أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - ماذا بعد انتصار الثورة السورية؟ تحديات المرحلة الانتقالية وغياب الحوار الوطني














المزيد.....

ماذا بعد انتصار الثورة السورية؟ تحديات المرحلة الانتقالية وغياب الحوار الوطني


أزاد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8240 - 2025 / 2 / 1 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في لحظة تاريخية فارقة، أعلنت «إدارة العمليات العسكرية» في سوريا انتصار الثورة السورية، وتكليف أحمد الشرع برئاسة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، في خطوة جاءت ضمن حزمة قرارات جذرية تهدف إلى إعادة بناء الدولة السورية على أسس جديدة. هذه القرارات، التي شملت إلغاء دستور 2012، وحل الجيش والأجهزة الأمنية وحزب البعث، ودمج الفصائل العسكرية في مؤسسات الدولة، تعكس طموحاً كبيراً لتجاوز إرث نظام بشار الأسد الذي أغرق البلاد في حرب أهلية مدمرة استمرت لأكثر من عقد. لكن، على الرغم من هذه الخطوة التاريخية، فإن سوريا اليوم تواجه تحديات هائلة تهدد استقرارها ووحدتها، وأبرزها غياب الحوار الوطني الشامل، وفوضى السلام الناتجة عن انعدام الأمن، والتدخلات الإقليمية والدولية، إلى جانب خطاب الكراهية الذي يستهدف بعض مكونات الشعب السوري، وخاصة الأكراد.

أحمد الشرع، الذي تولى رئاسة البلاد في هذه المرحلة الحساسة، يواجه مهمة شاقة تتطلب منه ليس فقط إعادة بناء مؤسسات الدولة، بل أيضاً توحيد شعب مزقته الحرب والانقسامات. في خطابه خلال مؤتمر «إعلان انتصار الثورة السورية»، حدد الشرع أولوياته بملء فراغ السلطة، والحفاظ على السلم الأهلي، وبناء بنية اقتصادية تنموية، واستعادة مكانة سوريا الإقليمية والدولية. لكن هذه الأولويات، على أهميتها، تبقى أهدافاً طموحة في ظل غياب حوار وطني شامل يضم جميع مكونات الشعب السوري، بما في ذلك الطوائف والأقليات والفصائل السياسية المختلفة. فبدون هذا الحوار، قد تتحول المرحلة الانتقالية إلى مجرد تغيير شكلي للسلطة، دون معالجة جذور الأزمة التي أدت إلى انهيار النظام السابق.

أحد أبرز التحديات التي تواجه سوريا اليوم هو غياب الأمن وفوضى السلام التي نتجت عن انهيار مؤسسات الدولة. حل الجيش والأجهزة الأمنية، على الرغم من ضرورته لتفكيك بقايا النظام السابق، ترك فراغاً أمنياً خطيراً، خاصة في ظل وجود فصائل مسلحة متعددة، بعضها خارج سيطرة الإدارة الجديدة. هذه الفوضى الأمنية تتفاقم بسبب التدخلات الإقليمية والدولية، حيث تسعى دول مثل تركيا وإيران وروسيا إلى فرض أجنداتها على الأرض السورية. تركيا، على سبيل المثال، تدعم الجيش الوطني في شرق الفرات، حيث تخوض معارك ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في محاولة لإسقاط تجربة الإدارة الذاتية الكردية. هذه الصراعات تؤدي إلى تعميق الانقسامات وتزيد من صعوبة توحيد البلاد تحت سلطة واحدة.

على صعيد آخر، يشكل خطاب الكراهية ضد الشعب الكوردي تحدياً كبيراً يهدد وحدة سوريا. الكورد، الذين قادوا تجربة الإدارة الذاتية في شرق الفرات، يواجهون اتهامات بالانفصالية من قبل بعض الأطراف، بينما يرون أنفسهم كمدافعين عن حقوقهم في ظل دولة سورية موحدة. هذا الخطاب، الذي يغذيه بعض الفصائل وبعض القوى الإقليمية، يعزز الانقسامات الطائفية والعرقية، ويجعل من الصعب بناء هوية وطنية جامعة. إذا أراد الشرع نجاح المرحلة الانتقالية، فعليه أن يتصدى لهذا الخطاب بقوة، وأن يضمن مشاركة الكورد في العملية السياسية، مع تقديم ضمانات لحقوقهم الثقافية والسياسية.

غياب الحوار الوطني يظل العقبة الأكبر أمام إعادة بناء سوريا. على الرغم من وعود الشرع بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت وإعداد دستور جديد، فإن هذه الخطوات تحتاج إلى مشاركة واسعة من جميع مكونات الشعب السوري. العلويون، الذين كانوا معقل النظام السابق، يشعرون بالقلق من مستقبلهم، بينما يطالب الدروز في السويداء بحقوقهم الثقافية والسياسية. الكورد كما ذكرنا، يسعون إلى ضمانات لحقوقهم، وتثبيتها في دستور البلاد الجديد في حين تطالب الفصائل السياسية المختلفة بتمثيل عادل في السلطة. بدون حوار شامل يضم هذه الأطراف، قد تفشل المرحلة الانتقالية في تحقيق الاستقرار، وقد تؤدي إلى صراعات جديدة.

في هذا السياق، يبرز دور الحوار الوطني كضرورة ملحة. يجب على الشرع أن يدعو إلى مؤتمر وطني شامل يضم ممثلين عن جميع الطوائف والأقليات والفصائل، لمناقشة مستقبل سوريا ووضع دستور جديد يعكس تنوع البلاد. هذا الحوار يجب أن يركز على بناء دولة عادلة تضمن حقوق الجميع، وتعالج مخاوف الأقليات، وتعيد بناء الثقة بين مكونات الشعب السوري. كما يجب أن يتضمن هذا الحوار خطة واضحة لإعادة بناء الأمن، وتوحيد الفصائل العسكرية تحت مظلة جيش وطني، ومعالجة التدخلات الخارجية.

في النهاية، مستقبل سوريا يعتمد على قدرة قيادتها الجديدة على تجاوز التحديات وتحقيق وحدة البلاد. إذا نجح الشرع في قيادة حوار وطني شامل، وبناء دولة عادلة تضمن حقوق الجميع، فقد تكون هذه المرحلة بداية حقيقية لإعادة بناء سوريا. أما إذا فشل، فقد تنزلق البلاد إلى فوضى جديدة، مما يطيل أمد معاناة الشعب السوري.



#أزاد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “من يحكم سوريا غدًا؟ جدل الشرعية والواقع العسكري”
- هل يفقد الشرق الأوسط أخر مسيحي!
- أكراد سوريا: بين هوية مهددة ومستقبل مجهول
- سورية بعد الحرب: هل يتحول الاستقرار الهش إلى سلام دائم؟
- -المسيحيون في سوريا: إرث تاريخي وحضاري تحت التهديد وخطوات دو ...
- -الفتنة القادمة من منغوليا: سقوط غابة السلام-
- “سوريا بين مطرقة الجهادية وسندان اللامركزية: فرصة ضائعة أم أ ...
- الخوف الذي يهدد وجود الأقليات في سوريا: الكورد ، الآشوريون، ...
- “توقف واقرأ جيدًا: الاستقلال حقٌ مشروع وليس انفصالًا يا هذا”
- الثورات العربية: هل حققت الديمقراطية أم أعادت إنتاج الاستبدا ...
- العنصريةُ في الإعلام العربي: إسكات الأصوات الكوردية وتهميش ا ...
- -السجادة السحرية، الضبع الخسيس، والحمار البسيط صراعٌ على الس ...
- الضباع والثعالب: قصة وادي الأحلام المغدور
- بعد سقوط النظام: سوريا بين العدالة والانتقام
- دراسة بحثية : الربيع العربي في الشرق الأوسط تداعياته الإقليم ...
- قرية على شفا الهاوية
- كوباني: رمز المقاومة وضحية التعريب المتعصب
- الخيرات المفقودة: العراق وسوريا بين الفساد وسوء الإدارة والف ...
- لم أقترف ذنباً لأنني ولدتُ كورديا
- من سجن الغربة إلى وطن الحرية: حكاية عشر سنوات في السويد


المزيد.....




- الكرادلة وجنسياتهم.. نظرة داخل المجمع الذي سينتخب
- شاي الكرك.. مشروب بسيط يتحوّل إلى رمز وطني في قطر
- سببها والتكهنات المحيطة بها.. مراسل CNN يفصّل كل ما قد تود م ...
- كيف يعيش الشخص المصاب بمرض باركنسون؟
- حرب ترامب ضد الحوثيين ـ -غياب الاستراتيجية- وتقاعس السعودية ...
- شويغو: الغرب يسعى لإنشاء نظير آسيوي لحلف -الناتو-
- الدوحة تحتضن أول مؤتمر دولي للاستشراق بمشاركة 300 عالم وباحث ...
- فيروس شائع الانتشار يزيد احتمال الخرف المبكر!
- مديرية أمن دمشق تعلن القبض على -مجرم حرب- في طرطوس
- المغامر الروسي كونيوخوف.. العواصف عطلت حلمه والصين أنقذته م ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - ماذا بعد انتصار الثورة السورية؟ تحديات المرحلة الانتقالية وغياب الحوار الوطني