حسان الشيخ علي
الحوار المتمدن-العدد: 8249 - 2025 / 2 / 10 - 12:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في العاشر من شباط عام 1982 جرت عملية إعادة تأسيس حزب الشعب الفلسطيني بوصفه "امتداداً تاريخياً" لعصبة التحرر الوطني الفلسطيني وللتنظيم الشيوعي الفلسطيني في الضفة الغربية وللحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزّة ولجماعة الكادر اللينيني.
وغنيّ عن القول أن وحدة الحركة الشيوعية الفلسطينية حتى تاريخه لم تكتمل لاعتبارات أغلبها ذاتية تتعلق بالأفراد ومواقعهم القيادية ومصالحهم الشخصية الضيقة واعتبارات أخرى موضوعية لكن بدرجة أقل تتعلق بالنهج والرؤيا.
وعليه، لا يستقيم القول أن حزب الشعب الفلسطيني هو "الوريث والممثل الشرعي والوحيد للحركة الشيوعية الفسطينية" حيث لا زال هناك الحزب الشيوعي الفلسطيني الثوري الذي سبق وأن قاده الرفاق عربي عواد "أبو الفهد" وجريس قواس "أبو القاسم" وضمين حسين "أبو القاهر" (رحمهم الله) ، ولا زال هناك الحزب الشيوعي الفلسطيني بقيادة أمينه العام الرفيق الدكتور محمود سعادة، ولا يستقيم إنكار بعض أعضاء حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية وعلى رأسهم أمينها العام الدكتور مصطفى كامل البرغوثي هذا ناهيكم عن هذا الكم الذي لا يستهان به من الرفاق الذين تم إخراجهم من الحزب وتشكيلاته أو من يتم وصفهم بالحردانين، لكن ينظر إليهم - ولشديد الأسف - بعض قيادي الحزب بوصفهم " كلب بيعوي معنا ... ولا كلب بيعوي علينا".
منذ إعادة تأسيس حزب الشعب الفلسطيني عام 1982 وحتى أيامنا الراهنة والحزب يعيش حالة تراجع أيديولوجي وفقدان للهوية رغم وجود برنامج سياسي مضى عليه سنوات وأكل عليه الدهر وشرب حيث لم تتم عملية تحديثه بما يتماشى مع تطورات المرحلة الراهنة، ولا يوجد أية كونفرنسات (مؤتمرات) حزبية و/أو لقاءات لكادر حزب الشعب وحتى اجتماعات منتظمة للمكتب السياسي أو اللجنة المركزية أو قيادات العمل المهني داخل الحزب.
وفي ذات الوقت كثر الحديث عن أزمات مالية تعصف ببعض القيادين في الحزب وبالحزب نفسه وصلت إلى مرحلة الملاحقة القضائية بل والنشر في الصحف عبر تحريك دعاوى حقوق أو دعاوى جزاء معظمها تتعلق بسمة العصر الرأسمالي الراهن ألا وهي " الشيكات المعادة / أي الراجعة"، فلم يعد الأمر مسألة حزبية داخلية يتوجب بحثها داخلياً وعدم الحديث عنها علناً، فقد طمى "الخطب حتى غاصت الركب" كما قال الشاعر إبراهيم اليازجي في بيت الشعر الذي يقول " تنبهوا واستفيقوا أيها العرب ... فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب" .... فهل يستفيق الحزب؟
على حزب الشعب "بالطول أو بالعرض سيان" أن ينهض من سباته وينفض الأتربة عن أسماله، ويسارع إلى إعادة تنظيم صفوفه وعقد مؤتمره العام كاستحقاق واجب وبعيداً عن ترتيبات المحاصصة والعائلية.
على حزب الشعب أن يجدد قيادته بعناصر رفاقية شابة من كلا الجنسين وأن يحدد بوضوح هويته وبرنامجه السياسي ويجدد نظامه الداخلي ويكرّم كبار السن من بين رفاقه ويقول لهم "يعطيكم العافية" سواء أكانوا في المكتب السياسي أو اللجنة المركزية أو أي من الهيئات القيادية أو في قيادة مؤسسات المجتمع المدني التي تتبع للحزب أو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أو غيرها.
على حزب الشعب أن يوضح وبصراحة هل هو حزب للسلطة أو تحت جناحها ويستظل بظلها أم هو غير ذلك؟ على حزب الشعب أن يبحث وبجدية ووضوح مسألة المتفرغين لديه من الرفاق سواء أكانوا متفرغين على كادر الحزب، أم كادر المؤسسات الرسمية الفلسطينية وبضمنها الأجهزة الأمنية أو أولئك المتفرغين على بند "النثريات".
على حزب الشعب أن يعلن وبدون أي لبس هل الديون المستحقة هي ديون مستحقة عليه كحزب أم مستحقة على بعض قياديه، فإن كانت هذه المديونية هي على الحزب فعليه أن يعمل جاداً على حصرها وتسديدها حفاظاً على حقوق أصحابها كيف لا وهو الحزب الذي يسمي نفسه "بحزب الشعب"، أما إذا كانت هذه الديون هي ديون مستحقة على بعض قياديه فعلى حزب الشعب الإعلان صراحة عن ذلك والتصرف على هذا النحو، لا وبل فصل كل من هو متورط في إشكاليات مالية من عضوية الهيئات القيادية في الحزب بل ومن الحزب إذا ما استدعى الأمر.
على الحزب أن يكف عن التغني بأمجاد الماضي والذكريات والوقوف على الأطلال والتغني بموقف الحزب من قرار التقسيم الذي اعتبره آنذاك "أفضل أسوأ الحلول"، فالقادم يهدد مصير الشعب العربي الفلسطيني بل ويهدد الشعوب العربية قاطبة ويحتاج إلى عملية استنهاض من كافة قوى حركات التحرر.
قد يقول قائل، ما كان يفترض نشر هذه المقالة وكان الأجدر مناقشتها داخلياً، وهنا تكمن أحد أهم إشكالية النوايا الصادقة والرغبة الحقيقية بإحداث حالة الاستنهاض عندما يضع بعض الرفاق رؤوسهم كما النعامة في جحر بالأرض للتملص من استحقاق تاريخي تحت ذريعة "الشأن الداخلي"، حيث أن ملاحقة بعض قيادي حزب الشعب قضائياً وصلت مرحلة النشر عبر الصحف المحلية ومنع السفر بل وإمكانية الحكم عليهم بالسجن على قضايا مدنية وتحريك دعاوى الحقوق والجزاء وأصبح الأمر حديث الشارع الفلسطيني، وكما تقول الشاعرة الفلسطينية المرحومة منال النجوم "مكشوفة أسرار كوننا على حبل غسيل ... فلماذا حبنا سر دفين؟".
بخلاف ذلك كله، إن لم يكن هناك تدخل جراحي يحدث تغييراً جذرياً في حزب الشعب الفلسطيني فالأجدر به أن يحلّ نفسه.... فحزب لا حياة فيه ... جدول ... لا ماء فيه.
#حسان_الشيخ_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟