أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - من أبواق البعث إلى ورثة خطابه: حينما يصبح التشويه إرثًا مقدسًا














المزيد.....

من أبواق البعث إلى ورثة خطابه: حينما يصبح التشويه إرثًا مقدسًا


ماهر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 23:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوقت الذي كان فيه الكورد يقاومون قهر البعث، كان هناك من يتطوع، لا كخصمٍ شريف، بل كصدى أجوف يردد ما يلقن له من فوق. كانوا أبواقًا للنظام، ينفخون في بوق العبودية، يسبّحون بحمد الحزب القائد، ويصفقون حتى تتورم أيديهم لكل جريمة ترتكب ضد الكورد، وكأنهم مجموعة ممثلين رديئين في مسرحية دموية لا نهاية لها. هؤلاء، الذين كانوا بالأمس أدوات النظام في تشويه صورة الكورد، لم يختفوا بعد سقوطه، بل استمروا ولكن برداء جديد، وأكثر سذاجة.

لقد كان النظام البعثي، ومنذ نشأته، مهووسًا بفكرة العدو الداخلي. كان بحاجة إلى شماعة، إلى “آخر” يحمّله فشل مشروعه “القومي” المهترئ، ولم يكن هناك أفضل من الكورد لهذا الدور. لم يكن الأمر مجرد اضطهاد سياسي أو عسكري فحسب، بل امتد إلى صناعة خطاب كامل يهدف إلى شيطنة الكورد وتصويرهم ككيان دخيل، مشبوه، متآمر بطبيعته. في هذا المسرح العبثي، لعب هؤلاء الأتباع دورهم بإتقان؛ يصرخون بشعارات مكتوبة لهم مسبقًا، يشوهون الحقيقة، وينبحون كما تشاء السلطة، لا كما تقتضي الوقائع.

لكن المثير للشفقة أن سقوط البعث لم يكن سقوطًا لهم. فقد وجدوا أنفسهم في مأزق وجودي: كيف يعيشون بدون سيد يأمرهم؟ كيف يواصلون الدور الذي اعتادوا عليه دون تعليمات تأتيهم من القيادة؟ لم يحتج الأمر وقتًا طويلًا حتى وجدوا الحل: البعث انتهى، لكن العداء للكورد يمكن أن يستمر! فلماذا لا يكونوا “ورثة” لهذا الخطاب، وإن كان تحت لافتات مختلفة؟ وهكذا، تحولوا من مجرد أدوات في يد البعث إلى “مستقلين” يمارسون الدور ذاته، ولكن هذه المرة بإرادتهم الحرة، وكأنهم يعانون من إدمان مزمن على كراهية الكورد.

إن هؤلاء، الذين يهاجمون الكورد اليوم، ليسوا سوى أشباح الماضي، يكررون نفس الأسطوانة المشروخة، لكن بدون نفس التأثير. لقد كانوا في السابق مجرد أدوات، والآن أصبحوا أدوات بلا مستخدم. تراهم يتحدثون عن الوطنية وكأنها حكرٌ عليهم، رغم أنهم كانوا في الصفوف الأولى لكل نظام مستبد مرّ على هذه الأرض. يهاجمون الكورد ويتهمونهم بشتى النعوت، رغم أن الكورد كانوا في مقدمة من وقف ضد الدكتاتورية حين كان هؤلاء يكتبون التقارير الأمنية بحق جيرانهم وأصدقائهم.

والأكثر طرافة أن هؤلاء يتقمصون أدوار الضحايا اليوم، وكأنهم لم يكونوا في يومٍ من الأيام أبواقًا تصدح بأكاذيب السلطة. بل يذهبون أبعد من ذلك، فيحاولون الآن تزييف التاريخ، وإعادة صياغته بطريقة تجعلهم أبطالًا وهميين، وكأنهم لم يكونوا مجرد أدوات صدئة في ماكينة القمع البعثية.

لكن ما الذي يريده هؤلاء حقًا؟ هل هو مجرد عداء أعمى للكورد؟ أم أنهم يشعرون بأن وجود الكورد بحد ذاته يذكّرهم بتاريخهم المخزي؟ الحقيقة أن الأمر مزيج من الاثنين. فمن جهة، هم نتاج خطاب الكراهية الذي زرعه البعث في أدمغتهم، ومن جهة أخرى، فإن رؤية الكورد اليوم وهم يواصلون مسيرتهم رغم كل شيء تثير فيهم حسدًا دفينًا، لأنهم يدركون أنهم مجرد ظلال باهتة لنظامٍ لم يعد له وجود.

هؤلاء الذين كانوا يهتفون بالأمس “بالروح بالدم” لمنظومة طاغية، يحاولون اليوم أن يعيدوا إنتاج نفس العداء ولكن بأساليب جديدة. ولكن، سيبقون كما كانوا دائمًا: مجرد صدى باهتٍ، مجرد شخصيات كرتونية فقدت كاتبها ومخرجها، تحاول أن تبقى في المشهد، رغم أن الجمهور قد ملّ من العرض منذ زمن.



#ماهر_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا الجديدة، بين التعريب والتغيير
- الوطنية على طريقة ديك الحارة
- من القمع إلى التشويه، حرب الإعلام والمغالطات
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الثاني
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الأول
- سورية ما بعد الأسد - على أعتاب حرب جديد 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثالث 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثاني 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الأول
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(4)- ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(3) ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير . ا ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير 
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الأول
- تحرير الأرض أم اغتصابها؟ زيف الشعارات وسقوط الأقنعة


المزيد.....




- بدء هجوم صاروخي إيراني واسع على إسرائيل الآن وصفارات الإنذار ...
- لقطات فيديو لسقوط صواريخ إيرانية على مناطق متفرقة في إسرائيل ...
- يديعوت أحرنوت: هجوم إيراني جديد بالطائرات المسيرة من المناطق ...
- مباشر: موجات متتالية من القصف والصواريخ بين إسرائيل وإيران ت ...
- التصعيد الإيراني الإسرائيلي يسيطر على أجواء قمة مجموعة السبع ...
- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - من أبواق البعث إلى ورثة خطابه: حينما يصبح التشويه إرثًا مقدسًا