البشر .. يتوقفون عند وقتٍ معين , بينما الزمن يمضي .. !
منذ عشرين سنة عام 2005 . قلت في كتابي " هل تسقط حضارة غزو الفضاء -الكتاب الثلجي - " ان من مظاهر بدء سقوط الحضارة الحديثة - في الغرب -
, عزوف النساء - وعدم اهتمام الرجال - عن الانجاب بفعل الترف الحضاري . الذي يشغل ويلهي - ويُغنِي - عن الإنجاب , اللازم لأجل حفظ النوع البشري
من الانقراض .واللازم لتوفير الأيدي العاملة للاعمال والأشغال .
في ذاك الوقت لو تم العمل علي تشجيع النساء - في دول الحضارة الغربية ( التي تخرج منها غالبية مستجدات الحضارة الحديثة التي تلزم البشر في كل مكان - قبل صعود الصين وتألقها )
لكان خيرا وتوقيتا معقولا ..
منذ عشرين سنة وأكثر كان الانجاب ضرورة لنساء شعوب العالم الأول المتحضر .. ولا نعني وقف الهجرة أو اللجؤ - غير العشوائيين - بل تكون لها حسابات وضوابط . لمنع سقوط الحضارة بعد تلاحمها مع بلاد وشعوب العالم الثالث الناقلة معها كل آفات
التخلف - ولا يلقي المهاجرون واللاجئون , ما يكفي لتوعيتهم والارتقاء بهم لمستوى شعوب العالم الأول - , مما يدفع إلى ردة حضارية انسانية شاملة ....
لكن هل اختلف الحال الآن بعد مضي عشرين سنة أو أكثر , منذ نشرت كتابي - المشار اليه ؟
في الحقيقة اختلفت الأحوال .. ولكن هناك من هم مازالوا متوقفين بتفكيرهم - كما نرى - عند , ما قبل عشرين سنة مضت .
وهؤلاء بالطبع هم اليمين المتطرف ( ما كتبنا عنهم مقال سابق).
اختلف الحال يا سادة يا كرام
فالغد القريب جدا لن يحتاج لكثرة مواليد .. كلا ,, فالمشكلة قد اختلفت في دول العالم الأول ,,
و مشكلة جديدة جَدّت وحلّت محلها !,, بدأت بالفعل , وسوف تصل لذروتها في أقل عدد من السنوات القادمة
المشكلة : ان عصر شيوع وانتشار الاعتماد على الآلة , ثم دخول الذكاء الاصطناعي , لن يجعل ثمة أزمة في الأيادي العاملة , بل العكس ,, الأزمة في فرص العمل غير الكافية - ندرة الوظائف والاشغال - ..
إذ ستكون احتياجات الأعمال في العالم حوالي 20% فقط من القوى العاملة ,, والآلة سوف تقوم باللازم , بأفضل وأدق وأسرع وأغزر مما يفعل البشر !
من منكم الآن يحتاج للدخول لمراجعة موظفي البنك لسداد فواتير أو لصرف نقود ؟ سوي كل عدة شهور !
ربما مرة واحدة أو مرتين في السنة !
والآلة تقوم معكم بدور الموظفين .. !
وهكذا الحال إلى حد ليس بقليل في محلات البيع .. قلما يحتاج المشترون للبائع أو للكاشير .
آلات الدفع بالكارد موجودة بكثرة . وقَلّ عدد الكاشيرات -وسوف يختفون - أو سيقل عددهم أكثر ليبلغ 20% ,
و80% ماكينات للسداد الآلي وهكذا حال أعمال كثيرة
ومؤخراً صارت الحروب - أحدثها - لا تحتاج إلى سيوف ولا بنادق يحملها أفراد من البشر المحاربين ,لا وقل الاحتياج للطائرات الحربية والصواريخ - عما كانت من قبل - ،
. بل أسرعها وانجحها بطائرات - آلية - بدون طيار بشري - فإن سقطت فلن يكون فيها طيار , يعدمه الاعداء حرقاً - كما فعلت داعش بالطيار الأردني - الكساسبة - .
وسوف تنشأ تشاريع وقوانين جديدة .. لتحول دون ظهور أمراض البطالة : النفسية والجسدية , وادمان المسكرات , والعنف العائلي , وارتفاع مستوى الجريمة - ستنشأ قوانين وأنظمة لحماية الشعوب من أخطار البطالة ..
( كما قلنا في مقالنا القديم " وداعا بروليتاريا , ومرحبا آلة-تاريا " المنشور - حلقة أولى عام 2015 , ثم تلتها حلقة ثانية = انظر الهامش في نهاية الصفحة *
أي ان المشكلة - نكرر : لن تكون قلة المواليد بدول العالم الأول , بل يكفي أن تلد النساء , ما يحافظ علي بقاء النوع البشري وعدم انقراضه ..
هذا ما أقوله الآن , بعد عشرين عاما , مما قلته من قبل في كتابي سابق الاشارة اليه .. لأن الحياة قد تغيرت .
لكن يوجد من غفلوا عن سير الزمن , ويطالبوا بعودة النساء لعصر الحريم والحرملك وحصر دور المرأة في وظيفة التناسل والتَبعُّل , وخدمة الرجل .. !
-----
في الجزء التالي من هذا المقال .. سوف نستعرض الكثير مما هو مهم في تلك القضية , فحديثنا فيها لم ينته بعد .
--
هامش * :
( مقالنا : " وداعاً بروليتاريا .. مرحبا آلة- تاريا 1-2 " . المنشورعام 2015 ) :
https://salah48freedom.blogspot.com/2015/04/blog-post_53.html
https://pulpit.alwatanvoice.com/content/-print-/364746.html
وأعيد نشره عام 2017 :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=555426
والجزء الثاني من نفس المقال " وداعاً بروليتاريا .. مرحبا آلة- تاريا 2-2 " نُشِر 2017 :
https://salah48freedom.blogspot.com/2017/10/2-bye-proletariat-hi-machine-tariat-2.html
وأعيد نشره عام 2023 :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=791307
--------------
وحتى نلتقي في الجزء الثاني من هذا المقال - تحية وسلام .
==========
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟