طوفان الأقصى 485 – ترامب وصنع السلام الوهمي للتغطية على خطط إسرائيل لضم غزة

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8241 - 2025 / 2 / 2 - 22:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

بيتر أكوبوف
كاتب صحفي روسي
وكالة ريا نوفوستي للأنباء

27 يناير 2025

دونالد ترامب يفيض بالأفكار — هذه المرة، جاء بخطة جديدة لغزة. يقترح الرئيس الأمريكي نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى. وبطبيعة الحال، يدعي أن هذا الاقتراح نابع من اهتمامه بهم: -
"كل شيء هناك تقريبًا مدمر، والناس يموتون، لذا أفضل التعاون مع بعض الدول العربية وبناء مساكن في مكان آخر، حيث أعتقد أنهم يمكن أن يعيشوا بسلام... هذه المساكن يمكن أن تكون مؤقتة أو طويلة الأجل. نحن نتحدث عن 1.5 مليون شخص. سنقوم بتنظيف القطاع ونقول: انتهى كل شيء. "

وقد ناقش ترامب هذا بالفعل مع الملك الأردني، وخطط لطرح القضية مع الرئيس المصري. في الوقت نفسه، تم الترحيب بالفعل بالخطة في إسرائيل. وصفها وزير المالية سموتريتش — أحد أكثر المؤيدين المتشددين لحل عنيف "للمسألة الفلسطينية" — بأنها "فكرة رائعة". وقال سموتريتش إنهم بحاجة إلى "وضع خطة عمل لتنفيذ هذا في أسرع وقت ممكن" و"مساعدة هؤلاء الناس في العثور على أماكن أخرى حتى يتمكنوا من بدء حياة جديدة جيدة."

ليس حماس السياسيين الإسرائيليين مفاجئًا، حيث إن اقتراح ترامب يتوافق مع ما كانوا يحلمون به منذ فترة طويلة وما كانت تهدف إليه الحرب على غزة بعد 7 أكتوبر 2023. إن طرد الفلسطينيين من غزة لضمها، كليًا أو جزئيًا، كان الهدف النهائي لإسرائيل.

ومع ذلك، وعلى الرغم من قتل وإصابة 200 ألف فلسطيني من أصل 2.5 مليون نسمة في القطاع، وتدمير غالبية المساكن والبنية التحتية، وارتكاب الإبادة الجماعية، إلا أن إسرائيل فشلت في إخلاء القطاع من الفلسطينيين.

لقد رفضوا مغادرة أرضهم، ورفضت الدول العربية الأخرى، وخاصة مصر، استقبالهم. ليس لأنهم لا يتعاطفون مع ضحايا الإبادة الجماعية، ولكن لأنهم يفهمون أن حتى أولئك الذين يغادرون غزة مؤقتًا لن يتمكنوا أبدًا من العودة، حيث إن الهدف الرئيسي لإسرائيل هو تفريغ القطاع من الفلسطينيين.

لقد ذرفت الدعاية الإسرائيلية دموع التماسيح، مدعية أن الدول العربية والإسلامية لا تهتم حقًا بالفلسطينيين؛ وإلا لكانت قد استقبلت سكان غزة منذ فترة طويلة. إن السخرية الصارخة لمثل هذه الحجج ليست مفاجئة، خاصة وأن إسرائيل كانت تشارك بنشاط في مفاوضات سرية حول ترحيل الفلسطينيين.

ومن خلال بعض الدول الأوروبية (كانت هناك تقارير عن النمسا والمجر)، كانت إسرائيل تتحرى إمكانية أن يقترح الاتحاد الأوروبي "مهمة إنسانية" لنقل سكان غزة إلى دول العالم الثالث في إفريقيا أو آسيا.

أحد الخيارات التي تم ذكرها علنًا في إسرائيل هو رواندا، بينما عُرض على مصر تخفيف الديون من الدول الأوروبية ومليارات المساعدات مقابل استقبال مئات الآلاف من اللاجئين. الآن، ترامب يروج لفكرة مماثلة، متسترًا بقلقه على أولئك الذين يموتون بين أنقاض غزة.

إذن، هل كل هذا جزء من خطة مرعبة واحدة؟
أولاً، يدمر البعض كل شيء ممكن ويقتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال، ثم يقترح آخرون، تحت غطاء إنقاذ الضحايا المتبقين، بناء منازل لهم في دول أجنبية — مؤقتة أو دائمة، فقط اتركوا. نعم، هذا بالضبط ما هو عليه الأمر. على الرغم من أن ترامب في هذه الحالة مجرد قناة لأفكار إسرائيلية. ولكن هل لديه أي فرصة لنجاح خطته؟

بالطبع لا. لأن الأردن ومصر وإندونيسيا (التي قدم فريق ترامب مؤخرًا اقتراحًا مماثلًا لها كأكبر دولة إسلامية) لن توافق على "استضافة" الفلسطينيين. قد تكون هذه الدول تابعة للغرب (وهو أمر غالبًا ما يتم المبالغة فيه في وسائل الإعلام الموالية لإسرائيل، عن قصد) وتحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات (التي يرغب اللوبي اليهودي في دفعها)، لكنها لن توافق أبدًا على اقتراح ترامب.

وليس لأنها تخشى اللاجئين الفلسطينيين. ففي الأردن وحدها، هناك بالفعل أكثر من مليوني لاجئ وأحفادهم. ولا هي تخشى القضايا السياسية الداخلية، بما في ذلك تطرف المعارضة الإسلامية، كما في مصر. لا، كل هذا يتلاشى أمام القضية الرئيسية.

لا يرغب أي حاكم لدولة عربية أو إسلامية في أن يُوصم بأنه "مصفّي غزة" و"شريك في ترحيل إسرائيل للفلسطينيين." سيُنظر إلى مثل هذا الترانسفير على أنه ذلك تمامًا من قبل الأمة الإسلامية البالغ عددها ملياري نسمة. لا يمكن لأي حاكم أو رئيس أن يعيش طويلاً مع مثل وصمة العار هذه. وبكل إنصاف، ليس لديهم أي نية لـ"إنقاذ" الفلسطينيين بهذه الطريقة.

لذا، فإن فكرة ترامب ليس لديها أي فرصة للتحقق. من خلال دعمه لخطة إسرائيل لإخلاء غزة، أضر فقط بسمعته في جميع أنحاء العالم — وليس فقط في العالم الإسلامي.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات