قراءة نقدية أسلوبية في القصة القصيرة:سوء فهم – للكاتب : علي عزيز- كردستان العراق . بقلم : كريم عبدالله – العراق .

كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 15:07
المحور: الادب والفن
    

قراءة نقدية أسلوبية في القصة القصيرة:سوء فهم – للكاتب : علي عزيز- كردستان العراق .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
القصة :
سوء فهم - قصة قصيرة- بقلم: علي عزيز- كردستان العراق .
بعد سنوات طويلة من رفض فكرة الزواج ، استسلمت هذا المساء وقررت ان اتزوج ، توقفت بسيارتي عند اشارة المرور الحمراء، السيارة البيضاء التي كانت امام السيارة التي بجواري فيها انثى ذات شعر طويل غيرت تفكيري بالكامل ، لم اكن قد رأيت وجهها , بعد لكنني كنت افكر في كيفية اخبارها برغبتي في التعرف عليها ، لا اعرف كيف وللحظة كانت كالبرق شعرت ان هذه الإنسانة التي لم ارَ سوى شعرها ستصبح فيما بعد زوجتي وتملا حياتي الخالية من كل شيء سوى التعاسة بالحب والسعادة ،فكرت في كيفية البدء ولكنني اعرف ان كل بداية صعبة ، قلت مع نفسي سأكتب رقم هاتفي الخلوي على ورقة ومثل اي مراهق ارميه لها، لكنني سرعان ما رفضت الفكرة، ليس لأنها لا تليق لشخص في السابعة والثلاثين من العمر ,وانما من غير اللائق لشخص ينوي الزواج ويبدا بهذه الطريقة، ماذا اذا لحقت بها الى المكان الذي تقصده واترجل من سيارتي وبعد التحية اقول لها: انستي المحترمة, هل يمكن ان نتعرف؟ واذا قالت لا ماذا سأفعل؟!!! فجأة راودتني بعض الافكار السلبية لعلها متزوجة او مخطوبة, ولا استبعد انها قد تكون منفصلة عن زوجها, او لعل زوجها قد توفي وترك لها يتيمين, وسرعان ما محوت هذه الافتراضات التشاؤمية من مخيلتي ,لكنني فكرت في شيء اخر ,وقلت لنفترض انها لم تتزوج بعد, ولكن ماذا اذا كانت معاقة, وكنت كعادتي اردّ على نفسي ، وماذا في ذلك؟ اليس ذوي الاحتياجات الخاصة بشر مثلنا ؟ كنت اقول قد يكون وجهها محروقا ,وكنت اردّ على نفسي ,وماذا في ذلك ؟هذا ايضا امر طبيعي, فما اكثر اطباء التجميل ، في النهاية اقتنعت ان مثل هذه الافكار السلبية هي التي منعتني من الزواج كل هذا الوقت, لذلك قررت ان لا افكر سوى في بداية جديدة.. بوق السيارة التي خلفي اعادني للواقع, علمت ان الإشارة الضوئية أصبحت خضراء ,اسرعت للوصول الى السيارة البيضاء, لم تبتعد كثيرا , توقفت امام محل للتسوق, اوقفت سيارتي بجانبها, بدأت نبضات قلبي تتسارع, انها لحظات حرجة يتطلب فيها من المرء الجرأة والشجاعة, استجمعت قواي, لالتفت الى محبوبتي ,وحلم حياتي , لأجد ذات الشعر الطويل هذه رجل بشارب وسكسوكة !
القراءة النقدية :
هذه القصة القصيرة تتناول موضوعًا مثيرًا يتعلق بالتصورات الشخصية والخيالات التي قد يقحمها الإنسان في تجاربه الحياتية.
في قراءة نقدية أسلوبية لهذه القصة، يمكننا التوقف عند عدة جوانب فنية وعاطفية للاقتراب من دلالاتها العميقة.
1. الأسلوب السردي:
الكاتب يستخدم أسلوب السرد الداخلي بامتياز، حيث تروي الشخصية تجربتها وأفكارها الداخلية بشكل تفصيلي وواقعي. هذه الطريقة تسمح للقارئ بالدخول في ذهن الشخصية الرئيسية والتفاعل معها على مستوى عاطفي وفكري عميق. من خلال تدفق الأفكار المتسارعة والمتناقضة، يمكننا أن نلحظ كيف تتغير وجهة نظر الشخصية نحو العالم من حولها.
2. الصراع الداخلي:
تظهر في القصة معركة داخلية بين مشاعر القلق والخوف من الرفض وبين الرغبة في تغيير حياة الشخصية وتحقيق السعادة من خلال الزواج. هذه المشاعر تمثل صراعًا إنسانيًا شائعًا، حيث يعتقد الشخص أن قراراته قد تُعرَض بشكل خاطئ بسبب سوء الفهم أو المخاوف المبالغ فيها.
3. التطوير النفسي للشخصية:
الشخصية تعيش حالة من التردد والتفكير المتواصل حول كيفية الاقتراب من امرأة غريبة، وكل تلك الأفكار تدور حول ما إذا كان سيواجه رفضًا أو صدمة ما. ذلك يظهر تطورًا نفسيًا نحو إدراكه بأن هذه الأفكار المقلقة هي التي جعلته يتأخر في اتخاذ قراره الجاد في الزواج. وهذا التطور يعكس بشكل غير مباشر كيفية تأثير التصورات النفسية على القرارات الحياتية.
4. الخيال والواقع:
الانتقال من الفكرة الرومانسية التي تصورها الشخصية عن المرأة ذات الشعر الطويل إلى الواقع المفاجئ والمضحك بأن الشخص الذي كان يراه هو في الواقع رجل بشارب وسكسوكة، يشير إلى الفرق بين الخيال والواقع. هذا التحول المفاجئ في السرد يبرز فشل الشخصية في إدراك الأمور كما هي، وهو تذكير للقارئ بأن الأوهام قد تكون سببًا في العديد من الصراعات النفسية.
5. العنصر الفكاهي والدهشة:
النهاية المفاجئة التي تمثل نوعًا من الفكاهة السلبية، تجعل القارئ يشعر بذهول مؤقت، ولكنها أيضًا تفتح مجالًا للتفكير في مدى تأثير الأحكام المبدئية على فهمنا للعالم من حولنا. الكاتب هنا يستخدم عنصر الدهشة ليس فقط لخلق مفاجأة، بل ليظهر كيف أن التصورات السطحية يمكن أن تؤدي إلى سوء فهم كبير.
6. التقنيات الأسلوبية:
استخدام الكاتب لبعض التقنيات الأسلوبية مثل الجمل القصيرة والمقطعية، وتوظيف الحوار الداخلي بين الشخصية وأفكارها، يساهم في إبراز الصراع النفسي الداخلي للشخصية، مما يعطي القصة طابعًا دراميًا وعاطفيًا عميقًا.
7. الدلالات الاجتماعية والنفسية:
على الرغم من أن القصة تبدو كوميدية في ظاهرها، إلا أنها تحمل بين طياتها رسالة عن طبيعة التصورات المسبقة والأحكام التي يحملها الناس عن بعضهم البعض. القصة تسلط الضوء على المخاوف الاجتماعية والتوترات النفسية التي يعيشها الأفراد في سعيهم لتحقيق السعادة في العلاقات.
وفي الختام , فأنّ قصة /سوء فهم/ تعد نموذجًا جيدًا من الأدب القصير الذي يتعامل مع معضلات الحياة اليومية والصراعات الداخلية بين الرغبات والواقع. أسلوب الكاتب علي عزيز يخلق تفاعلًا عاطفيًا وفكريًا بين القارئ والشخصية، ويعكس الصراع بين الخيال والواقع بطريقة بسيطة ومؤثرة، في الوقت الذي يطرح فيه موضوعات اجتماعية ونفسية متجددة.

#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل