أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سي مختار حمري - سباق بلا معنى














المزيد.....

سباق بلا معنى


سي مختار حمري

الحوار المتمدن-العدد: 8246 - 2025 / 2 / 7 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


سباق بلا معنى...!!

من النافذة المقابلة لسريري المتهالك، بغضب جثتي المتطايرة ووحدتي العسيرة الهضم، أطلت بشائر الفجر بعد طول انتظار، حاملة نسمة أمل.. اخترق الضوء شق جفوني المتعبة بالسهاد، وهي تراود النعاس ليتوغل في عمق البصيرة صحبة شمس على شاطئ بحر، رمال حريرية وزرقة صفاء وصحو وصياح نوارس في رفرفة طيران..

على عجل، اتخذتُ قرار المغامرة في مضمار سباق المعنى.. على رصيف الانطلاقة، تقدمت مني زهرة، أعطتني قارورة ماء ورقم سباق وابتسامة عريضة، وكلمات أمطرت قلبي بوابل حنان ورحمة.. في أي ممر دماء سأركض؟ في أي دائرة زمن سأُصلب؟ وعلى أي صدى عدادات سيرقص نبض قلبي الحزين؟ طيلة الليلة السابقة لم يغادرني حلم التردد والحنين، والشعور بالبهجة والدمار المحدق من الجهات الست، وشعور غريب غير معهود..! لكن قوة خفية تدفعني إلى الركض إلى ما لا نهاية، في صيرورة جسد حصان جامح..

طلقة مسدس، صراخ أطفال، قطعت حبال التفكر والتذكر، وأنهت التردد والرجعة، ونصبت حبال المشانق على الطريق إلى خط وصول دونه حواجز وعوائق.. قلوب تتساقط رجفة مجففة من دمائها، أوراق تحترق، أنفاس تستغيث، وعيون تلفها الغشاوة تحجرت مياهها من عهد قديم، وجوه شاحبة شفافة، وأخرى مبتهجة تحلم بالانتصار بمعنى التتويج.. اختفيت عن الأنظار وسط الحشود والأرجل الراكضة في عهدة قليل من البراءة وكثير من الغباوة.. أمام حبل مشنقتي، أرى القاضي في سترة الغراب يضرب بمطرقة حديدية على طاولة خشبية آخر مسمار في نعش المعنى.. يصيح كالضبع:

-- لا سراح... رُفع المعنى.

ليتمدد إثمي عبر جذور أنفاق غياهبية المنبت والجذور، لتجلب ذئاب الشقاء المفترسة وتنحدر في حركة لولبية إلى الأعماق السحيقة، لتدمرني، تقهرني وتعذبني.. أسير بثبات نحو الألم والسأم، أتمسك بآخر خرافة.. يا لي من أحمق.. أستنشق رائحة الخيانة والغدر.. كل الاحتمالات تقول إنني أمشي خارج دمي، في أي حمرة أخرى أنا غارق؟!

مرت مسافات الركض الأولى مريحة.. مكان خفيف بلا عواصف زمن تذكر.. تقول الأعداد إن الركض بطيء، وإن خط الوصول ازداد ابتعادًا.. انطلقت أصوات المكبرات تحث على الإسراع.. أرى كواكب ونجومًا داخل جمجمتي تتصارع... احتمال أن أكون قد تجاوزت خط التسلق المسموح به، ودخلت منطقة الخطر.. نقرات عدادي تنبه، لا أهتم بذلك.. الأوكسجين ينفد.. أطرافي تتصلب، وأحس بالتجمد... صعد رأسي قمة "المون إفرست"، وطرفاي غاصا إلى حفرة "الماريانا".. تابعت الركض بكل قوة في مقدمة السباق، الصور تتزاحم.. الغشاوة تتصاعد.. الحشود تصيح:

-- توقف..! توقف..!

أمامي جلاّدون ينصبون مشنقة، مبتسمين ضاحكين.. صار قلبي يركض بعيدًا أمام خطواتي، تناولت آخر جرعة ماء بارد... رأيت عينين وسط سحابة كثيفة تنقشع رويدًا رويدًا.. اقترب مني حشد من السترات البيضاء، ذراعي موصول بحبل مطاطي إلى جذع شجرة معمرة تبكي، وصوت طائر حديدي يغرد في برودة ثقة وتثاقل:

-- أنت بخير، لا خوف عليك، ولا هم يفقهون.. ينقصك فقط بعض المعنى، سيتحسن حالك في حضور اللامعنى...

06 / 02 / 2025






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية في نص هوية حلم
- عقدة بريميثيوس


المزيد.....




- مصر: مبادرة حكومية لعلاج كبار الفنانين على نفقة الدولة
- غمكين مراد: الرُّوحُ كمزراب
- مصر: مبادرة حكومية علاج كبار الفنانين على نفقة الدولة
- رحلة العمر
- حماس: تقرير العفو الدولية مغلوط ويتبنى الرواية الإسرائيلية
- مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم هند صبري بالشراكة مع غو ...
- فيلم -الملحد- يُعرض بدور السينما المصرية في ليلة رأس السنة
- كابو نيغرو لعبدالله الطايع: فيلم عن الحب والعيش في عالم يضيق ...
- -طفولتي تلاشت ببساطة-.. عرائس الرياح الموسمية في باكستان
- مسابقة كتابة النشيد الوطني تثير الجدل في سوريا


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سي مختار حمري - سباق بلا معنى