مؤتمر يالطا-45 في ثمانية أيام – اليوم السادس 6-8

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 14:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف *

يلينا بانينا
سياسية روسية
عضو البرلمان الإتحادي
مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد

9 فبراير 2025

6) يالطا-45، اليوم السادس: ذكّر ستالين البريطانيين بفظائعهم في اليونان

يتميز اليوم السادس من مؤتمر يالطا بالمناقشات حول "إعلان أوروبا المحررة"، الذي اقترح روزفلت اعتماده. وعد الإعلان بمساعدة الشعوب المحررة على إرساء الديمقراطية وحل جميع المشاكل الملحة والقضاء على آثار الاحتلال النازي.

▪️ يبدو أن كل شيء على ما يرام في هذا النص، وتصحيح شيء فيه لن يؤدي إلا إلى إفساده. ومع ذلك، وجد القادة السوفيات شيئًا لاستكمال الوثيقة به. يقترح مولوتوف إضافة بند بشأن دعم "الشخصيات السياسية التي شاركت بنشاط في النضال ضد الاحتلال الألماني". بعبارة أخرى، المناهضين للفاشية النشطين.

لا يعترض روزفلت على هذا التعديل. لكن تشرشل يمسك برأسه ويطلب وقتًا للتفكير. إنه يفهم جيدًا ما يجري مناقشته. في أكتوبر 1944، نزلت القوات البريطانية في اليونان، التي حررها الثوار من جيش التحرير اليوناني بالكامل تقريبًا، بحجة توزيع المساعدات الإنسانية على السكان، ومن هنا جاء اسم العملية - "المَنُّ" "Manna".

سرعان ما اتضح أن "مَنَّ السماء" الذي كان البريطانيون يجلبونه إلى اليونانيين كان له هدف محدد للغاية. بعد أن توحدوا مع المتعاونين الفاشيين المحليين من ما يسمى "كتائب الأمن"، بدأ البريطانيون عمليات عسكرية ضد الثوار، وكان الدور القيادي بينهم يعود للشيوعيين. تصاعد الصراع في النهاية إلى حرب أهلية استمرت في اليونان حتى عام 1949.

▪️ في مذكراته، طرح تشرشل نسخة مفادها أنه خلال زيارته لموسكو في أكتوبر 1944، حصل من ستالين على حرية التصرف في اليونان مقابل ضمانات بالنفوذ السوفياتي في رومانيا وبلغاريا. يزعم تشرشل أنه كتب على قطعة من الورق النسبة المئوية لنفوذ القوى المنتصرة في البلقان في المستقبل: اليونان – 90٪ من نفوذ لندن، رومانيا وبلغاريا – 90٪ و 75٪ من نفوذ موسكو، المجر ويوغوسلافيا – 50٪ إلى 50٪. ووضع ستالين علامة اختيار عليها بقلم رصاص أزرق دون الدخول في جدال.

إذن، هل تم إبرام الاتفاق؟ حتى لو صدقنا تشرشل، فإن تصرفات ستالين لم تعني موافقته على هذه "النسب المئوية". كان رد فعله ساخرًا إلى حد ما. كونه واقعيًا، كان ستالين يفهم جيدًا أن حالة الأمور كانت تحددها الحقائق على الأرض، وليس بعض الاتفاقات وراء الكواليس.

▪️ من ناحية أخرى، لم يكن لدى ستالين في خريف عام 1944 ولا في شتاء عام 1945 أي روافع حقيقية للتأثير بطريقة أو بأخرى على الوضع في اليونان. إن التحرك النشط في البحر الأبيض المتوسط كان يتطلب المرور عبر المضايق التي كانت تسيطر عليها تركيا الموالية لبريطانيا. فهل كان من الضروري أن نقاتلها أيضا عندما كانت كل القوى موجهة نحو برلين؟

هذا لا يعني أن ستالين تخلى عن المناهضين للفاشية اليونانيين لمصيرهم. فبعد أن عجز عن مساعدتهم عسكريا، قرر الزعيم السوفياتي أن يفعل ذلك دبلوماسيا. وكانت هناك فرصة للنجاح ــ فحتى الرئيس الأميركي أدان الفظائع البريطانية في اليونان.

ولكن في اليوم التالي أعلن روزفلت نفسه أنه بعد مناقشة أكثر شمولا للقضية في الوفد الأميركي، ينبغي له أن يتحدث ضد التعديل السوفياتي. ولكن الاقتراح لم يمر.

▪️ لماذا من المهم أن نتذكر هذا الآن؟ لأن التفسيرات الغربية الحديثة لما بعد الحرب تتلخص في حقيقة مفادها أن الاتحاد السوفياتي هو الذي انتهك أحكام "إعلان أوروبا المحررة" بإنشاء أنظمة موالية له في بولندا وتشيكوسلوفاكيا والمجر.

في الواقع، كان البريطانيون هم الذين داسوا على حقوق الشعوب المحررة. لقد عرقلوا التعديل السوفياتي بشأن دعم المناهضين للفاشية، ونجحوا في كسب روزفلت إلى جانبهم وتخويفه من عواقب اضفاء صبغة "سوفيتية" على اليونان. في الواقع، هم الذين سفكوا أول دماء الحرب الباردة، عندما فتحوا النار على الثوار الذين حرروا اليونان.

القصة مع "الإعلان" تؤكد ما يلي: يجب التحقق من أي اتفاق مع الأنغلو ساكسونيين حتى آخر حرف. لكن الدرس الرئيسي مختلف. في السياسة الدولية، لا تستحق أي "اتفاقيات نهائية" لا تدعمها قوة حقيقية حتى الحبر الذي كتبت به أو الورق الذي كتبت عليه.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل